صمود وانتصار

السيد حسين الحوثي “حقائق فيها دروس فيها عبرة لكم “

 يقول السيد حسين الحوثي … ثم يبين في هذه الآيات أن ما يقوله الله سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل، أن ما يقوله عنهم هو كلام موضوعي، حقائق عادلة، هو لم يتجن على اليهود؛ ليقول لنا نحن: أن ننظر إلى قضية أهل الكتاب في القرآن بنظرة موضوعية، نظرة نأخذ منها الدرس، نأخذ منها العبرة، وليس فقط نأخذ من مجملها، ونخرج من أولها إلى آخرها، نخرج بمجرد اللعنة لليهود فقط، نقول: لاحظوا كيف لعنهم الله في القرآن، لاحظوا كيف كذا.. وفقط، خذ عبرة؛ لأنه وهو يتحدث عن بني إسرائيل؛ هو ليضرب مثلاً لهذه الأمة: أنه يمكن أن يحكم عليها بما حكم على بني إسرائيل، وأن تذوق على يديه ما ذاقه بنوا إسرائيل، إذا سلكوا طريقة بني إسرائيل.

وليقول لأولئك الذين فضلهم الله واختارهم أيضاً، وأوجب على الأمة محبتهم، فأصبحوا يغضبون إذا ما قيل: هذا شخص لا يحبنا، إذا ما قيل هذا ناصبي، إذا ما قيل كذا.. اغضبوا على أنفسكم أولاً، أن تقصروا، أن تفرطوا، أنتم معرَّضون لما تعرض له بنوا إسرائيل، الذين قد اختارهم الله من قبلكم، وفضلهم على العالمين من قبلكم، فأصبحوا: {ضربت عليهم الذلة والمسكنة} وأصبحوا من {باءوا بغضب من الله} وهم أبناء نبيه إبراهيم، أبناء خليله {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (النساء: من الآية125) هم أبناؤه، هم صفوته {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} (آل عمران: من الآية33- 34).

ألم يَصطَفِهم الله؟ لماذا ضرب عليهم الذلة والمسكنة؟ الله لا يتعامل مع أوليائه هكذا؛ لأنه قد أصبح لم يعد بحاجة إليهم، كما تتعامل أمريكا مع عملائها، وكما تتعامل إسرائيل مع عملائها، لم يعد بحاجة إليهم فيرفضهم، ويبحث عن عميل آخر. لا. سننه ثابتة، متى ما كنت تسير على سنته، وستتغير، وتدخل في سنة أخرى متى ما تغيرت أنت؛ لأنه قال هنا: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}(آل عمران: من الآية112) عندما يحصل عصيان، عندما يحصل تفريط، وماذا حصل عصيان فيهم، حصل عصيان في الجانب الذي يتعارض مع مسؤوليتهم، أصبحت معصيتهم من النوع الذي يتنافى مع ما يراد منهم، كما قال في هذه الآيات التي تلوناها سابقاً: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ}(آل عمران: من الآية99). ماذا يعني؟ أليس هذا مما يتنافى مع مسؤوليتكم، ومع ما يراد منكم؟ الصد عن سبيل الله من آمن به، وتبغونها عوجاً، و أنتم شهداء على الناس، شهداء تدعون الناس إلى الإستقامة.

إن من واجبكم أن تكونوا أول من يؤمن بمحمد، أول من يؤمن بالقرآن، أول من ينطلق تحت راية نبي من أنبياء الله، فلله الحق أن يختار نبياً من هنا، أو من هنا، فتنطلقون تحت راية محمد، كما انطلقتم تحت راية موسى وعيسى، وغيرهم من أنبياء الله، من بني إسرائيل، فكيف تتحولون إلى هذا التحول الذي يتنافى مع مسؤوليتكم، ومع ما أنيط بكم؟! {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءَ} كذلك يقال للعرب، كذلك يقال لأهل البيت، كذلك يقال لشيعة أهل البيت، {لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ} لم تفرطون؟ لم تقصرون؟ لم تعملون الأعمال التي تتنافى مع ما أراد الله منكم، تتنافى مع ما أنيط بكم من مسؤولية بأن تكونوا أنتم الشهداء على الناس؟

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} فيكون هو الهم الذي يريدونه من هذه الآية، وكل المعنى الذي يريدونه أن يقولوا: بأن هذه شهادة للصحابة بأنهم عدول؛ لأن كلمة وسط تأتي في اللغة العربية بمعنى: العدل، إذاً فهم عدول.

هكذا تمسخ الآيات، إذا كنا نبحث عن فضيلة لشخص هنا، أو هناك، لا يهمنا أكثر من ذلك، لا يهمنا أكثر من مجرد أن نكون مهتمين بالصحابة، ونبحث عن فضائل للصحابة، ومتى رأينا [خطفة] آية حاولنا أن نحولها كلها للصحابة، ثم ننسى ما حولها من أشياء مهمة.

ليقول في الأخير: أن حديثه عن بني إسرائيل في القرآن الكريم هو حديث موضوعي، ومنطقي، هو للعبرة، لأخذ الدرس، وليس للتحامل عليهم، وليقول: أن ما جرى عليهم سيجري عليكم أنتم، فيتحدث بموضوعية، فيتحدث عن الجانب المشرق نحو فئة من بني إسرائيل {لَيْسُوا سَوَاءً}(آل عمران: من الآية113) هكذا يقول بعد هذه الآيات: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} ثم يقول: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} (آل عمران:113-115).

يقول: ليس الكلام كلام تحامل عليهم، هو حقائق فيها دروس، فيها عبر لكم أنتم، ما الذي يحصل الآن؟ نخرج من مجمل الكلام حول هذه الآيات التي نسمعها دائماً في أوساط من يتحدثون عن اليهود، من مجمل الآيات: أن الله غضب على اليهود، وأن الله لعنهم، وحصل عليهم غضب، وحصل عليهم لعنة، لكن هذا هو مجمل ما أخذوه من الآيات، لم نعد إلى الآيات؛ لنعرف ما فيها من حقائق، ما فيها من دروس، وأنها كلام موضوعي، أن الله ليس بمعرض فقط التحامل على فئة من خلقه.

لو كانت المسألة مسألة تحامل، أو كانوا غير جديرين بأن يصطفيهم لما اصطفاهم من قبل، لكن ليقول: أن من يصطفيهم إنما يصطفيهم ليؤدوا مسؤولية، ويقوموا بمهمة، وإذا لم يؤدوها سيكونون هم من يستحقون أن يغضب عليهم أكثر مما يغضب على غيرهم.

فنأخذ منها الدرس، والعبرة، ولو كنا ننظر إلى القرآن الكريم من منطلق الثقة بالله، وبأنه كتاب هدى للعالمين، في كل مجالات العمل، والحياة؛ لأخذنا العبرة والدروس من داخل هذه الآيات، وهذا هو واجبنا؛ لأن الأحداث تساعدنا في هذا الزمن، تساعدنا الأحداث، والحقائق المتجلية على أن نفهم القرآن بشكل أكبر، فإذا أعرضنا عن آيات الله في كتابه، وهي تتحدث عن حقائق، ولم نهتد بهذه الحقائق التي تقع في هذا الكون هنا وهناك {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} (الجاثـية: من الآية6) صدق الله العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 الله أكبر  

الموت لأمريكا

  الموت لإسرائيل

 اللعنة على اليهود 

النصر للإسلام 

الدرس الرابع – سورة آل عمران – ص – 14 – الي نهاية الملزمة.
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ:28 شوال 1422هـ
الموافق:12/1/202م اليمن – صعدة.