صمود وانتصار

صالح شعبان يكشف عن مصير الإيرادات والمرتبات وأسعار الصرف وكل مانتساءل عنه ” التفاصيل “

الصمود | صحيفة المسيرة

رواتبُ الموظفين المتوقفة منذ حوالي عام والتي تُصرَف كُلّ فترة نصف راتب فقط، وإجمالي الإيرادات والمصروفات، وكذلك الضرائب والفساد الدائر حولها، وأين تذهب الإيرادات الزكوية وكذلك ما يشاع عن أن اللجنة الثورية صرفت احتياطي البنك المركزي وغيرها الكثير، كان محور حوارنا في صحيفة المسيرة

مع معالي الأستاذ صالح شعبان وزير المالية في حكومة الإنقاذ. والذي عاتبنا لعدم تجاوبه مع الإعلَام قائلاً لنا بأنه لا يحب الظهور الإعلَامي، وأيضاً لا يريد أن يخرج ما لديه من تجاوُزات على الكثير؛ حفاظاً على المصلحة الوطنية، خَاصَّة أن هناك عدواناً خارجياً يتربَّصُ بالجميع.

معالي الوزير تحدث لنا بكل شفافية ووضوح عن كُلّ ذلك، كما تحدث لنا عن أَسْعَار المشتقات النفطية وعن خلافات وزارة المالية مع وزارة النفط حول توفير العملة الصعبة لشراء المشتقات النفطية بأَسْعَار معقولة وأيضاً عن سر الشركة النفطية الروسية والتي كانت مستعدةً لتزويد اليمن بالمشتقات النفطية بأَسْعَار جيدة ومشجّعة للغاية وكيف تبخر هذا الأمر.. فإلى الحوار التالي:

حوار| عبدالرحمن مطهر

بداية معالي الوزير نود منكم أن توضّحوا للقارئ الكريم عن سبب مشكلة انقطاع الرواتب منذ نقل البنك المركزي إلى عدن في شهر سبتمبر من العام الماضي 2016م وحتى اليوم وَمؤخّراً تم صرف نصف راتب لموظفي التربية والتعليم ولمعظم موظفي الجهاز الإداري، لكن هل سيستمر صرف النصف راتب شهرياً؟

شكراً لكم في صحيفة المسيرة لتوضيحِ الكثير من الحقائق عبرَكم، وبالنسبة لسؤالكم نود الإيضاحَ بأن التوجيهاتِ الواضحةَ لسماحة السيد القائد عبدالملك الحوثي بضرورة الوفاء بكافة استحقاقات موظفي الدولة وضمان حيادية البنك المركزي، في هذا الجانب دفعت القائمين على العمل في صنعاء منذ بدء العدوان برغم توقف عائدات النفط وتدهور كثير من مصادر الإيراد منذ بدء العدوان إلى بذل كُلّ الجهود الممكنة والمتاحة لصرف مرتّبات كافة موظفي الدولة، سواء في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة بصنعاء أَوْ تلك المحافظات الواقعة خارج السيطرة، من الإيرادات التي كان يتم تحصيلُها وتغطية أي عجز في هذا الجانب من خلال السحب على المكشوف من النقد المحلي المتوفر آنذاك لدى البنك المركزي، وظلت الوزارة ملتزمةً بمواجَهة تلك الالتزامات منذ بداية العدوان وحتى شهر سبتمبر 2016م عندما قرّر الفار هادي ومن خلفه دول العدوان نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن مصحوباً بجُملة من الاجراءات العدائية على الصعيد المحلي والدولي، الأمر الذي أعاق السلطاتِ المالية والنقدية بصنعاءَ عن توفير السيولة الكافية لتغطية العجز في مرتّبات الموظفين، وفقاً لما كان معمولاً به منذ بدء العدوان وليس هذا فحسب، بل قامت الإدَارَة الجديدة للبنك التي عيّنها الفار هادي في عدن بطباعة نحو 600 مليار ريال تحت توقيع المنتحل لصفة محافظ البنك المركزي وتحت مبرر والتزام من قبلهم أمام المُؤَسّسات الدولية بأنهم سيواجهون منذ ذلك مرتّبات كافة موظفي الدولة بجميع المحافظات دون استثناء، إلا أنهم عملوا خلافَ ذلك، بل تعداه إلى التميز والتحيز لبعض المحافظات دون بعض حتى في إطار المحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال، وهنا ظهر مشكلة انقطاع الراتب.

وبالنسبة لاستمرار صرفها شهرياً هذا يحكمها تدفق الإيرادات وفي نفس الوقت تعاون الجميع في تحصيلها.

كان من أولويات حكومة الإنقاذ توفير الحد الأدنى من المرتّبات لموظفي الدولة، ولكنها لم تفِ بها.. ما السبب؟

كانت الحكومة أقرت في الربع الأول من هذا العام 2017 آليةً لصرف المرتّبات على النحو التالي:

30 % من المرتّبات تصرف نقداً.

%50 بطاقة تموينية سلعية.

20 % توفير بريدي.

وبدأت المالية وبالتنسيق مع الجهات المعنية في تنفيذ هذه الآلية، حيث تم صرفُ 50% من الراتب الشهري كبطاقة تموينية لعدد من الأشهر ولعدد من الجهات، كما شكّلت لجنة فنية من قبل وزارة المالية والهيئة العامة للبريد والجهات المختصة الأُخْـرَى؛ لوضع آلية لتنفيذ ما يخُصُّ التوفير البريدي، وصدر تعميمٌ من قبَل وزيري المالية والخدمة المدنية بتنفيذ الآلية.

إلا أن ما طرأ من إشكالات نتيجةً لتنفيذ بعض عناصر هذه الآلية خصوصاً ما يخص تنفيذ البطاقة السلعية بالرغم من ما حققته من نجاح إلا أنها كتجربة جديدة رافقتها بعض الإشكالات خَاصَّة في الأَسْعَار وكذا ما يتم صرفُه من عدن من مرتّبات لبعض الجهات بين الحين والآخر، وإن كانت محدودةً للغاية، وكذا التغيّرات والتوجيهات التي طرأت بخصوص ما يتم صرفُه نقداً، حيث يُصرف 50% نقداً بدلاً عن 30% وفق الآلية، ما استدعى التقييم لهذه الآلية من كافة الجوانب.

وهناك بعض الأفكار التي تُطرح من هنا وهناك بهذا الخصوص وهي محل دراسة من قبل الفنيين في الجهات المعنية.

وعلى كُلّ حال عند توفر أي مبلغ يمكن يغطي ولو جزءً من المطلوب يتم مباشرة التعاطي معه وبشكل إيْجَابي وعقلاني جداً.

لكننا نريد تطميناً من الوزير لكافة الموظفين؟

هناك حقيقة جهودٌ كبيرة تُبذل بهذا الخصوص، وهذا واجبنا، والموظفون يطالبون بحقوقهم وسنصرف بحسب ما لدينا من إيرادات.

ماذا عن صندوق التربية والتعليم الذي تحدث عنه رئيسُ الوزراء لدعم رواتب موظفي التربية؟

بالنسبة للصناديق أنا أرى أنه يجب إغلاقها، وتُورَّدُ كافة الإيرادات إلى الخزينة العامة لتتولى الخزينة العامة إعَادَة توزيع النفقات بحسب الترشيد والأولوية، وللأسف الصناديق لا تقومُ بالدور الذي أُسّست لأجله، وباتت المبالغ التي تورَّد للصناديق تذهب في تصرفات غير رشيدة وفي أماكن غير المخصصة لها، بالتالي أَصْبَحت مرتعاً للفساد، الجهات لديها شغف لإنشاء المزيد من الصناديق؛ لأنها لا تدرك مخاطرها، لكن نحن من واجبنا أن نوضح ذلك، وحالياً لدينا 14 صندوقاً، وهذا تجريدٌ للدولة من مهامها، وكل جهة مستقلة بذاتها تماماً، وهذا أمر غير مقبول.

هناك العديد من الأسماء الوهمية في الجيش والأمن وأيضاً في الجهاز الإداري للدولة لو تمت إزالة الأسماء الوهمية ربما ستستطيع الدولة صرف الرواتب.. ما تعليقكم؟

كشف الراتب ملغم بمجموعة ألغام، منها الأسماء الوهمية والتكرار وكذلك الغياب، وهناك فرار إلى مرضى كثيرة في كشف الرواتب، مثلاً قوام موظفي وزارة التربية والتعليم يبلغُ إلى 324 ألفاً.. استبعد منهم ثمانين ألفاً في المحافظات تحت الاحتلال، ويبقى عندك حدود ميتين وأربعة وعشرين ألفاً لو استبعدنا التكرار والوهمي والفرار و… إلخ سيتبقى تقريباً حدود الثمانين ألفاً، وهناك مشروع قرار مجلس الوزراء للوقوف على كشف الراتب، ووزارة الخدمة المدنية حالياً تبذل جهداً كَبيراً في هذا الجانب وممكن تنجز الخدمة المدنية ذلك نهاية العام الجاري.

