في ذكرى الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي
إسماعيل سرحان
تتوالى العصورُ وتتبدل الأحداث، ولكن هناك شخصيات تخطّ مسارًا يُبرز معاني النضال والكرامة.
ومن هؤلاء، يأتي الشهيدُ القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، الذي أشعل شمعة الوعي في ظلام الجهل والفساد، مُحدثًا تحولات عميقة في وعي الشعوب وأفكارها.
إن ما فعله لم يكن عملًا عاديًا، بل هو جُهدٌ شاقٌّ في سبيل الحق، ومثابرةٌ في مقارعة الظلم. لقد نجح هذا القائد المتميز، في زمن قصير، أن يُعيد للشعوب انتماءَهم وهُويتهم، وأن يُوقظ فيهم الإيمان بالقضية والنضال. كانت كلماته كالسحر، تلامس القلوب وتحَرّك الهمم، مُبصرًا المحجوب عن عيون الناس، مشعلين شعلة الأمل في طريق مسدود بالفشل والانهزام.
كيف استطاع أن يقنع جموعًا كبيرة أنهم ليسوا وحدهم في مواجهة قوى الدمار الاستعماري؟ كيف له أن يُدير دفة الوعي إلى مسارات جديدة، تضع النقاط على حروف الواقع؟ ذلك هو الإيمان العميق الذي اعتنقه، والذي تجلى في كلماته وأفعاله، حتى أصبح نبض هذا الإيمان يصدح عاليًا أمام كُـلّ تحدٍّ؛ إذ بالثقة تتعاظم، وبالإرادَة تتجدد الآمال.
وفي خضم ذلك، أسس السيد حسين رؤية شاملة، مستفيدًا من دروس التاريخ ومؤكّـدًا على أهميّة التمسك بالقيم الدينية والوطنية. كان بمثابة البوصلة التي تقود إلى الأفق، متسلحًا بوعيٍ عميقٍ بموارد الثقافة القرآنية التي كانت، في عهده، خارطة الطريق نحو النصر والكرامة.
لقد آمن بأن النصر لا يقاس بالمعايير المادية، بل إن أعظم انتصارات الإنسان تكمن في تحرّر روحه وإيمانه الثابت. وبالتالي، كلما واجه الصعوبات والضغوط، كان يعود إلى قناعته بأن الله ناصر من ينصره، مُتجلىً في سطوره وفي مسيرة حياته. وكانت الشهادة بالنسبة له إضافة وليس نهاية، حَيثُ أسس لنضالٍ مستدامٍ سيظل حيَّا في قلوب الأجيال.
تجاوزت إرادته الحدودَ الجغرافية، مُلهمةً الآخرين أن يتربعوا على عرش المحبة والوحدة، مُشيرًا إلى أن معركة الحق ليست محصورة في مكانٍ أَو زمانٍ، بل هي شاملة لجميع الأحرار الذين يسعون إلى واقع أفضل. مع كُـلّ دوامات الفكر الضال، أشرقت شمس الحقيقة بفكر الشهيد القائد، دافعة كُـلّ من لجأ إليها نحو الكفاح والمثابرة.
وها نحن اليوم نعيش ثمار تلك الجهود، في عالمٍ يشهد استمرارًا لذلك الإرث الذي بدأه. كيف لنا، ونحن نخلد ذكراه، ألا نرى تأثيره في كُـلّ زاوية، وفي كُـلّ فكرة نبني عليها حاضرنا ومستقبلنا؟ لقد زرع بذور النضال، ونرى الآن شجيراتها تثمر ثمارًا يانعة.
فلتبقى ذكرى الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي حاضرةً في نفوسنا، تشعل لنا الطريق نحو الحق، والمقاومة، والكرامة. ولتكن رحلته، التي انتهت باستشهاد نبيل، بدايةً لنضالٍ مُستمرٍّ نشارك فيه بإخلاص ووعي.
فلنسير على دربه، مُبصرين بالأعمال، مُلهمين بذكراه، نستمد منه القوة والعزم، ونُجدد العهد على مواصلة الطريق حتى يتحقّق العدل وتُرفع رايات الحق في كُـلّ الميادين. السلام على الشهيد القائد، السلام على الحسين بن بدر الدين، حليف القرآن، الذي ستبقى ذكراه خالدة في قلوب الأحرار.