اختطاف النساء جريمة تُخفي وراءها ما هو أخطر
الصمود || أقلام حرة || ابراهيم السراجي
عَرَف اليمنُ على مر تأريخه الكثيرَ من الحروب والأزمات وتعرَّضَ لاعتداءاتٍ خارجية متعدّدة، كما وخلال العقود الماضية لم يعرف اليمن شكلاً حقيقياً لدولة المؤسسات، غير أن كُـلّ ما حدث لم يجعل البلاد تنهارُ؛ نظراً لكثير من العوامل والقيم التي ساعدت اليمن على البقاء رغم ما حدث له وفيه، وهي اليوم ذاتها التي تتعرض للاستهداف من قبل قوى العدوان ومرتزقتها؛ سعياً منها للقضاء على تلك القيم؛ باعتبار أنها اليوم من يحول بينها وبين إحكام سيطرتها على اليمن أرضاً وإنساناً.
من العوامل التي حفظت اليمن خلال التحديات التي مَــرَّ بها هي القبيلة اليمنية، فيما كانت القيمُ التي أرستها تضعُ حدوداً للصراع الداخلي وهي قيمٌ عزّز الإسْـلَام كثيراً منها وباتت جزءاً منه، القيمُ التي قدّست مكانة المرأة في مجتمعها اليمني وحفظت كرامتَها رغم مستويات الخصومة والصراع ووصولها في بعض الأحيان إلى الذروة التي شهدها اليمنُ عبر تأريخه.
اليوم نجدُ أن القبيلة مستهدَفةٌ من قبل قوى العدوان، ولعلَّ الكثيرين تابعوا ما حدث في أَكْثَـرَ من منطقة وآخرها في منطقة حوران بمحافظة البيضاء عندما قام مرتزقة العدوان باقتحام واعتقال الشيخ العامري شيخ المنطقة بطريقة مُهينة وقتل عدد من أفراد عائلته وأفراد القبيلة، ناهيك عن اقتحام حُرمة منزله وانتهاك كُـلّ التقاليد المتعارَف عليها وارتكاب العيب الأسود، في واقعة ليست إلا صورة مصغرة لوقائع متعدّدة ومستمرة في معظم المناطق التي وقعت في قبضة الاحتلال ومرتزقته.
كذلك المرأة اليمنية التي تتعرضُ لسلسلة منظّمة من الانتهاكات التي يرتكبها الغزاة والمرتزقة وكلنا سمع عن جرائم الاغتصاب في الخوخة وفي عدن وإخفاء الفتيات في عدن؛ ليتضح أنه تم خطفُهن على يد مرتزقة الاحتلال، وكما حدث أيضاً في مدينة الحزم عاصمة الجوف من اعتقال امرأة ونقلها إلى مأرب، وكذلك قتل امرأة دهساً بطقم عسكري في تعز، مروراً بقتل امرأة مع زوجها في منطقة قانية بنيران متعمَّدة أطلقها المرتزقة.
آخرُ صور الانتهاكات التي تتعرَّضُ لها المرأةُ اليمنيةُ ما شهدناه للأسف من قيام قُــوَّة عسكرية تابعة للغزاة في مديرية التحيتا قبل أيام باختطاف ثماني نساء واقتيادهن إلى جهة مجهولة، في واقعةٍ أثارت غضبَ اليمنيين، لكنها يجبُ أن تدفعَهم للتحَـرّك وعدم الاكتفاء بالغضب لوحده؛ لأنَّ ردَّ الفعل الغاضب يخفت مع مرور الوقت ويبدأ المجتمع بالاعتياد عليها، وهذا يفتحُ البابَ أمام مزيد من الانتهاكات لأعراض اليمنيين.
ما تتعرضُ له المرأة اليمنية من جرائم اختطاف واغتصاب وقتل متعمد -وإنْ كان بحد ذاته يعد جريمة بشعة- إلا أنه أيضاً يحمل تداعياتٍ أخطرَ وأشدَّ، وهي التداعياتُ التي يهدفُ الغزاةُ إلى تحقيقها من وراء تلك الجرائم، والمتمثلة في القضاء على كُـلّ الثوابت والقيم التي حفظت اليمنَ على مر تأريخه وجعلت اليمنيين معروفين في محيطهم العربي وفي العالم بشهامتهم ورفضهم للظلم وحفاظهم على كرامتهم وأعراضهم، وبالتالي وبالتزامن مع ما تتعرَّضُ له القبيلةُ اليمنيةُ من انتهاكات فإنَّه إذا لم تتحَـرّكْ قبائلُ اليمن وكل اليمنيين لمواجهة الغزاة والمرتزقة وإظهار رد فعل رادع فإنَّ ما ينتظر حرائر اليمن في قادم الأيام سيكونُ أسوأ.
أخيراً، لستُ متشائماً، فقد لاحظنا غضبةَ اليمنيين وقبائلهم منذ الساعات الأولى لوصول نبأ اختطاف نساء التحيتا، لكننا نراهِنُ على التحَـرّك الفاعل للدفاع عن اليمنيات وحفظ كرامتهن وللحِفاظ على تأريخ اليمن وهُويته العربية والإسْـلَامية التي جعلته يتخطَّى كُـلَّ الصِّعَـاب.