نعلم أن أغلب الإيرادات مع العدوان ومع هذا نود أن نتعرفَ من خلالكم عن إجمالي الإيرادات للمحافظات الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى؟

لا شك إن أغلبَ مصادر الإيرادات أَصْبَحت تحت سيطرةَ دول العدوان ومرتزِقتهم، والتي من أهمها إيرادات النفط والغاز كاملة، والتي بلغ متوسط نسبة إجمالي عائداتها من إجمالي الموارد الذاتية للدولة في آخر ثلاث سنوات قبل الحرب حولي 54. 3%، أيضاً الاستحواذ على كافة المنح التي تُقدَّم من العالم الخارجي، والتي نسمع عنها من خلال تصريحات بعض الدول بما فيها دول العدوان على اليمن وبأرقام فلكية حول حجم المنح والمساعدات التي تقدمها لحكومة الفار هادي في حين تم قطع كُلّ ما كان ممكناً منها، ويأتي في شكل قروض ومساعدات، وبما نسبته حوالي 11% من هيكل الموازنة، ما عدا تلك المساعدات الإنْسَانية والتي لا تصل حتى نسبة 1%. كذلك فوائض أرباح المُؤَسّسات العامة التي تقع مقارها في المحافظات المسيطر عليها من قبل دول العدوان ومرتزقتهم، كمُؤَسّسة موانئ خليج عدن… إلخ، والتي أَصْبَحت تدفع فوائض أرباحها لحكومة الفار هادي في عدن، أيضاً الجزء الأَكْبَـر من العائدات الضريبية خَاصَّةً ضرائب المبيعات والرسوم الجمركية؛ نتيجةً لسيطرة دول العدوان ومرتزقتهم على كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية باستثناء ميناء الحديدة.

وليس هذا فحسب، بل قامت دول العدوان ومرتزقتها بالعديد من الممارسات التي كان لها تأثير سلبي حتى على الموارد في المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، والتي من أهمها:

تعرض بعض المُؤَسّسات العامة التابعة للدولة التي كانت تولد فائض أرباح أَوْ تغطي نفقاتها كحد أدنى إلى الأضرار نتيجة الحرب والحصار، مما أَدَّى إما إلى توقفها عن العمل، أَوْ انخفاض مستوى أدائها وإنتاجها بشكل كبير، مما أفقد الدولة الجزء الأَكْبَـر من فائض أرباح المُؤَسّسات العامة، بل وتحولت بعضُ المُؤَسّسات إلى مُؤَسّسات معاناة تغطي الدولة مرتّبات موظفيها، فعلى سبيل المثال من تلك المُؤَسّسات التي تعرضت للأضرار أَوْ توقف نشاطها بصورة شبه كلية نتيجة القصف والحصار كمصانع الأسمنت، مُؤَسّسة موانئ البحر الأحمر، المُؤَسّسة العامة للكهرباء وغيرها الكثير من المُؤَسّسات، وهذه كانت تساهم بحوالي 6 ـ 7 % من إجمالي هيكل الموازنة العامة للدولة.

كذلك تعرض جزء كبير من مُؤَسّسات وشركات القطاع الخاص لأضرار جزئية أَوْ كلية؛ نتيجة الحرب والحصار، والذي كان له تأثير كبير على مستوى أداء هذه المُؤَسّسات، وبالتالي مستوى دخلها وأرباحها، وبالتالي الضرائب المتوقع تحصيلها منها.

أيضاً إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية ولم يتبقَّ إلا ميناء الحديدة فقط والذي يتعرض لقصف ممنهج بين الحين والآخر من قبل دول العدوان.

أيضاً إرغام المستوردين من التجار على تحويل السفن إلى عدن، واحتجاز ومنع دخول بضائعهم مالم يقوموا بتسديد مستحقات الدولة من جمارك وضرائب، بما في ذلك جزء من ضرائب الأرباح في عدن والمناطق الواقعة تحت سيطرتهم، وهذا أفقد الموازنة العامة ما بين 16 ـ 18 % من إجمالي هيكل الموازنة.

بالإضَافَة إلى تضرر كافة الجهات ذات الإيرادات من رسوم الخدمات والتي تراجعت بحوالي 3% من إجمالي هيكل الموازنة.

أي أن الإيرادات المتاحة قياساً بما كان عليه الحال في العام 2014م لا تمثل سوى 8 ـ 9 %، فالمؤشرات الفعلية للموارد للفترة يناير ـ سبتمبر 2017م في المحافظات تحت السيطرة بلغت حوالي 255. 3 مليار ريال، منها إيرادات لمرة واحدة كانت متأخرات عن سنوات سابقة، ولا يمكن أن تكون أدنى من ذلك بكثير لولا الجهود الكبيرة التي تقوم بها حكومة الإنقاذ ممثلةً بوزارة المالية والجهات المتعاونة معها.

بالنسبة لتحصيل الضرائب نلاحظ أن هنالك عشوائيةً كبيرةً، مثلاً لا توجد سندات مضبوطة والتحصيل يتم بالمقاولة مثل ضريبة القات، وهكذا في الكثير من الجهات لا توجد رقابة على عملية التحصيل أيضاً، أمانة العاصمة الأَكْثَـر استقراراً وفيها قوة شرائية واستهلاكية جيدة مقارنة بغيرها من محافظات الجمهورية ومع هذا نسبة الضرائب فيها ضئيلة جداً.. ما سبب ذلك؟

الحقيقةُ أن ضريبةَ القات فيها عشوائية وفسادٌ كبيرٌ، ومستفيدٌ منها الكثير من المتنفذين وحتى أعضاء مجلس نواب، لكن هذه الضريبة لا يقاس عليها غيرها من أية ضريبة أُخْـرَى، في ضريبة القات هناك حالة من الفوضى والعشوائية كما ذكرت على مستوى الجمهورية لا يمكن أن تربطَها بشكل جديد وفق معيار ضريبي فني يتم تحصيله وفق سندات؛ لأنها أَوّلاً ضريبة راحلة دَائماً من مكان إلى مكان وبين المكان المرحلة منه إلى المكان الذي تصل إليه، تحصل الكثير من الضغوطات على مرحلي ضرائب القات؛ للحصول على فوائد لكل جهة، سواءٌ أكانت الأمنية أَوْ الجهات القبلية أَوْ حتى المتقطعون، لكن هذه الضريبة بالذات.. هي أَوّلاً ضريبةٌ محلية، وما تأخذه من جهد ومن وقت يساوي أضعافَ ما تأخذه غيرها من الضرائب التي تعطّي إيرادات أَكْثَـر، على سبيل المثال في عام 2016م كانت ضريبة القات في حدود 2 مليار وهي لا تعادل أقل من واحد بالمائة من إجمالي الضريبة العامة، لكن مشاكلها عالية جداً تساوي تقريباً 80% من مشاكل الضرائب العامة، بالتالي أنا شخصياً لا أميلُ إلى أن تبقى ضريبة القات سياديةً تتولاها مصلحة الضرائب، وشخصياً أرى أن تُتركَ للسلطة لمحلية لتتحمل مسئوليتها.

ما هي الإيرادات المحلية؟ وكم إجمالي هذه الإيرادات؟

إيراداتُ المجالس المحلية حَدَّدها القانون رقم 4، هناك إيرادات محلية وهناك إيرادات عامة وأيضاً هناك إيرادات عامة مشتركة، هذه محددة في القانون، وطبعاً الإيرادات المحلية هي من الضرائب التي يُخصَمُ منها للمحلية من القات ومن الزكاة، وهناك إيرادات عامة مشتركة بين المحافظة وبين المركَز، إجمالي الإيرادات العامة المشتركة يعاد توزيعُها للمحافظات التي إيراداتها لا تكفي احتياجاتها.

والمفترض أن إجمالي إيراد الزكاة -حسب دراسة موضوعية- لا يقل تقريباً عن 115 ملياراً بالسنة، لكن للأسف المحصَّل منها في حدود 14 ملياراً وتسع مائة مليون فقط.

