من هو البلد القادم :سيناريوهات مستقبل “داعش” بعد هزيمته في العراق وسوريا
الصمود/متابعات
منذ مطلع العام الجاري بدأ الحديث عن مصير تنظيم “داعش” يتردد كثيراً في وسائل الإعلام من قبل المحللين والمراقبين، خصوصاً بعد تمكن القوات العراقية والسورية من تحرير مناطق كثيرة من دنس هذا التنظيم الإرهابي.
ومع قرب الانتهاء من تحرير مدينتي “الموصل” على يد القوات العراقية و”الرقّة” على يد القوات الكردية السورية المدعومة من قبل أمريكا، واللتين كان يعتبرهما “داعش” بمثابة عاصمتين مزعومتين له، بدأت التساؤلات تثار بشأن مستقبل هذا التنظيم، خصوصاً بعد أن تحمل خسائر فادحة في الأرواح والمعدات لاسيّما في الموصل.
وهذا التساؤل يتضمن تساؤلاً آخر وهو: هل انتهت “دولة الخلافة” المزعومة التي أعلن عنها زعيم التنظيم المدعو “أبو بكر البغدادي”، أم أن التنظيم سيسعى إلى مواصلة أعماله الإرهابية في العراق وسوريا وبلدان أخرى في المنطقة بأشكال وصور مختلفة عمّا في السابق؟
للإجابة عن التساؤلات يبدو أن هناك ثلاثة سيناريوهات يمكن تصورها عن مستقبل هذا التنظيم الإجرامي وبالشكل التالي:
السيناريو الأول؛ حرب العصابات
نظراً للهزائم المنكرة التي مني بها “داعش” في العراق وسوريا، فمن المحتمل جداً أن يعمد هذا التنظيم لاتباع أسلوب جديد لمواصلة جرائمه. ويكمن هذا الأسلوب بما يعرف بـ”حرب العصابات”، خصوصاً وأن التنظيم يمتلك أسلحة وتجارب كثيرة تمكنه من تنفيذ المزيد من الجرائم في العراق وسوريا ودول أخرى في المنطقة. ويمكن القول بأن هذا التنظيم سيتحول إلى ما يشبه حركة “طالبان” في أفغانستان وحزب العمال الكردستاني (PKK) في تركيا. ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار بأن “داعش” يتواجد في مناطق معظمها سهول وصحاري سواء في العراق أو سوريا، وهذه المناطق لا تساعد كثيراً على “حرب العصابات” خلافاً لـ “طالبان” التي تتركز في مناطق جبلية ووعرة في أفغانستان، وكذلك حزب العمال الكردستاني في جنوب تركيا وشمال العراق خصوصاً في جبال قنديل وآرارات. وهذا يعني أن احتمال نجاح هذا السيناريو يبدو ضئيلاً.
السيناريو الثاني؛ مواصلة العمليات الإنتحارية
هذا السيناريو محتمل أيضاً بسبب تمكن “داعش” من نشر أفكاره الظلامية في صفوف عناصره والتي تشجع على تنفيذ هذا النوع من العمليات “الانتحارية” تحت يافطة “الجهاد”. كما تلعب “الخلايا النائمة” المرتبطة بهذا التنظيم دوراً بارزاً في تنفيذ هذه العمليات سواء في العراق أو سوريا أو دول أخرى في المنطقة لإرباك الوضع الأمني في هذه الدول وللتعويض عن خسائره التي تصاعدت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة. ويبدو أن هذا النوع من العمليات سوف لا يقتصر على دول المنطقة فحسب؛ بل من المرجح أن يتواصل في مناطق أخرى من العالم لاسيّما في أوروبا.
السيناريو الثالث؛ الانتقال إلى دول أخرى
يحظى هذا السيناريو بالأرجحية مقارنة مع السيناريوهين الأوليين. ومن الدول التي يعتقد المراقبون بأن “داعش” سيختارها لمواصلة عملياته هي أفغانستان وليبيا حتى وإن لم يتمكن من الإعلان مجدداً عمّا يسميه “دولة الخلافة” كما كان في السابق؛ أي خلال احتلاله لمناطق واسعة في العراق وسوريا، وحينها اشتهرت كلمة “داعش” التي تشير اختصاراً إلى ما يسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. وهذا السيناريو هو المرجح لدى معظم المراقبين كما أسلفنا. أي بمعنى آخر أن خطر “داعش” سيتواصل حتى وإن تم القضاء عليه ميدانياً بشكل كامل في العراق وسوريا طالما بقيت الأفكار الظلامية والمتطرفة والوحشية لهذا التنظيم تلقى صدىً لدى أنصاره والمغرر بهم من أتباعه تحت شعارات ظاهرها إسلامي لكن الدين وكافة القوانين الإنسانية منها براء.