صمود وانتصار

كيف يباد اليمنيون بالأسلحة البريطانية؟

في وقت يذرف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون دموع التماسيح على الشعب السوري وجهت العديد من منظمات الإغاثية الدولية وكذلك الساسة البريطانيون انتقادات حادة إلى كاميرون لإهداره 400 مليون جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب البريطانيين في العدوان على اليمن.

ولا تبيع بريطانيا فقط الأسلحة للسعودية من أجل قتل اليمنيين المدينيين بل تدعم أيضا السعودية دبلوماسيا في حربها في وقت تدين المنظمات الدولية المستقلة المجازر السعودية في اليمن.

وقد حذر مسؤولي حزب المحافظين البريطاني قبيل إنعقاد مفاوضات السلام الخاصة باليمن من نتائج سياسات حكومة كاميرون في غرب آسيا وخاصة في موضوع اليمن معتبرين أن هذه السياسات قد دمرت المساعدات الإنسانية التي قدمتها بريطانيا إلى اليمن خلال العقد الماضي.

وقد صرفت مؤسسة التنمية الدولية البريطانية خلال السنوات الـ5 الماضية 230 مليون جنيه على المشاريع الإنمائية باليمن لكن الآن ومع قتل آلاف اليمنيين وتدمير البنى التحتية وتشريد الملايين اليمنيين ووصول اليمن إلى حدود المجاعة فقد جمرت المشاريع التي بنيت بأموال دفعي الضرائب البريطانية بقنابل وصواريخ الطائرات البريطانية الصنع التابعة للجيش السعودي والتي استهدفت مؤخرا مستودعا للمساعدات الإنسانية تابعة لمنظمة أوكسفام (منظمة دولية لمكافحة الفقر والمجاعة ومقرها في لندن) بالإضافة إلى مراكز طبية تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود.

إن عدوان السعودية وحلفائها على اليمن وسع موطئ قدم القاعدة وداعش في اليمن وهذا يتناقض مع الشعارات البريطانية الرنانة وأقوال المسؤولين البريطانيين بأنهم كانوا يدعمون الحكومة اليمنية بالمساعدات الإنسانية لمنع انتشار التطرف.

ويقول المسؤول السابق في مؤسسة التنمية الدولية البريطانية اندرو ميشل الذي ينتمي لحزب كاميرون أن الشعب اليمني يقتل على يد السعوديين في وقت نحاول نحن إيصال المساعدات إلى اليمنيين عبر الموانئ اليمنية المدمرة بفعل المدافع بريطانية الصنع.

ويعتبر اليمن أفقر بلد عربي وبناه التحتية هي ضعيفة جدا لكنه يتعرض الآن لحصار مدقع بذريعة منع إرسال أسلحة إيرانية إلى اليمنيين وهذا تسبب بنقص حاد في المواد الغذائية والدواء والوقود لأن اليمن كان يستورد 90% من هذه المواد من الخارج قبل العدوان.

ولم تحتج الحكومة البريطانية على هذا الظلم الواضح بل على العكس من ذلك تصر لندن بأن العدوان السعودي هي حرب مشروعه، وقد قال أحد الناشطين في مجال الإغاثة الدولية في اليمن لصحيفة تلغراف البريطانية أن الأوضاع في اليمن هي الأسوأ منذ 11 سنة الأخيرة فالقصف الجوي كان سيئا وكافيا لتدمير اليمن لكن الحصار أيضا زاد الأوضاع سوءاً.

وتطلق وكالات الإغاثة الدولية باستمرار تحذيرات بأن اليمن بات على شفا كارثة إنسانية وفي حال عدم وصول مساعدات إنسانية فالمجاعة والموت هو مصير حتمي لليمنيين لكننا نرى أن بريطانيا التي تعتبر أكبر مصدر للسلاح إلى السعودية منذ شهر مارس حتى الآن تصدر 37 أذنا لتصدير الأسلحة “الصواريخ والقنابل المواجهة” إلى السعودية التي نصف طائراتها هي من نوع تورنادو ويوروفايتر البريطانيتين.

وقد هددت منظمات حقوق الإنسان البريطانية حكومة كاميرون بأنها سترفع ضدها شكوى إذا لم توقف سياساتها في اليمن وبيع السلاح للسعودية، وقد تم في شهر أكتوبر الماضي إلغاء عقد بين بريطانيا والسعودية لتدريب كوادر السجون السعودية بقيمة 9.5 مليون جنيه بسبب ضغط منظمات حقوق الإنسان على الرغم من إصرار كاميرون ووزير خارجيته فيليب هاموند على تنفيذ هذا العقد.

ومن جهة أخرى بدأ بعض القادة العسكريين البريطانيين بتوجيه الانتقادات لسياسات كاميرون وعلى سبيل المثال قال الجنرال تيم كراس الذي كان أحد مخططي الهجوم على العراق: يحق لبريطانيا أن تبيع السلاح للسعودية في إطار القوانين الدولية لكن هناك خطر واضح لمشاركة بريطانيا في الهجوم على المناطق المدنية وهذا خرق للقوانين الدولية.

كما طالب رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس العموم البريطاني كريسبين بلانت بتشديد المراقبة على صادرات السلاح البريطانية ومراعاة القوانين الدولية لأن قوانين الأمم المتحدة تمنع بيع الأسلحة في الحالات التي يحتمل فيها انتهاك حقوق الإنسان.

وللوقوف بشكل أفضل على ما فعلته الأسلحة البريطانية المتدفقة على السعودية باليمن يكفي الإشارة إلى التقرير الأخير لمنظمة الصليب الأحمر الدولي الذي شبه الأوضاع في اليمن بعد خمسة أشهر من العدوان السعودي إلى أوضاع سوريا بعد 5 سنوات من الحرب من حيث حجم الدمار.

 

#الوقت