أين يذهب هذا الفارق الهائل؟

هذا الفارق للأسف الشديد يذهَبُ إلى جمعيات، معظمُها تقريباً 80% من الجمعيات تابعة لحزب الإصلاح، وتقريباً حوالي 15% تذهب لصالح جمعيات أحزاب أُخْـرَى كبيرة إلى جانب حزب الإصلاح كجمعية الصالح، وحوالي 5% تذهَبُ لصالح الجمعيات التي هي فعلاً جمعيات مستحقة، لهذا أستطيع القول إن هناك حوالي 100 مليار ليست موجودةً.

كيف تسمحون في ظِلِّ هذه الأزمة أن تذهبَ 100 مليار من الزكاة إلى جمعيات حزبية لا تستحق الزكاة، وجباية الزكاة ليست من مهامها؟

كان السيد سلامُ الله عليه قد وجَّه في إحْــدَى النقاط الـ 12 بهذا الموضوع، ووزارة المالية مباشرةً شرعت في إعداد مشروع قانون الزكاة، وحاولت أن تضبطَه وفقَ الرؤية الشرعية بما تحملها الكلمة من معنى، وفعلاً أنجزته، وهو معروضٌ على حالياً على مجلس الوزراء، وقد يقدم خلال الأسبوع الجاري.

هل لقي هذا المشروع معارضةً من أحد؟

القانون سيناقش في أقرب جلسة في مجلس الوزراء، وهذا الموضوع نحن مهتمون به؛ لأنه حاولنا بقدر الإمكان أن نضبط الزكاة وأن تكون في إطار المصارف الثمانية المحددة شرعاً وقانوناً.

الزكاة لماذا لا تُصرف وفقاً لمصارفها الشرعية للفقراء والمساكين وإنما تحولت كميزانية تشغيلية للسلطة المحلية؟

الإيراداتُ الزكوية قبل صدور قانون السلطة المحلية كانت تُورَّدُ لحساب الحكومة العام بالبنك المركزي، مثلها في ذلك مثل أي إيراد عام، ومع صدور قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2000م وتعديلاته أَصْبَحت من الموارد المحلية المشتركة، وتخصص للنفقات الاستثمارية للسلطة المحلية، وحددت عائدات الزكاة كإيراد عام، من منطلق أن الدولة تتولى رعاية السواد الأَكْبَـر من شريحة الفقراء في اليمن عبر عدة وسائل، مثل حالات الرعاية الاجتماعية، وعددُهم حوالي (1.155.735) حالة، والرعاية المباشرة للأيتام والمشردين عبر إنشاء دُور رعاية لها، الغرض أن تتولى الدولة إدارتَها وتوفير متطلباتها أَوْ عبر دعم جمعيات أهلية كانت تتولى مثل هذا النشاط، فعائدات الزكاة السنوية المحصَّلة، والتي بلغت في عام 2014، (قبل العدوان) حوالي (13. 5) مليار ريال فقط، لا تغطي حتى استحقاق ربع واحد لحالات الرعاية الاجتماعية والذي يبلغ (23. 9) مليار ريال رُبعياً، ولأهمية ذلك وتنفيذاً لتوجيهات السيد القائد عَبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، عملت وزارة المالية على إعداد مشروع الزكاة وأرسلته لرئاسة الوزراء وسيُعرض على مجلس الوزراء في أقرب جلسة للمجلس.

ماذا عن ضرائب العقارات والتي هي تقريباً منعدمة لا نسمع عنها؟

لا نستطيع القول إنها منعدمة، لكن فيها مشكلة كبيرة، على سبيل المثال بدأنا بشكل جاد ونزلنا أمانة العاصمة تقريباً في حدود 83 ألفَ عقار التي هي عقار مؤجر واجب الضريبة، لكن للأسف الشديد الذي اكتشفناه أن المحصَّلَ لا يزيد عن 7 ألفَ عقار تقريباً من إجمالي الـ 83 ألف عقار، هناك فجوةٌ كبيرة موجودة، ومتحصلو ضرائب العقار في أمانة العاصمة وفي الجمهورية بشكل عام يواجهون مشاكل كبيرة تَصل للقتل، ومع هذا نحن مصممون على أن نحصلَ على ضريبة العقار بدون أن نضر أحداً وأيضاً بدون أن نتضرر.

نحن الآن في حالة حرب والدولة بحاجة لكل ريال للوفاء بالتزاماتها وهناك إيرادات محلية تُصرف على ناس ولا يستفيدون منها شيئاً.. ممكن تطلعونا على إجمالي إيرادات المجالس المحلية؟

إجمالي إيرادات السلطة المحلية السنوية خلال الأعوام الماضية في المتوسط كان يصل إلى 38 ملياراً.. هذه إيرادات السلطة المجلية وهي تعود بالأساس على مشاريع في السلطة المحلية، سواءٌ أكانت مشاريع النظافة أَوْ مشاريع التحسين أَوْ الحدائق، وكانت أيضاً لمشاريع تحسين المدارس وتطوير المدارس وكانت تندرج ضمن ما يسمى الباب الرابع، والضرورة التي فرضها العدوان علينا جعلت الحكومة تلغي الباب الرابع وتلغي هذا التصريح وتضبط الإيرادات في حدودها الدنيا؛ لأن هناك محافظات خرجت عن السيطرة، وتضبطها لتصب جميعها مباشرةً في حساب واحد اسمه حساب الحكومة عن طريق البنك المركزي، بمعنى الإيرادات لم تعد في نفس الحالة التي كانت عليها في الماضي، هناك متابعة حثيثة وهناك اتجاه قوي أن تُضبط وأن تصل إلى حساب الحكومة العام لتتم الاستفادة منها في إعَادَة التوزيع على المستوى العام.

أيضاً ماذا عن الإيرادات الجمركية وإيرادات الاتصالات؟

إيرادات الاتصالات تُحسَبُ كإيرادات ثابتة، وهناك إيرادات تُدفع لمرة واحدة، وهي إيرادات رسوم التراخيص والأُخْـرَى طبعاً تحصل سنويًّا، وهي بحسب عمل كُلّ شركة، وإجمالي إيرادات الاتصالات تصل في حدود 2 مليار وسبع مائة ريال ونأخذها نقداً.

معالي الوزير ما هي أوجه الصرف مقارنة بالإيرادات خَاصَّة أن هناك جهاتٍ تُصرف لها مستحقاتها كاملة وجهاتٍ لا تلقى حتى نصف الراتب؟

نظراً لمحدودية الموارد -كما أوضحت- والشحة الكبيرة في السيولة كان لا بد من تحديد الضرورات كأولويات لا بد منها وتتمثل في الآتي:

الضرورة الأولى: تغطية ما يمكن من النفقات التشغيلية للمستشفيات حيث تواجد المرضى من كافة محافظات الجمهورية، وكذلك الجرحى الذي قدموا أَرْوَاحهم فداءاً ودفاعاً عن الوطن والشعب.

الضرورة الثانية: تغطية متطلبات النفقات التشغيلية لعملية النظافة والمرتّبات لعمال النظافة على مستوى كافة المحافظات الواقعة تحت السيطرة.

الضرورة الثالثة: تغطية ما يمكن من متطلبات الإصلاحيات “السجون” فلا يمكن أن يترك المساجين دون غذاء ورعاية كحالة أَخْلَاقية وإنْسَانية.

الضرورة الرابعة: مواجهة جائحة الكوليرا والأمراض الفتاكة فلا يمكن السماح لها بالانتشار وعمل الدولة بقدر طاقتها على عدم انتشار هذا المرض.

الضرورة الخامسة: تغطية ما يمكن تغطيته وهو الحد الأدنى من الوقود والزيوت والغذاء والكساء كجزء من متطلبات المجهود الحربي الذي يغطى معظمُه من القوافل المقدَّمة من الشعب اليمني العظيم.

الضرورة السادسة: والتي تبرز في أذهان ومطالبات معظم المنتسبين إلى وحدات الخدمة العامة وهي المرتّبات، وكل من يطالب بذلك معه كُلّ الحق؛ لأنه يرى الضرورات الخمس السابقة وأهميتها التراتبية، ومع هذا تعمل الحكومة بكل جهدها لإيجاد حالة من المقاربة والتسديد، وها هي تصرف بين الحين والآخر نصفَ راتب، إضَافَة إلى ما تصرفه من بطائق سلعية، إلا أن بعض الجهات من الوحدات الاقتصَادية والصناديق الخَاصَّة تقوم بصرف مرتّبات موظفيها بالكامل، بالإضَافَة إلى حوافز ونفقات تشغيلية دون نقصان عما كان عليه الحال قبل الحرب إلا بالشيء اليسير إنْ لم يكن بالزيادة، الأمر الذي يُعتبَرُ مخالفةً لأولويات ومحدّدات الصرف، ويجب اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد منه بأي ثمن.

