صمود وانتصار

نافذة على الشخصية اليهودية بين الأمس واليوم

الصمود|الغوص في شخصية اليهودي الإسرائيلي لن تكون أمرا سهلا على أي أحد يريد البحث عن كينونة هذه الشخصية وكيف تشكلت وما الذي أوصلها إلى ما هي عليه اليوم، ومع ذلك سنفتح لكم نافذة اليوم لإلقاء نظرة على ما تحمله هذه الشخصية من صفات لا تخلو من ” جنون العظمة، الاستعلاء، العقد النفسية، التطرف والتناقض ….الخ”.

ونظرا لخصوصية شخصية الصهيوني فقد كانت بحثا جذابا للكثير من الفلاسفة أمثال “ويونج، وزيور وفرويد” ويرى الأخير أن اليهود مصابين بجنون العظمة، ويرى فرويد ان هذه البارانويا اليهودية بدأت منذ اعتقادهم انهم شعب الله المختار، ولذلك لم يكونوا بحاجة الى النازي لكي يتحولوا الى مرضى بالبارانويا “جنون العظمة”. ولهذا فان الاسر النازي لم يفعل سوى ايقاظ البارانويا اليهودية الكامنة والمكبوتة في ذل الشتات اليهودي والمقنعة بمظاهر الذل والخنوع لديهم.

التربية

الجميع يعلم بأن اليهود الذين جاؤوا إلى فلسطين لا يوجد أي شيء يجمعهم سوى الدين، وهذا الأمر وإن كان مفيدا للقيادات اليهودية في البداية إلا أنه لم يعد يجدي نفعا بعد ذلك، لذلك كان لابد من إيجاد قضية توحد يهود إسرائيل وتحافظ على بقائهم في فلسطين لأطول مدة ممكنة، ومن هنا بدأ موضوع إدخال الرعب إلى نفوس الأطفال والناس عموما من العرب وإظهارهم بأنهم وحوش يريدون القضاء علينا جميعا نحن المضطهدين المعذبين على هذه الأرض.

هذه التربية ساعدت على حد كبير في الحفاظ على وحدة يهود إسرائيل وإجماعهم على الأقل على كره العرب، وتم تطعيم هذه التربية من خلال السيطرة على أكبر قدر ممكن من وسائل الإعلام لإظهار معاناة اليهود والاضطهاد الذي يتعرضون له ورافق ذلك اجراء عمليات إغتيال وبث الفتن داخل الشعوب العربية لإضعافها من جهة وتأليبها على اليهود في إسرائيل من جهة أخرى ومن ثم استغلال هذا الأمر لصالح الأفكار التي يحقنون شعبهم بها.

ومن هنا يمكننا القول إن الشخصية الصهيونية أصبحت اليوم خليطا من العناصر الدينية والتوراتية، والتراثية، والأساطيرية، فضلا عن العناصر المكتسبة من المجتمعات الغربية أو العربية والعناصر الأخرى التي عملت عليها الحكومات المتعاقبة هناك لتحقيق المشاريع والمخططات التي كانت تطمح لها عبر الزمن.

وللتوضيح أكثر يمكننا ذكر النقاط التالية حول طبيعة الشخصية اليهودية وكيف تشكلت عبر الزمن:

أولاً: التطرف والعدوانية، لا يوجد وسطية لدى الصهاينة في موضوع او قضية مهما كانت ومها كان محتواها، فعلى مستوى الدين، نجدهم ينقسمون بين أشخاص متطرفين في الإلحاد، ومنهم من بالغ في إلحاده إلى أن قالوا: إن الإله دائما ما يتخلى عنا، وقد تَرَكنا نُعاني ويلات الاضطهاد والتعذيب والتِّيه، فإن الإله قد مات، ومنهم مَن يُغالي في التدين حتى إنهم يتمسَّكون بحروف التوراة ولو خالف هذا مصالح إسرائيل على أرض الواقع.

أما بالنسبة للعدوانية فهي نزعة تشكلت عبر عشرات السنين، فاليهود يؤمنون بأن “غير اليهود” الأغيار خلقوا لخدمتهم، وهؤلاء الأغيار لا يستحقون سوى العنف، من هنا نجد أنهم بدأوا يتجهون نحو استخدام القوة مع أي أحد لا ينتمي لهم، ولكي يحققوا ذلك بدأوا بالسعي لامتلاك هذه القوة بجميع أشكالها الناعمة والعسكرية، ولا يترددون لحظة في الإفراط في استخدام هذه القوة دون إعطاء أي أهمية للمواثيق والقرارات والمعاهدات الدولية والأممية.

ويعتبر “فرويد” تجربة الاسر النازي ولدت صدمة نفسية شجعت آلية توحد اليهودي بالجلاد النازي –المعتدي-. وهذا ما يعلل انقلابها من الاستكانة والذل والاختناق في الجيتوات “حارات اليهود” في اوروبا، وتحولها الى الشراسة والعنف والارهاب اتجاه العرب، حيث استنسخ اليهود سلوك النازي في مذابح “ديرياسين، وصبرا وشاتيلا، وحديثاً في جنين ونابلس” وغيرها.

ثانياً: التكبر والفوقية في التعامل مع جميع شعوب العالم، كيف لا وهم يعتبرون انفسهم “شعب الله المختار”، ويرون ان جميع الشعوب الأخرى غير اليهودية خلقوا لخدمتهم وتوفير جميع وسائل الراحة لهم سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين، فالكل سواء ما دام غير يهودي، وهذه النظرة الاستعلائية جعلتهم مغرورين، ومُنعزِلين عن غيرهم، وقد اشتهر اليهود بالغرور والكبر، والميل إلى الانعزال في وسط كل المجتمعات التي عاشوا في ظلالها.

ثالثاً: يبرز وبشكل واضح التناقض في الشخصية الصهيونية، من خلال الكثير من الأمور الدينية والدنيوية، فهم يعتقدون بأنهم “شعب الله المختار” وفي نفس الوقت يرون ان تاريخهم مليء بالحقد تجاههم والتعرض للاضطهاد والتشتت ولا يجمعهم أي وطن وهذا ما خلق لهم تناقض كبير بين الأساطير التي تربوا عليها وتجارب الواقع التي لا تتقاطع مع تفسيراتهم الدينية ولا تتناسب مع الواقع الذي يعيشون فيه.

وبما ان الصهاينة يعتبرون انفسهم علمانيين وديمقراطيين وشعب حر ومنفتح، كيف يمكن لهم ان يجمعوا بين ما ذكرناه وبين احساسهم بالتفوق والاستعلاء على غيرهم من شعوب الأرض ورفضها، والاهم كيف لهم أن يؤمنوا بالمساواة وهم مؤمنين بأنهم مختلفين ومتميزين ولا يتقبلون الآخر وينطوون على أنفسهم؟!.

ختاماً؛ هذا الانطواء وهذه العزلة التي يعيشها اليهود الصهاينة لن تضمن لهم الاستمرار، وحتى افراطهم في القوة لن يجدي نفعا مع الأيام وما يفعلونه في الخفاء حاليا قد يضمن لهم الاستمرار لمدة زمنية معينة لكنها لن تدوم وما يحاولون زرعه في نفوس أطفالهم سينقلب عليهم في حال استمر تكريثه بهذا الشكل المبالغ فيه، وربما لم تتغير طبيعة الشخصية الصهيونية لكن الزمن تغير.