صمود وانتصار

تقارير: قيادة «التحالف» تدرس خياراتها: تحشيد وتجنيد لفكّ الحصار

الصمود : الأخبار اللبنانية

جدّدت القوات اليمنية المشتركة، أمس، استهدافها العمق السعودي بإطلاقها دفعة من الصواريخ الباليستية على الرياض. جاء ذلك في وقت تواصلت فيه هجمات الجيش واللجان على الميليشيات المقاتِلة في الساحل الغربي، حيث تعيش قيادة تحالف العدوان حيرةً بين خيارين، لا يبدو أن أياً منهما يمكن أن يوصل أبو ظبي والرياض إلى ما تشتهيانه من سيطرة

 

ليس مردّ الجمود المسيطر، منذ قرابة 4 أيام، على العمليات العسكرية التي يقودها تحالف العدوان على جبهة الساحل الغربي، «إدارةَ الحملة بشكل مضبوط وبمسؤولية» كما يدّعي الوزير الإماراتي أنور قرقاش، في آخر تغريداته على «تويتر»، بل هو ناتج ــ بحسب المعطيات الميدانية ــ من حالة الإرباك المسيطرة على معسكر «التحالف» بعد تقطّع خطوط إمداده من جنوب الساحل إلى شماله. إرباك يضع الإمارات والسعودية أمام خيارَين لا ثالث لهما، أحلاهما مرّ: إما العمل على فكّ الحصار عن مرتزقتهما وإما المغامرة باقتحام المدينة. وفي كلا الحالتين، لن تكون لأبو ظبي والرياض حظوظ أكثر ممّا تدعيه وسائل إعلامهما من باب ضرب الرأس بالجدار، والذي تصرّ عليه أيضاً ــ إلى الآن ــ قيادتا البلدين. إزاء ذلك، لا يظهر ــ أقلّه على المدى المنظور ــ أن المساعي الأممية لوقف الهجوم على الحديدة ستؤتي ثمارها، رغم أن مبعوث المنظمة الدولية إلى اليمن، مارتن غريفيث، يواصل جهوده لإيجاد حل سياسي سيكون محور مناقشاته يوم الأربعاء المقبل في مدينة عدن، حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي.

في تفاصيل المشهد الميداني، يبدو واضحاً أن الميليشيات المدعومة إماراتياً باتت واقعة بين فكّي كماشة، لا تستطيع المراوحة فيها طويلاً تحت رحمة الاستنزاف من دون تحقيق إنجاز أو إحداث اختراق. وهو ما يفرض على قيادة «التحالف» اللجوء إلى أحد خيارَين تُبيّن تفاصيلهما مصادر مطّلعة على سير المعارك في حديث إلى «الأخبار»: يقتضي الخيار الأول السيطرة على منطقة الفازة في مديرية التحيتا جنوب محافظة الحديدة، واستعادة خطوط الإمداد التي كانت قوات الجيش واللجان قد سيطرت عليها في هذه المنطقة، وبالتالي تأمين تواصل مباشر مع القوات الموجودة في مديرية الدريهمي شمال المحافظة. ومن هنا، تتوقع المصادر أن تشنّ الميليشيات الموالية لـ«التحالف» هجوماً واسعاً على منطقة الفازة، بعدما تسببت عمليات الاستنزاف التي نفذتها القوات المشتركة هناك في مقتل وجرح وأسر العشرات من تلك الميليشيات، وأيضاً تدمير العشرات من المدرعات والآليات العسكرية المختلفة، وهو ما جلّت بعضاً منه مشاهد للإعلام الحربي نُشرت يوم أمس، وأظهرت تدمير 7 آليات عسكرية بينها مدرعات إماراتية. لكنّ هجوماً من هذا النوع دونه مخاطر استنزاف أكبر ممّا هو حاصل اليوم، وبالتالي «من المستبعد أن يُكتَب له النجاح» بحسب المصادر.

