هل نشهد موجة جديدة من “الربيع العربي”
الصمود– “بعد مرور ثماني سنوات على “الربيع العربي” الذي لم تتم السيطرة عليه بعد، فإنّ موجة ثانية من “الثورات” باتت تطرق الأبواب” هذا ما خلص له محللون وخبراء عرب وشرق أوسطيون، مؤكدين أن الموجة الثانية أصبحت “حتمية”، حيث أرجع الخُبراء أسباب هذه الموجة إلى العوامل الاجتماعية والاقتصادية السيئة التي تعيشها بلدان ما يُسمى بـ “الربيع العربي”، حيث إن هذه الأسباب هي التي حفّزت الثورات التي قامت بين ديسمبر/ كانون الأول من العام 2010، وديسمبر/ كانون الأول من العام 2012، مشيرين إلى أنّ هذه الأسباب ما زالت موجودة وأنّ الموجة الثانية باتت حتميّة.
ونقلت صحيفة “ديلي اكسبرس” البريطانية عن الدكتور محمد محجوب هارون أستاذ العلوم الاجتماعية ومدير مركز أبحاث السلام في جامعة الخرطوم قوله: “إن التوسّع الحضري الهائل وغير المنظّم، والضغط على أسواق العمل، بالإضافة إلى عوامل اجتماعية واقتصادية أخرى؛ زادت من رغبة الشباب في المجتمعات العربية بموجة ثانية من الثورات”.
وأشار هارون بحسب الصحيفة إلى أن التحضّر غير المنضبط والركود الاقتصادي وقوى السوق المُسيطرة، كانت هي القوى الاجتماعية الاقتصادية المركزية الثلاث الأساسية التي تسببت في انتشار “الربيع العربي” عبر العديد من البلدان بدايةً من شمال أفريقيا ووصولاً إلى الشرق الأوسط.
وأضاف: “طالما استمرت هذه العوامل في الوجود، فإن الانقسامات داخل الدول والمجتمعات العربية، بالإضافة إلى الرغبة بين مواطني هذه الدول في السعي إلى التغيير السياسي تظلّ مستمرة ومتزايدة”.
بدوره حمود العليمات أستاذ علم الاجتماع في جامعة قطر اتفق مع ما ذهب إليه محمد هارون، حيث يؤكد العليات أنّ العوامل الاجتماعية والاقتصادية تدفع العالم العربي نحو مزيد من الاضطرابات.
وأشار العليات إلى أنه ما لم يتم إدخال إصلاحات اجتماعية وسياسية في المنطقة؛ فإن القوى الحاكمة ستشهد موجة جديدة من الثورات والعنف، منتقداً في الوقت ذاته الأنظمة الملكية العربية المحافظة التي سعت إلى تعزيز سلطتها في أعقاب الثورات السابقة، متخذين بعض الخطوات لزيادة التقدم في بلادهم.
وأشار عليمات إلى أن المواطنين العرب قد شهدوا تغييراً في هذه الدول المحافظة المتشددة وكسر حاجز الخوف، وستصبح “الثورات” حتمية على الرغم من تراجع القوى المعادية “للثورات”.
ونقلت الصحيفة في معرض تغطيتها لأحداث فعاليات منتدى الجزيرة والذي حمل عنوان “هل تفجّر الأزمات الاجتماعية والاقتصادية موجة ثانية من التغيير في المنطقة؟”، الذي عُقد في العاصمة القطرية الدوحة، عن عدد من المُحللين تأكيدهم أنّ النسبة العالية من الشباب في هذه البلدان، والذين يقدّر عددهم بنحو 400 مليون شخص هم دون سن الخامسة والعشرين، وسيكون لهم تأثير كبير على تطور العالم العربي.
بالإضافة إلى ما سبق؛ أشارت الصحيفة إلى أنّه وبجانب الافتقار إلى الحرية في المجتمعات القمعية للغاية، الأمر الذي سيدفع الشباب إلى البحث عن التغيير مرة أخرى، حيث شهد “الربيع العربي” في العام 2011 قيام دول عربية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط بالتمرد على الأنظمة والملكيات القمعية الحاكمة.
وتابعت الصحيفة: في حين تجنّبت دول كتونس والأردن الانحدار إلى أعمال العنف والقتال؛ تصاعدت حدّة العنف في دول مثل اليمن وليبيا وسوريا، ووصلت إلى قيام الحروب الأهلية المدمرة.
ففي مصر وكما تقول الصحيفة، قُتل ما يصل إلى 900 شخص خلال الثورة التي أدّت إلى سقوط نظام حكم الرئيس حسني مبارك في عام 2011، ومن ثم تبِعه سقوط حكم خليفته محمد مرسي الذي كان ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين عن طريق الجيش في يوليو/ تموز 2013.
ومع ذلك وبحسب تعبير الصحيفة؛ تمكّنت مصر من استعادة السيطرة على الأوضاع عقب انتخابات 2012، لكن البعض يعتقد أن الاستبداد بات أكبر بكثير في عدد من البلدان مما كانت عليه قبل عام 2011، ناهيك عن غياب الحريات المدنية التي بات تطبيقها أكثر تقييداً عن الفترة التي سبقت “الربيع العربي”.
ففي البحرين على سبيل المثال كما تقول الصحيفة؛ تم سحق المطالبين بالحقوق الديمقراطية وذلك من قبل النظام الملكي الحاكم.
ختاماً، يؤكد الخبراء أنه من الصعب توقّع انفجار تغييرات جديدة في المنطقة، حيث إنّ الشعوب تعلّمت دروساً عدّة من الماضي، فلم يكن متوقعاً ما حدث عام 2011، مشيرين إلى أنّ التغيير عادةً ما يأخذ وقتاً كبيراً كالثورة الفرنسية مثلاً.