الصمود الأسطوري لليمن.. ثنائيةُ الاعجاز والانجاز
شباب الصمود/ تحليل..
لم يكن أشدُّ المتشائمين من جانب تحالف قوى الغزو والعدوان الذي تقودُه جارة السوء مملكة آل سعود على اليمن منذ تسعة أشهر متواصلة، يتوقع أن يكون الشعب اليمني الفقير والمحدود الموارد الاقتصادية على هذا القدر من البأس والقوة والصمود الأسطوري وهو الشعب المحاصر قليل العدة والعتاد الحربي، مقارنة بتحالف شمل كبرى امبراطوريات السلاح والمال والإعلام في عالم اليوم.
هذا الصمودُ الإعجازي بات لغزاً يشغل بال المتابعين للتطورات العسكرية والسياسية في اليمن من مختلف أرجاء المعمورة وأذهلهم التماسك الشعبي الاستثنائي ما بين الشعب وقيادته وأبطاله في الجيش أو اللجان الشعبية وتحمل الأعباء المعيشية المهولة الناجمة عن الحصار الشامل المفروض على البلد منذ انطلاق العدوان عشية الـ26 من مارس الماضي.
هذا الصمود اليمني الذي اعتبره امين عام حزب الله اللبناني السيد/ حسن نصرالله بأنه مفخرة لجميع أبناء الأمة العربية والإسلامية ولكل شعوب الأرض المستضعفة والمتطلعة للحرية والانعتاق من وصاية وهيمنة قوى الشر والاستكبار والطغيان في الأرض لم يتوقف كذلك عند التمترس في المناطق الدفاعية سعياً للخروج بأقل الخسائر بل إن هذا الشعب الذي تكالبت عليه جيوش العالم وبعد أكثر من 250 يوماً من الغارات الجوية الجنونية والمعارك المتواصلة المفروضة عليه في أكثر من جبهة في الداخل وفي ما وراء الحدود في الأراضي اليمنية الخاضعة للاحتلال السعودي في عسير ونجران وجيزان، أصبح اليوم ورغم كل ذلك الحشد والتحشيد وضخ الأموال الطائلة ممسكاً لزمام المبادرة في مختلف جبهات القتال، حيث يلقن الأعداء دروساً قاسية في البسالة والشجاعة دفاعاً عن الأرض والعرض وكرامة الوطن، وإذا بخصومه القادمين من شتى أصقاع الدنيا والمدججين بأحدث الأسلحة الحربية وآخر ما توصلت إليه تقنيات الاتصال العسكري وأنظمة الرصد والمتابعة عبر الأقمار الاصطناعية والكاميرات الحرارية والأسلحة الذكية والمحرمة دولياً ينهزمون امام شجاعة المقاتل اليمني ويولون الادبار في مشاهد سيسجلها التاريخ وستُدرس في الاكاديميات والكليات العسكرية في كل بلدان العالم، كما يقول رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، الذي أوضح أن البطولات والتضحيات التي يقدمها الجيش اليمني واللجان الشعبية دفاعاً عن الوطن وكرامته وسيادته وما يسطرونه من ملاحم بطولية رغم الفوارق الشاسعة بين ما يمتلكونه من العتاد مقارنة مع الأعداء، ناهيك عن تفوق الخصوم المطلق جواً وبحراً لن تكون حدثاً عابراً، وإنما سيقف أمامها التأريخ طويلاً وسيعكف الخبراء العسكريون والسياسيون على دراستها وتحليل أبعادها، فهي بحق من الأحداث والوقائع الاعجازية المبهرة التي يشهدها هذا الزمان الذي ولّت فيه المعجزات والخوارق.
اليوم وبعد تسعة أشهر من عدوان ظنه أصحابه بأنه لن يستغرق إلا أياماً أو أسابيع قليلة في أسوأ الأحوال ورغم الدمار الهائل الذي خلّفته آلة الحرب العدوانية في البُنى التحتية والحيوية ومقدرات الوطن وإزهاقه أرواح الآلاف من الأبرياء ها هو العدو يترنح تحت ضربات بواسل اليمن من منتسبي الجيش واللجان الشعبية الذين يذيقونه الهزائمَ المذلة واحدة تلو الأخرى وقد أزالوا عن قلبه ونفسيته المريضة ما علق بها من أوهام العظمة الزائفة وكشفوا ضعفه وهوانه وهشاشة جيشه أمام العالم كله.
هذه الهزيمة النكراء التي ذاق مرارتها آل سعود وأسيادهم من دول الطغيان العالمي باتت واضحة للعالم ولم تستطع امبراطوريته الاعلامية الضخمة من تغطية سوأتها وعجزت رغم امكانياتها الهائلة عن مجاراة الاعلام الحربي اليمني بأدواته المتواضعة في توثيق الانتصارات اليمانية بالصوت والصورة ورصد الانكسارات والإخفاقات المدوية التي يتجرعها جيش العدوان وأعوانه ومرتزقته من كل أرجاء الدنيا وبشكل يومي وبصورة لم تعد خافية على أحد من الناس الذين ترسخت قناعتُهم بزيف وأكاذيب تلك القنوات الاعلامية وأدركوا أبعاد وأهداف مساعي هذه الأبواق لصناعة انتصارات وهمية وإعلامية ليس أكثر ليصبح الشعب اليمني حسب ما أكده الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد شرف لقمان على مرمى حجر من بلوغ الانتصار المؤزر على بلدان تحالف الغزو والاحتلال..
ويشير العميد لقمان إلى أن النصر اليماني العظيم بات قريباً جداً.. وهو الاستحقاقُ المنطقيُّ لشعب تحلى بكل هذه الصفات الإنسانية الراقية في مواجهته لعدوان تجرّد من كل القيم الأخلاقية والآدمية في عدوانه الغاشم المخالف لكلِّ التعاليم والأعراف السماوية والأرضية..
ولعل هذا الاستغراب الذي يبديه العالَمُ اليوم إزاء الصمود الأسطوري للشعب اليمني في مواجهة أعتى آلة حربية شهدتها البشرية سيبقى لغزاً في العقول والأفئدة حتى تستسلمَ لحقيقة مفادها أن من كان مع الله حتماً سيكونُ الخالقُ معه ومن ينصره الله فلا غالبَ له ولكن أكثر الناس لا يفقهون شيئاً ولا يعقلون.