لكن المواطن كما نسمع لا يلمس دوراً للحكومة وإنما دور المنظمات الدولية فيما يخص مكافحة الأوبئة؟

ربما إنك أَوْ المواطن يلاحظ ذلك وهذه المنظمات الإنْسَانية لا تأتي من ذاتها وتعمل لذاتها وإنما من خلال مشاركة من الجانب الحكومي ثم انها تساهم لأيام محددة في توفير العلاجات والمخصصات وما إلى ذلك، ثم تكمل الحكومة هذا الدور، وبإمكانك أن تزورَ مستشفى السبعين أَوْ المراكز الصحية الموجودة في الجمهورية، سواءٌ أكانت مَن يقوم بتوفير كافة المخصصات والنفقات التشغيلية.

ما صحة ما يقوله البعض بأن كُلّ ما يتم جمعُه من إيرادات يُصرَف على الدورات القتالية والمجهود الحربي.. ممكن توضحوا لنا ذلك؟

يا أخي هذا الكلامُ غيرُ صحيح؛ لأنه من أين تتم تغطية متطلبات الضرورات المذكورة في إجابة السؤال السابق، فضلاً عن أن أي بلد يعتدى عليه كما هو حاصل اليوم مع بلادنا نتيجةَ العدوان والحصار، من الضروري أن تعلن التعبئة العامة لتغطية متطلبات المجهود الحربي، إلا أنه وبسبب الوضع المالي التي تمر به البلد بسبب العدوان والحصار، فما يخصّص لمتطلبات الدفاع عن البلد من نفقات تشغيل وأغذية وملبوسات بما في ذلك للمستشفيات التابعة لمُؤَسّسات الدفاع والأمن لم يختلف عما كان عليه الحال قبل الحرب بل أقل من ذلك.

معالي الوزير هل هناك تنسيقٌ بين وزارة المالية والبنك المركزي مع البنك المركزي في عدن وأيضاً فروع البنك في تعز والمكلا ومأرب؟

لا يوجد أيُّ تنسيق مع بنك عدن؛ لأنهم لا يقبلون بأي تنسيق ما لم يحصلوا على الضوء الأخضر من قبل دول العدوان، فضلاً عن العشوائية والارتجالية في القرارات التي أصدرها المدعو القعيطي المنتحل لصفة محافظ البنك المركزي في عدن، وآخرها قرار التعويم لسعر الصرف دون مراعاة للأوضاع الراهنة على مستوى الجمهورية وتحديد الخطوات والإجراءات المطلوبة لاتخاذ مثل ذلك القرار، مما أثّر وبشكل كبير في تراجع سعر الصرف للعملة الوطنية، وبالتالي انخفاض القوة الشرائية للريال الذي أثّر على شريحة واسعة من المواطنين وتآكل للمدخرات… إلخ، وبالنسبة لفروع البنك في تعز ومأرب والمكلا ليس هناك أي تواصل معها؛ لأنها خارج سيطرتنا.

ما مصير ودائع البنك المركزي، حيث يدّعي العدوان أنه قد تم صرفُها من قبل اللجنة الثورة وحكومة الإنقاذ؟

أظن أن ما تقصدونه هنا الاحتياطيات الأجنبية، وهذه الاحتياطياتُ كانت في نهاية 2014م حوالي (4.664) مليون دولار، وقد أدّى كما سبق أن أوضحنا التوقف الكامل لمصادر النقد الأجنبي للدولة منذ بدء العدوان في مارس 2015م، والتي كانت تتمثل في صادرات النفط والغاز والمنح والقروض والخارجية وغيرها من مصادر النقد الأجنبي، وفي مقابل ذلك تمت مواجهة الكثير من النفقات التي كان تتم تغطيتها بالعملات الصعبة من تلك الاحتياطيات حتى من قبل العدوان (وإن أَصْبَحت أقل أثناء العدوان)، مثل: تغطية متطلبات السوق المحلية من السلع الغذائية الأساسية؛ وتغطية نفقات الدولة من العملات الأجنبية (كاستحقاقات الطلاب الدارسين في الخارج من بدء العدوان حتى الربع الثالث لعام 2016م وكذا خدمات الدين العام الخارجي من أقساط وفوائد حتى أبريل 2016م، وكذا تغطية قيمة بعض شحنات سفاراتنا وبعثاتنا السياسية وملحقاتنا في الخارج حتى نهاية 2016م)، وكذا تغطية قيمة بعض شحنات المشتقات النفطية التي كان يتم استيرادها من قبل شركة النفط خصوصاً في الأشهر الأولى من العدوان، مما أَدَّى إلى استنزاف تلك الاحتياطيات، لتصل عندما تم سحب نظام المعاملات الدولية (السويفت) من المركز الرئيسي للبنك في صنعاء أواخر شهر نوفمبر 2016م إلى حوالي (1.038) مليون دولار.

هل كُلّ الإيرادات تورَّد إلى البنك المركزي بصنعاء أمْ يتم تجنيبها في حسابات خَاصَّة؟ وهل كبار المكلفين يدفعون ما عليهم من مستحقات للدولة؟

في الواقع ليس كُلّ الإيرادات يتم توريدُها إلى البنك المركزي بصنعاء؛ لذلك بادرت حكومة الإنقاذ منذ توليها لمهامها وبغرض تلافي بعض الاختلالات التي نتجت عن قيام بعض الجهات بتجنيب بعض مواردها إلى إصدار القرار رقم “2” لسنة 2016م الذي يلزم كافة أجهزة ومُؤَسّسات الدولة بتوريد الإيرادات العامة إلى البنك المركزي، وقد شكّلت العديد من فرق العمل من وزارة المالية والجهات الرقابية المعنية لمتابعة تنفيذ القرار. وهذا الحسابات كانت حوالي 4338 حساباً، وقد أغلقنا معظمها وبالرغم من مقاومة البعض إلا أننا سائرون في إغلاق البقية.

وهذا الأمر كان له الأثر الإيْجَابي في تحسن الموارد والسيولة والتي زادت من نحو “4. 5” مليار شهرياً إلى ما يفوق الـ “16” مليار ريال شهرياً، وما زال البعض يرفضون ذلك ويقاومون بقوة -إن جاز لنا التعبير- لتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي وتوريد كافة الإيرادات العامة إلى البنك المركزي بغض النظر عن مدى رضا مَن لا يرغبون في ذلك، مع مراعاة بعض الجهات لضرورات توجب ذلك.

أما بالنسبة لكبار المكلفين فمعظمهم يسددون ما عليهم من استحقاقات للدولة ونعمل جادون مع مصلحة الضرائب والجهات ذات العلاقة، ومن ضمنها القضاء وجهاز الرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد لمتابعة الممتنعين بشكل جاد وفاعل، والشكر لتلك الأجهزة على تفاعلها وتعاونها التام معنا، وأية اعتراضات أَوْ إشكالات مع بعض كبار المكلفين حدّد القانون اجراءات التعامل معها، وما يدور من لغط من قبل البعض بشأن وجود تراكمات بمئات المليارات كفيلة بصرف الرواتب، هذا أمرٌ مبالَغٌ به، وهي تراكمات ليست وليدةَ اليوم بل من عدة سنوات سابقة، بعضُها يعود لبداية الألفية الثالثة، وقد أحيل جزءٌ كبير منها إلى المحاكم، وتولي وزارة المالية والمصلحة اهتماماً كَبيراً بمعالجة هذه الملفات عبر الاجراءات القانونية النافذة.

