صمود وانتصار

الرؤية ” السعودية ” الجديدة حول بقاء ” الأسد ” في سدة الحكم / بقلم : محمد الحاكم

في ظل المتغيرات الجيوسياسية و العسكرية التي شهدتها وتشهدها الساحة السورية في الآونة الأخيرة خاصة بعد بدء تنفيذ الإتفاق ” الروسي – تركي ” الخاص بوقف الأعمال العسكرية في حلب و البدء في إجلاء المدنيين و المسلحين منها , وبما يعطي فرصة كاملة للمنظمات الإغاثية و الإنسانية في مباشرة أعمالها , مع فتح المجال أمام كل القوى المتصارعة للتفاوض السياسي في دوله إسلامية محايدة بهدف الوصول الى حل سياسي كامل وشامل , تأتي تصريحات بعض المسئولين السعوديين اليوم ليحددوا مقف ا” الرياض ” من قضية بقاء الرئيس السوري ” بشار الأسد ” في سدة الحكم من عدمه .

حيث أشارت وكالة الأنباء الروسية ” سبوتنيك ” اليوم الأحد 18/12/2016 م نقلا عن مسئولين سعوديين بأن القيادة السعودية قد أبلغت ” واشنطن ” عدم معارضتها لبقاء ” الأسد ” في سدة الحكم , طالما و أن الولايات المتحدة الأمريكية ترغب في ذلك , معللين في ذلك بقولهم بأنه ” إذا غيرت واشنطن رأيها حول الأسد فلتقل لنا ذلك، إنّما لا تتركونا فى الواجهة منفردين وتنقلبوا على حلفائكم”. مع تأكيدهم ضرورة ان يحدد الجانب الأمريكي وضوحآ في موقفها تجاه هذه القضية , حتى تتمكن الرياض على اساسه تحديد موقفها , وحتى لا يتركوا من قبل حلفاءهم وحيدين في مواجهة تلك الأحداث و المتغيرات .

وبناء على ذلك ومن خلال هذا المنطلق يمكننا القول وفق يتضح لنا وبصورة مقتضبة بأن هذه الخطوات السعودية تبين لنا مايلي :-

1- صحيح أن الرياض الأن لا تعطي أولوية للملف السوري خاصة بعد إنهيار حلب وسقوطها تحت أيدي الجيش السوري وحلفاءه , وهذا ما تجلى أكثر وضوحآ من خلال إلقاء الملك السعودي لكلمته أمام مجلس الشورى السعودي الجديد قبل عدة أيام , والتي تجاهل فيها بصورة واضحة للملف السوري وما حدث فيها في الآونة الأخيرة و بالذات في حلب , إلا ان ذلك يؤكد لنا بجلاء وبما لا يدع لنا مجالآ للشك بأن السعودية الآن قد سلمت لأمر الواقع لما حدث في سوريا بشكل عام وفي حلب بشكل خاص , وانها قد وقعت في خطاء لا يمكن لأحد أن يتحمله , وبأنها وبهذه التصريحات تحاول ان تستجدي ما تبقى لها من علاقات حميمية مع حلفاءها الرئيسيين وعلى رأسهم ” أمريكا ” خاصة قبل ان يتسلم الرئيس الأمريكي الجديد ” دونالد ترامب ” لمقاليد الحكم في امريكا مطلع العام 2017م , وذلك بما يحمي مكانتها السياسية و الإقتصادية في المنطقة , وبما يشفع لها في ذلك الدعم الهائل و اللامحدود الذي قدمته لحلفاءها والجماعات المسلحة في سوريا .

2- على الرغم من تجاهلها وعدم اعطائها أي أولوية للملف السوري إلا أنها لم تستطع أن تتجاهل إحتواء الجانب الإيراني وما يقوم به من دعم للفصائل المحسوبة عليها في المعارضه , وبأنها في ذات الوقت تنتظر ما ستقرره وتفعله ” أنقرة ” في الداخل السوري على اعتبار ان تركيا صاحبة النفوذ الأكبر في الداخل السوري خاصة بعد إتفاقها الأخير مع الدب الروسي حول كيفية وقف إطلاق النار في حلب , وماهية الإجراءات المتتخذة عند خروج المدنيين و المسلحين منها .

3- تريد السعوديه بهذه التصريحات ان توحي بأنها لا تجد في نفسها أي مشكلة تذكر مع النظام السوري ممثلآ في ” بشار الأسد” وكذا مع روسيا , إلا أنها في ذات الوقت ونتيجة لتنامي الدور و المواقف الإيرانية في المنطقة , شكل بالنسبة لها تخوف وعائقآ إستراتيجيآ لأبعادها السياسية و الإقتصادية

يصعب تصوره , وهذا الخوف نابعآ من إمكانية تضائل مواقفها ومكانتها الإستراتيجية إقليميآ ودوليآ .