اليمن طريق مسدود
الصمود / 9 / أغسطس
بقلم / الكاتب المصري : أحمد العربي
السعودية تقف الان في مفترق طرق جميعها تنتهي بحائط لا تستطيع تسلقه ولا تستطيع هدمه فمنذ بدء الحرب السعودية على اليمن وتطورها ميدانيا وعسكريا والسعودية تتلقى ضربات صاروخية مستمرة، عشرات الضربات الصاروخية وعشرات الأهداف في العمق السعودي ضربت بدقة متناهية والسعودية اما تكذب أو تدعي وجود حوادث عرضية لا علاقة لها بالحرب التي فرضتها هي على نفسها ولكن الحقيقة هي ان الضربات الصاروخية التي نفذها اليمن كانت دقيقة وموجعة فمنها ما سقط على قاعدة الملك فهد ومنها ما سقط على الطائف ، وقبيل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية سقطت الصواريخ على ضواحي الرياض لترسل رسالة قوية للمملكة مفادها ان قلعتكم الحصينة وعاصمتكم المجيدة وعمقكم المحمي بات أهداف متاحة لنا وأصبحت الأهداف هي الرياض وما بعد بعد الرياض.
هذا التحدي وهذه الرسائل وضعت السعودية في حالة من حالات الهستيريا العسكرية والسياسية فما كان بيد السعودية سوى توجيه ضربات جوية غير إنسانية للعاصمة صنعاء وللمحافظات الشمالية مستهدفة البنّى التحتية ومستهدفة المدنيين في ممارسات اقل ما يقال عنها جرائم حرب ضد الانسانية.
هذا على الصعيد العسكري اما على الصعيد الإعلامي فقامت السعودية بأسوأ انواع الشحن الطائفي مدعية ان اليمنيين يطلقون الصواريخ باتجاه مكة المكرمة وكأنها تتكلم عن قوم يصلون مستقبلين تماثيل من فحار لا عن مسلمين يصلون ويحجون لبيت الله الحرام فكان ذلك نوع من انواع الحشد الطائفي الرخيص لاستمالة القوى الاسلامية لتحارب في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل ولتدخل غيرها معها الي محرقة اليمن هذا كان له صدى إعلامي فقط اول الامر ولكن عندما حاولت السعودية استخدام نفس الورقة مرة اخرى لم يأبه بها أحد
كل هذه الحرب الإعلامية والنفسية والعسكرية على اليمن لم تؤثر في فاعلية القوة الصاروخية اليمنية ولم تثني اليمنيين عن استهداف المملكة
فاستطاعت الصواريخ اليمنية من استهداف العديد من المواقع السعودية الاستراتيجية الموجودة في الداخل، كقاعدة “الملك سلمان” العسكرية الجوية، في عام 2017.
مرة اخرى
فأن استخدام اليمنيين للصواريخ واستهدافهم العمق السعودي، له نتائج قوية سواء على خصمهم السعودي أو حتى على المجتمع الدولي الذي يأن اليمنيين من صمته فمن خلال هذه الصواريخ يقوم اليمنيون بإلقاء الضوء على قضيتهم والحرب القائمة ضدهم وهي أيضاً لها مفعول السحر في نفوس المقاتلين اليمنيين والشعب اليمني فهي عامل استعراضي وحماسي يقوي من عزيمة المقاتلين ويشعر المواطن اليمني المظلوم من تلك الحرب بالفخر وأن لهم القدرة على الوقوف بوجه قوة تعد أكثر تفوقا منهم.
وبالفعل فاليمنيين لهم باع طويل في استخدام الصواريخ، وهذا يعطيهم نقطة قوة مهمة وخطيرة في صراعهم مع المملكة السعودية من خلال خبرتهم وكفاءتهم بتحديث الصواريخ ورفع قدراتها، إلى جانب دقتهم في استعمالها وضربها لتحقيق الإصابات المباشرة بأقل إمكانيات موجودة وبترسانة صاروخية معدلة يعود تاريخ صنعها الي تسعينيات وثمانينيات القرن الفائت.
ومنذ بداية الحرب اليمنية حاولت السعودية تدمير المنظومات الصاروخية اليمنية والقضاء على منصات الصواريخ الباليستية، وهذا ما أعلنت عنه كهدف رئيسي لعاصفة الحزم لكنها فشلت في ذلك بسبب قيام جماعة أنصار الله بخطوة استباقية غيرت فيه مواقع تواجد الصواريخ ومكان تخزينها.
ورغم كل ذلك بدلاً من أن تقوم المملكة العربية السعودية باحتواء الموقف والتراجع عن حربها لتحمي نفسها أولاً وتبعد المنطقة عن حرب جديدة طويلة الامد قد تدمر البقية الباقية من دول المنطقة كابرت بعنجهية مفرطة وبغرور غير مسبوق صادر عن دولة ليس لها أي باع في القتال بجيش غير مدرب ولتعويض هذا النقص حاولت جر بقية الدول في حرب خاسرة وبالإضافة على ذلك أستمرت في دعمها لسلطة غير شرعية وقامت بتسليح مجموعات راديكالية متطرفة في الداخل لإشعال البلاد بالصراعات الطائفية والمذهبية معتقدة بذلك أنها ستصل إلى أي إنجاز والعكس صحيح بل هي تصب الزيت على النار دون أن تحمي نفسها منه وبذلك سيصل إليها في وقت من الاوقات.
وبسبب استمرار الحرب والغرور العسكري السعودية الان تقف في مفترق طرق جميعها مسدودة لأسباب عدة فلا هي ستنتصر على اليمن أبدا ولا هي تستطيع إخماد نار طائفية أشعلتها بنفسها على حدودها الجنوبية ولا هي ستستطيع التراجع بعد أن ايقظت الوحش اليمني الذي أصبح من أفضل المحاربين في الشرق الأوسط والعالم فقد نقل اليمنيون الحرب إلى الأراضي السعودية نفسها. وهنا ليس مقصدي الضربات الصاروخية وحدها بل أقصد الحرب الدائرة على الأراضي السعودية الجنوبية في نجران وجيزان وعسير وسيطرة اليمن على مساحات شاسعة من هذه المناطق التي تعود لليمن في الأصل وعدم استطاعة السعودية إعادة السيطرة عليها لا هي ولا القوات التي جلبتها من أكثر بقعة من بقاع الأرض.
فهذه الحرب حولت اليمن إلى قوة استراتيجية في المنطقة تهدد المملكة السعودية أكثر من اي وقت مضى بل قد تكون قوة تهدد ممالك الخليج كافة أذا استمرت هذه الحرب بهذا المنوال فأنا أعتقد أن مازال لدى اليمن والمقاتل اليمني الكثير في جعبته.