باعتباركم تديرون المالية العامة وتشرفون على كافة الحسابات ويثار دائماً موضوع الحسابات الجارية الخَاصَّة.. فما هي هذه الحسابات؟

الحسابات الجارية الخَاصَّة هي حسابات موارد تقومُ بعضُ الجهات باستقطاعها من الموارد التي تحصّلها، إما بموجب قوانين (كما في الضرائب والجمارك وبعض الجهات) وبعضها بموجب قرارات من الحكومة، وقد حددت القوانين التي شرّعت استقطاعَ مثل تلك الموارد من الإيراد العام الأغراضَ والأهدافَ من تخصيص ذلك الإيراد، كما أن هناك لوائح صدرت عن المالية تنظم إجراءات الصرف من تلك الحسابات، غير أن تلك القوانين والتشريعات تُلزِمُ تلك الجهات بتوريد المبالغ إلى حسابات جارية خَاصَّة بها في البنك المركزي، ويتم الصرفُ منها وفقاً للوائح والإجراءات القانونية المتعارف عليها وللأغراض المحددة لها، وقد اكتشفنا أن بعضاً من المبالغ التي تُحصَّل أَوْ تُستقطع من إيراد عام وتورد تحت مسمى حسابات جارية خَاصَّة لا تستند لأي مصوّغ قانوني، والبعض الآخر كانت بموجب قرارات وزارية وهذا مخالف للقانون ولأحكام الدستور، كما عمدت معظمُ الجهات خَاصَّة منذ بروز أزمة السيولة إلى إيداع تلك المبالغ في بنوك خارج البنك المركزي، والبعض منها كانت تحتفظ بها لدى خزائنها وتصرف منها مباشرة، كما أن الجهات التي لديها مثل تلك الحسابات (ما عدا القليل منها والتي لا يتعدّى عددُها عددَ أصابع اليد) لا تلتزم بأوجه الصرف المحددة لها في لوائحها، ورغم صدور قرار بمجلس الوزراء رقم (2) لسنة 2016م الذي يلزم كافة أجهزة الدولة بتوريد الإيرادات العامة إلى البنك المركزي، إلا بعض الجهات لم تلتزم بالقرار، وقامت ووزارة المالية بإنزال لجان إلى هذه الجهات ورفعت تقارير عن الإيرادات في تلك الحسابات وأوجه الصرف منها.

يقال إن جمارك الرقابة المنشأة من قبلكم تقوم بتكرار الترسيم مما تسبب في إشكالية مع القطاع الخاص؟

لا يوجد تكرار في الترسيم الجمركي على السلع المستوردة، فما تقوم به نقاط جمارك الرقابة ينحصر في أمرين اثنين:

الأول: استيفاء الفوارق فقط لضريبة المبيعات والرسوم الجمركية بين ما يجب تحصيلُه من ضرائبَ ورسوم جمركية وفق القوانين والتشريعات النافذة والمعمول بها من قبل بدء العدوان في مارس 2015م وبين ما يتم دفعُه في المنافذ البرية والبحرية والجوية الخاضعة لسيطرة دول العدوان ومرتزقتهم والذي يعتبر تحايلاً على القانون، وَهنا تصبح الاختلالات في الوثائق وتستوفى الرسوم وفق القوانين والتشريعات النافذة.

الثاني: تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية على السلع التي يتم تهريبها.

الملاحظ أن هناك ارتفاعاً لسعر الصرف بشكل غير معقول فما هي أَسْبَابه وما هي إجراءاتكم لإعادته إلى سابق عهده؟

يمكن تلخيص أَسْبَاب انهيار سعر صرف الريال اليمني الحاصل اليوم أمام العملات الأجنبية في جُملة من المحددات منها:

– قرار نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن وسحب نظام المعاملات الدولية “السويفت” من المركز الرئيسي في صنعاء، ومن ثَمَّ تجميد ما تبقى من الاحتياطات الخارجية أثّر سلباً على قدرة البنك المركزي في صنعاء على إدَارَة سعر الصرف الأجنبي تجاه الريال اليمني.

– أيضاً التصرفات غير الرشيدة من قبل المنتحل لصفة محافظ البنك المركزي والإجراءات الخاطئة التي ساهمت بوضوح في تغذية التدهور في سعر صرف الريال اليمني مؤخراً، مثل عملية الطباعة النقدية التي قامت بها حكومة الفار هادي، وما تقوم به من ضخ نقدي جديد يفوق احتياجات السوق بكثير عن قصد بغرض خلق مثل هذا الإرباك والتدهور الخطير في سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية.

– توقف المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي للدولة، والتي كانت تتمثّلُ في صادرات النفط والغاز والمنح والقروض الخارجية وتحويلات المغتربين والتي توقف جميعها منذ بدء العدوان، في ظل استنزاف لما كان لدينا من احتياطات من النقد الأجنبي لتغطية متطلبات السوق المحلية من السلع الأساسية كالقمح والدقيق وغيرهما وتغطية نفقات الدولة بالعملات الأجنبية كاستحقاقات الطلاب الدارسين في الخارج من بدء العدوان حتى الربع الثالث لعام 2016 وكذا خدمات الدين العام الخارجي من أقساط وفوائد حتى إبريل 2016 واستحقاقات العاملين في سفاراتنا وبعثاتنا السياسية وملحقاتنا في الخارج حتى نهاية 2015م.

– وأخيراً قرار التعويم الحر لسعر الصرف الصادر عن منتحل صفة محافظ البنك المركَزي في عدن.

ومعالجة مثل هذا التدهور لن تتأتى إلا بمعالجة الاختلالات السابقة، وإزالة مسببات ذلك، وعلى المجتمع المحلي أن يدركَ مَن وراء هذا التدهور الذي يمس حياة كُلّ مواطن وعلى المجتمع الدولي وخَاصَّة المنظمات ذات العلاقة عليها أن تفصح عن الحقيقة وتعمل على إيقاف هذا العبث من قبل حكومة العملاء.

والدولار في العُرف الاقتصَادي هو عُملة، والعملة لها محدداتٌ ووظائف، ومن أهم وظائفها أنها وسيلة للتبادُل ومخزن للقيمة، وتكون خفيفة الحمل وقابلة للتجزئة، لكن هذا الموضوع لم يعد عُملة، بل انتقل من تصنيفها كعُملة إلى تصنيفها كسلعة، ولا أتكلم عن الدولار فقط، وإنما عن العملات الأجنبية بشكل عام، وبالتالي أَصْبَحت قابلةً للعرض والطلب، ولا تخضَعُ للمحددات السابقة والذي يؤثر في الدولار في بلدنا هي التصرفات المشينة للمجموعة الموالية للعدوان؛ لأنهم حصلوا على أَكْثَـر من 600 مليار ريال من ألمانيا وَروسيا، هذه المبالغ دخلت عدن لكن لم تذهب للبنك المركزي في صنعاء أَوْ حتى في عدن، وإنما ذهبت لأماكن مخصّصة، وجزء منها للبنك الأهلي، طبعاً هناك خلافٌ بين فريقين، فريق يرى أنه يجب الحفاظ على سعر الدولار لكي لا يتضرر المواطن اليمني، وهناك فريق يرى أنه لن يحقق انتصاراً عسكريًّا وأنه سيحقق الانتصار في الجانب الاقتصَادي وهذا الفريق الذي يقودُه مجموعة في البنك الأهلي، وعلى رأسهم حلبوب، هذا الفريق خلال كُلّ أسبوع ينزل بكتلة نقدية هائلة للسوق مثلاً 30 أَوْ 20 ملياراً، ولنفترض مجازاً أن سعر الدولار اليوم بالنسبة للريال بـ 300 هو يقوم يشتري بــ 305، والهدف هنا سحبُ العملة الأجنبية من السوق، وبالتالي يرتفع سعر العملات الأجنبية وتنخفض قيمة الريال اليمني فيَصل الأمر إلى أن مرتبك لا يكفي متطلباتك اليومية.. مثلاً وصل الدولار إلى 405 نزل واشتراه بــ 405 يجلس ثلاث أربع أيام يزيد عشرة ينزل يبيعه بــ410 إلى أن يوصل إلى أَكْثَـر من هذا القدر.

ما هي إجراءات وزارة المالية لضبط سعر الصرف خَاصَّة أننا سمعنا أن الأمن القومي تدخل الأَيَّــام الماضية لضبط السعر؟

أية إجراءات لضبط سعر الصرف هي معالجاتٌ غير مُجدية، كالمرض لا يُعالَجُ إلا بعلم الطب، كذلك المشكلات الاقتصَادية لا تُعالَجُ إلا بعلم الاقتصَاد، لا يمكن أن تعالَجَ بأية مدخلات أُخْـرَى خارج عملية الاقتصَاد؛ لذلك هي بحاجة لتدابير اقتصَادية، ونحن لا نملكُ الامكانيات والقدرة؛ بسبب عدم وجود كتلة نقدية من العملات الأجنبية لننزل ونضخها للسوق لنحافظ على سعر الصرف، ولا نستطيع التحكم بالسيولة النقدية التي بحوزة الطرف الآخر، فالمسألة خارجة عن إرادتنا، المسألة أعمق مما تتصورونها، لهذا اقترحت بضرورة عمل غرفة عمليات تكون حاضرةً في كُلّ لحظة لتجهز ردودَ فعل لما تتوقعه من الطرف الآخر.

