صمود وانتصار

الأزمة الخليجية مع قطر .. إلى تصعيد “تعرف على السيناريوهات المتوقعة”

الصمود /متابعات

على رغم زحمة الحراك الدولي باتجاه دول الأزمة الخليجية الحالية إلا أن الأفق لا يبشر بوجود بصيص أمل لحل الأزمة القائمة بين السعودية وحلفائها من جهة ودولة قطر من جهة أخرى. فبعد زيارة كل من وزير الخارجية الألماني ونظيره البريطاني والأمريكي جاء دور الفرنسي ليزور دول الخليج في حركة يبدو أنها بروتوكولية لاكتمال عقد السعي الغربي الرفيع المستوى لحل هذه المعضلة.

زيارة وزير الخارجية الفرنسي “جون اف لودريان” تأتي بعد استكمال وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون زيارته بصمت عائدا إلى واشنطن دون أي تصريح، في إشارة تؤكد فشل مسعى الوساطة وتنذر بأن الأزمة مستمرة ولا زالت مفتوحة على كافة الخيارات بما فيها خيار المواجهة العسكرية التي يحلو للسعودية الخوض به.

إذا هي زيارة دبلوماسية بروتوكولية فرنسية تأتي في سياق الزيارات التي سبقت لكي لا تكون فرنسا خارج الصورة، زيارة لن تكون نتيجتها أفضل من سابقاتها، فمن الواضح من تصريحات المسؤولين السعوديين والإماراتيين أن هدفهم إركاع قطر بأي ثمن. وذلك يؤكده ما قاله وزير الخارجية البريطاني “بوريس جونسون” اثر سفره للمنطقة بأن الأزمة طويلة ولا أمل في حل خلال القريب العاجل.

أما عن السيناريوهات المطروحة لاستمرار الأزمة فتتلخص بثلاث

الأول: حدوث انقلاب داخل العائلة الحاكمة في قطر أي آل ثاني، انقلاب مدعوم من بعض القبائل القطرية التي لها تشعبات ضمن الجغرافيا السعودية. هذا السيناريو كان قويا جدا في بداية الأزمة ولا زالت بعض الأوساط الإعلامية المرتبطة بالسعودية تحاول المناورة وطرحه على أنه محتمل في أي وقت.

الثاني: خيار المواجهة العسكرية، عبر شن هجوم بري وجوي على قطر يدمر بنيتها التحتية ويكون مدعوما من انقلاب داخلي من قبل أطراف تؤيد التوجهات السعودية. هذا السيناريو أيضا كان مطروحا بقوة في بداية الأزمة وقد كُشف اللثام في حينها عن محاولات سعودية للزج بقوات سودانية في مواجهة مع قطر. يبقى هذا السيناريو اليوم مطروحا خاصة مع وجود شخص متهور كمحمد بن سلمان على سدة ولاية العهد السعودي ووزارة الدفاع وهو المُنظر لعدوان اليمن المستمر منذ أكثر من عامين دون أي نتيجة.

الثالث: استمرار الضغوطات السياسية والاقتصادية، هذا السيناريو بدأ فعليا مع بداية الأزمة من خلال القرارات السعودية بقطع العلاقات وإغلاق المعبر البري الوحيد الذي يربط قطر بالعالم ومنع الطيران القطري من عبور أجواء دول الحصار وما تبعه من قرارات تأتي في نفس السياق. هذا السيناريو مستمر بشكل فعلي ومتصاعد إلى اليوم على الرغم من أن دولة قطر تمكنت إلى حد كبير من تخطي هذه العقوبات.

بالنظر إلى السيناريوهات المطروحة يبقى السيناريو الأخير هو الأقرب للتحقق، خاصة بعد فشل مشروع الانقلاب الذي كان معدا مع بداية الأزمة. حيث تتحدث المعلومات عن تحضير مسبق لمشروع انقلاب داخل عائلة آل ثاني الحاكمة في قطر إلا أن القرار السريع للبرلمان التركي بإرسال قوات إلى قطر هو الذي حال دون انفلات الأوضاع وتحقيق هذا الهدف السعودي الإماراتي.

الآن وبعد مضي أكثر من خمسين يوما على بداية الأزمة باتت الأمور أكثر صعوبة لجهة تنفيذ أي انقلاب في الداخل القطري، خاصة بعد أن تمكن النظام القطري من استيعاب الصدمة وتحويل الموقف لصالحه إلى حد ما.

أما خيار المواجهة العسكرية، فعلى الرغم من أن النظام السعودي يستند إلى مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الداعمة له، وهذه المواقف هي التي جعلته لا يعطي آذان صاغية لوزراء الدول الكبرى ومنهم الأمريكي نفسه في مسعاهم لحل الأزمة، إلا أن الأجواء الدولية الحاكمة حتى في الداخل الأمريكي تمنع السعودي في التمادي أكثر. البنتاغون وخلافا لترامب أكد منذ بداية الأزمة على أهمية قاعدة العديد العسكرية في قطر بالنسبة له، كما أن المأزق السعودي المستمر في اليمن يؤرق آل سعود ويجعلهم يعيدون التفكير مرارا قبل الخوض في أي خطوة عسكرية ناهيك عن الدعم التركي العسكري المباشر لقطر.

يبقى السيناريو الثالث هو الأقرب للواقع في الأمد المنظور، سيناريو زيادة الضغوطات الاقتصادية والسياسية، وهذا الأمر يعززه ما نقله “مركز اورشليم لدراسة الجمهور والدولة” وهو مركز دراسات مرتبط بدوائر القرار في تل أبيب. يؤكد هذا المركز أن الأزمة الخليجية ستطول وستتخذ منحى اقتصادي سياسي ويقول إضافة للضغط على قطر فإن دول الحصار ستعمل على معاقبة كل من وقف إلى جانب قطر وخاصة تركيا.

ويشير هذا المركز إلى بدأ العمل الجاد سعوديا لاتخاذ خطوات عقابية لتركيا على مسارين، الأول تعزيز العلاقات مع كل من اليونان وقبرص الذين لديهما خلافاتها التاريخي مع تركيا وذلك عبر البوابة المصرية، والمسار الآخر الأكثر خطورة دعم فكرة تقسيم سوريا إلى دويلات وهو توجه إسرائيلي. والعمل على إعطاء الأكراد دويلة لهم في الشمال السوري في خطوة تضر بالأمن القومي التركي.

أمام هذا الواقع يبدو أن قطر ستلتزم بموقفها الرافض للشروط السعودية الـ13، وفي موازات رفضها لهذه الشروط فهي جاهزة لتلقف أي فرصة للحل، على أن يكون حلا منطقيا لا يمس باستقلالها وحرية إقامة علاقاتها مع أطراف إقليمية ودولية.