صمود وانتصار

السعودية تغادر التاريخ من بوابة سنواتها العجاف

حمود عبدالله الأهنومي

حتى ولو لم تخض السعودية حربا عبثية ضد اليمن، وتبعثر أموالها الهائلة فيه، فإن سنواتها السمان قد أدبرت، وسنواتها العجاف قد أقبلت، ولا مناص لها عن هذه السنة الإلهية التي تستحقها أيضا لأنها أكثرت في الأرض الفساد.

يجمع الخبراء والمؤسسات الاقتصادية أن السعودية تقف على أبواب السنوات العجاف، وأنها ستطول وتطول لسنوات، بسبب انخفاض أسعار النفط لضخ المنتجين كميات أغرقت السوق العالمية، في الوقت الذي ترتفع فيه حظوظ النفط الصخري في أمريكا، وهو ما جعل خبيرا سعوديا مثل برجس البرجس يضع أثر الصخري على الطبيعي في مرحلة الخطورة.

هذا الخبير هو الذي غرّد هذه الليلة قائلا: يهبط سعر البرميل دون الثلاثين، بينما تكلفة الانتاج في المملكة تتطلب 10 دولار، وربط عليها مرتبات الموظفين بـ30 دولار، ونفقات التشغيل والصيانة بـ30دولارا أيضا، أي أن السعودية بحاجة لبقاء سعر النفط 70 دولارا حتى تستطيع تسيير أمورها بشكل طبيعي لا ربح فيه ولا خسارة، وإلا فهي الكارثة، وهذا بات من سابع المستحيلات.

فإذا نظرنا إلى عودة إيران لسوق النفط الموشكة بعد رفع الحظر عنها، وإعدادها لضخ حصتها كاملة، وتعتبر ذلك حقا طبيعيا، أما إذا استخدمته سلاحا أيضا ضد السعودية فإن المصيبة ستكون أكبر، وهو أمر مرجح لا سيما بعد التصعيد السعودي الأخير، وإذا عرفنا أن اقتصاد السعودية لا يزال اقتصادا ريعيا ويعتمد بصورة كبيرة جدا على النفط بالإضافة إلى توغل الفساد في الاقتصاد السعودي بشكل فظيع، وغياب الشفافية ونهب الأسرة الحاكمة للخزينة العامة، إلى سادسة الأثافي المتمثلة في الاستنزاف المريع بسبب العدوان على اليمن، والذي تقول المؤشرات الكثيرة إنه يستنزف أموالا هائلة من المخزون الاستراتيجي في البنوك الغربية، فإن ذلك كاف في التنبؤ بانهيار الدولة السعودية في غضون السنوات القادمة.

هذا الكيان الذي أنشأته بريطانيا لا يحقق مفهوم الدولة حتى الآن، وأفضل وصف يمكن إطلاقه عليه هو البقرة الحلوب على حد وصف ترامب المرشح الأمريكي للرئاسة، وحين يجف ضرع هذا الكيان القذر فإنه سوف لا يعني شيئا لا لشعبه، ولا لشعوب العالم الإسلامي، ولا لأسياده الأمريكان والغرب، ويعني زواله بالنسبة لنا نحن اليمنيين وغيرنا من الشعوب المستهدفة منه الهدف الأول والأخير.

إنه مجرد ضرع يتكاثر عليه الانتهازيون، وهاهو يتنطط عسكريا وبصورة متوحشة على شعوب العالم الإسلامي ولا سيما اليمن، وبعد أن سوّد صفحة التاريخ المعاصر بأقذر الصور الوحشية، ولطخ سمعته الملطخة أصلا بأقبح وأفظع أنواع الإجرام التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ، فإن سقوطه سيكون قاب قوسين أو أدنى، ولعل الله آذن لهذا الشعب المظلوم أن يكرمه بأن يزيح على يده أشد الأنظمة قبحا وعمالة وإجراما وخسة ودناءة.

سيعقب الانهيار الاقتصادي انهيار أمني وسياسي وعسكري، وسينوء كاهل هذه الأسرة الفاجرة بفداحة جرائمها في اليمن والعالم الإسلامي، وتتفاقم خلافاتها في ما بينها، وسيساورها القلق والخوف، وسترون شعب الحجاز ونجد منتفضا في وجههم؛ فما أسكت الناس إلا الخوف من زوال الرفاه والنعيم، فإذا انتفى المانع حصل المفترض، وستتمزق هذه البلاد إلى قطع مختلفة، ستذهب داعش والقاعدة بالحصص الأكبر منها.

ليعلم اليمنيون أنهم كلما صمدوا شهرا في وجه هذا النظام المتغطرس والعميل والمجرم فإنهم إنما يساهمون مساهمة فعالة في سَوْقِه إلى دار البوار وسوء القرار, لقد أصبحت مهمة اليمنيين في إسقاط هذا النظام وإزالة صفحته من الوجود ضرورة وطنية، وقصاصا عادلا، ومهمة إسلامية، وقضية عالمية عادلة.

بالصبر والثبات واستشعار اليقين بنصر الله وبأحقية قضيتنا العادلة في وجه الغطرسة السعودية الأمريكية وبفهم أحوال العدو وأبرز عوامل قوته وضعفه والتعامل بحسب ذلك سيتحقق اليوم الذي لا تجد البشرية فيه لآل سعود حسا ولا تسمع لهم ركزا.