توفير الغذاء لمواجهة الأعداء
الصمود|تقرير
السعيدة هكذا أطلق على اليمن قديماً نظراً لشهرته الزراعية، ولا عجب في ذلك فقد وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور).
وللزراعة أهمية بالغة في حياة الأمم والشعوب، فمن ملك غذاءه ملك حريته، وسَلِمَ أمن قراره من الوصاية والتدخلات في الشأن الداخلي لبلادة، فالدولة التي لا تزرع هي دولة اشبه بالميتة إن لم تكن في حكم الميّتة فعلاً والتي تمد يدها للغير بغية الحصول على غذائها سواء في حالة الحرب أم في حالة السلم.
تحقيق الامة للاكتفاء الذاتي في قوتها الضروري سيجعلها قادرة على مواجهة اعدائها:
تعتبر قضية تحقيق الاكتفاء الذاتي والامن الغذائي من القضايا الاساسية التي لها الاثر الحاسم في تحديد موقع الدول العربية والاسلامية على خارطة التقدم والنمو بين مجتمعات العالم المتقدمة، بل يمكن القول ان تحقيق الاكتفاء الذاتي والامن الغذائي يعادل الامن الوطني والقومي في اهميته ان لم يكن يتخطاه بمراحل، ذلك أن أي ثغرة، أو ضعف في هيكل الامن الغذائي يشكل خطراً كبيراً على بنيان الامن الوطني والقومي بشكل عام لانعكاساته الخطيرة على كل نواحي المجتمع، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يمُكن الحديث عن الامن الوطني والقومي دون الحديث عن الاكتفاء الغذائي لأّنه المعبر الاجباري للولوج الى الامن الوطني والقومي، ومن خلال تحقيق الاكتفاء الغذائي يُمّكن الاطمئنان الى قدرة الاقتصاد الوطني على سد الاحتياجات الغذائية للسكان حاضراً ومستقبلاً من خلال الانتاج المحلي.
ويُشير الشهيد القائد إلى أنه متى ما زرعت الامة ملكت قوتنا، ستسطع أن نتخذ القرار الذي يليق بها أمام اعدائها، يقول:”لا يريدون أن نزرع؛ لأنهم يعرفون ماذا يعني أن نزرع، متى ما زرعنا ملكنا قوتنا، متى ملكنا قوتنا استطعنا أن نقول: لا، استطعنا أن نصرخ في وجوههم، استطعنا أن نتخذ القرار الذي يليق بنا أمامهم، فما دمنا لا نملك شيئاً لا نستطيع أن نقول شيئاً…. ” (من نحن ومن هم).
الغذاء أهم من السلاح:
تكّمن أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي في أوقات الحروب، حيث يتعذر استيراد السلع من الخارج، وتكمن أهميته في توفير الأمن الغذائي للسكان، وتحصينهم من الأزمات والمجاعات التي تحدث أحيانا، كما يعد الاكتفاء الذاتي سبيلاً إلى الاعتماد على النفس وتطوير الإمكانات الذاتية، والتقليل في المقابل من الاعتماد على الخارج، وذلك مما يدعم استقلالية القرار السياسي والسيادي الوطني أمام تدخلات الدول الأجنبية، ويحّد من التأثيرات وبعض السلوكيات الابتزازية التي قد تمارسها الدول المصدرة لبعض الأغذية الاستراتيجية “القمح نموذجاً” في إطار التفاوض حول مصالحها ،أو مصالح حلفائها.
ويؤدي الاكتفاء الذاتي إلى التخلص من التبعية السياسية والاقتصادية والاستقلال بالقرار الوطني للبلد دون وضع اعتبار لمعونات اقتصادية خارجية مشروطة بانتهاج سياسة خارجية معينة، وبالتالي تستطيع الدولة المكتفية ذاتياً الاستغناء عن المساعدات الخارجية، مما يؤدي إلى التخلص من التبعّية.
ويُعَد الاكتفاء الذاتي شرطاً أساسياً لأي دولة تريد أنّ تتخلص من التبعّية والهيمنة عليها، وتُعزَى أهمية الاكتفاء الذاتي إلى إمكانية الاستغناء عن الاستيراد لاسيمّا في الظروف الحرجة التي قد تمر بها الدولة مثل حالة الحرب؛ حيث يتعذر إقامة علاقات اقتصادية مع دول أخرى.
وفي صورة بلاغية رائعة؛ يُقدم الشهيد القائد حاجة الامة للاكتفاء الذاتي في قوتها الضروري كحاجة المصلي للوضوء، وأنّ الأمة أصبحت بحاجة الى الغذاء أشد من حاجتها الى السلاح، حيث يقول: “أصبح شرطا، أصبح أساساً، أصبح ضروريا الاهتمام بجانب الزراعة في مجال نصر الإسلام أشد من حاجة المصلي إلى الماء ليتوضأ به.. هل تصح الصلاة بدون طهارة؟ إذا لم يجد الماء يمكن أن يتيمم فيصلي. إذا كانت الصلاة لا بد لها من طهور بالماء أو بالتراب، فلا بد للإسلام، ولهذه الأمة التي تهدد كل يوم الآن تهدد، وتهدد من قبل من؟ تهدد من قبل من قوتها من تحت أقدامهم، من فتات موائدهم “(في ظلال دعاء مكارم الأخلاق الدرس الثاني).
ويقول في موضع آخر: ” ما دمنا مفتقدين إلى تأمين غذائنا فلا نستطيع أن نعمل شيئًا، ….، لا نستطيع أن نقف موقفًا واحدًا ضد أعداء الله، أصبحت حاجتنا إلى الغذاء أشد من حاجة المسلمين إلى السلاح، هل تفهمون هذا؟ حاجتنا إلى الغذاء أشد من حاجتنا إلى السلاح في ميدان وقفتنا ضد أعداء الله.
موقع انصار الله