داعش وليد واشنطن وعدو طهران
عندما اجتاحت الاحتجاجات الوطن العربي بما وصف بالربيع العربي عام 2011 بدأت تسقط الحكومات الموالية للولايات المتحدة الأمريكية أمام الحراك الشعبي المطالب بالاستقلال والحرية من التبعية والارتهان للخارج. سقطت أنظمة أربعة كانت من بين اكبر منفذي السياسيات الغربية في المنطقة. ضربة لم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني تحملها بعد أن عبرت الشعوب العربية عن دعمها الكامل للقضية الفلسطينية وقوى المقاومة. حدث تظاهرات في سوريا وحتى في لبنان والعراق ودول عربية تأثرت بالصحوة ألإسلامية مطالبة “بإصلاحات سياسية” وليس إسقاط الأنظمة. هنا تم البحث عن النقطة الأقوى لضربها واستغلال هذا الحراك و توجيهه نحو سلسلة المقاومة المنيعة. النظام السعودي الذي كان داعما أساسيا للحرب الإسرائيلية على المقاومة اللبنانية في صيف 2006 مازال يحفظ جيدا خطاب الانتصار في لبنان اضافة لكلمة الرئيس السوري بشار الأسد الذي وصفهم بأشباه الرجال لتامرهم على المقاومة في لبنان, انتصار حزب الله في العام 2006 حفر حقدا عميقا في ذاكرة القادة السعوديين فكان الهدف ضرب سوريا باعتبارها ركنا أساسيا في محور المقاومة و جبهة الصمود التي أفشلت الشرق الأوسط الأمريكي الجديد.
استقدمت الأموال و الماكينات الإعلامية و استقدم السلاح و الإرهاب و الإرهابيين من كل حدب و صوب و ارسلوا إلى سوريا، بعد أن مهدت واشنطن لتواجدهم عبر إيجاد داعش في العراق قبل سنوات من الربيع العربي، فليس منطقيا بان تنظيما إرهابيا يحظى بهذه القوة اللوجستية و التخطيطية و الهيكلية القيادية بين ليلة و ضحاها و بدون مساعدة خبراء عسكريين محترفين قدموا أنواع الخبرات اللازمة لتأسيس هذا التنظيم الذي اجتاح مناطق واسعة في العالم العربي في غضون اشهر. إطلاق الوحش الأمريكي في منطقتنا و الذي خلقته و ربته الأيدي آلأمريكية بمال الدعم العربي هدف لإعادة لضرب سوريا و قطع التواصل بين محور المقاومة الممتد من طهران فبغداد فدمشق وصولا إلى القدس مرورا ببيروت.
ظهر الوحش التكفيري بتوأمين اثنين جبهة النصرة و داعش وهما مولدان واحدان من أب أمريكي وأم تحمل جينات واسم بعض دول الارتجاع العربي. دخلت المنطقة حالة الصراع واشتدت المعارك وعلا صوت المدافع. استقدم كل الإرهابيين إلى سوريا لضربها أولا وللتخلص منهم بمصيدة الجهاد التي نصبوها لهم في بلاد الشام. الا أن صمود محور المقاومة بكافة مكوناته افشل خطهم بإسقاط سوريا و منع تقسيمها وهو اليوم يمضي لترسيخ معادلة جديدة مبنية على ضرورة الحوار مع النظام السوري و داعميه لإرساء الأمن في سوريا والمنطقة.
الولايات المتحدة آلأمريكية، رفعت شعار محاربة الإرهاب و ضرب داعش و حاولت وما زالت تحاول أن تعود إلى بلاد الرافدين بحجة ضرب التكفيريين بعدما إخرجها العراقيون تحت و طأة الحديد و النار دون أن تحصل على حصانة أو قواعد عسكرية كما كانت تشتهي في العراق . و على طول الإعلان الأمريكي لمكافحة الإرهاب لم تتحرر و لا منطقة من سيطرة الإرهابيين بل ازدادت مناطق انتشارهم و توسعهم و حصارهم لأهم المدن الحيوية و احتلالها في سوريا و العراق و نشطت هذه المجموعات في افغانسان و باكستان و سيناء المصرية و ليبيا و المغرب العربي . حقيقة الكلام الأمريكي عن مكافحة الإرهاب في الإدارة آلأمريكية الجديدة للرئيس دونالد ترامب و التعاون في هذا المجال هو كلام سياسي تفوح منه رائحة الصفقات , فالرئيس الأمريكي الجديد التاجر و المستثمر الملياردير ينظر إلى دولارات النفط العربي لتغطي عجزه العسكري لإجراء حرب مجانية يحقق مكاسبها السياسية و يوهم العالم بها.
في المقلب الآخر تقف قوى المقاومة بدعم روسي على أساس مصالح مشتركة، صحيح أن موسكو لديها علاقات مع العدو الإسرائيلي و هي قد لا تكترث في بعض الأماكن بسقوط مناطق بيد الإرهابيين و لكنها وقف إلى جانب محور المقاومة كونه الجهة التي تحقق الانتصارات و الجهة القادرة على حماية مصالح موسكو و مصالحها الخاصة، حلقة الوصل في محاربة الإرهاب انطلقت لتربط الأبعاد السياسية و الاستراتيجية و العسكرية ببعضها حلقت انطلقت من العاصمة الإيرانية طهران التي أثببت أنها تكافح الإرهاب من خلال الدعم العسكري الاستشاري بعشرات الشهداء و بالدعم السياسي اللامتناهي لإرادة شعوب المنطقة. فقط يكفي أن نلقي نظرة على خارطة توزع حلفاء سوريا و أعدائها على الخريطة و تقديمها لأي جهة غير منحازة عندها ستشرح لك كيف أن من تطالب واشنطن و السعودية و قطر بمحاربتهم هم نفس التشكيلات العسكرية التي يدعمونها مالا و عتادا و عديدا و هم من يوصفون بالمعتدلين و يراد لهم أن يحاوروا الحكومة السياسية فيما المحور الممانع يجلس مع الجميع و يعلن أن من كل من يرفع السلاح بوجه الشرعية فهو إرهابي و من أراد الحوار فهناك طاولة مباحثات تتسع للجميع ومن يريد مكافحة الإرهاب حقا عليه أن يقرع أبواب دمشق أولا.
بقلم حسن حيدر