صمود وانتصار

استراتيجية “داعش” الجديدة

بعد الهزائم المنكرة التي مني بها تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق وسوريا وفقدانه لمناطق كثيرة كانت تحت سيطرته في هذين البلدين، لجأ هذا التنظيم إلى انتهاج استراتيجية جديدة تهدف إلى تدمير الاقتصادين العراقي والسوري أو ما يعرف باسم “سياسة الأرض المحروقة”.*

والأمثلة على ذلك كثيرة جداً يمكن الإشارة إلى بعضها على النحو التالي:

– تدمير حقول النفط والغاز كما حصل قبل نحو ثلاثة أسابيع في مدينة “تدمر” التاريخية “200 كيلومتر شمال شرقي العاصمة السورية دمشق”.

– لم يقف الأمر عند حقول النفط والغاز في تدمر بل امتد إلى آثار المدينة خلال سيطرة التنظيم عليها لمرتين، حيث دمّر عدد من تراثها الأثري الذي لا يقدر بثمن قبل أن تستعيد القوات السورية السيطرة عليها.

– أقدم تنظيم “داعش” على حرق آبار النفط في منطقة حمّام العليل جنوب الموصل قبل انسحابه منها، وغطّت سحب الدخان الأسود السماء مع تقدم القوات العراقية.

– أقدم عناصر تنظيم “داعش” على حرق الآبار النفطية في ناحية القيّارة بعد سيطرة القوات العراقية المشتركة على قرية النصر جنوب الموصل.

– اتبع التنظيم الإرهابي سياسة “الأرض المحروقة” أكثر من مرة خلال معركة الموصل، إذ قام بإحراق حقول المشراق جنوبي المدينة في وقت سابق. وذكرت المصادر الخبرية أن هذا التنظيم استهدف هذه المواقع بالصواريخ الثقيلة لإحداث أكبر ضرر فيها.

– قام عناصر “داعش” بحرق جامعة الموصل ونقل محتوياتها، بعد اقتراب القوات الأمنية العراقية منها.

في هذا السياق أوضح مستشار الحكومة العـراقية للبنى التحتية “جعفر الإبراهيمي” إن “داعـش” تسبب في خسائر تقدر بنحو 30 مليار دولار في البنية التحتية العراقية.

وأشار الإبراهيمي إلى أن “داعـش” اتبع سياسة التدمير الشامل للمنشآت والمصانع والبنايات بقصد إحداث أكبر ضرر اقتصادي للعراق. وتابع بالقول: “أستطيع أن أؤكد أن ما لا يقل عن 90 % من البنى التحتية والمنشآت الحيوية الصناعية قد دمّرت على أيدي هذا التنظيم في المناطق التي احتلها في الـعـراق منذ حزيران/يونيو 2014”.

وألمح الإبراهيمي إلى أن الإرهابيين دمّروا أيضاً مصانع السكر والأسمنت ونقلوا معداتها إلى ســوريا.

كما أشار “علي غانم” وزير النفط والثروة المعدنية في ســوريا في حديث للوكالة العربية السورية للأنباء “سانا” إن “داعش” دمّر أكثر من 65 % من معمل حيان للغاز الذي يقع في محافظة حمص وينتج ثلاثة ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً.

وقد اعترف تنظيم “داعش” الإرهابي باعتماده هذا الأسلوب الهمجي بنشره لعدّة مقالات في صحيفة “النبأ” الإلكترونية التابعة له والتي دعا فيها أنصاره وأتباعه إلى تدمير البنى التحتية للاقتصادين السوري والعراقي لتحقيق هدفين أساسيين:

الأول: حرمان الشعبين العراقي والسوري من الإمكانات الاقتصادية في شتى المجالات لاسيّما في مجال الطاقة.

الثاني: منع الحكومتين العراقية والسورية من تقديم الخدمات في المناطق المدمرة التي يتم تحريرها من عناصر التنظيم من قبل القوات العراقية والسورية.

وقد أشار التنظيم في إحدى مقالاته إلى أن أي ضرر يلحقه أنصاره بمصالح العراق الاقتصادية أو الخدمية من شأنه إضعاف حكومته، ولو كان برج كهرباء في ديالى أو بئر نفط في كركوك أو شبكة اتصالات في بغداد أو موقعاً سياحياً في أربيل.

وذكر المقال “أن توسيع حجم العمليات ضد الأسس الاقتصادية في سوريا والعراق من شأنه دفع القوات التي تحارب التنظيم إلى الانشغال بحماية تلك الموارد وتوجيه قسم كبير من طاقاتها لهذا الغرض، مما يساهم في تشتيت قواها ومنعها من التفرغ للمعارك المباشرة”.

————————————————————————————-

* سياسة الأرض المحروقة هي إستراتيجية عسكرية أو طريقة عمليات يتم فيها إحراق أي شيء قد يستفيد منه الطرف المقابل عند التقدم أو التراجع في منطقة ما. وفي الأصل كان المصطلح يشير إلى إحراق المحاصيل الزراعية لعدم استعمالها كمؤونة، أما الآن فهو يشير إلى إحراق المنتوجات الغذائية وتدمير الهياكل الأساسية مثل المأوى والنقل والإمدادات الإنسانية للسكان المدنيين والاتصالات والموارد الصناعية والتراثية وغيرها من البنى التحتية، وهي سياسة محظورة بموجب المادة 54 من البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977.