صمود وانتصار

المغرب تقرر خوض المعركة البرية في اليمن، ضغط سعودي أم مصالح سياسية؟ (تقرير)

الصمود- تقارير 2015/12/10م

تقرير/ الحسين محمد الجنيد

بعد سقوط خطوط الدفاع الأولى على الحدود السعودية وانهيار الجيش السعودي ومواقعه العسكرية تحت وطأة ضربات الجيش اليمني واللجان الشعبية، تستقدم السعودية 1500 جندي مغربي من قوات النخبة، فبعد التوتر الذي جرى بين حكومة المغرب والنظام السعودي على خلفية أزمة إخلاء جثمان الطيار المغربي الذي سقطت طائرته على الأراضي اليمنية، ترى ماهي دوافع النظام المغربي لإقحام قواته في العدوان على اليمن بعد أن كانت مشاركته في التحالف العشري للعدوان على اليمن مجرد رمزية تقتصر على 6 طائرات حربية؟

من مشاركةٍ رمزيةٍ في التحالف الذي قادته السعودية للعدوان على اليمن، والذي اقتصر على ارسال 6 طائرات حربية، تعتزم المغرب ارسال 1500 جندي، لتكون بذلك شريكةً أساسية لنظام أل سعود في العدوان على اليمن أرضاً وانساناً، حيث أفادت مصادر محلية مغربية بأن حكومة بلادهم سترسل 1500 جندي من قوات الصفوة في الدرك الحربي للقتال البري في اليمن، وقالت المصادر، بأن هذه القوات على مستوىً عالٍ من التدريب، إذ تشارك هذه القوات بشكلٍ دوري في مناورات “الأسد الأفريقي” بالتعاون مع قوات الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كان أخرها المناورات التي جرت منتصف مايو الماضي بمنطقة “سيد لكرن” جنوب طانطان. وأضافت المصادر، وفقاً لما جاء في صحيفة “الصباح” المغربية أن “هذه الفرق سيتم نقلها خلال الأيام القليلة القادمة إلى أحد القواعد الجوية بالمملكة العربية السعودية، وذلك حتى يتم توزيعها وفق المهام التي ستوكل إليها، في إطار التحالف المشارك بالحرب باليمن”.
وأشارت المصادر بأن مشاركة المغرب في التحالف السعودي للعدوان على اليمن منذ انطلاقة عمليات “عاصفة الحزم”، كانت تندرج ضمن الجهود التي بذلتها السعودية ودول الخليج، في سعيها لتوفير اعتراف دولي وغطاء سياسي لهذه الضربة العسكرية، خصوصاً وأن العملية استبقت القمة العربية ولم تأتِ، كما جرت العادة، نتاجاً لقرارٍ من جامعة الدول العربية أو مجلس الأمن، وذلك ما يتعارض كلياً مع المواثيق الدولية لتنفيذ هكذا عمليات عسكرية ضد دولةٍ معينه. وأردفت تلك المصادر بأن مستوى مشاركة المغرب في التحالف قد انخفض بشكلٍ كبير، وذلك على خلفية أزمة إخلاء جثمان الطيار المغربي الذي أُسقِطَت طائرته في وادي النشور داخل الأراضي اليمنية، حيث كان الرد السعودي صادماً للملكية المغربية بأن “عليهم التخلي عن فكرة استعادة الطيار القتيل لأن تسليمه من قبل أنصار الله من سابع المستحيلات”، وما زاد التوتر أنذاك، تصريحات العسيري الناطق الرسمي لقوات التحالف حين تم تسليم جثمان الطيار المغربي بأن “عملية التسليم للجثمان، تمت بجهودٍ سعوديةٍ مغربية” وهذا ما اعتبره المغربيين منافياً تماماً للحقيقة، فقد تمت العملية بشكلٍ كاملٍ بتنسيق مغربي مباشر مع اليمنيين، ومن دون جهد يذكر للرياض. مما دفع الكثير من المراقبين للتساؤل عن استمرار مشاركة الطائرات الحربية المغربية في قصف اليمن، تحت مظلة التحالف السعودي.