 

تواصل جبهة «التحالف» بثّ الإشاعات الإعلامية حول مطار الحديدة

 

أما ثاني الخيارَين المشار إليهما، فهو أن تعمد قيادة «التحالف» ــ وفق حديث المصادر نفسها ــ إلى تثبيت وجود مرتزقتها جنوب مدينة الحديدة وفي مديرية الدريهمي، وإقامة تحصينات عاجلة استعداداً لاقتحام المدينة والميناء. توجّهٌ يظهر أن أبو ظبي والرياض بدأتا الإعداد لتنفيذه فعلياً، في «معاندة» غير مفهومة وإصرار غريب على المضيّ في معركة خاسرة، يتأكد طابعها هذا في ثلاثة معطيات رئيسة: أولها أن القوات المهاجِمة لم تنجح إلى الآن في السيطرة على مطار الحديدة، وما الإشاعات التي يُروّج لها حول المطار إلا من باب «الهلوسات الإعلامية» التي بلغت أمس حدّ الزعم بانتقال المعارك إلى داخل المدينة وأحيائها ومنطقة جامعة الحديدة (علماً بأن المهاجمين ليسوا في وضع يسمح لهم باقتحام المدينة، وأن قوة منهم لا تزال متمركزة في منطقة الدوار، في وقت تمّ فيه رصد عمليات فرار في صفوفهم). يُضاف إلى ذلك ــ وها هنا المعطى الثاني ــ أن الميليشيات المدعومة إماراتياً تعيش وضعاً أشبه بالحصار في الدريهمي، حيث لا تستطيع التقدم إلى الأمام ولا التراجع إلى الخلف، وهي محرومة من الاحتماء بالمدرعات، ويسقط منها يومياً قتلى وجرحى بـ«ضربات موجعة لا سيما من سلاح المدفعية اليمني»، فضلاً عن أن طائرات الـ«آباتشي» فشلت في منع العمليات ضدها (شأنها شأن بقية الميليشيات المنتشرة على الساحل) أو «تحقيق وجود ثابت وآمن لها». أما ثالث المعطيات فهو أن التوجه نحو اقتحام المدينة لن يكون ناجعاً من دون تفعيل خطوط إسناد من البحر، وهو ما بات صعباً بعد عملية ضرب البارجة الإماراتية في الـ13 من حزيران/ يونيو الجاري، والتي جعلت العمليات البحرية مقتصرة على استخدام قوارب صغيرة لنقل الجثث والجرحى والأفراد والطعام.

في النتيجة، يبدو الخيار الأول الأنسب لقيادة تحالف العدوان، التي بدأت ــ طبق حديث المصادر عينها ــ عملية تجنيد واسعة النطاق في المحافظات الجنوبية من اليمن، ولا سيما في عدن، بهدف سدّ النقص البشري الناجم عن معارك الاستنزاف على جبهة الساحل، والتي سقط فيها أعداد كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف المهاجِمين من جهة، وتأمين قوة إضافية تساعد على معالجة الاختراق اليمني لطول الخط الساحلي من جهة أخرى. لكن، وفي الوقت المستطيل الذي تستغرقه أبو ظبي والرياض في عملية التعويض والتحشيد هذه، لا تستبعد المصادر أن يفرض الميدان «مفاجأة كبيرة في وقت ليس ببعيد»، تتمثل في خروج الميليشيات المدعومة إماراتياً من الدريهمي والمناطق الواقعة جنوب مدينة الحديدة، لينحسر وجودها في ما وراء التحيتا.

على خط موازٍ، أعلنت القوة الصاروخية في الجيش واللجان، مساء أمس، قصف مركز معلومات وزارة الدفاع السعودية وأهدافاً ملكية أخرى في الرياض، بدفعة من صواريخ «بركان» الباليستية. ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية، التابعة لحكومة الإنقاذ، عن مصدر عسكري قوله إن الصواريخ «أصابت أهدافها»، في حين ذكرت قناة «الإخبارية السعودية» أن الدفاعات الجوية الملكية «اعترضت صاروخين باليستيين فوق الرياض». وكانت وكالة الأنباء السعودية الرسمية اعترفت، في وقت سابق من يوم الأحد، بمقتل 3 جنود سعوديين في معارك مع «أنصار الله» على الحد الجنوبي.