ألف ليلة وليلة من العدوان على اليمن؛ وداعا أيتها “الإنسانية”
الصمود|متابعات
لايمكنك أن ترى الصور القادمة من قلب اليمن دون أن يقشعر بدنك أو أن تفكر ألف مرة بالأسباب التي دفعت دولا مثل السعودية والولايات المتحدة الامريكية ومعهم الإمارات بارتكاب كل هذا العنف والإجرام على مدى ما يقارب الثلاث سنوات مع قصف يومي عشوائي يستهدف المدنيين في كل بقعة من بقاع اليمن ويقلب حياتهم إلى جحيم ومنازلهم إلى ركام وسط تجاهل دولي متعمد لما يجري هناك، وإذا بحثت عن أسباب هذه الحرب لن تجد سوى العبث واللاجدوى.
ومن سخرية القدر أنه وبينما يموت اليمنيون جوعا يشتري من شن حربا همجية عليهم قصرا بـ”300″ مليون دولار ويمارس حملة تقشف على بلاده دون أن يهتز له جفن. ولي العهد الشاب، محمد بن سلمان أطبق الخناق على اليمن مغلقا حدودها البرية والبحرية والجوية مستغلا الغطاء الأمريكي الذي يمتلك فيتو يمكّن بن سلمان من الذهاب في حربه على اليمن وارتكاب جرائم حرب كيفما يشاء، بل وربما تشجعه واشنطن على الاستمرار بها، كيف “لا” وهي المستفيد الأول والأخير من بيع الأسلحة للسعودية وتوقيع صفقات بمليارات الدولارات فضلا عن انهاك الاقتصاد السعودي واستنزافه في حروب عبثية لاناقة للسعودية فيها ولا جمل سوى كسب الرضا الأمريكي الذي قد يتغير في أي لحظة وفقا للمصالح.
اليمن يعاني الأمرين
يعاني اليمن في هذه المرحلة من أسوء أزمة انسانية في العالم، وتشير الإحصائيات إلى أن ما يقرب من 80% من سكّان اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي؛ مما وضع الملايين على حافة المجاعة. ويعود تأزم الوضع الحالي إلى مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما فرضت السعودية حصارا خانقا على اليمن؛ مما جعل من المستحيل تقريبا استيراد الأغذية والمياه والإمدادات الطبية من الخارج.
ونتيجة للحصار المفروض على اليمن يعاني سكان اليمن من فقدان أدنى مقومات الحياة الطبيعية فالأطفال هناك يموتون من قلة الغذاء وانعدام الرعاية الصحية وانتشار الامراض بكثرة لاسيما الكوليرا الذي أصبح ما يقارب المليون يمني مصابا به، وما يزيد الطين بلة أن الغارات الجوية السعودية لاتهدأ لا في الليل ولا في النهار وتستهدف مناطق سكنية ومنشآت مدنية ومؤسسات طبية وعلاجية.
ونظرا لتفاقم الأوضاع الانسانية في اليمن دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأسبوع الفائت إلى إنهاء “الحرب العبثية” في اليمن، وحل الأزمة الإنسانية التي تعصف باليمنيين، وقال غوتيريش: “هذه الحرب تسببت، برأيي، بمعاناة مروعة للشعب اليمني.. من مصلحة الجميع إيقاف هذه الحرب”.
وتصنف الأمم المتحدة الأزمة في اليمن بأنها “أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم”، إذ تقدر أن هناك 17 مليون يمني بحاجة للغذاء، يعاني 7 ملايين منهم خطر المجاعة فضلا عن وباء الكوليرا الذي قتل أكثر من ألفي شخص.
الأطفال أكثر من تأذى
رغم كل المناشدات الإنسانية لمساعدة أطفال اليمن وتقديم أدنى متطلبات الرعاية الصحية لهم لاتزال الأمور غير ميسرة والعراقيل كبيرة أمام الكوارث التي يعاني منها أطفال اليمن في كل يوم، فالاطفال يواجهون في اليمن مستقبلاً غامضاً في ظل افتقادهم لأبسط مقومات الحياة والعيش الكريم مع استمرار العدوان السعودي في تعنته وحربه العبثية وحصاره الخانق على هذا البلد الذي يمثل الأفقر بين البلدان العربية.
ونظرا لخطورة الاوضاع الانسانية في اليمن دقت المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني، فقد وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) اليمن بأنه أسوأ الأماكن على وجه الأرض بالنسبة للأطفال، وحذرت من كارثة وشيكة إذا لم تصل المساعدات لأكثر من 11 مليون طفلا.وفي مؤتمر صحفي عقده مؤخراً أشار المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في اليونيسيف”خيرت كابلياري”إن التقديرات تشير إلى أن طفلا واحدا يموت هناك كل عشر دقائق من أمراضٍ يمكن الوقاية منها.
وإذا أردنا الحديث عن الجانب التعليمي للأطفال لوجدنا أن الكارثة في هذا الإطار لا تقل عن بقية الكوارث الأخرى، فقد توقفت 1640 مدرسة عن التعليم، 1470 منها دمرت أو تضررت، والبقية تحولت إلى ثكنات أو ملاجئ للنازحين، بحسب منظمة (يونيسيف)، وأشار المسؤول في المنظمة “الراجات مادهوك”إن توقف المدارس حرم 1,84 مليون طفل من الدراسة لينضموا إلى نحو 1,6 مليون طفل آخر لا يرتادون المدرسة منذ فترة ما قبل العدوان السعودي، ونظرا لكل ما تقدم حذرت منظمات الامم المتحدة من عواقب اجتماعية وأمنية وخيمة قد تستمر لعقود في اليمن.
تجارة الأعضاء
على الرغم من كل المحاولات الحثيثة لمنع انتشار هذه الظاهرة في اليمن إلا أن واقع الحال يفرض نفسه هناك، والفوضى التي تسببت بها الحرب فضلا عن الفقر المدقع هناك أدى إلى انتشار تجارة الأعضاء البشرية، وتحوَّل سكان المدن اليمنية لحقل تجارب، تُنتزع فيه أعضاؤهم الجسدية مقابل آلاف الدولارات في محاولة لمواجهة الفقر الذي حوله الحرب لمذلة ومشقة كُبرى على حياة اليمنيين.
ختاماً؛ وعلى الرغم من كل الكوارث التي تحل باليمنيين لا يمكننا ألا نرفع القبعة لهذا الشعب الذي يصمد في وجه كل هذا الحقد الغير مبرر والعدوانية الهمجية التي مهما طال الزمن ستصل لنهايتها ولطالما الإرداة والعزيمة اليمينة حية وحاضرة لن تستطيع كل ماكينات العالم العسكرية تدمير هذا البلد المقاوم.