السعودية والإمارات فقدتا التحكّم في مستقبل الحرب على اليمن “تقرير”
الصمود / 20 / مايو
كتب / صلاح السقلدي
بات أمر تحديد متى وكيف يتم وقف الحرب على اليمن، ولمصلحة مَن توظَّف نتائج هذه الحرب مرهوناً بيد القوى الكبرى وأميركا تحديداً بعد أن باتت هذه القوى وخصوصاً في عهد الرئيس الأميركي ترامب – هي مَن تضبط إيقاع هذه الحرب ومعظم الأحداث في المنطقة والعالم.
لم تَـعُـد مسألة استمرار ووقف والتحكّم بالحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من ثلاثة أعوام والتي أطلقتها المملكة السعودية باسم التحالف بمشاركة إماراتية فاعِلة ومشاركة افتراضية للدول الأخرى المنضوية شكلاً تحت هذا التحالف بيَـدِ المملكة والإمارات بل صارتْ مرتبطة ارتباطاً كلياً بمستقبل التطوّرات التي تعصف في المنطقة العربية – وفي سوريا والخليج تحديداً- كونها حرباً تمت في الأساس على خلفيّة صراع وتنافُس اقليمي ودولي حتى وإن كان السبب المُعلَن هو إعادة السلطة المُعترَف بها دولياً إلى سدّة الحُكم في صنعاء.
وبات أمر تحديد متى وكيف يتم وقفها ولمصلحة مَن توظَّف نتائج هذه الحرب مرهوناً بيد القوى الكبرى وأميركا تحديداً بعد أن باتت هذه القوى وخصوصاً في عهد الرئيس الأميركي ترامب- هي مَن تضبط إيقاع هذه الحرب ومعظم الأحداث في المنطقة والعالم عن بُـعد بحسب الحاجة السياسية في ظلّ صراعها أي “القوى الكبرى ” في المنطقة وتوظيفها في خدمة المصالح الإسرائيلية بدرجة أساسية في إطار الصراع المُستعر مؤخراً في المنطقة باعتبارها حرباً تستهدف بالمقام الأول النفوذ الإيراني بحسب الاعتقاد الإسرائيلي والسعودي والأميركي، وباعتبار استمرارها يمثّــل سوقاً مزدهرة لتجارة السلاح بحسب المنظور الأميركي والأوروبي.
ترى بعض القوى اليمنية التي أيّـدتْ هذه الحرب في بدايتها أن الإمارات والسعودية قد خرجتا عن مسار هذه الحرب وصرفتا مؤخراً نظرهما بعيداً عن الإيفاء بوعدهما بإعادة الشرعية إلى الحُكم وهزيمة ماتسميهم “الإنقلابيين” وبالذات بعد مقتل الرئيس السابق صالح الذي كانتا تراهنان عليه لتقويض القلعة الحوثية من الداخل وباتت هاتان الدولتان “الإمارات والسعودية” بحسب هذه القوى اليمنية وحزب الإصلاح بالذات تتصرّفان تصرّف المحتل الغشوم من خلال ترسيخ وجودهما العسكري في مناطق لا علاقة لها بالمحافظات التي تسيطر عليها الحركة الحوثية ومن هذه المناطق جزيرة سوقطرة في بحر العرب ومحافظة المهرة في أقصى جنوب شرق على الحدود العُمانية ناهيك عن الساحل الغربي البعيد جغرافياً عن صنعاء المُستهدَف إسقاطها من هذه الحرب وتشجّعان قوى خارجة عن كَنَف الشرعية وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يحظى بقاعدة جماهيرية عريضة في الجنوب وينشد استعادة دولة جنوب ما قبل عام 1990م.
فحين نقول إنَّ هذه الحرب لم تعد تخصّ المملكة والإمارات – فضلاً عن اليمن – ولم يعد قرار وقفها بيَد هؤلاء ولا بيَد مَن أعلنها من واشنطن ليلة 25/26مارس آذار عام 2015م بعد أن جرت في النهر- الاقليمي واليمني- مياه كثيرة ، وتدخّلتْ أحداث مهمة في المنطقة في العامين الماضيين خلطت حابِل الغرب بنابِل الشرق أرخت معها أو- قُــل أفلتت- معها خيوط هذه الحرب من يدَيِّ السعودية والإمارات ولكن بعد ما حققتا لنفسيهما مكاسب ونفوذاً طاغيين في اليمن بشكلٍ لا يمكن تجاهله – وباتت” الحرب” عوضاً عن ذلك بيَد أميركا وشركائها بشكلٍ واضحٍ وباتت هذه الدول الكبرى ترى في اليمن ساحة حربٍ مُنسابة لتصفية حساباتها القديمة والجديدة مع إيران وربما مع روسيا خصوصاً بعد التدخّل الروسي في سوريا إلى جانبِ الدولةِ في دمشق التي ترى فيها أميركا وبعض دول أوروبا والسعودية ومن خلفهم جميعاً إسرائيل سلطة مُعادية يجب إسقاطها ولو على الطريقة العراقية والليبية ، فإننا هنا نستند إلى حدثين مُزلزلين حدثا منذ عام على الأقل :
أولاً: اشتداد الصراع في المنطقة وبالذات في سوريا وعلى وجه الدقّة منذ استلام الرئيس الأميركي ترامب الحُكم وهو الرئيس المؤيِّد بشكلٍ مُطلَق للسياسة الإسرائيلية في المنطقة إلى درجة بالغة من التحيّز الذي لا سابق له بعلاقات البلدين بلغ ذروته بقرار نقل السفارة إلى مدينة القدس العربية حيث بات كل أعداء إسرائيل هم بالضرورة أعداء لأميركا يجب تصفيتهم وقصفهم من دون هوادة وعلى رأسهم إيران وحلفاؤها في المنطقة. يُحاكي هذا الموقف الأميركي الإسرائيلي المُتشدّد مع حلفائها الهواجس والتطلّعات السعودية إلى درجة التطابُق حيال إيران جعل معها القناعة السعودية تزداد ترسّخاً لجعل الحرب في اليمن تحت تصرّف الصراع الدائر في المنطقة ما يعني بالضرورة أن استمرار ووقف هذه الحرب مرهوناً بشكلٍ لا لبس فيه باستمرار ووقف الصراع الاقليمي زادتْ القناعة السعودية ترسّخاً أكثر وأكثر بعد قرار ترامب التنصّل من الاتفاق النووي مع إيران وهو القرار الذي جعل السعودية وإسرائيل يتمايلان له طرَباً وبهجة.. فكل هذه التطوّرات المُتسارِعة بكل خطورتها تعني بالنسبة لليمن المُـضي نحو مزيدٍ من مزالق العناء والتشظّي والتفتّت ليس فقط إلى يمن شمالي وجنوبي كما كان قبل عام الوحدة 90م كما يأمل الجنوبيون المُتطلّعون للإفلات من القبضة الشمالية الخشنة بل إلى فُسيفساء يمنية تصعب لملمتها.
ثانياً: منذ إخراج دولة قطر من الشراكة في هذه الحرب بعد اندلاع الأزمة السياسية الحادّة بينها وبين هذا التحالف أو بالأصح مع – السعودية والإمارات ومصر والبحرين – فقد عمدت قطر على إثر ذلك إلى التدخّل بشكلٍ قوي ولو غير مباشر في الشأن اليمني من منطق:” رد الصاع صاعين” وباتت أكثر تأثيراً ونفوذاً في الشأن اليمني في مواجهة السعودية والإمارات أكثر مما كانت عليه قبل إخراجها وصارت تشكّل لهما قلقاً مُريعاً سياسياً وعسكرياً وإعلامياً بما تمتلكه من طاقات مالية وإعلامية ضخمة، خصوصاً ولديها حليف يُعتبَر أكبر وأقوى الأحزاب اليمنية على الإطلاق” سياسياً وعسكرياً وجماهيراً ” حزب الإصلاح – إخوان اليمن-” الذي وبرغم كونه يشكّل أكبر القوى داخل الشرعية التي تعتمد عليها السعودية والإمارات كحليفٍ سياسي وعسكري لهزيمة الحوثيين ، ويسعى من خلال دعم هذا التحالف إلى استعادة سلطته في صنعاء ، إلا أنه بات مؤخراً يبتعد كثيراً عن مربع الرياض وأبوظبي وصار ولو عبر شخصيات من الصف القيادي الثاني يجأر بعدواته لهاتين الدولتين ويعتبرهما دولتي احتلال صريح ، تحرّكه في ذلك النزعة الإخوانية المُتجذّرة فيه بوجه خصميه وخصمي قطر: الإمارات والسعودية الوهّابية ناهيك عن امتلاكه براعة وخبرة سياسية لا نظير لها لدى القوى اليمنية الأخرى.
وهذا يعني أضافة إلى ما سبق ذكره أن هذه الحرب صارت عبارة عن مرآة عاكِسة ورجع لصوت قادم من هناك وبات بالتالي أمــر استمرارها ووقفها مرتبطين عضوياً باستمرار وانتهاء هذا الصراع وهذا التجاذُب الخليجي بعد أن صار اليمن شمالاً وجنوباً مجرّد ملعب للاعبين كُـــثُر قدموا من خلف الحدود خِلسة من الزمن.