احتجاجات الأردن تستعر: هل قاد الملك عبدالله بلاده إلى المجهول؟!
الصمود|لا تبدو الأوضاع السياسية والاقتصادية في الأردن تسير على نحو جيد، وفي ظاهر الأمر إنّ الشعب الأردني ضاق ذرعاً من الأوضاع المعيشية الصعبة وفرض أكثر من 100 ضريبة في البلاد، ما دفع المواطنين للنزول إلى الشارع وبدء مظاهرات احتجاجية امتدت من شمال البلاد حتى جنوبها لليوم السادس على التوالي دون أن تحدّ “استقالة الحكومة” من وقعها بل على العكس تأججت أكثر وانضمت إليها النقابات.
موقف الملك مما يجري!!
الملك الأردني عبد الله الثاني يعيش أوقاتاً عصيبة لا يحسد عليها، خاصةً بعد أن أدارت كل من “أمريكا والسعودية والإمارات” ظهرها له وتخلوا عنه في أحلك ظرف تمرّ به المملكة الأردنية إن لم نقل بأنهم سبب وصول هذا الظرف إلى هذا الحدّ.
ملك الأردن لم يتعامَ عن أزمة بلاده التي دفعته للخروج مرتين والإدلاء بتصريحات توضّح للمواطنين ما يجري علّها تكون بمثابة مخدّر ريثما تجد القيادة السياسية حلّاً لهذه الأزمة التي بدأت تعصف بالبلاد، فخلال لقائه أمس الاثنين برؤساء تحرير وكتاب صحفيين، أعاد عبد الله الثاني التأكيد على دور “الظرف الإقليمي” في الأزمة التي تعيشها بلاده، الأمر الذي تحدث به أيضاً خلال ترؤسه اجتماع “مجلس السياسات الوطني” أول أمس الأحد، كما ردده في تصريحات واجتماعات سبقت الأزمة الحالية.
وقال الملك عبد الله الثاني إن “الأردن واجه ظرفاً اقتصادياً وإقليمياً غير متوقع، ولا توجد أي خطة قادرة على التعامل بفعالية وسرعة مع هذا التحدي”، وأضاف: “الأردن اليوم يقف أمام مفترق طرق، إما الخروج من الأزمة وتوفير حياة كريمة لشعبنا، أو الدخول -لا سمح الله- بالمجهول، لكن يجب أن نعرف إلى أين نحن ذاهبون”.
إذاً الملك عبدالله مدرك تماماً لما يجري ولكن أصعب ما يمكن قوله عن أزمة الأردن أنه “ما باليد حيلة”، لمجموعة من الأسباب نفندها بالتالي:
أولاً: الحكومة الأردنية تفرض ضرائب كثيرة وكبيرة على مواطنيها لتغطية ما يمكن تغطيته من العجز الاقتصادي الذي تمرّ به البلاد والذي يمكن ربطه بشكل مباشر بالمواقف السياسية للمملكة خلال الأشهر القليلة الماضية والتي جاءت متباينة وبعيدة عن مواقف الداعمين لها اقتصادياً “أمريكا، السعودية والإمارات” فيما يخصّ ملف “القدس” بشكل خاص والعلاقة مع “إيران وتركيا” بشكل عام، وأكثر من ذلك الأردن لم تقف في صف هذه الدول الثلاثة فيما يخص صفقة القرن، لذلك هي اليوم تدفع ثمن موقفها من ذلك.
وفي هذا السياق أكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن السعودية إلى جانب الإمارات والكيان الإسرائيلي وأمريكا يلعبون دوراً مشبوهاً في الاحتجاجات التي تشهدها المحافظات الأردنية احتجاجاً على قانون الضريبة المضافة.
وتحدثت مصادر مطّلعة عن تأثر علاقة الملك بواشنطن بتحريض من أطراف عربية ترغب في إبعاده عن التأثير في ملفات المنطقة، لمصلحة المحور الذي بات يتشكل من واشنطن وتل أبيب والدولتين الخليجيتين اللتين لم يعد سرّاً سعيهما لبناء تحالف يحوّل أولوية الصراع في المنطقة من “إسرائيل” إلى إيران.
ثانياً: الملك عبدالله كان منخرطاً ضمن محور ما، وكانت تدار “غرفة الموك” التي لعبت دوراً محرضاً في الأزمة السورية من الأردن، واستقبلت الأردن عدداً لا بأس به من اللاجئين السوريين، وكان الملك يعوّل حينها في الحصول على مساعدات اقتصادية خليجية وأمريكية من خلال هذا الموقف، وكانت الأمور تسير على نحو جيد حتى دخلت “صفقة القرن” وقضية “القدس” على خط الأزمة الجديدة، وبناءً على الموافقة عليها أو رفضها تم فرز التحالفات والتحزبات السياسية في المنطقة والعالم، وهنا فقدت الأردن ورقتها التي كانت تحاول الحفاظ عليها على مدار السنوات السبع الماضية.
ثالثاً: خفض المساعدات الدولية للأردن، والتي تأتي نتيجة للنقطتين الآنفتي الذكر، ولكن ومع الأسف لن يستطيع الاقتصاد الأردني تحمّل تبعات خفض المساعدات، لأنه يعاني من ارتفاع حاد في نسب البطالة والفقر وصلت إلى الـ20%، وهناك عجز في الموازنة كبير دفع الحكومة لسدّه عبر فرض المزيد من الضرائب وزيادة الأسعار، ويكفي أن نخبركم بأن الإيرادات الضريبية شكّلت ما نسبته 83% من إيرادات الموازنة العامة، وهذا يخبرنا أي حالة اقتصادية يمر بها الأردن اليوم.
حاول الملك حل الأزمة بإقالة حكومة الملقي، وكلف عوضاً عنه عمر الزاز الذي يحظى بشعبية جيدة في أوساط قطاعات من الأردنيين الذين تعرّفوا عليه خلال عمله وزيراً للتربية والتعليم في حكومة الملقي، وقبلها إدارته مؤسسة الضمان الاجتماعي، إلا أن هذا التغيير لم يشفِ غليل الأردنيين الذين عادوا لاحتجاجاتهم التي استمرت حتى ساعات فجر يوم الثلاثاء، حيث تجمع الآلاف في محيط منطقة الدوار الرابع، وخرجت مسيرة من حي الطفايلة وسط العاصمة، كما تجددت التظاهرات في معظم المحافظات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
وأعلن رئيس مجلس النقباء ونقيب المهندسين الدكتور علي العبوس في هذا الصدد أن إضراب الأربعاء القادم مستمر على حاله حتى إن استقالت الحكومة لأن “المطلوب هو تغيير النهج وليس الأشخاص”، بحسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام المحلية.
ختاما؛ الآن الوضع سيبقى غير معلوم كون الشارع لا يمكن ضبطه بسهولة، ولكن في حال استقر الوضع لا بدّ للأردن من جردة حسابات واسعة سواءً فيما يتعلّق بالعلاقات مع سوريا، الدول الخليجية، والموقف من القضية الفلسطينية.