صمود وانتصار

17 مارس خلال 9 أعوام.. أكثر من 146 شهيداً وجريحاً في جرائم للعدوان السعودي الأمريكي على اليمن

الصمود|
تعمد العدوانُ السعوديّ الأمريكي، في السابع عشر من مارس خلال الأعوام: 2017م -2021م، ارتكابَ جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، والخروقات والانتهاكات للقوانين والمواثيق الدولية والإنسانية، بسلسلة غاراته الجوية المباشرة، وقصف أساطيله البحرية ومدفعية مرتزقته، على قوارب الصيد ونقل اللاجئين الأفارقة، ومنازل المواطنين والأحياء السكينة، في محافظات صعدة، والحديدة، وتعز.

أسفرت عن أكثر من 44 شهيداً، و102 جرحى من اللاجئين الأريتيريين والصوماليين، بينهم 7 جرحى يمنيين جلهم أطفال، وتدمير المنازل والممتلكات والقوارب، ومفاقمة الأوضاع المعيشية، لعشرات الأسر التي خسرت معيليها، ومصادر دخلها، وجرائم حرب تعمق المأساة الإنسانية، وتهدد اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة، ومشاهد صادمة تحرك الضمير الإنساني.

وفيما يلي أبرز التفاصيل:

17 مارس 2017..139 شهيداً وجريحاً من المهاجرين الأفارقة في جريمة حرب وإبادة جماعية لغارات العدوان السعودي الأمريكي على قوارب الصيادين في الحديدة:

في السابع عشر من مارس 2017م، سجل العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب وإبادة جماعية بحق الإنسانية في اليمن، مستهدفاً بغارات طيرانه قوارب الصيد بالقرب من سواحل مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة، كانت تقل مهاجرين الأرتيريين، والصوماليين، ما أسفر عن 44 شهيداً، وجرح 95 بينهم أطفال ونساء، ومعظمهم من النازحين الفارين من الأوضاع الصعبة في بلادهم.

مشاهد الجثث المقطعة الجرحى بالعشرات فوق قوارب الصيد وأمواج البحر، والشريط الساحلي، وبكاء وعويل الناجين والمسعفين، ووحشية المجزرة المروعة، تعكس مستوى الإجرام والتوحش السعودي الأمريكي، وعدم الاكتراث للقوانين والمواثيق الدولية الإنسانية التي تمنع استهداف المدنيين والأعيان المدنية.

البحر الأحمر الذي كان محطة الأمل لهؤلاء المهاجرين قبل الوصول إلى شواطئه حوله الأسطول الأمريكي بغاراته المباشرة وقصفه إلى بحر الموت والهلاك وابتلعت أمواجه الآمال والأحلام، وأفقدت عشرات الأسر الإريترية والصومالية، التي تعاني من الفقر والمجاعة وسوى الأوضاع الأمنية والمعيشية أحبائها وأفراد عوائلها، ومعيليها، ومعهم المستقبل الذي خرجوا من بلدهم نحو تحقيقه.

يقول أحد ضباط خفر السواحل اليمنية: “في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحاً، وصل قارب يمني عليه ما يقارب 145 صياداً، مرحلين إرتيريين، كانوا في مخيم خرز في رأس العارة، بمديرية المضاربة التابعة لمحافظة لحج، المخصص للاجئين، وهو من أكبر المخيمات الخاصة باللاجئين في اليمن، كان القارب متجهاً من المخيم إلى السودان، وفي وسط البحر على بعد 30 ميلاً من الحديدة، تم استهدافهم من قبل أسطول أمريكي، ما أسفر عن قتل 44، وعشرات الجرحى، بينهم الناخوذ اليمني الذي استشهد، قبل ساعة”.

أحد الناجين الأريتيريين يقول: “لاحقنا اسطول بحري أمريكي من باب المندب إلى قرب شواطئ الحديدة، وهو يقصف علينا، رغم وجود تنسيق مع الأمم المتحدة، نحن لاجئين، كنا في مخيم خرز بلحج، عائدين إلى بلداننا”.

وأفاد شهود عيان بأن القوارب المدنية لم تكن تحمل أية أسلحة، مما يثير تساؤلات حول دوافع استهدافها، من قبل الأسطول الأمريكي، وقال أحد الناجين بلهجة حزينة: “كنا نبحث عن حياة آمنة، وحين كنا في طريق العودة إلى بلداننا، استهدفنا العدوان الأمريكي في البحر ولاحقنا ، وفقدنا أحباءنا “، تُعد هذه الجريمة، واحدة من أبشع جرائم الحرب والإبادة الجماعية ضد الإنسانية في إطار العدوان المستمر على الشعب اليمني منذ 2015م، ووصمة عار في جبين المجتمع الدولي، وحقوق الإنسان.