“دوافع المغرب الحقيقية للمشاركة في المعارك البرية”
وعلى ما يبدو بأن إرسال المغرب 1500 جندي من قوات النخبة للمشاركة في الحرب البرية على اليمن إلى جانب السعودية، يعد تطوراً لافتاً في مسار العلاقات “السعودية –المغربية”، بعد مرحلة الفتور التي شابت العلاقة بين البلدين عقب أزمة إخلاء جثمان الطيار المغربي السالفة الذكر، فقد أكد بعض المراقبون والمهتمون بالشأن المغاربي، بأن قرار المليكة المغربية بإرسال بعض من قواتها البرية للسعودية، لم يكن إلا من باب خطب ود السعودية وإعادة وهج العلاقة بين البلدين، وينبغي النظر إليها من الزاوية الجزائرية، في إشارةٍ إلى الأزمة الباردة بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء المغربية، وحق تقرير المصير لسكانها. ففي 9 نوفمبر، وصف وزير الخارجية الجزائري “رمطان لعمامرة” تصريحات الملك المغربي محمد السادس بـ “غير الملائمة”، مؤكدا موقف الجزائر المبدئي وهو حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وقال لعمامرة “إن الجزائر تدعم موقف الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بحق شعب الصحراوي في تقرير المصير، مضيفاً “أن ذلك حتمي وموقف الجزائر ثابت في هذا الشأن”.
وفي السياق ذاته، ورداً على تصريحات الملك المغربي التي ألقاها في مدينة العيون، بمناسبة الذكرى الـ 40 “للمسيرة الخضراء”، هدد زعيم جبهة “البوليساريو” المدعومة من الجزائر محمد عبد العزيز، بالرجوع إلى الحرب وحمل السلاح ضد المغرب. الجدير بالذكر، أن المقترح المغربي والذي ينص على منح سكان الصحراء حكماً ذاتياً، يحظى بدعم بعض دول المجتمع الدولي، حيث يتهم نشطاء ومنظمات لحقوق الإنسان فرنسا بدعم الموقف المغربي، في حين جبهة “البوليساريو” رفضت المقترح المغربي وتطالب بحق بتقرير المصير، وتدعمها في ذلك السويد والدول الاسكندنافية الأخرى.

“المغرب بحاجة للدعم الخليجي”
ويرى المراقبون أن المغرب بحاجة إلى دعم عربي ودولي في موقفها من جبهة “البوليساريو”، حيث أقلق التوافق السعودي الجزائري المليكة المغربية، والذي انعكس في تصريحات وزارة الشئون الخارجية الجزائرية، على لسان ناطقها الرسمي، بأن “العلاقات بين الجزائر والمملكة العربية السعودية متينة ومتجذرة ومتميزة وهي في تطور دائم ومستمر”، وفق ما نشره موقع “الجزائر والعالم” الإخباري. كما أقلقها أيضاً تحركات السعودية باتجاه الجزائر، حيث قال وزير التجارة والصناعة السعودي توفيق بن فوزان الرابيه في الجزائر، إن رجال الأعمال السعوديين مستعدون لاستثمار أكثر من ملياري دولار خلال أربعة أشهر في الجزائر، في إشارةٍ منه بأن بلاده غير عابئةٍ بالتحالف الاستراتيجي والتاريخي الذي يربط المملكتين المغربية والسعودية. وأوضح الوزير الذي كان يتحدث على هامش الاجتماع العاشر للجنة المختلطة الجزائرية السعودية، أن الجانب السعودي مهتم خصوصاً بقطاع مواد البناء وصناعات مواد التعبئة والتغليف، كما أن الطرف السعودي يتطلع لرفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين والتي سجلت زيادة كبيرة بين العامين 2008 و2013، كما أن المملكة السعودية تنوي تقوية علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الجزائر.
فعلى ما يبدو بأن السعودية التي تتجه نحو الجزائر “غريم المغرب” قد نجحت في إثارة حفيظة المليكة المغربية ودفعتها لاتخاذ قرار المشاركة الفعلية في التحالف ضد اليمن وخوض غمار المعركة البرية، لعلمها بأن المغرب بحاجة لدعم دول الخليج السياسي والمادي والعسكري أيضاً، ما أن قررت المغرب خوض أي حرب مستقبليه لضمان إبقاء الصحراء الغربية تحت حكمها، فمشاركة المغرب اليوم مع السعودية في حرب اليمن، سيضمن لها مستقبلاً وقوف السعودية ودول الخليج إلى جانبها.