–        هناك قضية هامة، مركزي عدن أعلن أنه تسلَّم نحو 550 مليار ريال من روسيا ولم يتحدث عنها أحد.. فما أثر ذلك؟

كما ذكرتُ لكم أن المبالغ التي وصلت للمحافظات الجنوبية استخدموها في شراء العملات الأجنبية، ما أَدَّى ذلك لانخفاض قيمة الريال؛ لأن الضخ من المبالغ التي كان يجبُ أن تذهب لصرف مرتّبات الموظفين لكنها ذهبت للبيع في السوق من قبل مرتزقة العدوان، ما أَدَّى ذلك لتراجع قيمة الريال، وَتراجع قيمة الريال أَدَّى إلى تراجع القيمة الحقيقية للدخل؛ لأن القيمة الحقيقية للدخل هي مقدار ما تحصل عليه من سلع وخدمات، يعني أنت اليوم تحصل على عشرة أكياس رز، العشرة الأكياس الرز بمائة ألف ريال، يبقى هذا هو دخلُك الحقيقي، هنا الأثر الذي تسبَّب في الضغط على سعر العملات الأجنبية وَأدى إلى تراجع الدخل الحقيقي للفرد وَإلى مزيد من الإفقار ورفع مستوى الفقر.

–        نلاحظ توفّر سلع كمالية تُستورَدُ من الخارج وبالعُملة الصعبة رغم وجود بديل لها محلياً مثل المياه المعدنية؟

هذا سؤالٌ ممتاز، يا أخي هناك توجه جاد وقوي في هذا الاتجاه، أقر من الحكومة ومن اللجنة الاقتصَادية المنبثقة عن المجلس السياسي التي يرأسها الأخوان مهدي المشاط وخالد الديني، وقد حددوا مصفوفةً لأنواع السلع الواجب استيرادها والسلع التي يجب أن لا تستورد أَوْ تفرض عليها غرامة بيع، من ضمنها هذه السلع الكمالية التي تفضّلتم بذكرها.

يُلاحَظُ المراقبون أن هناك شبهَ قطيعة مع الجهات الدولية.. فهل هناك تواصل من قبلكم كحكومة الإنقاذ بصنعاء مع المنظمات والهيئات والمُؤَسّسات الدولية؟

حاولنا كثيراً فتح خطوط مع معظم المنظمات والمُؤَسّسات والهيئات الدولية ذات العلاقة في الشأن الاقتصَادي، وهناك إجابات خجولة من بعضها، وندرك بأن الضغوطات عليها كثيرة وكبيرة جداً، ولكننا نلمَسُ تعاطفهم نحو ما يجري في بلادنا وتبذل الحكومة جهدَها لنقلهم من حالة التعاطف إلى حالة التعاطي.

تبرر دول العدوان نقلَ البنك المركزي إلى عدن بأن اللجنة الثورية وحكومة الإنقاذ لم تجعل البنك المركزي يعمل بحيادية.. ما صحة ذلك؟

يعلم الجميع وبشهادة الأمم المتحدة، أن اللجنة الثورية التزمت بالحفاظ على استقلالية وحيادية البنك المركزي وفقاً لقانونه الخاص، وأنه كان يعمَلُ بحيادية تامة وكانت تُصرَفُ كافة المرتّبات لكافة الموظفين في الجمهورية اليمنية، حتى المناطق التي يسيطر عليها المرتزقة، وكانت تُصرَفُ حتى لمَن كانوا يقاتلون مع العدوان وحرّاس قصر المعاشيق، ولم تقم باتخاذ أية قرارات من شأنها أن تُخِلَّ بحيادية البنك، بما فيها قرارات تعيين لقيادات بالبنك، وفي ضوء ما كان يصدر من قبل وزارة المالية من مصرّحات وتعزيزات كما هو معمول به سابقاً ووفقاً للقانون، بصرف المرتّبات ونفقات التشغيل عبر مركزه الرئيسي بصنعاء وفروعه في كافة المحافظات لكافة الموظفين والجهات في مختلف المحافظات، سواء الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي أَوْ تحت سيطرة دول العدوان ومرتزقتهم دون استثناء أَوْ تفريق، وهو يعملُ بحيادية تامة ويحرص أن يمارس عملَه بأعلى قدر من المهنية.

نسمع عن مطالبات المتقاعدين لمعاشاتهم وأن هناك عوائقَ تقف أمامهم، ومنها وزارة المالية خَاصَّة أنهم ذهبوا للقضاء وصدرت أحكامٌ قضائية لصالحهم، ما هي الاشكالية بالتحديد؟

معاشاتُ المتقاعدين (مدنيين وعسكريين وأمنيين) الذين كانوا يعملون في وحدات الخدمة العامة تتم تغطيتها من قبل موارد استثمارات الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات (بالنسبة للمدنيين) وصندوق تقاعد الدفاع (بالنسبة للمتقاعدين من منتسبي وزارة الدفاع) وصندوق تقاعد الداخلية والأمن السياسي (بالنسبة للمتقاعدين من منتسبي وزارة الداخلية والأمن السياسي)؛ وكون معظم تلك الاستثمارات تتركز في السندات الحكومية، فقد أثّرت أزمة السيولة النقدية على مقدرة هيئات وصناديق التقاعد في الوفاء بالتزاماتها تجاه مرتّبات المتقاعدين من الناحية النقدية وليس الموارد، ومع كُلّ ذلك فقد تمت مواجهة مرتّبات المتقاعدين أُسوةً بالعاملين بل أَكْثَـر من ذلك، فمثلاً بالإضَافَة لشهر سبتمبر 2016م، تم الصرفُ للمتقاعدين في صندوق تقاعد الدفاع والداخلية نصف راتب للأشهر أبريل ومايو ويونيو 2017م، كما تم الصرفُ للمتقاعدين في الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات مرتب شهر كامل للأشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر 2016، ويناير وفبراير 2017، ونصف راتب للأشهر أبريل ومايو ويونيو 2017م، أسوة بما صُرِفَ للموظفين العاملين.

يشاع بأن هناك تلاعباً وفساداً حاصلاً في الهيئة العامة للتأمينات، وضعفاً في استثمارات الهيئة.. ما مدى صحة ذلك؟

القرار الجمهوري بالقانون رقم (25) لسنة 1991م حدّد في المادة (8) موارد الهيئة، كما حددت المادة (67) من القانون أوجهَ الاستثمار، حيث نصت أنه (لا يجوز استثمار أموال الصندوق في أعمال المضاربة أَوْ المتاجرة في الأموال المنقولة في ما عدا الأسهم والسندات)، ويجوز استثمارُها في ما عدا ذلك مع استهداف تحقيق الضمانات العامة لأموال الصندوق)، كما نصت المادة (65) من القانون على أن (تدار أموال الصندوق وأوجه استثماراتها بمعرفة مجلس الإدَارَة)، وهناك العديدُ من مجالات الاستثمار التي تم استثمار عائداتها فيها، سواء أوراق مالية (كالسندات الحكومية) أَوْ أسهم في بعض الشركات المتنوعة (كشركة يمن موبايل/ والشركة اليمنية للغاز الطبيعي المُسال، والشركة اليمنية الليبية القابضة… إلخ) أَوْ عقارات كالمباني والأراضي، غير أن ما يؤخذ على استثمارات الهيئة هو تركُّزُ ما يقارب (90%) من استثمارات الهيئة في السندات الحكومية؛ كون عوائدها مضمونة ومخاطرها تكاد تكون منعدمة، ولعل هذا السبب هو الذي أثّر على قدرة الهيئة في صرف استحقاقات المتقاعدين.

يتساءل الكثير عن إعانات الضمان الاجتماعي ولماذا لم يتم صرفها؟ ما تعليقكم؟

حالاتُ الرعاية الاجتماعية التي تغطيها الموازنة العامة للدولة حوالي (10.551.745) حالة، وبكلفة سنوية تصل إلى حوالي 95.6 مليار ريال، وأدى التدهور الكبير في الإيرادات للأَسْبَاب التي أشرنا إليها في إجاباتنا السابقة، إلى عجز الدولة على الوفاء باستحقاقات حالات الرعاية الاجتماعية رغم ما لذلك من تأثير سلبي على مستوى معيشة هذه الشريحة من المجتمع وعلى مؤشرات الفقر في بلادنا والتي اتسعت فجوتها بدرجة كبيرة، ومع ذلك فقد حاولت حكومةُ القائمين بالأعمال وحكومة الإنقاذ الوطني جاهدة معالجة هذه المشكلة من خلال التواصل والتفاوض مع المنظمات الدولية (كاليونيسف) لتوفير دعم خارجي يخصص لصرف استحقاقات حالات الرعاية الاجتماعية حتى عبر هذه المنظمات الدولية وكنا كلما أوشكنا بالوصول إلى اتفاق نهائي بهذا الخصوص يتم التدخُّل من قبل دول العدوان ومرتزِقتهم للحيلولة دون تحقيق ذلك.

