صمود وانتصار

“اشونال إنترست الأمريكية” دعم واشنطن للسعودية كارثة باليمن وعداء لأمريكا

انتقدت مجلة ناشونال إنترست الأمريكية سياسة واشنطن الخارجية ودعمها لحلفاء مثل السعودية، وقالت إن الدعم الأمريكي للرياض يتسبب بحرب كارثية في اليمن وينذر بأخرى في البحرين، ويخلق أعداء لأمريكا نفسها.

فقد نشرت مقالا للكاتب ماثيو بيتي قال فيه إنه يجب على امريكا التوقف عن دعم السياسات المتهورة لبعض الحلفاء كما بالشرق الأوسط، وذلك لأنها غير مبنية على واقع وتتسبب في كوارث إنسانية وفي خلق أعداء للشعب الأمريكي، كما هو الحال في الدعم الذي تقدمه واشنطن للسعودية بالصراع مع إيران والحرب على اليمن.

واستشهد الكاتب بقانون نيوتن الثالث الذي يقول إن لكل فعلٍ ردَ فعلٍ مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه، وذلك ليبرهن على أن توسيع الولايات المتحدة لنطاق قوتها في العالم إنما يعطي الفرصة للقوى الأجنبية لبناء نفوذ لها بواشنطن نفسها، الأمر الذي يجعل أمريكا تتخذ إجراءات تكون مدمرة لها بحد ذاتها.

وقال أيضا إن رعاية الولايات المتحدة للسياسات السعودية في الفترة الأخيرة توفر “حالة دراسة” لمدى تأثير الحلفاء أحيانا على السياسة الخارجية الأمريكية.

وأوضح أن السعودية تصور نفسها كزعيم لكتلة سنية معتدلة ضد التوسع الإيراني والتطرف الإسلامي، لكن هذا الرأي من جانب الرياض لا يرتكز بالضرورة على الواقع، وذلك لأن الفكر المتطرف المناهض للشيعة يدفع بالنظام السعودي إلى رؤية المؤامرات الإيرانية خلف كل صخرة، وذلك سواء كانت طهران متورطة فيها أم لا.

وأضاف أن زعم السعودية بأنها القائد للعالم الإسلامي السني لا يلقى إجماعا في هذا العالم السني نفسه، وأن ما يوضح هذا هو خلافها الراهن مع كل من تركيا وقطر.

وقال الكاتب إن دعم السعودية للأيديولوجيات السلفية المسلحة يشكك في ادعاءاتها بالاعتدال.

واستدرك بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب تورطت في هذه النظرة الطائفية، وأنها وعدت النظام السعودي بسلة من الامتيازات التي من بينها الوعد ببيعها أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار، وذلك أثناء زيارة ترمب الأخيرة إلى الرياض.

وأضاف أن النتيجة الأكثر تدميرا للنفوذ السعودي لدى أمريكا ما تتمثل في حملتها على اليمن، وأن ما يُطلق عليه بشكل ساخر “عملية إعادة الأمل” إنما أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين اليمنيين وأدت إلى إصابة الملايين بالأوبئة وإلى تعرضهم لـ المجاعة.

وقال كذلك إنه بالرغم من إصرار الليبراليين والمحافظين الجدد بالولايات المتحدة على التدخل العسكري في سوريا لغايات أخلاقية، فإنهم أنفسهم يلوذون بالصمت بشكل غريب عن الأزمة الإنسانية التي تتسبب بها السعودية في حربها على اليمن.

وتحدث الكاتب بإسهاب عن الحرب السعودية على اليمن، وقال إنه بالرغم من أنها تمثل الفجور من جانب الرياض، فإنها تمثل أيضا فشلا سياسيا سعوديا واضحا، وذلك لأن المتمردين المناوئين للسعودية ممثلين في جماعة الحوثي لا يزالون يسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء، فضلا عن سيطرتهم على تسع من أصل عشرين محافظة يمنية.