17 مارس 2018.. جريمتي حرب لغارات سعودية أمريكية تدمر منازل المواطنين في صعدة:

وفي اليوم ذاته من العام 2018م، أضاف العدوان السعودي الأمريكي، جريمتي حرب إلى سجل جرائمه بحق الأعيان المدنية والإنسانية في اليمن، مستهدفاً بغاراته الوحشية المباشرة، منازل المواطنين في منطقة آل الصيفي بمديرية سحار، وفي منطقة الحرف بمديرية باقم، ما أسفر عن تدمير المنازل بالكامل، وأضرار واسعة في الممتلكات المجاورة، وترويع النساء والأطفال، وإجبار العائلات على النزوح تحت وطأة الخوف والدمار.

في مديرية سحار: قصفت طائرات العدوان السعودي الأمريكي، منازل مدنية في منطقة “آل الصيفي”، مما أدى إلى تدمير منازل بالكامل تحت أنقاضها، وتحويل المنطقة إلى ساحة من الركام والدخان، نجا عدد من السكان بأعجوبة، بينما فقد آخرون كل ممتلكاتهم، وأُجبروا على النزوح تحت سماء مفتوحة.

يقول أحد الأهالي من فوق دمار منزله: “طيران العدوان استهدف المنزل بغارتين، أانا مزارع ، ما عندي غير بيتي ومزرعتي، من اليوم نعيش مشردين، بين الخيام ، بناتي وأطفالي ما ترك لهم العدوان أين يرقدوا، حسبنا الله ونعم الوكيل”.

وفي مديرية باقم، لم تكن منازل المواطنين بمنطقة “الحرف” بمنأى عن الغارات الغادرة، بل دمرت عدداً من المنازل المدنية، وأجبرت سكانها على النزوح والتشرد، وتحويل حياتهم إلى جحيم، بعد أن دفنت تحت الأنقاض ذكريات عوائلهم التي لم تجد سوى الجدران المتساقطة سقفًا لها.

يقول أحد المتضررين: “ونحن نائمين سمعنا طيران العدوان يحلق فوق سماء المنطقة، وعند أول غارة، خرج الأهالي من منازلهم، واستمر القصف للكثير من المنازل التي فيها أطفال ونساء، خوفوهم، وأفزعوهم للنزوح والتشرد في الشعاب والجبال، أطفال ما ذنبهم تحرموهم من نومهم، ومآويهم”.

التداعيات الإنسانية: تشريد مئات المدنيين حين تحولت عشرات العائلات إلى نازحين بلا مأوى، يعيشون في العراء أو في مدارس ومباني عامة مكتظة، دون أدنى مقومات الحياة الكريمة، في ظل فقدان سُبل العيش، لأن تدمير المنازل يعني فقدان آخر ما يملكه السكان، بما في ذلك وثائقهم الشخصية ومصادر رزقهم البسيطة، وبصائر أراضيهم وممتلكاتهم، وإحراق مدخراتهم، إضافة إلى صدمات نفسية عميقة، خاصة بين الأطفال والنساء، الذين باتوا يعانون من كوابيس متكررة نتيجة مشاهد الدمار وفقدان معيليهم ومحبيهم وذويهم، وكذا تدهور الخدمات الأساسية، فمع استمرار استهداف المناطق السكنية، تزداد صعوبة وصول المساعدات الإنسانية بسبب الحصار المفروض على اليمن وتدمير الطرقات والجسور، واستهداف السيارات والشاحنات على الطريق العام.

الأبعاد القانونية: انتهاكات صارخة للقانون الدولي، بحسب الخبراء القانونيين، فإن استهداف المنازل المدنية في صعدة يُشكل انتهاكًا جسيمًا للقانون الإنساني الدولي، ولا سيَّما اتفاقيات جنيف الرابعة (1949): التي تحظر الهجمات العشوائية أو المتعمدة ضد المدنيين وممتلكاتهم، البروتوكول الإضافي الأول (1977): الذي يُجرم استخدام القوة المفرطة في المناطق المأهولة، وتعتبر جريمة حرب، وفقًا لنظام روما الأساسي، فإن التدمير المتعمد للممتلكات المدنية دون ضرورة عسكرية يُعد جريمة يُعاقب عليها دوليًّا.

صمت مُريب وتقارير مُدانة

رغم توثيق منظمات حقوقية محلية ودولية -مثل منظمة “إنسان، عين الإنسانية” و”هيومن رايتس ووتش”- هذه الجرائم بشكل متكرر، إلا أن المجتمع الدولي لم يتخذ إجراءات جادة لملاحقة المسؤولين، في المقابل، أشارت تقارير أممية إلى أن “الدول المعتدية على اليمن ترتكب انتهاكات منهجية تصل إلى جرائم حرب”، لكنها توقفت عند حدود الإدانة اللفظية.

