هل مولت السعودية صاحبة فكرة المسجد المختلط في برلين؟
الصمود | متابعات
نشرت صحيفة “تاز” الألمانية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى الاتهامات الموجهة إلى الناشطة النسوية سيران أطيش، التي قامت بإنشاء مسجد مختلط للرجال والنساء في ألمانيا. وتسعى أطيش للضغط على الاتحاد الأوروبي؛ لسن إجراءات تعسفية ضد المسلمين، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن فكرة إنشاء مسجد ليبرالي في برلين رافقها اهتمام إعلامي كبير، في حين انقسمت الآراء بين موافق ومندد.
وفي هذا المسجد، يسمح للنساء بالاختلاط مع الرجال في صف واحد، حتى في إمامة الصلاة ورفع الأذان، في حين أنه مرحب بذوي الميول الجنسية الشاذة في هذا المكان.
وأضافت الصحيفة أن صاحبة هذه الفكرة، الناشطة النسوية والمحامية الألمانية من أصول تركية، سيران أطيش، أصبحت الآن في مرمى الاتهامات، بعد أن ظهرت معلومات حول مصادر تمويل جمعية “أوقفوا التطرف”، التي تقف وراءها أطيش صحبة زميلها النمساوي إفغاني دونماز. ففي الواقع، يشتبه في تلقيهما مبالغ طائلة من السعودية؛ لتمويل مختلف الأنشطة داخل الجمعية.
وتعد أطيش الوجه الألماني لجمعية “أوقفوا التطرف” والناطقة الرسمية باسمها في برلين. وقد ظهرت في تموز/ يوليو الماضي رفقة إفغاني دونماز مؤسس هذا المشروع.
وأوضحت الصحيفة أن الناشطين في هذه الجمعية أطلقوا حملة تهدف لجمع أكثر من مليون توقيع في سبع دول أوروبية؛ من أجل الضغط على البرلمان الأوروبي لسن قوانين جديدة صارمة ضد كل من يشتبه في انتمائه إلى الفكر المتطرف أو تمويله أو التعاون معه.
وذكرت الصحيفة أن هذه الإجراءات تتضمن منح وسام لكل المؤسسات والشركات التي تتم تبرئتها من تهمة التطرف، مقابل إصدار لائحة تضم أسماء الأفراد والمنظمات، التي لم تتمكن من النأي بذاتها عن التطرف. كما تشمل الإجراءات فرض غرامات على الأفراد والمؤسسات المتهمة بالتطرف تصل إلى 20 مليون دولار، إضافة إلى رفع الحماية القانونية عنها.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الإجراءات التي تسعى سيران أطيش وزميلها إفغاني دونماز لفرضها، ضمن حملة “أوقفوا التطرف” التي يتزعمانها، تشبه إلى حد كبير مواقف اليمين المتطرف واليسار المتطرف في أوروبا. ففي الواقع، تستهدف هذه الحملة بشكل مباشر وحصري المسلمين، سواء كانوا يتبنون العنف أم لا، علما أنها تتضمن مقترحات وأساليب تثير الكثير من المخاوف حول النوايا الحقيقية لهؤلاء الناشطين.
ونقلت الصحيفة على لسان الصحفي آلان بوسنر، فيما يتعلق بهذه المبادرة، أنه “عند قراءة نص المقترح الذي تقدمت به هذه الناشطة، يمكن أن نرى كيف أنها تريد التخلي عن الديمقراطية تحت شعار مكافحة التطرف. في الواقع، عمد هؤلاء الناشطون إلى استغلال هذه الفكرة من أجل سن قوانين فضفاضة وغامضة لا تتماشى مع القيم الأوروبية. ويذكرنا هذا الأمر بحمى “الماكارثيزم” وحملات التفتيش والاتهامات العشوائية في الولايات المتحدة في فترة ذروة الخوف من الشيوعية”.
وأوردت الصحيفة أن المقترحات التي تقدمت بها سيران أطيش وإفغاني دونماز تتضمن إجبار المنظمات الإسلامية في أوروبا على الإفصاح عن مصادر تمويلها، وتسليم عقودها، وكشف خبايا صناديق بريدها الإلكتروني ومحادثاتها الداخلية، وذلك تحت ذريعة الاشتباه في ضلوعها في التطرف. والجدير بالذكر أن الناشط إفغاني دونماز يعد شخصية مثيرة للجدل في النمسا، حيث كان ينتمي سابقا إلى حزب الخضر، وكان عضوا في البرلمان لسنوات، إلا أن تصريحاته الغريبة ومواقفه المندفعة، جعلته في نهاية المطاف ينسحب.
واعتبرت الصحيفة أن تورط هذين الناشطين، سيران أطيش وإفغاني دونماز، في التعامل مع المملكة السعودية قد يبدو أمرا مستغربا؛ نظرا لأنه لم يعرف عنهما أي تعاطف تجاه المملكة، بل على العكس كانا يتبنيان مواقف معادية لتوجهاتها وأفكارها. ولكن أصحاب القرار في السعودية رأوا أنه من المنطقي أن يقوموا بتمويلهما والمراهنة عليهما، عملا بمقولة “عدو عدوي هو صديقي”.
وأكدت الصحيفة أنها حصلت على مقاطع من محادثات شخصية لدونماز، تلخص تماما وجهة النظر التي يتبناها بناء على علاقته بالرياض، حيث كتب ذات مرة: “تركيا = سيئة، قطر = سيئة، السعودية = جيدة”. وعند سؤاله حول هذا الأمر، أكد دونماز أنها مجرد مزحة.
وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات بين السعودية وقطر توترت منذ بداية الربيع العربي، حيث تتهم الرياض جارتها الدوحة بدعم الإخوان المسلمين في مصر عبر قناة الجزيرة، وإقامة علاقات جيدة مع إيران، أكبر خصم للمملكة في المنطقة. في الأثناء، من الغريب أن تنشر جمعية “أوقفوا التطرف” على موقعها الرسمي عبارات، تتضمن وصفا لتركيا وقطر على أنهما “من أكبر ممولي المنظمات الإرهابية مثل الإخوان المسلمين”، فيما لم تتم الإشارة بأي شكل من الأشكال للتيار السلفي الذي تدعمه السعودية.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن إفغاني دونماز نفى بشدة هذه الاتهامات، مشددا على أنه لا تربطه أي علاقة بالسعودية، في حين لا تزال مصادر تمويله الحقيقية غامضة. فقد ذكر دونماز أن ميزانية حملة “أوقفوا التطرف” تبلغ 20 ألف يورو فقط، وفر بنفسه نصفها، فيما قدمت سيران أطيش النصف الآخر. في المقابل، تكشف عقود ومصاريف هذه الحملة عن إنفاق مبالغ أكبر بكثير من المصرح بها، حيث إن أحد مستشاري الحملة حصل بمفرده على 180 ألف يورو مقابل عمله.