رمضان العزة والفتح المبين للمؤمنين
ق. حسين محمد المهدي
رمضان شهر الرحمة والصبر والعزة والنصر، تزكو فيه النفوس بالتقوى ويعز المسلم فيه ويتحلى بالأخلاق الفاضلة، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين
العزة: حالةٌ مانعةٌ للإنسان من أن يُغْلب إذَا اعتصم بالله واكتسب من الله العزة: (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً).
وقد أنزل الله في شهر رمضان كتابه العزيز (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).
فجاء القرآن بدين العزة والتوحيد في الفكرة والعقيدة، بدين الصدق في القول والعمل.
لقد جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الكتاب العزيز، في الفكرة والعقيدة والأخلاق، فأراد اتّحاد المسلمين في الحقوق والواجبات، وفي الصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد..
فالمسلمون جميعاً إخوة، لا فضل لعربي على عجمي ولا أبيض على أسود إلَّا بالتقوى، نص نبوي لا يقبل الجدل، وهو قبة من نور كتاب الله، وقد صرح القرآن الكريم (إِنَّ أكرمكُمْ عِنْدَ اللَّـهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، وهو الذي أمر بالوحدة في العبادات وعمل الصالحات.
وبصوم رمضان تصفو النفوس وتستجاب الدعوات، وفي تسوية الصفوف وتوحيد الكلمة خير الدنيا والآخرة، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) وتلك السنة النبوية تقول: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”.
أراد الإسلام من المسلمين التناصح والتضامن والتناصر.
فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه، (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ) فمقتضى هذه الولاية أن يعمل المسلمون جميعاً على منع إذلال المسلمين في فلسطين، وأن يقاتلوا الصهيونية اليهودية التي تقاتل وتستضعف المؤمنين (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً).
أليس الله جل وعلا خاطب المؤمنين بقوله: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ).
فإذا أراد المسلمون العزة، والفتح، والنصر، فليس بينهم وبين ذلك إلا نصر شعب فلسطين.
فقد كتب الله لمن انتصر للمظلومين في عهدهم الأول الفتح، والنصر، وغفران الذنب، وحصول الغنيمة، والسيادة على الأرض (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مبينًا، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً، وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً).
إن الفتح يعني الظفر والنصر على الأعداء، ويعني فتح أبواب المغانم واستخراج كنوز الأرض، ويعني فتح خزائن القدرة، وفتح أبواب النعمة، فمن الفتح ما يُدْرَكُ بالبصر، ومنه ما يُدْرَكُ بالبصيرة، وهو إزالةُ الهموم والغموم، وحصول الفرج، وزوال الفقر، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أهل الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأرض).
إن فتح أبواب الخير كلها هو في نصرة دين الله، وإنقاذ المستضعفين من عباده، ولقد حالف التوفيق قائد المسيرة القرآنية بإعلانه نصرة شعب فلسطين، وتلقين اليهود المحاربين دروسًا لا تُنسى، وذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ).
وفتح مكة آيةٌ يتأسى بها المؤمنون في نصرة المستضعفين.