العدوان على اليمن لم يترك حجرًا ولا إنسانًا.. فكيف تُحاسب القوى العظمى المعتدية عليه؟ تُمثل جرائم صعدة في 17 مارس 2018 نموذجًا صارخًا لاستهداف المدنيين العزل ومنازلهم ، ولعجز النظام الدولي عن تطبيق العدالة، فبينما تستمر غارات طيران السعودية وأمريكا في انتهاك القانون، يبقى السؤال: كم من الدماء يجب أن تُراق، وكم من البيوت يجب أن تُدمر، قبل أن يتحرك العالم لوقف هذه المأساة؟

17 مارس 2019.. جريحان بقصف مدفعية مرتزقة العدوان على المدنيين بشارع الثلاثين بالحديدة:

وفي اليوم ذاته من العام 2019م، عاد الرعب وخروقات مرتزقة العدوان، لتضرب اتفاق وقف إطلاق انار والأحياء المدنية والشوارع العامة في محافظة الحديدة مجدداً، في جريمة حرب جديدة، لقصفهم المدفعي على شارع الثلاثين بمديرية الحالي، ما أسفر عن جريحين، طفل لم يتجاوز العاشر ووالده بجواره، وترويع الأهالي، وأضرار في الممتلكات والمحلات والمنازل والسيارات، وموجة نزوح متجددة، نحو المجهول، ومضاعفة معاناة، السكان الذين يعيشون تحت حصار متواصل منذ سنوات.

الطفل الجريح من فوق سرير المستشفى يتحدث وهو يبكي بدموع غزيرة: “اليوم في العصر وأنا في الشارع خرجت اشتري جعالة، وقرحت فوقي الشظايا، وقدني باب البيت أدخل، أصابتني في رجلي” كانت دموع الطفل غزيرة وصوته المبحوح بالبكاء يدمي القلب، ووجهه المفجوع من شدة الرعب يعكس وضع الإنسانية في اليمن أمام المجتمع الدولي الذي لا يرحم”.

بدوره يقول أخو الجريح الآخر: “الحمد لله على كل حال كما تشاهدون، أخي الإن مصاب، في ذارعيه وظهره، وابنه إلان في غرفة العمليات بين الموت والحياة، استهدفوهم وهم باب المنزل عائدين من البقالة، الآن أخي الجريح في الطوارئ وابنه في العمليات، ما ذنب المدنيين، لماذا الاستهداف للمدنيين، أين هو اتفاق وقف إطلاق النار؟”.

استهداف الشوارع المكتظة بالسكان والباعة المارين جريمة حرب بحق الإنسانة، وانتهاك للمواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية، ووصمة عار في جبين الأمم المتحدة الراعية لتنفيذ الاتفاق والإشراف عليه.

17 مارس 2021.. خمسة أطفال جرحى بقصف العدوان السعودي الأمريكي على منازل مدنية في خدير تعز:

في اليوم ذاته من العام 2021م، أضاف العدوان السعودي الأمريكي جريمة حرب جديدة، بغاراته المباشرة على منازل المواطنين في قرية مرزان، بمنطقة الدحداح بمديرية خدير، محافظة تعز، ما أسفر عن 5 جرحى بيهم أطفال ونساء، وأضرار واسعة في الممتلكات، وحالة رعب وخوف، وموجة نزوح، ومضاعفة المعاناة.

في ظهيرة اليوم قبل تقريب وجبة الغداء بلحظات، كانت العائلة ترحب بضيوفها الأحفاد الذين تركوا أمهم في منزلها وذهبوا للغداء في منزل جدهم، لكن قذيفة مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي، حولت الأجواء السعيدة، إلى جحيم، مستهدفة المنزل بمن فيه، ليجرح الأطفال، ويدمر المنزل، ويعم الرعب نفوس أهالي المنطقة، وتبدأ عمليات إسعاف واحتشاد المواطنين من منازلهم هرباً من الاستهداف.

هنا تبدأ المعاناة ويحتاج الجرحى إلى عمليات جراحية لإخراج الشظايا، ويبدأ أهاليهم تذوق المر والعيش بين أمل المعافاة وخوف الموت، والصعوبات المالية في جمع تكاليف العلاج، والسفر إلى الخارج، الأسرة التي فقدت أطفالها، ومنزلها باتت تعيش في خيمة مؤقته لا تحميها من برد الشتاء أو قذائف المرتزقة. عبرت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء التصعيد العسكري، للعدوان وأدواته، واستهدافهم المتعمد للمدنيين، لكن السكان المحليين يشكون من صمت العالم تجاه ما وصفوه بـ “الإبادة البطيئة”.

تقول أم الأطفال: “عاد أطفالي من المدرسة وقت الظهر، وقالوا إنهم معزومون عند أبي، أي عند جدهم، تحركوا، وأنا قعدت بالبيت، وبعد دقائق من وصولهم، وصلت القذيفة قبل أن يتغدوا، بنتي في العمليات، وأطفالي البقية كلهم جرحى، ما ذنبنا؟ أين هي حقوق الطفل؟ وحقوق الإنسان التي يتكلموا عنها؟