صمود وانتصار

السيد : إذا ترك الناس عمل هومن هدي الله خوفا علي وحدة الصف سيفرق الله شملهم وهذه عِبرة

{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الأعراف:168)، وهذه القضية أيضاً من القضايا الهامة التي نأخذ منها عبرة في موضوع وحدة كلمة الناس كما يقول الكثير. بنوا إسرائيل ثقافتهم هي بالشكل الذي تربط بعضهم مع بعض، ثقافة قومية، ثقافة انزوائية داخلية، ومع هذا شتت الله شملهم، وقطَّعهم في الأرض.

عندما يقول الناس: لا نريد أن ندخل في موضوع معين؛ ـ وهو شيء من هدى الله، شيء لا بد أن يعملوه ـ من أجل تبقى كلمتنا واحدة سيفرق الله شملهم، يفرق الله شملهم، وهذه عبرة لنا، فعلاً ترى بني إسرائيل، ثقافتهم في كتب [العهد القديم] كلها ثقافة تجعلهم كالإخوة فيما بينهم، لكن لا يستطيعون، النفوس هي بيد الله، وحياة الناس هي بيد الله، قطَّعهم في الأرض، مزقهم في الشعوب.

ألم تكن ثقافتهم بالشكل الذي تجعل منهم أمة واحدة؟ ضرب بينهم عداوة وبغضاء، رغم أن ثقافتهم ثقافة واحدة، يعني: ثقافة تشدهم إلى بعضهم بعض، فاليهودي ينظر فقط في الدنيا إلى اليهودي، يرى ما يقدم إليه وكأنه ليرعى اليهودي، ويحب اليهودي، ويحترم اليهودي، ويعمل كل شيء لليهودي، ومع هذا مزقهم الله.

كذلك الناس عندما يكن يأتي موضوع، نحن قلنا في جلسة سابقة: وحدة الكلمة هي قضية لا بد من تدخل إلهي فيها، ووحدة الكلمة هي يجب أن تكون على أساس دين الله، ووحدة كلمة؛ ليعمل الناس، يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر.

أما وحدة كلمة على أن يجلسوا، ولا يعملوا شيئاً؛ من أجل يبقوا أهل قرية، وتكون كلمتهم واحدة، ويبقوا يدخلون المسجد، وتكون كلمتهم واحدة، وما يكون هناك أحد يعارض، ولو أدى إلى أنهم يسكتون لا يرفعون، ولا كلمة ضد أعداء الله، معنى هذا ـ على ضوء هذه الآية ـ أن الله يمزق شملهم، يوجد بينهم عداوة وبغضاء.

ويفهم الإنسان بأنه دائماً لا يعرف كيف يمكن أن يعمل الله بالناس، لا يكون عنده [أن كلمتنا واحدة فلا يأتي من يفرقنا]!. الذي يعزز وحدة كلمة الناس، ووحدة صفهم، عندما ينطلقون على أساس هداه، ويعملون في سبيله، وإن كانوا أعداء من قبل، وإن كانوا أعداء، {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} (آل عمران: من الآية103).

{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}، هذا بالنسبة لتاريخهم الماضي، كانوا هم أيضاً مفرقين في الشعوب، وكان يظهر بينهم من هم صالحون، ومن هم كما قال في آية أخرى: {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (الحديد: من الآية16).

—————————————————–

الدرس التاسع والعشرون من دروس رمضان المبارك / ص -10 .

السيد / حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه .