صمود وانتصار

“بوليوود” ودبلوماسية السينما الإسرائيلية

الصمود|تقوم الكثير من بلدان العالم بالعديد من الاستثمارات الكبيرة وصرف مليارات الدولارات لتحسين صورتها أمام الرأي العام العالمي ونظراً لأن “بوليوود” تُعدّ واحدة من أكبر شركات صناعات السينما في العالم، فلقد قام رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” خلال زيارته التي قام بها مؤخراً للهند بعقد لقاءات مع مجموعة من الشخصيات الفنية البارزة في البلاد وقدّم لهم دعوة للحضور، والمشاركة في الأنشطة السينمائية التي تقام في الأراضي المحتلة، من جهته أعرب “أميتاب باتشان”، أشهر ممثلي السينما الهندية عن أمله في أن تعمل السينما على تقوية العلاقات بين الدولتين وفيما يلي سوف نسلط الضوء على أبرز العوامل المتعلقة بدبلوماسية السينما الإسرائيلية وتأثير التعاون مع “بوليوود” على توطيد العلاقات بين البلدين وتحسين صورة الكيان الإسرائيلي في العالم.

1 ) دبلوماسية السينما

الدبلوماسية هي فن إدارة العلاقات بين الدول أو إدارة علاقات الدول مع الجهات الفاعلة الأخرى في الساحة الدولية ويمكن النظر إلى دبلوماسية السينما كنوع من أنواع “الدبلوماسية الثقافية” التي يكون جمهورها الرئيسي سكان المجتمع، والغرض من هذه الدبلوماسية هو تغيير أو التأثير على الرأي العام عند المجتمع بما يتماشى مع المصالح الوطنية للبلد الذي يفرض هذا النوع من الدبلوماسية.

2 ) بوليوود

“بوليوود” أكبر منتج أفلام في الهند وواحدة من أكبر مقرّات إنتاج الأفلام في العالم وبحلول ثلاثينيات القرن العشرين كانت صناعة السينما في “بوليوود” تُنتج أكثر من مئتي فيلم في السنة، وكان أول فيلم هندي ناطق “أضواء الدنيا” في عام 1931 وبعد ذلك تحوّلت “بوليوود” وجميع مناطق صناعة الفيلم الهندي الإقليمية إلى الأفلام الناطقة بسرعة، وفي وقتنا الحاضر أثبتت الأفلام البوليودية وجودها في الخارج وفي شباك تذاكر خارج الهند.

3 ) العلاقات بين الهند والكيان الصهيوني

لم يعترف الساسة الهنود بالكيان الصهيوني الذي نشأ على مبدأ الغصب والاحتلال قبل عدة عقود ووجّهوا له الكثير من الانتقادات والإدانات جرّاء الجرائم الوحشية التي قام بها ضد المواطنين الفلسطينيين العزّل ولكن في عام 1992 وبعد عام من بدء عملية مفاوضات السلام التي عقدت بين العرب والكيان الصهيوني في العاصمة “مدريد”، بدأت العلاقات بين الهند والكيان الصهيوني تتحسن يوماً بعد يوم وفي تلك الفترة الزمنية تبادل الجانبان ممثلين دبلوماسيين رسميين في كلا البلدين، وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، كان للتبادلات التجارية بين البلدين في مجال الأسلحة والتعاون العسكري، أثر بالغ على تحسين وتقوية العلاقات في كل المجالات بينهما.

4 ) برامج الكيان الغاصب لتحسين صورته الدولية

كانت قضية تحسين صورة هذا الكيان الغاصب والمنتهك لحقوق الإنسان في العقود الأخيرة، واحدة من الشواغل والبرامج الرئيسة التي تؤرّقه وهنا سوف نستعرض بعض المؤسسات والبرامج الرئيسة لهذا الكيان التي يسعى من خلالها إلى تعزيز سمعته وهي:

1. 4 ) مجموعة تمثيل “إسرائيل”

في عام 2005، قرّر مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية ووزارة التجارة في “إسرائيل”، بعد ثلاث سنوات من التشاور مع المستشارين الماليين والإذاعيين الأمريكيين، أن ينتجوا برنامج “الكشف عن إسرائيل” الذي يرمي إلى تحسين سمعة الكيان الصهيوني في العالم وإظهاره بشكل متطوّر ومدني بدلاً من إظهاره على شكل شخصيات عسكرية ودينية.

2-4 ) “إسرائيل” في القرن الواحد والعشرين

تم البدء بهذا المشروع في عام 2001 في ولاية “كاليفورنيا” الأمريكية وذلك من أجل تحسين وتعزيز صورة الكيان الصهيوني في العالم وتضليل الرأي العام العالمي حول الجرائم التي قام بها ذلك الكيان، وفي وقتنا الحالي لا يزال هذا المشروع ينشط في العديد من بلدان العالم.

3-4 ) حرم كلية “هيليل” الجامعي

تعتبر هذه الكلية من إحدى كليات جامعة “إلينوي” بأمريكا وتم تسميتها على اسم الباحث اليهودي “هيليل” وهذه الكلية تعتبر أيضاً أكبر مجموعة أكاديمية يهودية في العالم.

5 ) الرأي العام عند الشعب والنجوم الفنيين الهنود تجاه الكيان الصهيوني

أحد أهم عناصر نجاح أو فشل سياسة الترويج التي تهدف إلى تحسين صورة الكيان الصهيوني باستخدامه لسينما “بوليوود”، هو كيف يستطيع هذا الكيان أن يحسّن وجهة نظر الرأي العام عند الشعب والنجوم الفنيين الهنود تجاهه ومن أجل معرفة هذا الشيء بشكل أكثر دقة، ينبغي التمييز بين وجهة نظر الرأي العام الهندي ووجهة نظر النجوم الفنيين الهنود.

1-5) الشعب الهندي

يُقدّر عدد المسلمين في الهند بنحو 200 مليون مسلم، والمسلمون الهنود كغيرهم من المسلمين في العالم، يكرهون الكيان الصهيوني ويدينون جرائمه؛ لدرجة أنهم قاموا في عام 2008، بمهاجمة أحد المراكز الصهيونية في مدينة “مومباي” الهندية.

2-5) نجوم الفن الهنود

فيما يتعلق بآراء مجتمع الفن النخبة في الهند تجاه الكيان الصهيوني، نرى بأن الجرائم التي قام بها هذا الكيان الغاصب معروفة في أوساط هذه النخبة الفنية وهنالك الكثير من نجوم الفن الهنديين لديهم نظرة سلبية أكثر “مقارنة مع الرأي العام للشعب الهندي” تجاه هذا النظام.

6) نجاح أو فشل دبلوماسية السينما للكيان الصهيوني

بالنظر إلى جميع القدرات والتحديات التي تواجه دبلوماسية السينما للكيان الصهيوني في “بوليوود”، فإنه لا يمكن اعتبار هذه الدبلوماسية ناجحة للغاية على المدى القصير ولكن يمكن لهذه السياسة، على المدى الطويل أن تؤدي إلى إيجاد تغيير في أذهان وعقلية جمهور السينما في “بوليوود” (على الأقل بين السكان غير المسلمين).

7) النتيجة والخاتمة

لم ينشأ الكيان الصهيوني فقط على مبدأ الاحتلال والاغتصاب والجرائم ولكنه ومنذ نشأته كان من أكبر منتهكي حقوق البشر في العالم وهذه العوامل نفسها هي التي جعلت منها، الحكومة الأكثر كُرهاً في نظر الكثير من الناس في العالم ولذلك، وضع هذا الكيان في السنوات الأخيرة مشاريع لتحسين صورته وسط الساحة الدولية وفي هذا الصدد وبعد التشاور مع بعض شركات الإعلان والتسويق الأمريكية، بدأ هذا الكيان بإنشاء ودعم الكثير من المؤسسات اليهودية للقيام بحملات إعلامية لتحسين صورته عند الرأي العام العالمي.