أسبوع ذهبي لمحور المقاومة بالمعايير كلّها
الصمود| لم تدّخر أمريكا وحلفاؤها الصغار في المنطقة جهداً في توجيه الطعنات الواحدة تلو الأخرى إلى محور المقاومة أملاً في تفتيت ترابطه وقطع الحبل الذي يشكل العمود الفقري لقيامه ابتداءً من طهران مروراً ببغداد ودمشق وصولاً إلى لبنان واليمن.
فشل تلو الفشل شهدته جميع المخططات الرامية للقضاء على هذا الحلف، على الرغم من صرف ملايين الدولارات وربما المليارات لإلحاق الأذى به وتقسيمه ومنعه من إيجاد خطوط تواصل مهما كلف الثمن، ولكن ولسوء حظ المتحالفين ضد محور المقاومة فإن طعناتهم الموجهة للحبل الذي يربط دول هذا المحور تحولت إلى ما يشبه قطع “الحبل السري” الذي بشر بولادة جديدة لهذا المحور بعد مخاض أليم، شهد حياةً جديدة عوضاً عن موت كانت تحلّم به واشنطن وحلفاؤها.
الولادة الجديدة لهذا المحور بدأت بشائرها من سوريا التي نفضت عن جبين عاصمتها رجس الإرهاب، لتصبح أقدم عاصمة في التاريخ خاليةً من المسلحين لأول مرة منذ بداية الأزمة السورية، حيث أصبحت بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم بريف دمشق الجنوبي خالية من المسلّحين مع الانتهاء من إخراج آخر دفعة منهم إلى شمال سوريا وتم خلال الأيام الأربعة الماضية إخراج مئات الإرهابيين وعائلاتهم عبر 171 حافلة من البلدات الثلاث، ونقلها بإشراف الهلال الأحمر العربي السوري إلى جرابلس وإدلب.
ولم تكتفِ دمشق بإعادة الإشراقة إلى وجهها بطرد المسلحين بل رسمت هالة من الكبرياء والعزة لوجه هذا البلد يوم الخميس الفائت بالتزامن مع خروج المسلحين منها، حيث ردعت كيان الاحتلال ووضعت حدّاً لانتهاكاته المتكررة لأرض الشام دعماً للمسلحين علّها تستطيع من خلال هذه الانتهاكات إعادة الروح إليهم وإنعاشهم بعد أن ضيّق الجيش السوري وحلفاؤه الخناق عليهم، وقضى على كل أمنياتهم في البقاء وتنغيص سير الحياة الطبيعي في العاصمة دمشق.
فجر يوم الخميس أُطلقت من الأراضي السورية عشرات الصواريخ نحو الجولان المحتل، لم تستطع القبة الحديدية “الإسرائيلية” اعتراض أكثر من ثلثها باعتراف مصادر “إسرائيلية” على عكس ما حاول تروجيه القادة “الاسرائيليون” بأن هذه الصواريخ لم تحقق أي إصابات، إذ إن هناك معلومات مؤكدة بأن صواريخ المقاومة دمرت مراكز حساسة للجيش “الإسرائيلي” في الجولان من مراكز استطلاع وتنصت وتشويش وغيرها، ومع ذلك امتصت “إسرائيل” الصدمة وصرّحت بأنها لا تريد تصعيد الأمور، وقد تحدث بكل صراحة وزير الدفاع “الإسرائيلي” أفيغدور ليبرمان بعد الضربة العسكرية: أن ” إسرائيل لا تريد تصعيد الأوضاع ونأمل أن يكون “هذا الفصل قد انتهى”، وفي نفس السياق صرّح وزير الداخلية “الإسرائيلي” عضو المجلس الوزاري المصغر آريه درعي قائلاً: “إسرائيل لا تريد حرباً ولا تهرول إلى معركة”.
هذا عن سوريا أما لبنان، فقد توّج هذا البلد انتصارات محور المقاومة بانتصار سياسي كان المخطط ألّا يحدث مهما كلف الثمن، وتمّ ضخ أموال سعودية بشكل لا يصدق حتى لا ينتصر أنصار “محور المقاومة” في لبنان بالانتخابات البرلمانية، ولكن ما حصل جاء مخيباً لآمال “الإسرائيليين” والأمريكيين والسعوديين على حد سواء، إذ حصل حزب الله على 27 مقعداً في البرلمان من أصل 28، وبالتالي تمكن حزب الله من تكريس نفسه اللاعب السياسي الأقوى على الساحة اللبنانية مدعوماً بحلفاء كثر، وما نجاحه بهذه الانتخابات إلا دليل على ثقة الشعب اللبناني به واحتواء أفكاره ودعمه والوقوف على جانبه في تصديه للاعتداءات “الإسرائيلية”، وهذا الأمر ليس في مصلحة الصهاينة لأن هذا النصر السياسي يوحي “للإسرائيليين” بأن أي حرب قادمة سيكون فيها الشعب اللبناني إلى جوار حزب الله وهذا ليس جيداً بالنسبة لهم في المحافل الدولية، وبالتالي أصبح خيار الحرب على لبنان محفوفاً بالمخاطر التي لن يستطيع “الإسرائيلي” تحمل فاتورتها.
بعد لبنان دعونا نتحدث عن العراق الذي بدأت فيه صباح اليوم الانتخابات النيابية والتي تحمل أهمية كبيرة ومعانٍ وطنية سامية للداخل والخارج، فالعراق يجري هذه الانتخابات لأول مرة بعد القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي، وبالتالي تعد هذه الانتخابات تتويجاً للانتصار العسكري على الإرهاب وتمهيداً لانتصار سياسي ستظهر نتائجه في الساعات المقبلة وسيساهم هذا في بناء مستقبل سياسي للعراق وسيضع هذه البلد الذي قدم آلاف الشهداء دفاعاً عن وحدة التراب على الطريق الصحيح لإعادة السيادة والكرامة وبناء غد مشرق يكون لجميع العراقيين نصيب منه.
أما اليمن، ورغم جراحه الكبيرة إلا أن هذا البلد أثبت للمعتدين عليه بأن إرضاخه وجعله بلداً تابعاً لا يملك أي سيادة أمراً مستحيلاً، وقد برزت مؤخراً الوحدة الكبيرة التي شهدتها الجبهة الداخلية مقابل الخلافات الكبيرة بين الإمارات والسعوديّة في جزيرة سقطرى الأمر الذي أدى إلى تهديد الإمارات بإعادة تقييم حضورها في التحالف العربي.
ونختم مع إيران، التي يجري الحديث حالياً عن عواقب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي ومدى تأثير ذلك على الداخل الإيراني وسياسته الخارجية، إلا أن هذا الانسحاب وإن بدا في الظاهر سلبياً إلا أنه في الحقيقة هو انتصار لإيران لسببين، الأول أمريكا لم تكن ملتزمة بتعهداتها أساساً في الاتفاق بل كانت تناور، ثانياً: أثبت هذا الأمر التزام إيران بتعهداتها مقابل نكث واشنطن لعهودها، ورصانة الدبلوماسيّة الإيرانيّة، مقابل تهور نظيرتها الأمريكية.