صمود وانتصار

أحداثُ غزة كادت تطيحُ بجدار المذهبية والطائفية

 

محمود المغربي

كان لأحداث غزة الأخيرة تأثيرٌ إيجابي على الأُمَّــة تتمثل في خلق تقارب بين المسلمين سني شيعي عفوي كاد يطيحُ بجدار المذهبية والطائفية الذي شيّده أعداء الأُمَّــة ليكون فاصلًا يقسم الأُمَّــة ويغذّي الصراع والخلاف بين أبنائها ويحول دون أي تقارب بينهم، وقد حرص العدوّ على أن يكون ذلك الجدار متينًا وقويًّا بحيث يصعب هدمُه.

أحداث غزة وجرائم الكيان الصهيوني بحق أبنائها وتدخل محور المقاومة المحسوب على الشيعة لمساندة أبناء غزة ولدعم المقاومة الفلسطينية المحسوبة على التيار السني جعل الخلاف الشيعي السني المصطنع تحت المجهر والبحث والتساؤلات والتشكيك بوجود عداء حقيقي بين أبناء الأُمَّــة الواحدة وربما أن هذا الأمر قد غيَّر فكر وقناعة ونظرة الكثير من الناس عن الشيعة وأحدث صدعًا كبيرًا في جدار المذهبية والطائفية؛ مما تسبب في قلق وهلع أعداء الأُمَّــة من إمْكَانية خسارة أهم سلاح في أياديهم لضرب الأُمَّــة وجعلها غارقة ومنشغلة في صراع بيني يستنزف قوتها وطاقتها وإمْكَانياتها ويشغلها عن العدوّ الحقيقي؛ مما يستدعي التحَرّك العاجل لترميم ذلك الجدار والحفاظ عليه قائمًا مهما كان الثمن.

رأى أعداء الأمة أنه لا بد من وسيلة ناجحة وعاجلة تعيد الأُمَّــة إلى المربع الأول وإلى الصراع والعداء السني الشيعي وبالطبع لدى العدوّ دائمًا خطةٌ بديلة والحل موجود وجاهز هناك، حَيثُ الداء والدواء في دمشق التي جاء منها الحل في قديم الزمان وفيها تم طباخة أول وأعظم فتنة في تاريخ الأُمَّــة الإسلامية، ومنها انطلق جيش الانقلاب والصراع الداخلي الأموي الذي قسم الأُمَّــة إلى سنة وشيعة ووضع اللبنة الأولى لهذا العداء.

هناك في إدلب قد تم تجميع وتجهيز من سيشعلون نار المذهبية والطائفية من جديد وما على العدوّ إلا إزاحة روسيا ومنحها ما تطلب مقابل التخلي عن النظام السوري وتسليم دمشق لدواعش إدلب وهم سيتكفلون بالباقي وما هي إلا أَيَّـام ويطل علينا الجولاني من الجامع الأموي في دمشق برسالة يفهمها الجميع وأسعدت قلب العدوّ وجعلت أنصاره وكل من لهم مصلحة في تمزيق الأُمَّــة يتوجّـهون إلى دمشق لمباركة عودة دمشق إلى الحضن العبري وتقديم الدعم والعون والمساندة.

ومع قدوم شهر رمضان المبارك تم إعطاء الضوء الأخضر لعرض مسلسل معاوية بن أبي سفيان الذي تم إنتاجه قبل سنوات وتم تأجيل عرضه، حَيثُ لم يكن الوقت مناسبًا وقد جاء الآن وقتُه وبالطبع لم تكن هناك مصادفة في كُـلّ ما حدث بل سيناريو دقيق ومدروس.

وبلا شك سَتكون هناك ردة فعل من الطرف الآخر وكل تطرف سَيُقابَلُ بتطرف أشد ولكل فعل ردة فعل مضاد، وهكذا تعود الأمور إلى ما كانت عليه وتنشغل الأُمَّــة في صراع سني شيعي يصرفُ الأنظار عن العدوّ الذي يشكل خطرًا على الجميع ويستغل ذلك للتحَرّك وتنفيذ مخطّط تصفية القضية الفلسطينية وإقامة دولة “إسرائيلَ الكبرى”.