من سيئ الى اسوأ …. اقتلوني ومالك معي
يبدو ان سن البلوغ لدى الشعوب العربية يتجاوز المئة عام .. لذلك لازال هناك من الوقت حتى يعرفوا مسؤولياتهم ويتّعضوا على اقل تقدير… فحين تتحدث اليهم تراهم يناقشون بالقرآن وكأنهم اعلم ما فيه، ثم يتنابزون ويتفاخرون على الاخرين بان الله خصهم بخاتم الانبياء دون غيرهم من الخلق، لكن اصحاب الذكاء الاعتيادي ولا نقول النوابغ من الناس، يعلمون وببساطة ان الانبياء لم يُرسلوا او يُبعثوا الى قوم، الا لترد او فساد او انحراف عن الطريق القويم.
ولا يخرج عن الطريق الصواب الا اثنان، إما غبي او من غلب عليه الشيطان فاغواه حتى نسي خلقه… ولربما الكلام قاس بعض الشيئ وهذا هو حال الحقيقة منذ الازل لكن الله قد اوصانا بالتذكير وقد تنفع الذكرى.
ولربما حالة التفريط والافراط الغالبة على خُلق الشعب العربي ما بين وهابي داعشي يقطع الرؤوس او شيوعي اول ما يناقشك ليس على الحال وما تعانيه الشعوب على يد حكامها الفاسدين، ولا على كيفية ان يجعل الحياة اجمل بالنسبة لابناء جلدته، بل على اثبات وجود الخالق سبحانه.
ولو اخذنا عينة من الواقع العربي المتمثل بآل سعود مثلا، لتوصلنا الى مدى غيبوبة هذه الشعوب اوتقاعسها. فالكل يعلم ان السعودية استعانت بالغرب وبريطانيا بالتحديد ضد الدولة العثمانية السنية والله يقول (ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين). والأسوء من صمتهم كانت حجتهم التي تخالف مباني واصول مذاهب اهل السنة انفسهم ، مع بالغ الاسف لاستخدام هذا التعبير، وهو ان السلاطين او الخلفاء العثمانيين كما سماهم البعض، قد ظلموا الامة فاستعانت بالغرب. لان هذا مخالف للفكر السني الذي يفرض طاعة الولي حتى وان كان يزيد بن معاوية.
لكن على الرغم من هذا استبشر بعض السذج خيرا حين ثارت الشعوب العربية ضد الاستعمار!!! واذا بهم تفرقوا اكثر واصبحوا مابين دول ودويلات يحكمها عملاء اصبحوا يتعاملون مع ابناء جلدتهم اسوء من الاجنبي الذي استعمرهم ..
ثم سلم الغرب قبلتهم الاولى الى اليهود الصهاينة بعد ان اعطى الحرمين الشريفين الى اعتى عتاة الوهابية التي لطالما صاح البعض في الامة انهم منحرفون ويحرفون الدين، وخرج الفلسطينيون العرب السنة الى الشتات بين اخوانهم العرب، فذلوهم اكثر من الصهيوني الذي صادر ارضهم …
لكن نقولها شهادة للتاريخ، قد خرج بعض العرب ليحارب على العرض والارض العربية في اعوام ستة وخمسين وسبعة وستين وثلاثة وسبعين لكن النتيجة كانت على العكس فقد ساعدت السعودية في توطين بيع البترول بالدولار نصرة للاقتصاد الاميركي والقصة طويلة، وضاع الجولان وتم التوقيع على معاهدة كامب ديفيد فاصبح الشباب العربي الذي يخدم في الجيش العربي من مدافع عن ارض العروبة الى حارس لأمن “اسرائيل”. فثارت ثائرة بضع العرب ضد الشعب المصري وليس الحكومة المصرية وقطعت علاقاتها مع مصر ومنها السعودية، والحجة التطبيع مع الكيان الغاصب. لكن الغريب ان في تلك الفترة حين زار شاه ايران، ايران التي ينعتها اليوم مفتي السعودية بالمجوسية، حين زار الشاه السعودية لأداء فريضة الحج رقص له الملك سلمان وكان اميرا حينها ترحيبا به، بينما كان العلم الاسرائيلي يرفرف في العاصمة طهران.
استمرت الشعوب العربية على ماكانت علية وكل ينتظر المنقذ على طريقته الخاصة .. حتى انتصرت الثورة الاسلامية في ايران على شرطي اميركا و”اسرائيل” في الخليج الفارسي وانزلت ايران العلم الاسرائيلي ورفعت العلم الفلسطيني .. فاصبحت مصر الصديقة وايران العدوة، ورفع اكثر الحكام العرب شعارالقادسية ضد المد الشيعي الفارسي والرياح الصفراء والفرس المجوس. ولم تصمت الامة العربية وحسب بل زجت بابنائها في حرب طالت الشعب الايراني المسلم لثماني سنوات انتعشت من خلاله “اسرائيل” والاقتصاديات الغربية على حساب النفط العربي واموال الشعوب العربية وابنائها واصبح صدام سيف العرب المسلول وقائد الامة !!
ولم يصل الحكام العرب الى اية نتيجة من تلك الحرب المفروضة سوى احتلال الكويت واذلال شعبها العربي، فانقلب العرب ضد الشعب العراقي وليس ضد الحكومة العراقية وحاصروهم حتى بات الطفل العراقي يموت جوعا من فقدان الحليب وصدام وعائلته لم يمسهم اي سوء، ولم يتجرء العرب من تحرير الكويت بل استعانوا باميركا ضد المحتل الذي كان بالامس بطل العرب الاوحد، وهنا تأكد الغرب ان هذه الشعوب يمكن ان تتحمل كل نوع من الاذلال .. وكانت الرسالة واضحة، احرق نفسي بدلا منك لتعرف مدى كراهيتي لك ومدى خوفي من التعذيب.
هكذا حرق البوعزيزي نفسه في تونس ومن هنا ظن البعض خطأ ان ساعة الصفر حلت وان الناس قد عرفوا وجهة بوصلتهم ، واذا بالشباب العربي يلتحق بـ”داعش” واخواتها ليس لتحرير اوطانها وفلسطين بل “لتحرير” الشعب السوري وبدل ان يحاكموا ويقتلوا حكامهم الذين خذلوهم وذلوهم، قتلوا ابناء الشعب العربي السوري وحرقوه ليبعثوا رسالة واضحة لحكامهم مفادها: “لاتخافوا فنحن اما نُضرم النار في انفسنا بدلا منكم او نقتل العرب لتعرفوا كم نحن خطرون على الاخرين وليس عليكم”.
ومن خلال مايحصل في سورية والعراق تمكن الشباب العربي ان يُثبت للعالم مدى تمسكه بالديمقراطية من خلال اعتماد التعددية في الحركات والتنظيمات الارهابية (وطبعا هذا الارهاب هو ضد الشعب العربي وليس اسرائيل او الغرب) والدليل القاطع على ايمان الشباب العربي بالديمقراطية سهل الاثبات ويكفي ان نعرف عدد الفصائل التي تقاتل ضد الجيش العربي السوري والجيش العراقي.
كل هذا يدلل ان الامة العربية لم تتجاوز ضغائنها حتى بعد ان بعث الله لهم بخاتم انبيائه ، وهذه هي الطامة الكبرى ولم يبق امامنا سوى تذكير اولئك المتبقين من المعترضين على هذا الواقع المخزي بالحديث الشريف (كيفما كنتم يُولى عليكم) والمثل العامي يقول: (إن كان شاهدك من اهلك، فقتلك حلال)
* بقلم رائد دباب