مع اقتراب “جنيف 2”.. خلافات هادي وبحاح تتعمّق
علي جاحز
في وقتٍ أبدى فيه الجيش اليمني واللجان الشعبية تماسكاً في الميدان مع بدء جني ثمار الصمود العسكري في المحادثات التي قد تقود إلى حلٍّ سياسي، يبدو الطرف الآخر، المتمثل في الرئيس الفار عبد ربه هادي وحكومته، غير قادر على الخروج من مأزق الصراعات داخله، التي تزداد حدة يوماً بعد يوم. آخر الخلافات التي خرجت إلى الواجهة بين هادي وحكومته جاءت على خلفية القرارات الحكومية التي أصدرها الرئيس الفار أمس، وأعقبتها أنباء عن رفض بحاح لها. في هذا الوقت، كشف المتحدث الرسمي باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام، أمس، أن المواجهات على الحدود اليمنية السعودية «ستنتهي بمجرد أن ينتهي العدوان السعودي الأميركي على اليمن»، مؤكداً أنه لم يعد هناك أي مبرر لاستمرار العدوان على اليمنيين تحت مسوّغ قرار مجلس الأمن، لأن كل الذرائع سقطت وتبيّن للرأي العام أن هذه الحرب على اليمنيين ليست من أجل قرار مجلس الأمن 2216 أو “الشرعية”.
ورأى عبد السلام، في حديث خاص إلى قناة «المسيرة»، أن ما يجري على الحدود اليمنية يأتي «في سياق الخيارات الاستراتيجية التي أعلن عنها السيد عبد الملك الحوثي»، مؤكداً أن للشعب اليمني “نفساً طويلاً في مواجهة هذا العدوان، سواء في الحدود أو في تعز أو مأرب”.
وفي شأن آخر ما وصلت إليه التحركات السياسية في مسقط، أفاد عبد السلام بأن هناك لقاءات مباشرة عقدها الوفد الذي يرأسه «مع بعض الدول المعنية بالعدوان في إحدى العواصم الخليجية»، واعداً بأن «تظهر قريباً نتائجها الإيجابية في حال تحققت».
وأضاف: «هذه اللقاءات كانت مهمة، وهي دافع حقيقي لإيقاف الحرب وللوصول إلى رؤية تسهم في أن يكون هناك حوار سياسي ناجح ومثمر، وإزالة مخاوف بعض الدول المجاورة».
وفي ما يخص مؤتمر «جنيف 2» المرتقب، قال عبد السلام: «الحوار الذي كان مقرراً عقده في سويسرا قد تم تأجيله ربما إلى منتصف الشهر الجاري»، موضحاً أن ذلك يعود إلى عدم جاهزية المسودة بسبب العراقيل التي تضعها أطراف مستفيدة من الحرب وتؤخر وصول المبعوث الدولي إلى اليمن حيث سيلتقي أنصار الله مطلع الأسبوع المقبل»، مشيراً إلى أن الوفد الذي سيمثل الحركة في سويسرا لم يُحدَّد بعد بانتظار الاتفاق على المسودة أولاً. وتوقع عبد السلام أن يتم هذا الاتفاق خلال لقاء اسماعيل ولد الشيخ الأسبوع المقبل، لافتاً إلى أن هناك «شبه توافق» عليها الآن، باعتبار أنها تضم البدء بحوار بعد وقف إطلاق نار شامل.
على صعيد آخر، أثارت قرارات حكومية أصدرها هادي تجاذبات ضمن «الصف الواحد»، حيث أقرّ تعديلاً في قوام الحكومة المستقيلة التي يرأسها خالد بحاح، الأمر الذي أدى إلى انقسامات ضمن الفريق المؤيد للعدوان. ومن مقرّ إقامته في قصر المعاشيق في عدن، أصدر هادي قراراً بإجراء تعديل في حكومة بحاح، شمل خمس حقائب هي الخارجية والداخلية والإدارة المحلية والإعلام والخدمة المدنية. وأثارت الاسماء التي شملها القرار لشغل تلك الحقائب ضجةً اختلطت فيها المواقف المستنكرة بالمستغربة، لكون تلك الأسماء تعيد، بنظر كثير من مؤيدي العدوان لا سيما اليسار، السلطة إلى «الحرس القديم»، لا سيما تيار «الإخوان المسلمين»، بينما يرى كثيرون من «الحراك الجنوبي» أن عودة تلك الأسماء إلى الواجهة تعني عودة فريق النظام السابق، مستندين إلى ذلك بتعيين عبده الحذيفي مديراً للأمن السياسي، وهو أحد المحسوبين على “القاعدة” وحزب “الإصلاح”.
وفي الوقت الذي عُدّ فيه القرار آتياً في سياق مصالحة بين هادي وبحاح تترجم مصالحة سعودية إماراتية، بدليل قرار إقالة وزير الخارجية بالوكالة رياض ياسين الذي كان بحاح والإمارات قد طلبا إقالته منذ أكثر من شهر، نقلت «رويترز» عن «مصدر حكومي رفيع» أن «خالد بحاح يرفض التعديلات الوزارية التي أجراها الرئيس هادي اليوم في حكومة بحاح». وبحسب «رويترز»، قد يصدر بحاح بياناً يعلن فيه رفضه التعديلات الوزارية التي نفذها هادي، ما يشير إلى بقاء الخلافات العميقة بين الرجلين على حالها.
وكان القيادي الناصري المؤيد للعدوان، عبد الملك المخلافي، قد قام بأداء اليمين الدستورية وزيراً للخارجية بدلاً من ياسين. وفيما يرى مراقبون أن مسارعته قد تكون لقطع الطريق على اعتراض بحاح، نفى القيادي في «الحراك الجنوبي»، صلاح الشنفري، أن يكون قبل أو علم أصلاً بتعيينه بمنصب وزير النقل، ضمن قرارات التعديل الوزاري. وقال الشنفري، وهو رئيس المجلس الأعلى لـ«الحراك الجنوبي»: «إننا في الجنوب قد حددنا هدفنا مسبقاً، وهو استعادة دولتنا، ولم يكن في الحسبان اللهاث خلف أي منصب في أي حكومة تحت إطار الاحتلال»، على حدّ قوله.
إلى ذلك، أصدرت الرياض يوم أمس قائمة بأسماء 52 شخصية يمنية مؤيدة للعدوان تطلب منهم مغادرة الأراضي السعودية خلال 48 ساعة، من بينهم ياسين مكاوي وأحمد عبيد مبارك بن دغر وبشرى الارياني.