صمود وانتصار

كلُّ ما تحتاجه الأُمّةُ للنهوض

الصمود || اقلام حرة  || وليد الحسام

 

التّحركُ في مواجهةِ كُلّ أشكال الظلم والبغي ومواجهة العدوان السعودي الأمريكي يسبقُه الارتقاءُ في مستوى الإيْمَانِ والثقة بالله، وكذلك الارتقاءُ بمستوى الوعي والتفكير، بما يُمكِّنُ المؤمنَ المجاهدَ من معرفة كيفية التحَـرّك الذي يكونُ فيه المجاهدُ متَّصلاً مباشرةً بالله وبالأحداث، بمعنى أن يكون محصَّناً بثقافة القُـرْآن والتوجيهات الإلهية وينطلق وفق منطلقات القُـرْآن في مواجهة العدوان وأدواته ومرتزقته بمعرفة وحذر.

 

ويمكنُ هنا استحضارُ قول الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي: (عينٌ على القُـرْآن، وعينٌ على الأحداث)، حيث لخّص في هذه الجملة ما يجبُ قبل الجهاد وأثناء التحَـرّك فيه، فسلاحُ العقل والروح يسبق سلاحَ المواجهة في الميدان ويحاذيه، فحينَ يمتلكُ المؤمنُ الوعيَ سيعرفُ كيف يُعِدُّ ما استطاع من قوّةٍ يواجه بها عدوَّ الله وعدوَّه، وسيعرف جيداً حقيقة الأعداء الذين لا يُظهِرون له العداوةَ، ويُحصّن نفسَه من أية مؤثرات خارجية، وسيكون على قدرٍ عالٍ من الحذر والانتباه لخطورة العدو وتحَـرّكاته.

 

يمكن إرجاء أسباب تراجع الأُمَّـة الإسْلَامية في الحقبة الأخيرة إلى سبب واحد، يتمثل في أن هناك توجهاتٍ من الأنظمة والجماعات المحسوبة على الإسْلَام حصرت الدينَ الإسْلَامي في الصلاة والصوم فقط، وقدّموا الدينَ بتلك الجزئية وعطّلوا القُـرْآن الكريم الذي هو دستورٌ إلهي يشمل كُلّ الأحكام والقوانين والتوجيهات التي تقدم الإسْلَام منهاجاً واسعاً ومكتملاً، وتتجهُ بالإنْسَان نحوَ معرفة الله وتنظيم كُلّ شؤون الحياة على أساس العدالة والقيم المثلى، وبهذا فلا يكتمل الدين إلا بالعمل بكل ما جاء في القُـرْآن وتفعيل دور الإنْسَان في الحياة وفق مُوجّهات كتاب الله، حيث لا يمكن اكتمالُ الدين بدون الجهاد في سبيل الله ومواجهة الظلم والظالمين أعداءِ الله والمنافقين والمستكبرين، ولا يكتملُ الجهادُ إذا لم يكن انطلاقاً من التوجيهات القُـرْآنية والالتزام بأوامر الله تعالى التي جاء بها الكتاب.

 

ربما رأى الشهيدُ القائدُ أن ما أصَابَ الأُمَّـة الإسْلَامية من تراجُعٍ وهوانٍ وضَعْفٍ أمام الأعداء ومشاريعِهم معلّقٌ بإحلال الأنظمة السياسية وتوجّهاتها محل القُـرْآن الكريم؛ ولذلك اتجه هو _الشهيد القائد _ إلى شَـدِّ الناس إلى كتاب الله وتثقيفهم بثقافة القُـرْآن في مسار متدرجٍ من خلال الملازم على نحوٍ متسقٍ (معرفة الله، والثقافة القُـرْآنية، والموالاة والمعاداة، ودروس رمضان، وأعدوا لهم… إلخ).

 

هكذا قدّم الثقافةَ بداية بالإيْمَان بالله ثم بناء الوعي ثم الإعداد والتحَـرّك بالجهاد في سبيل الله لإرساء الحق والعدالة الإنْسَانية.

 

وهنا يُمْكِنُني أنْ أوضح أهمّ ما تتميّزُ به المسيرةُ القُـرْآنيةُ في أنها مشروعُ هدى لا يضيق _ كما هي حال المذاهب _ بحدود صراعات أيديولوجيا المأثورات، بل إنها مسيرةٌ تنطلقُ من القُـرْآن إلى الواقع وتتسع لتشمل بالهدى كُلّ الكيانات وتحت أية مسميات، ويمكن لهذه المسيرة أن تقودَ الأُمَّـةَ عالمياً بالقُـرْآن وأعلام الهدى، متجاوزةً حدودَ المشاريع الدينية وحتى السياسية الأُخْرَى.