صمود وانتصار

إحتجاجات بريطانيا ضد زيارة ابن سلمان الأسباب والدلالات

الصمود / 12 / مارس

وسط زخمٍ من الفعاليّات الرافضة لزيارة محمد بن سلمان وصل الأخير إلى العاصمة البريطانيّة لندن، تعدّدت أسباب الرفض بين صفوف المناهضين للنظام السعودي في بريطانيا، منها ما يتعلّق بواقع النظام في الداخل الذي لا يكف عن انتهاح سياسات قمعية تجاه المعارضين.

وأخرى ترتبط بجرائم الحرب في اليمن، وأيضاً رفض التسليح والدعم العسكري الذي تقدّمه الحكومة البريطانيّة للرياض التي تورطت في استخدام أسلحة محرمة دولياً في اليمن كالقنابل العنقودية، الأمر الذي يسجّل انتهاكات صارخة للقوانين الدولية وفقاً للمعارضين.

الأسباب الكامنة وراء رفض الزيارة، عبّر عنها الناشطون بوضوح من خلال التظاهرات التي سبقت وتزامنت مع وصول بن سلمان إلى بريطانيا، حيث تخلل هذه التظاهرات رفع يافطات وهتافات تندّد بإرتكاب “السعودية” لجرائم الحرب في اليمن.

وكذلك التجوّل عبر حافلات متنقلة صدحت منها أصوات المعارضين للنظام السعودي، إلى جانب مجسّمات لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ومحمد بن سلمان توحي بتورّط الأخير في نزف دماء اليمنيين فيما أن ماي ظهرت راضية نتيجة حصولها على المال السعودي (وفقاً للمجسّم)، ومن بين الشعارات التي هتف بها المتظاهرون “غير مرحّب بالأمير السعودي هنا” و “ارفعو أيديكم عن اليمن وأوقفوا القصف فوراً ” وغيرها.

انطلق مئات المتظاهرين للتجمهر أمام المقر الرسمي لرئيسة الوزراء تيريزا ماي في شارع داونينغ الواقع بحي وستمنستر، رافعين شعارات الإدانة لإنتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل السلطة، وقد تزامن ذلك مع وصول ولي العهد السعودي إلى العاصمة البريطانية، حيث استُقبل بهتافات عالية منددة بجرائمه في اليمن وانتهاكات ماي لحقوق الإنسان ومن العبارات التي استخدمت “بن سلمان إرهابي” فيما أقدمت الشرطة البريطانية على اعتقال أحد المحتجّين بعد رشقه لسيارة شرطيّة ببيضة لحظة وصول بن سلمان إلى المكان، كما نُظمّت وقفة إحتجاجيّة ضد زيارة محمد بن سلمان في مقاطعة شيفيلد شمال لندن.

المتظاهرون الذين يشتملون على جاليات يمنية وسعودية وإسلامية في بريطانيا إلى جانب معارضين بريطانيين، يختلفون في نشاطاتهم ومناصبهم إذ ضمّت الفعاليات شخصيّات سياسة وقيادات حزبيّة وأخرى حقوقيّة، وعن القيادات الحزبية البارزة فهما كل من زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار فنس كيل وزعيم حزب العمال جيرمي كوربن، ويعد كل من وزيرة الخارجية في حكومة الظل إيميلي ثورنبيري وراشيل ريفز رئيسة اللجنة المعنية بإستراتيجيات الصناعة والتجارة والطاقة في البرلمان البريطاني من أبرز الوجوه السياسية المعارضة، فيما أن إئتلاف “الحملة ضد تجارة الأسلحة” وإئتلاف “أوقفوا الحرب”، يعتبران من أكثر الجماعات الحقوقية المعارضة للنظام السعودي في بريطانيا واللذين عملا على تنظيم وتنسيق التظاهرات.

تزامن الغضب الشعبي والسياسي مع حملات إلكترونية مناهضة للسلطات السعودية على موقع التدوين المصغّر تويتر تحت وسم #SaudiPrinceNotWelcome إذ تضمن الوسم تغريدات منددة بجرائم النظام السعودي في اليمن مرفقةً بملفات صور ضحايا يمنيين وتصاميم تظهر الإعدامات التعسفية في “السعودية”، جرى مقاربتها مع إعدمات التنظيم الإرهابي “داعش”، وأيضاً جرى نشر مقاطع فيديو تظهر الاحتجاجات الشعبية على متن الحافلات المتنقلة.

وتحت عنوان “في الرياض وليس في لندن” عبّر رواد مواقع التواصل الإجتماعي في بريطانيا عن اعتراضهم على الدعاية السياسية التي قامت بها شركات الضغط البريطانية وبعضٌ من وسائل الإعلام لتلميع صورة محمد بن سلمان أمام الرأي العام، وانتقد مستخدمي وسائل التواصل صور ولي العهد السعودي التي انتشرت بصورة واسعة أكثر من صور ملكة لندن ورئيسة وزرائها والعائلة الحاكمة والحكومة على حدّ تعبير مستخدمي وسائل التواصل.

الجدير ذكره هو أنه كان من المقرر أن يقوم محمد بن سلمان بزيارته إلى بريطانيا في الفترة المحددة بين يناير وأوائل فبراير الفائت، إلا أنها تأجلت، بعدما أقدمت شخصيات برلمانية من مختلف الأحزاب في مجلس العموم البريطاني بالتوقيع على عريضة طالبوا فيها رئيسة الوزراء تيريزا ماي بإلغاء زيارة محمد بن سلمان إلى البلاد وذلك بالتوازي مع تصاعد وتيرة الإحتجاجات الشعبيّة والحقوقيّة والإعلامية الرافضة للزيارة، والمطالِبة بمراجعة الملف الحقوقي للرياض.

ويشار إلى أن التحالف الذى يقوده النظام السعودي يشن على اليمن منذ آذار 2015 عدواناً ساحقاً أدى إلى مقتل حوالي عشرة آلاف شخص فيما أصيب 52 ألف منهم بجروح وفق إحصائيات منظمة الأمم المتحدة كما خلّف دماراً بالمنشآت الصحية والتعليمية والبنى التحتية في البلاد أدى إلى تدهور الأوضاع الإقتصادية وانتشار الأوبئة والأمراض بسبب الحصار الشامل على المنافذ اليمنية.

10 مارس/آذار 2018

بقلم : حسن الطاهر