الصمود حتى النصر

أمريكا.. وسجلها الفاشي الملطخ بالدماء

لم تُدرك أمريكا أن جرائمها البشعة، التي تقترفها وما تزال باستهداف الشعب اليمني ومنها مجزرتا ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة، وحي وسوق فروة في العاصمة صنعاء مساء أمس، سيُعيد الأذهان إلى السجل الإجرامي الفاشي للولايات المتحدة التي أنشئت على أنقاض الهنود الحمر وجرائمها في فيتنام وجنوب أفريقيا وأفغانستان والعراق وغيرها.

جريمتا ميناء رأس عيسى وحي وسوق فروة في بشاعتهما ليستا الأولى اللتان ترتكبهما واشنطن، وإنما امتداد لجرائم الإدارات الأمريكية المتعاقبة، سواء دعم النظام العنصري لجنوب أفريقيا أو تزويد العدو الصهيوني بالسلاح لارتكاب حرب إبادة جماعية في فلسطين منذ نحو ثمانية عقود، مرورًا باحتلال لبنان في ثمانينات القرن الماضي وصولًا إلى المذابح الدموية الإسرائيلية في غزة بدعم وشراكة أمريكي.

ميناء رأس عيسى لم يكن يومًا ما موقعًا عسكريًا كما تدّعي أمريكا، وإنما منشأة مدنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يُستخدم لأغراض مدنية بحتة؛ يقتصر على استقبال وتفريغ المشتقات النفطية والغازية، وتخزينها قبل نقلها وتوزيعها إلى العاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية لتغطية احتياج المواطن من المواد الحيوية المرتبطة بالحياة اليومية.

عجز الإدارة الأمريكية عن تحقيق أي من أهدافها في إرغام اليمن وقواته المسلحة على وقف مساندته للشعب الفلسطيني في غزة جعلها تتمادى في جرائمها وتتهور أكثر من أي وقت مضى في استهداف المدنيين وضرب البنية التحتية، وتحديدًا تدمير ما تبقى من المقدّرات الاقتصادية، بما في ذلك استهداف ميناء رأس عيسى ومطار وميناء الحديدة بغارات متتالية، وُصفت بالأعنف منذ منتصف مارس الماضي.

لطالما تشدّقت أمريكا برعاية وحماية حقوق الإنسان، وصدّعت الرؤوس بالقانون الدولي الإنساني، لكنها الدولة الوحيدة بين الدول الكبرى التي أبدت تردداً ولم تصادق على معاهدات حقوق الإنسان الرئيسية حتى أواخر ثمانينات القرن الماضي، حتى 1980 عامًا، لتصبح الدولة الـ98 التي تصادق على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش، “كينيث روث”، في تصريح سابق له، أرجع الموقف الأمريكي تجاه القانون الدولي لحقوق الإنسان إلى “الخوف والغطرسة”؛ الخوف من أن المعايير الدولية قد تقيّد الحرية المطلقة للقوة العظمى العالمية والغطرسة فتتجلى في قناعة راسخة بأن أمريكا، بتاريخها الطويل، والمفتخر بحماية الحقوق المحلية، يغنيهم عن أي درس أو معايير يأتي من دول العالم.

وعلى ضوء ذلك، لم تكترث واشنطن للمعايير والقوانين الدولية لحقوق الإنسان، وظلّت تمارس الاعتداءات على كل من يُناهض سياساتها، أو يعصي أمرها، وما مجازرها في اليمن إلا أنموذج للسجل الإجرامي الأمريكي الذي يتعارض مع القوانين والأنظمة الدولية والإنسانية المتضمنة احترام سيادة الدول، وتجريم الاعتداء على الأحياء السكنية والمنشآت المدنية.

مجزرتا ميناء رأس عيسى وحي وسوق فروة قُوبلتا باستنكار واسع من المؤسسات الدستورية، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية وأحزاب ومنظمات، التي اعتبرت هاتين الجريمتين محطة جديدة في سلسلة جرائم أمريكا في المنطقة ضمن مسار تصعيدي لزعزعة الاستقرار، وتغذية الحروب، ودعم مشروع الإبادة الجماعية بحق شعوب المنطقة، وكشفت، في الوقت ذاته، الوجه الإجرامي القبيح لأمريكا، وممارستها الإرهاب ضد اليمنيين؛ دعماً وخدمة للكيان الصهيوني.

ومما يجدر الإشارة إليه، إلى أن أمريكا – بجرائمها المروّعة في اليمن – فشلت فشلًا ذريعًا في تحقيق ما ترمي إليه من أهداف، وما الخروج المليوني الشعبي في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات، الجمعة، وتزامنه مع إعلان متحدث القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، عمليات عسكرية، بما فيها إسقاطِ طائرتيٍن أمريكيتين نوع ‘MQ_9’ في أجواءِ محافظةِ صنعاءَ، إلا رد مباشر على الجرائم الأمريكية، ورسالة واضحة؛ مفادها أن الشعب اليمني لن يتزحزح قيد أنملة عن موقفه المساند لفلسطين، ودعمه للمجاهدين في غزة مهما عظمت التضحيات.

أمريكا لم تعد اليوم هي ذاتها التي أُتيحت لها فرص استعراض العضلات، والإدارة الأمريكية، التي روج لها ترامب خلال جولته الانتخابية الثانية، لم يعد لها قبول حقيقي على الواقع، وما وعود ترامب بإنهاء الحروب إلا مجرد أوهام عبر من خلالها البيت الأبيض ليدخل عقبها العالم في متاهات لا حصرها لها، ويشعل فتيل الأزمات هنا وهناك؛ أبرزها شن العدوان على اليمن، وارتكاب جرائم وحشية ودعم العدو الصهيوني لاستئناف إبادة وتهجير سكان غزة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com