صمود وانتصار

أينَ بطاقتكْ يا عبدو؟

 

هل رأيتم إذلال أكثر من هذا؟
في المدن المحتلة، يَجمعون خيرة شبابها، للتجنيد الاستعماري الإجباري، ومن يرفضون يُزج بهم في سجونٍ سرية، تحت أشد أنواع التعذيب، ولا يُسمح بزيارتهم، أو حتى معرفة أخبارهم…
ومن يوافقون، يقسمونهم إلى قسمين، نصفهم لحماية المؤخرة السعودية في نجران وجيزان وعسير، ,والنصفُ الآخر إلى ميدي والمخا، وفي القسمين، يُقذفُ بهم إلى الواجهة، بلا تخطيط ولا حرصٍ على حياتهم…

وحين يجد أولئك المرتزقة أن الموتَ بانتظارهم، من خلال رصاص، وقناصات، وقذائف رجال الرجال، يتراجعون إلى الوراء، على أمل إعادة التموضع، أو تغيير الخِطة، لكن الغازي المحتل، لا يُمهِلهم، ولا يُعطيهم ذلك الحق المكفول، والمعمول به في كل معارك العالم، بَل يقصفهم بالطيران بكلِّ وحشية، ويقتل منهم العشرات والمآت، في مناظرٍ أصبحَتْ تُؤلمُ حتى المجاهدين رجال الرجال…

لقد قصف طيران الغُزاة مرتزقته مآت المرات في تعز وميدي والجوف ومارب ونجران وعسير وجيزان…

وآخرها بالأمس وبعد أن لقن رجال الرجال أولئك المرتزقة دروسًا لن ينسوها، بجوار منفذ الخضراء بنجران، في صحراء مكشوفة، وفي وضح النهار، وفي شمسٍ شارقة، أخذَ الطيران ، يقصفُ المآت من تلك المجاميع الهاربة من الموت، ويلاحقهم غارة بعد غارة…
بل أخذ يتلذذ بقصفهم وحرقهم، تارة بغارة فسفورية، وتارة بقنابل حارقة، وتارة بقنابل انشطارية، في منظرٍ يُدمي القلب، ويؤلم العدو قبل الصديق…

ومن المهم أن تتذكرون تصريح أحد كبار نِعال المحتل حين قال:
لقد سقطَ في جبهتي مارب والجوف 12 ألف قتيل؟
هل سأله أحدهم من قتلهم؟ بلْ هل سأله أحدهم: أين جنازاتهم، وأين قبورهم؟ وأين أسماؤهم؟
ولو سألوا فلن يجيبهم أحَدْ !!
لأن الغازي استرخصهم أحياء، ونسيهم أموات، ويدفنهم كما يدفن النافقَ من الحيوانات في مقابرٍ جماعية، بلا جنازات ولا تعزيات، ملفوفين بأكياس القمامة السوداء…

وبِسببِ هذا المخطط الإجرامي الكارثي، لا تستغرب إن نزلتَ عدن، ورأيتَ أكثرَ الدوريات من الجنجويد، وكل المدرعات في الجولات، من السعوديين والإماراتيين، ولا تشمئز إن ذهبتَ إلى مأرب التاريخ، ووجدتَ نفسكَ تمر تحت بوابات، وفوق رأسكَ صور ضُباط غير يمنيين…

بل لا تستغرِبْ أن يستوقفك سوداني من الجنجويد، نصف أنفه مملوء قذارة، أو سعودي متراخٍ فاقد الرجولة، ويسألكَ عن بطاقتكَ أو هويتك اليمنية!، ويسخر منك باحتقار ويقول:
أينَ بِطاقتك يا عبدو؟

وحينها وفي تلكَ اللحظة بالذات، سيُرسِلُ قلبكَ، بل كلُّ ذرةٍ في جسمك، رِسالة حبٍّ وفخرٍ وامتنان، بل سيُرسلُ ضميرك ملايين الاعتذارات؛ لرجال الرجال من الجيشِ واللجان الشعبية، في ميادينَ البطولة والرجولة والثبات!
وستحضر صنعاء الحضارة والأمن والوطنية أمام ناظريك !

د.مصباح الهمداني