كثيرٌ من بلدان العالم أَصْبَحت تتعامَلُ بالريال الإلكتروني.. ما مدى إمكانية ذلك في بلادنا؟

لا أريدُ هنا أن ألقي كلاماً عاماً ورؤىً تفتقدُ الملامحَ بخصوص موضوع دقيق بطبيعته، وبالتالي ولأن النتائج ترتبط بالمقدمات فإنه يجدر بناء التنويه إلى ثمة محددات أساسية تؤطّر تجربة الريال الالكتروني برمتها:

1- ضرورة وجود بنك مركزي قوي قادر بالتنسيق مع كافة الجهات الرقابية على إدَارَة التجربة بمهنية عالية وبمستوى فني رفيع، يضع لوحده أَوْ بالاشتراك مع غيره الضوابطَ الكفيلة بإنجاح التجربة على نحو يكفل تسهيل التعاملات الالكترونية دون إخلال بعنصر الأمان، وإدَارَة النقد الالكتروني دون خلخلة لمستوى الثلة بالعملة الوطنية.

2- ضرورة وجود شبكات اتصالات قوية وواسعة الانتشار، وبنوك مجهّزة للتعامل إيْجَابياً وعلى نحو فعّال مع آليات الدفع الجديدة فور إقرارها.

3- ضرورة وجود بُنية تحتية قوية، قانونية، وفنية، قادة على تحقيق التوازُن بين الضوابط الرقابية والانتشار.

4 ـ ضرورة وجود غطاء نقدي كافٍ، إذ أنه ينبغي التأكيدُ على أن معظمَ الدفع الالكترونية لا تعني إصدارَ نقد جديد بقدر ما هي محض تجديد لآليات التداول في السوق.

وفي ضوء هذه المحددات فإنه يمكنني إخبارُكم بأن ثمة مؤشراتٍ إيْجَابيةً على نجاح التجربة وفق الإمكانيات المتاحة، وفي الاجتماعات التي عقدتها لجنة متابعة الوضع الاقتصَادي المشكّلة بقرار رئيس المجلس السياسي الأعلى رقم (2) لسنة 2017م تمّت مناقشةُ كافة المقترحات المطروحة على نحو مستفيض، وبشكل يأخُذُ في اعتباره الفوائد المبتغاة والمخاطر المتوقعة.

ولا أريد أن استبق الأحداث، لكن مُؤَسّسات الدولة ومن ضمنها وزارة المالية قد قطعت شوطاً كبيراً في التهيئة لإنجاح التجربة فورا إقرارها، والتنسيق دائم وهناك تناغم بين الجهات المختصة بهذا الخصوص، وثمة حماسٌ عالمي، وعلى أية حالة للتخلي التدريجي عن النقد الورقي، ونحن بالتأكيد جزء من هذا العالم، كما أن خصوصية المشكلة الاقتصَادية التي نمر بها جراء العدوان على بلادنا يجعلنا أَكْثَـرَ حماساً من غيرنا لتطبيق هذه التجربة.

على أنه حماسُ المستبصرين، فنحن لا نريد ولا نحتمل بالتأكيد الوقوعَ في خطأ؛ ولهذا فقد تمت وعلى نحو متأنٍّ قراءةٌ للتجارب العربية والعالمية في هذا الصدد الإيْجَابية منها وتلك التي على الضد، ولا نريد الوقوعَ في الخطأ الذي وقعت فيه الأردن على سبيل المثال حينما أوكلت إلى شركات الاتصالات مهمةَ تطبيق آلية الدفع الإلكتروني دون تدخُّل من البنك المركزي، وهو الأمر الذي حاولت تفاديَه من بعدُ عندما قامت بتفعيل دورِ البنك المركزي الرقابي تحت التبعات السلبية لعدم إشراكه منذ البدء.

والحق أنه قد قُدِّمت إلى لجنة متابعة الوضع الاقتصَادي رؤىً طموحةٌ تكفل تطبيق آلية الدفع الإلكتروني على نحو حَسَن، كما أن لدينا أساساً قانونياً متزناً يمكننا البناءُ عليه، وهو القانون رقم (40) لسنة 2006 م بشأن أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية، كما أن صندوق النقد العربي قد أصدر مجموعة من الأوراق البحثية الهامة في هذا الصدد، تتم دراستها مع غيرها على نحو مكثف؛ لأننا فيما لو حان الوقت لتطبيق آلية الدفع الالكتروني لا نريدُ الاكتفاءَ بتطبيقها على نحو حسن ولكننا نطمع إلى تطبيقها على نحوٍ ممتاز.

ونحن في وزارة المالية نتابع ونشارك وعلى نحو يومي، مستوى التقدم في إنجاز كافة الرؤى التي من شأنها الإسهامُ في حل مشكلة السيولة، بما فيها الرؤى المعلقة بتطبيق آليات الدفع الإلكتروني بالطبع، بكثير من التفاؤل وكثير من الحرص أيضاً، وإذا كان لكل تجربة جديدة فوائدها ومخاطرها فإنه ينبغي بنا تطبيقُ التجربة على نحو يكفل المواءمة بين الأمرين معاً، وليس من الحكمة أن تسيرَ بعين واحدة ما دمت قادراً على الإبصار بعينين.

وزير النفط طالبكم بتوفير العُملة الصعبة وتعهَّد بتوفير البترول بسعر 3250 ريالاً للعشرين اللتر و3150 للعشرين اللتر من الديزل؟

حول هذا الموضوع أنا رديت على الأخ الوزير بمذكرة رسمية هذا نصها:

رداً على خطابكم رقم (و. ن. م / 701) وتأريخ 1/11/2017م والواصل إلينا بتأريخ 6/11/2012م بعد نشره وتداوله في مواقع التواصل الاجتماعي؛ بشأن طلبكم التزام وزارة المالية بتوفير الاحتياج من العُملة الأجنبية بسعر البنك المركزي (250) ريالاً للدولار الواحد؛ لتتمكنوا من تحديد سعر البيع للمشتقات النفطية على أساس (3250) ريالاً للدبة البترول و(3150) ريالاً لدبة الديزل.

وحيث أن تحديد أَسْعَار الصرف وتوفير العُملات الأجنبية ليس من مهام وزارة المالية كما تعلمون ذلك جيداً، إلا أننا نود أن نلفتَ عنايتَكم إلى عدد من الحقائق التي يمكن الاسترشادُ فيها لمعالجة بعض أوجه القصور والاختلالات القائمة في شركة النفط وشوق المشتقات النفطية، ونوردها على سبيل المثال:

قامت الدولة ممثلةً بالبنك المركزي اليمني بتوفير العُملة الصعبة من الدولار الأمريكي لشركة النفط اليمنية على مدى العام 2015م وبسعر صرف (91. 214) ريال للدولار وليس بسعر (250) ريالاً للدولار، كما تطلبون ومع ذلك لم تتمكن الشركة من تأمين احتياج السوق من المشتقات النفطية مما خلق أزماتٍ تموينيةً حادة وظهور سوق سوداء وصل فيه سعر الدبة البنزين إلى أَكْثَـر من (10) آلاف ريال رغم أن الشركة حينها كانت المسوِّقَ الوحيد للمادة وكانت أَسْعَار النفط الخام في أدنى مستوياتها.

نتيجةً لذلك الوضع غير السليم واستمرار الأزمة التموينية من حين لآخر صدر قرار اللجنة الثورية العليا بشأن تعويم أَسْعَار المشتقات النفطية بتأريخ 27/7/2015م والذي جاء فيه:

يُسمح للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية، وفقاً لعدد من المحددات، منها الالتزام بالضوابط والإجراءات التي تحددها شركة النفط اليمنية، بل وتكليفها باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ القرار على الوجهِ الأمثل، وكانت هذه فرصةً للشركة لتحقيق أَكْبَـر العوائد، لما تملكه من خبرة واسعة في هذا المجال وما تمتلكه من إمكانات مادية وبشرية هائلة، سواء من منشآت أَوْ محطات توزيع وأسطول نقل، إلا أنها نأت بنفسها، مما أتاحت الفرصة لدخول شركة وأشخاص ممن ليس بهم علاقة بهذا المجال وما ترتب عليه من إخفاقات وتحكم في الأَسْعَار دون وجه حق، وبالتالي مضاعفة معاناة المواطنين وتكبُّدهم شراء هذه المادة بسعر يفوق السعر العادل بكثير في ظل غياب كامل لرقابة وزارة النفط والوحدات التابعة لها.

