صمود وانتصار

أبناء منطقة العوامية يوجهون نداء لمنظمة الصليب الاحمر للتدخل العاجل لإنقاذ المدنيين وإسعاف الجرحى وفك الحصار

الصمود / متابعات

أكثر من يوم كامل ونصف اليوم والعوامية في حصار شديد على كل مداخلها وأصوات الرصاص والانفجارات داخلها مستمرة بشكل متقطع، إذ بدأت القوات منذ فجر الاربعاء الدخول بأعداد كبيرة جداً من المدرعات وأغلقت منافذ العوامية بالخرسانات أو الدوريات ، مماشكل حالة معاناة كبيرة للأهالي خاصة حين الدخول.

تعطلت المدارس رغم الاختبارات النهائية ، كما تعطل الدوامات ومصالح الناس وحاجاتهم ، وأغلق مستوصفي العوامية أبوابهما يوم الاربعاء والخميس ، كما تعطلت الحياة العادية في البلدة فمعظم المحلات لم تفتح وتوقف سير السيارات إلا بشكل خفيف وأظلمت الشوارع وعاش السكان في حالة خوف وهلع مع سماع صوت الرصاص او الانفجارات والهدم بين حين وآخر. وقد تضررت أعداد كبيرة من المنازل والسيارات.

كما اقتحمت القوات السعودية في ساعات الفجر الأولى من يوم الاربعاء حي المسورة التاريخي وسط بلدة العوامية، في محافظة القطيف ذات الأغلبية الشيعية، واستقدمت قوات الأمن عدداً من الجرافات والمدرعات المصفحة لتهديم منازل حي المسورة مسقط الشيخ النمر، وحتى هذه اللحظة ما زال الحصار مستمراً على الأهالي.

وبالتزامن مع محاصرة الحي وإطلاق الرصاص بشكل عشوائي على المباني السكنية منعت السلطات السعودية الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف من دخول العوامية لإسعاف الجرحى، كذلك الأمر بالنسبة للإعلاميين والصحفيين الذين منعوا من تغطية الهجوم العسكري على حي المسورة.

في صباح هذا اليوم ترددت أنباء عن دخول مجموعة جديدة من الكسارات وإغلاق طريق الهدلة وطريق السد من العوامية إلى القديح وإغلاق طريق البحاري وإغلاق الطريق المؤدي إلى صالة شهاب.

ومن جانبها وجهت المعارضة نداء إلى منظمة الصليب الأحمر للتدخل العاجل لإنقاذ المدنيين وإسعاف الجرحى في العوامية.

إلى ذلك أطلق الأهالي الذين ما زالوا محاصرين داخل الحي نداء استغاثة وأظهرت صور بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي سحب الدخان الكثيفة تتصاعد جرّاء انفجار القذائف واطلاق الرصاص داخل الحي.

بدأت قوات الأمن السعودية هجومها المسلح على الحي في تمام الساعة الثالثة والنصف من صباح يوم الأربعاء مستقدمه معها المدرعات المصفحة والجرافات لتهديم منازل حي المسورة مسقط الشيخ الشهيد النمر، ومنعت السلطات السعودية دخول العوامية لأي سيارة.

ونقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصدر محلي هناك أن الأهالي يعيشون حالة حرب في البلدة، حيث توقفت مظاهر الحياة، والسكان الذين يقارب تعدادهم ثلاثين ألف نسمة لازموا منازلهم منذ صباح الأربعاء، فيما لم يستطع الطلاب الحضور إلى مدارسهم.

وأضافت المصادر أن السلطات هدمت عدداً من المنازل، قبل أن توقف عمليات الجرف وتسيّر دوريات للمدرعات في شوارع المنطقة، وذلك تخوّفاً من ردّ فعل الأهالي المعارضين لعمليات الهدم، وفي محاولة لإجبار من تبقّى على المغادرة، قبل إتمام عمليات الجرف والتهديم.

قالت مصادر محلية إن قوات الأمن السعودية وأثناء مداهمتها للحي قتلت شخصين في المنطقة بالإضافة إلى ما يقارب 16 جريحاً، جراء إطلاق النار الكثيف بعشوائية على منازل الحي، وسط حالة غضب تسود مختلف بلدات القطيف والمنطقة الشرقية.

وأكدت صحيفة “مرآة الجزيرة” الإلكترونية في صفحتها على موقع فيس بوك “استشهاد مواطن وآخر من الجنسية الهندية بعد إصابتهما برصاص الجيش السعودي”. وفي بيان لاحق قال ناشط إن المغترب من بنغلادش.

وقال أحد الناشطين من أبناء المنطقة، إن الهجوم تنفذه قوات الطوارئ السعودية، التابعة لوزارة الداخلية، واصفاً الهجوم بـ”الاقتحام الهمجي والوحشي”.

ومن جديد قامت القوات السعودية بإعادة استهداف حوزة الشيخ نمر النمر، والتي أُعيد ترميمها بعد تعرضها لهجوم سابق أيضاً، كما ألحقت القوات العسكرية أضرارا بشرية بعد سقوط عدد من الضحايا.

وردا على اقتحام حي المسورة دعت لجان الحراك الشعبي في شبه الجزيرة العربية إلى “مقارعة النظام الأرعن” ردا على الهجوم “البربري” الذي شهدته العوامية مجددا اليوم.

وفي صباح يوم  الخميس أصدرت لجان الحراك الشعبي بيانا أكدت فيه أن الهجوم يشير إلى مخطط “الإبادة” الذي يستهدف المواطنين في القطيف، وخاصة في بلدة العوامية، بسبب موقف أهاليها الرافض لإخلاء حي المسورة التاريخي، فضلا عن صمودهم في خيار الحراك المطلبي الذي أرساه الشيخ النمر، حيث يعود مسقط رأسه إلى العوامية. ودعت المرجعيات الدينية والمجتمع الدولي والحقوقي للتدخل العاجل وإجبار النظام السعودي والضغط عليه لوقف جرائمه في البلدة وبقية المناطق المجاورة.

يقع حي المسورة التاريخي في قلب بلدة العوامية القديمة، وهو مشيّد منذ 300 عام، ويسمى المسورة لبناء سور حوله، ويعرف لدى أبناء العوامية بتسمية “الديرة” أو “داخل الديرة”، وهو يضم شوارع ضيقة وبيوتاً متلاصقة.

ويصل عدد الأبنية داخل الحي إلى أكثر من 400 بناء تجبر السلطات أصحابها على نزع ملكيتها، ومعظم هذه الأبنية تعود إلى قرابة 200 عام، وقد شيّدت على الطراز القديم، وهي تحافظ على الذاكرة التاريخية للعوامية، التي بدأت الحكومة محوها تماماً. وتقول الحكومة إن مشروع الهدم يهدف إلى تحديث العمران وتنفيذ مشروع للتطوير العمراني.

ولكن في المقابل يشكك أهالي العوامية في نية السلطات السعودية ويعتبرون ما تقوم به ليس إلا نوع من الانتقام من أهالي الحي لمشاركتهم في الحراك السلمي المعارض ومطالبتهم بحقوقهم المشروعة.