صمود وانتصار

استهلال جنيف2 على إيقاع توشكا 2.. اليمن لا تلدغ مرتين ( تحليل )

الصمود | صنعاء |تحليلات 2015/12/16 م

رحَّبَ الناطقُ الرسميُّ للقوات المسلحة العميد شرف غالب لقمان بدعوة الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن بوقف إطلاق النار إبتداءً من اليوم 15 ديسمبر 2015م.
وقال الناطقُ الرسميُّ للقوات المسلحة، بناءً على دعوة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ عن بداية وقف إطلاق النار نهار يوم أمس 15 ديسمبر: نعلنُ ترحيبَنا بدعوة الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن والتي جاءت ضمن انعقاد الجلسة الأولى لحوار سويسرا”.
وانعقدت أمس في سويسرا جلسةٌ أولى من المفاوضات اليمنية، وسَطَ تخوُّفات من اختراق وقف إطلاق النار، الذي كان شرطاً يمنياً أذعنت له الرياضُ وهي تمنح مرتزقتها المتلفعين بالشرعية الضوءَ الأخضرَ لدخول جولة ثانية من المشاورات التي دعت إليها الأمم المتحدة، وانطلقت أمس الثلاثاء في مدينة بال السويسرية.
وعبَّرَ العميدُ لقمان أمس عن أمله من أطراف العدوان الالتزامَ الحقيقي والجادّ بوقف الأَعمال القتالية،لافتاً إلى أن مثلَ هذه المبادرات لن تنجح إذَا لم تتوفر الجدية الحقيقية لوقف الحرب بشكل شامل والبدء في استئناف الحوار السياسي.
ويأتي هذا المؤتمر بعد تغيير لافت في شكل ومضمون التفاوض، حيث اسندت قيادته للمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، بعد أن كانت الرياض تشترطُ أن ينعقدَ الحوار تحت قيادة يمنية، في إشارة إلى هادي الذي كان رئيساً لمؤتمر الحوار الوطني اليمني في 2013.
وبدلاً عن إطلاقِ هُـدنة انسانية لمدة خمسة أيام في جنيف 1، تمسك الوفد اليمني المفاوض هذه المرة بوقف إطلاق النار قبل البدء في التفاوض، كأساس للوُصُول إلى حل سياسي تعتورُه جملةٌ من المعوقات والتحديات، وفي مقدمتها فشل تحالف العدوان في تحقيق انتصار عسكري طالما استمات بُغية تحقيقه خلال الثلاثة أشهر الماضية دون جدوى.
وفي دلالة على جدية التفاوُض هذه المرة حرصت الأمم المتحدة على ترتيب لقاءات مباشرة بين وفدَي صنعاء والرياض بعيداً عن أضواء الإعلام، في محاولةٍ لتكرار تجربة الأمم المتحدة مع الأزمة الليبية التي توشك على النجاح. وحتى لا تبدو الأممُ المتحدة ومرتزقة الرياض متناقضين وهم يناقشون نقاط خارج بنود قرار مجلس الأمن 2216.
o اختراقات متواصلة
بعدَ ساعات فقط من إعلان سريان وقف إطلاق النار رصدت مصادرُ ميدانيةٌ اختراقاتٍ متوالية من قبل العدوان ومرتزقته، سواءٌ في تعز وحجة، أو غيرها. وكان إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أجّل موعدَ دخول وسريان وقف إطلاق النار ليدخل حيز التنفيذ الساعة 1 ظهراً بتوقيت صنعاء يوم الثلاثاء 15 ديسمبر كانون الأول 2015، بعد أن كان مقرراً إعلانه قبلها باثنتي عشرة ساعة.
ويرى مراقبون أن هذا التمديد كان بهدف تمكين العدوان من الرد على عملية توشكا 2 بباب المندب التي جاءت في توقيت فاصلٍ وبمثابة الضربة القاضية للعدو السعودي.
وكشف الناطقُ الرسمي للجيش واللجان الشعبية، أمس الأول الاثنين، بأن قوات العدوان من الأجانب والمرتزقة كانت محتشدةً بإحدى الوديان لشنّ هجمات على منطقة الشريجة وتعز، بناءً على معلومات استخباراتية، ما يعني أن التمديدَ للهدنة كان مرتباً له كغطاء لعملية (تحرير تعز)، التي اشتغل عليها العدوانُ، كما فعل مع التسويق للهُدنة الرمضانية التي مكّنته من التقدم في عدن.