عدم الاستغلال الأمثل واقتناص الفُرَص للعروض المقدمة للشركة والتي كانت ستعمل على خلق توازن في المعروض وانخفاض الأَسْعَار وتحد من احتكار القطاع الخاص ومنها العقد الذي وقّعته شركة النفط من قبل الأخ الأستاذ/ خالد جرعون المكلف بالقيام بأعمال المدير العام التنفيذي للشركة لتوريد (50) ألفَ طن من مادة البنزين وبسعر (370) دولاراً للطن شامل جميع التكاليف والرسوم، حتى وصول المادة إلى خزانات الشركة في منشأة الحديدة وغيره من المزايا والضمانات وبذلك يقل في حدود (260) دولاراً للطن عما يتم التعاقد والشراء من قبل الشركة، وربما يكون ذلك دون معرفة معاليكم، حيث يتم الشراء بسعر (360) دولارا للطن الواحد من مادة البنزين، وقد أثرنا هذا الموضوع في جلسات الحكومة أمام مجلس النواب وبحضوركم وبحسبة بسيطة لو نُفّذ ذلك العقد لكان سعر الدبة من البنزين شاملاً العوائد والضرائب والتكاليف لا يتعدى (082. 3) ريال للدبة عند سعر صرف (370) ريالاً للدولار.

عزف الشركة في استغلال الفرص عبر تراجع الأَسْعَار العالمية في بورصة المشتقات النفطية كما حدث خلال شهر يونيو الماضي، إذ تراجعت الأَسْعَار بمعدل انخفاض حوالي (75) دولاراً للطن عبر متوسط أَسْعَار شهر أكتوبر المنصرم للبنزين و(70) دولاراً للطن الواحد من مادة الديزل، وبدلاً عن قيام الشركة بالاستيراد لكافّة احتياجات السوق تركت الأمرَ للقطاع الخاص الذي حقّق قرابة (3) مليارات ريال خلال نفس الفترة كأرباح على افتراض التزامهم بسعر البيع الرسمي المحدد من قبل شركة النفط.

أخي معالي الوزير..

إننا في وزارة المالية من خلال عرضنا لكم ببعض من تلك الحقائق والمعلومات؛ بهدف تبصيركم وتذكيركم؛ لذلك لنؤكد في الوقت نفسه أننا سنظلُّ عوناً لكم وسنداً للشركة في تأدية مهامها على أكمل وجه، وسبق لوزارة المالية أن قدمت مختلفَ التسهيلات للشركة ومنها التسهيلات الإئتمانية عندما كانت الظروفُ تسمح بذلك رغم ما واجهته الوزارة من تلكؤ ومماطلة من سد أوجه القصور القائمة.

ختاماً ولما تمر به المالية العامة من اختناقات وصعوبة في سداد الالتزامات ودفع ولو جزء من مرتّبات موظفي الدولة يجعل من الأهمية بمكان بل ويفرض علينا جميعاً السعي وبذل الجهود والتحصيل وسداد مستحقات الدولة ومنها مستحقات الدولة لدى شركة النفط والبينة أدناه، آملين إعطاءَ توجيهاتكم الكريمة والحازمة لإدَارَة الشركة بسرعة سداد تلك المستحقات وتوريدها إلى حـ/ الحكومة العام طرف البنك المركزي والتي تمثل الموارد المحصَّلة نظيرَ تخزين كميات المشتقات النفطية المخزنة للتجار في خزانات منشأة الحديدة ورأس عيسى للفترة (يناير – سبتمبر) 2017م والمقدَّر بمبلغ (900. 257. 150. 8) ريال وفقاً للاحتساب المرفق لكم مع المذكرة، مع ضرورة التوريد لكافة المبالغ المحصّلة عن الكميات المخزنة في منشآت الشركة قبل العام المالي 2017.

إضَافَة إلى سرعة سداد ما على شركة من رسوم جمركية وضريبية والبالغة قرابة (33) مليار ريال، وفقاً لإجراءات ونتائج الترتيبات المحاسبية التي سبق موافاتكم بها بخطابنا لكم رقم (38 ق. أ) وتأريخ 14/3/2017م ولم يتم الرد عليه أَوْ السداد حتى تأريخه.

كم تقد خسائر اليمن بسبب العدوان؟

لا شك أن البُنية تضررت بشكل كبير للأسف، دول العدوان لم تبق ولم تذر، ضربت المدارس، المصانع، المنازل، الهيئات، المُؤَسّسات، المزارع، الطرقات، الجسور، البُنية التحتية تقريباً بكاملها دُمّرت، بكل ما تعنيه الكلمة.

هل هناك إحصائية؟

بكل تأكيد هناك إحصائية ورصدٌ دقيق وعلمي ومحددٌ على مستوى كُلّ حادثة من الحوادث، وإن شاء الله سنزودكم بها، ممكن جداً.

هل يمكن إعَادَة إعمار البُنية التحتية خلال العدوان؟

قد يكون من الصعوبة بمكان القيامُ بمثل هكذا أمر خلال العدوان، في ما عدا الأشياء المُلحة للغاية، كبعض الطرق التي تتعرض للقصف بين الحين والآخر، نتيجة للتالي:

– الوضع الصعب للغاية الذي تمُرُّ به المالية العامة نتيجةَ العدوان والحصار.

– تحكّم دول العدوان ومرتزقتهم في أية تمويلات تُطرَحُ من قبل بعض المانحين؛ بهدف التدخل لمعالجة بعض آثار العدوان، خَاصَّة المرتبطة بالجانب الصحي للمواطنين (كالمياه والصرف الصحي)، بل وعرقلتهم أية مبادرات تُطرح من قبل بعض المانحين بهذا الخصوص.

– القصف الممنهج بين الحين والآخر لطيران دول العدوان لكثير من مشاريع البُنى التحتية، بل إن بعضَها يتعرض للقصف أَكْثَـر من مرة، بما فيها المدارس والمنشآت الصحية والمعاهد المهنية وكليات المجتمع بالرغم من أنها منشآت خدمية تعليمية وصحية.

أخيراً معالي الوزير نختم معكم هذا الحوار الشيّق والشفاف بسؤال عن سبب عدم توضيح وزارة المالية لكل ما يجري للمواطن البسيط؟

وزارةُ المالية ليست جهةً إعلامية، ولا أحبُّ الظهورَ أَوْ الدخولَ في مهاترات مع أحد، هناك الكثيرُ مَن يتهمُنا، لكن لدينا الوثائق على ما نقول، ونطرح كُلّ ذلك في اجتماعات مجلس الوزراء بكل شفافية ووضوح، هناك الكثيرُ من القضايا لا نثيرها إعلَامياً؛ حرصاً على وَحدة الصف، هناك عدو يتربص بالجميع وعلينا جميعاً مواجهته والابتعاد عن المصالح الشخصية، ونحن في وزارة المالية نقومُ بتقديم خطة إنفاق رُبعية أَوْ نصفية، ويتم عرضها وإقرارُها من مجلس الوزراء، ومن ثَمَّ تحال إلى مجلس النواب (الممثلين عن الشعب بكافة أطيافه) الذي يناقشُها تفصيلاً علّناً أمام شاشات التلفزيون أَوْ عبر لجانه المختصة، وفيها تفاصيل لكافة مصادر الإيرادات المتوقعة، وتفاصيل النفقات.

كما تقومُ وزارة المالية برفع تقاريرَ دورية للحكومة عن مستوى الأداء المالي والإشكالات والمعوّقات التي تعترضُ ذلك ومصادرها، وتقدم مثل تلك التقارير إلى مجلس النواب أيضاً الذي يقوم بمناقشتها بحضور الحكومة ولعلكم تتابعون جلسات مجلس النواب بهذا الخصوص، فلا يوجدُ لدينا ما نُخفيه أَوْ نتستّرُ عليه في وزارة المالية، ولسنا في طرف ضد آخر، فالوزارة تعملُ وفق القوانين والتشريعات النافذة وتقومُ برفع تقاريرها الدورية الرسمية إلى الجهات المعنية والسلطات العليا كما أسلفنا، وأية إيضاحات تُطلَبُ منا من تلك الجهات أَوْ السلطات حول الوضع المالي وإشكالاته تقومُ الوزارة بالإيضاح والرد بشأنها بشكل كامل وبكل تجرُّد.