صمود وانتصار

عجز السعودية لميزانيتها للعام 2016 قدر بـ326 مليار ريال وهو ما يعادل 87 مليار دولار أمريكي، وعليه ستتجه سياسة النظام العائلي الحاكم للاقتراض من السوق الداخلية والخارجية وسحب الاحتياطي المودع في البنوك الأمريكية لتغطية هذا العجز. فيما تسود المدن السعودية موجة استياء وغضب بسبب السياسات الفاشلة المتبعة من قبل العائلة الحاكمة في ادارة الدولة، عجز الميزانية هذا والذي شهد خلال السنوات الثلاث الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً لا شك سيكون له انعكاسات على الأجيال القادمة، فيما سياسة النظام الحاكم بالرضوخ إلى امريكا مستمرة بوتيرة متصاعدة وإن ظهر في العلن خلافه. عجز الميزانية هذا يعود بلا شك لأسباب ترتبط بسياسات العائلة الحاكمة بشكل مباشر وأخرى تعود لطبيعة العلاقات التي وضعت السعودية نفسها فيها إزاء الدول الكبرى كأمريكا.

ارتفاع حجم الدين العام وانخفاض الناتج المحلي

أظهرت بيانات الميزانية التي تم الإعلان عنها مؤخرا ارتفاع حجم الدين العام مع نهاية العام 2015 إلى 142 مليار ريال، وهو ما يمثل نحو 5.8% من الناتج الإجمالي المحلي، وذلك مقارنة مع 44.3 مليار ريال خلال العام الماضي، كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية خلال عام 2015 بنسبة 13.4% يصل إلى 2450 مليار ريال، كما شهد معدل التضخم ارتفاعاً مقارنة بالرقم القياسي المسجل في عام 2014 ليصل إلى 2.2%.، تجدر الإشارة إلى أنه لا يعتد كثيراً بالأرقام التقديرية التي يتم إصدارها فيما يخص الإنفاق للعام القادم، حيث تشير المعلومات التي ترصد إلى أن المصروفات الفعلية في العادة تتجاوز تقديرات الإنفاق المعلنة، حيث ارتفعت خلال السنوات الخمس الماضية لما يراوح بين 115 و255 مليار ريال سنويا.

الأسباب

أولاً: صحيح أن امريكا لها مطامع في منطقة الشرق الأوسط والتي تقتضي منها خلق الفوضى فيها لإرباك المجتمعات فيها واضعاف الحكومات بهدف تحقيق المآرب، إلا أن وقائع الأمر تشير إلى مبالغة تعتمدها أمريكا لتوريط العائلة الحاكمة في السعودية في ملفات المنطقة، فأمريكا خلقت بل و أقنعت السعودية وبعض الأنظمة العربية بضرورة خلق الفوضى في سوريا و كذلك العراق، ودفعتها لشن عدوان على الشعب اليمني وجيشه، وورطتها في ملفات كثيرة مشابهة، وهي في توريطها حملتها أعباء كل تكاليف هذه الفوضى وهو ما يحقق المطمع الأمريكي من جهة وانخفاض سعر النفط الذي يعد أهم الموارد للسعودية، حيث هبط سعر النفط بنسبة 70 بالمائة منذ منتصف العام الماضي، وعليه تذهب أمريكا لتوقيع عقود شراء النفط طويلة الأمد وفق السعر المنخفض، المخطط الأمريكي هذا هو ما أوقع السعودية في العجز الميزاني، فيما تستمر العائلة الحاكمة في الانصياع لهذه المخططات.

ثانياً: العائلة الحاكمة في السعودية تدرك جيداً أن لا مناص لها في الاستمرار بالسلطة إلا من خلال حماية الغرب لها، ولذلك فهي تعمل بكافة الوسائل للحفاظ على رضا الغرب عنها، هذا ما يبرز من خلال شرائها السلاح منهم، حيث أصبحت السعودية من أكثر الدول في العالم شراءً للسلاح، في المقابل تعمل العائلة الحاكمة على دفع أموال بشكل منتظم لرؤساء العشائر في عملية للحفاظ على رضاهم وكسب تأييدهم.

ثالثاً: الأموال التي تغدقها على تمويل جماعات الغرب الاستعارية الإرهابية والتي دخلت كل من العراق وسوريا، وهي تخصص الجزء الأكبر من الميزانية لذلك، فقد أظهر بيان وزارة المالية السعودية أن القطاع الأمني والعسكري استحوذ على نصيب دعم الفوضى في سوريا من الميزانية السعودية لعام 2016 بإجمالي 213.37 مليار ريال، يليه باقي القطاعات والذي يأتي فيه قطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية في المرتبة الأخيرة.

رابعاً: الفساد المستشري داخل العائلة الحاكمة والتي تعمل على نهب الميزانية والثروات ولذلك فإن التوجه لتعويض العجز من خلال زيادة أسعار الوقود أربعة أضعاف ورفع الدعم عن الكهرباء ومن ثم مضاعفة تكلفة فواتيرها إضافة لإجراءات أخرى أشد منها. زيادة سعر الوقود والكهرباء لا شك أنه يعني مضاعفة أسعار المواد والخدمات لأنها جميعاً تعتمد على الوقود والكهرباء ومن ثم مضاعفة تكلفة المعيشة عدة أضعاف، يضاف إلى أن هناك توجه نحو بيع ما تملكه الدولة من أسهم في الشركات الحكومية مما يعني موجة جديدة من انهيار الأسهم. وبذلك فبدلاً من أن تتحسن حالة المواطنين الذين يعانون من البطالة وضعف الرواتب ومشاكل السكن وتردي الخدمات، فإنها تزداد تردياً وسوءاً والقادم خطير.

 

#الوقت