بيدَ أن يقظةَ الجيش واللجان الشعبية فاجأت العدوان بـ “ضربة معلم”، وأكدت أن اليمنَ لا تلدغ من جُحْرِ الخداع مرتين، حيث تمكن توشكا 2 من إحباط عملية العدوان وإلحاق خسائر فادحة في تجمُّعات العدو والمرتزقة بباب المندب قُتل على إثرها قادة عسكريون سعوديون وإماراتيون ومغاربة، وعشراتُ الضباط والمرتزقة. وهي العملية التي غدت حديثَ الإعلام الدولي الذي اضطر إلى تسليط الضوء على هزائم وخسارات آل سعود في اليمن، وعدم تجاهل العمليات النوعية للجيش واللجان الشعبية.
o إيقاع توشكا2
تنطلقُ مفاوضاتُ سويسرا تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف إيجاد تسوية دائمة للأزمة في اليمن، كما تهدفُ إلى تفعيل وقف إطلاق نار دائم وشامل، بالإضافة إلى تحسين الوضع الإنساني والعَودة إلى مسار سياسي سلمي ومنظّم، وذلك حسب بيان مبعوث الأمم المتحدة، الذي قال: إن وقفَ الأَعمال القتالية الذي توصلنا إليه اليوم يشكلُ مرحلةً هامةً في إنهاء النزاع المسلح في اليمن، وخطوةً نحوَ إحراز تقدم في التحاور والتوافق.” وأضاف “إن صنعَ السلام هو مطلب أساسي لإعادة بناء اليمن وتأهيل بُنيته التحتية ومعالجة آثار الحرب وتوفير البيئة الملائمة لإعادة الحياة إلى طبيعتها في كافة أنحاء البلاد بالإضافة إلى إنعاش الاقتصاد”.
وبرغم التحدّيات الماثلة والتي تشكلُ عقبةً كأداء في طريق الحل السياسي إلا أن عملية توشكا2 في الرابع عشر من ديسمبر منحت الوفدَ اليمني مساحةً أوسع من المناوَرة وإمكانية رفع سقف المطالب، على عكس وفد الرياض الذي يدخل منكسراً بفعل الضربات الموجعة التي تلقاها في الميدان على مدى الثلاثة الاشهر الماضية، وبالأخص في ظلّ المرحلة الأولى من دخول الخيارات الاستراتيجية سكة التنفيذ.
وعلى إيقاع توشكا 2 يستطيع المفاوض اليمني انتزاع تنازلات مؤلمة ما كان للرياض ومرتزقتها القبولُ بها قبل توشكا 2، ومع ذلك يظلُّ بندُ تسليم جميع الأطراف للأسلحة الثقيلة هو الأكثر صعوبة عند النقاش، وخاصة عند التطبيق، الأمرُ الذي يستوجبُ الحذرَ من أية مخططات مخادعة يعمل عليها العدوان، الذي قد يلجأ إلى انتزاع تنازلات فشل في الحصول عليها عبر القوة.
ومما يعزز إخفاقاتِ العدوان أن المتحدثَ باسم العدوان أحمد العسيري لجأ إلى فقاعة حاول أن يخلقُ منها انتصارا عسكريا، حين زعم أن قوات التحالف سيطرت على كامل جزيرة جبل زقر اليمنية بالبحر الأحمر قبل ساعات من انطلاق الهدنة، مع أن هذه الجزيرةَ وغيرها كانت في قبضة دول العدوان منذ الأيام الأولى للحرب.
إلى ذلك نشرت السعوديةُ قوات حرب عصابات في حدودها مع اليمن، وذلك بعد مقتل عدد كبير من ضُبّاط السعودية وجنودها جراء قصف الجيش واللجان الشعبية للمواقع العسكرية السعودية في عسير ونجران وجيزان. وأصدر محمد بن نايف قراراً بمباشرة تلك القوات لمهامها في الحرب.
وينظر المراقبون إلى هذه الخطوة كتأكيد مضاف على فشل الجيش السعودي في مواجهة المقاتل اليمني، وأن خطَّ الدفاع الأول للسعودية في حدودها الجنوبية قد انتهى بالفعل، ما يجعل استمرارَها في الحرب والعدوان على اليمن خارجَ حسابات المنطق إن كان لا يزال في قصور آل سعود رجلٌ رشيد.