وأضاف الكاتب أن المدن التي يُفترض أنها تحت سيطرة حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المدعومة من السعودية لا تزال تمثل بؤرا للعنف والفوضى.

وقال إن تلك الحرب لا تتسبب في حالة من عدم الاستقرار لليمنيين الأبرياء فحسب، بل إنها تترك آثارها السلبية على الاقتصاد الدولي، وذلك لأن أكثر من 10% من التجارة العالمية تتدفق عبر حوض البحر الأحمر في طريقها إلى قناة السويس أو انطلاقها منها، وأن السفن المارة عبر مضيق باب المندب تعرضت لنيران من داخل اليمن نفسه.

وأضاف أن دعم الولايات المتحدة للسعودية هو الذي حماها بشكل أساسي من الآثار السلبية لتلك الحرب، وإن قيام واشنطن بوقف هذا الدعم من شأنه أن يكبح جماح الرياض في مواصلة هذه الحرب المدمرة، بل إن هذا الدعم الأمريكي هو ما سمح لـ القوات السعودية بالاحتفاظ بالقدرة التقنية برغم أزمة الميزانية التي تعانيها المملكة.

وأشار الكاتب إلى أن عزم إدارة ترامب رفع بعض القيود عن الدعم الموجه إلى التحالف بقيادة السعودية في الحرب على اليمن من شأنه أن يشجع الرياض على مواصلة التسبب بهذا الوضع الكارثي الراهن في اليمن.

وقال الكاتب إن الولايات المتحدة هي من يتحمل عواقب الحملة السعودية على اليمن، وذلك بالإضافة إلى التكاليف الاقتصادية الأخرى جراء استمرار هذه الحرب القريبة من الطرق التجارية الرئيسية في المنطقة.

وأضاف أن القذائف التي تلقي بها القوات الجوية السعودية ضمن حملتها المدمرة على اليمن وما تتسبب به من مجاعة للشعب اليمني إنما تحمل ملصقا يقول “صنع في الولايات المتحدة” الأمر الذي يؤثر سلبا على الأمريكيين ويزيد من مشاعر العداء ضدهم ويشجع “الإرهابيين” على مهاجمتهم.

 

وقال الكاتب إنه يبدو أن السعودية لا تهتم كثيرا بالإرهاب إلا إذا أرادت أن تتهم منافسا إقليميا لها بدعمه.

ويمضي في انتقاد الحرب السعودية على اليمن، ويقول إنه حتى لو أننا قبلنا بالزعم السعودي بأن إيران تسعى لبناء “الهلال الشيعي” فإن الحرب على اليمن تعتبر غير مبررة وتناقض أهدافها المعلنة.

وأضاف: كما تسبب الدعم الأمريكي للسياسات السعودية في خلق الفوضى والأعداء باليمن، فإن هذه السياسات السعودية نفسها سرعان ما تسبب في الشيء نفسه في شرق السعودية وفي البحرين. وتحدث الكاتب مطولا عن شكاوى المجتمعات الشيعية في هذا السياق جراء التمييز الاجتماعي والاقتصادي الذي تواجهه في السعودية والبحرين.

وقال الكاتب إن قبول واشنطن أحيانا بالنظرة الوهمية لحلفائها لن يؤدي إلا إلى المزيد من الإحباط الأمريكي بالشرق الأوسط، وأوضح أن واشنطن تسمح الآن للسعودية بأن تكتب سياستها على حساب الشعب الأمريكي.

وأوضح أن السجل التاريخي يظهر أن الولايات المتحدة تستطيع أن تلعب دورا قياديا أقوى بالعالم، وذلك عندما تتصرف بضبط النفس وتزن بدقة كل استخدام للقوة وذلك بدلا من كتابة شيكات فارغة للحلفاء المحليين.

واختتم الكاتب بأن هذه الشيكات الفارغة لا تؤذي الولايات المتحدة فحسب، بل إنها تؤذي أيضا حلفاءها وتشجعهم على التصرف بشكل متهور دون التفكير في العواقب المحتملة، كما هو الحال مع السعودية.