الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي اصطفاه الله لأداء أمانته، وتبليغ رسالته، وهداية عباده، من بعثه ليتمم مكارم الأخلاق، ليزكي العباد، ليطهر نفوسهم، ليجعل منهم أمة سامية في روحها، مصلحة في أعمالها، صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين, ورضي الله عن شيعتهم الميامين.
السلام عليكم – أيها الإخوة – ورحمة الله وبركاته
نقول: بارك الله في جمعكم، وتقبل منكم، وجعلكم من أنصار دينه، ومن الهادين إلى صراطه المستقيم، ومن الذابيِّن عن حرمه.
في هذه الجلسة نحب أن نستعرض – كما وعدنا في الأسبوع الماضي – صوراً عرضها القرآن الكريم عن أنبياء كرماء، عظماء، هم من بني إسرائيل، وعن أمة نبذت كتاب الله وراء ظهرها، واشترت بآيات الله ثمناً قليلاً، وانطلقت لتفسد في الأرض، هم أيضاً من بني إسرائيل.
ونحن العرب الذين كرمنا الله بهذا القرآن العظيم وبنبيه محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)، الرسول العربي الذي امْتَنَّ الله به على المسلمين، قد مُنحوا أعظم مما منح الله بني إسرائيل، وامتن الله عليهم، ومنّ عليهم كما منّ على بني إسرائيل.
بنو إسرائيل الذين نلعنهم يجب أن نتعرف أولاً: هل نحن نسير على هدي رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وعلى هدي أولئك الأنبياء العظماء من بني إسرائيل؟ أم أننا نلعن بني إسرائيل ونحن في نفس الوقت نتخلق بأخلاقهم، نتثقف بثقافتهم، نسلك سلوكهم، نقف مواقفهم، نتأثر بهم في كل مجالات حياتنا؟. حتى تتضح الرؤية لدينا، وحتى يتضح الموقف لدينا؛ لنصحح وضعيتنا في أنفسنا، ولنعمل جميعاً على قطع كل الوسائل التي توصل خبثهم إلينا.
في هذه الآيات المباركة التي سمعناها من كتاب الله الكريم ([1])عرضت صوراً متعددة عن أولئك الذين منّ الله عليهم بأن جعل فيهم أنبياء، وجعلهم ملوكاً، وآتاهم ما لم يؤتِ أحداً من العالمين، عن أولئك الذين حظوا برعاية فائقة من قبل الله سبحانه وتعالى، ثم تحولوا إلى مفسدين في أرضه، إلى صادين عن سبيله. لنعرف أيضاً بأنه إن اتضح الأمر جلياً أننا في واقع حياتنا متأثرون ببني إسرائيل، فلنعرف أننا سنكون أجدر منهم بأن يضربنا الله بأعظم مما ضرب بني إسرائيل أنفسهم.
لأن الله عندما ذكر لنا في كتابه الكريم كيف آل أمرهم، وكيف تحولوا من النور إلى الظلام، ومن الإصلاح إلى الإفساد، ومن الإعتزاز بكتب الله وأخذها بقوة إلى نبذها وراءهم ظهرياً، ومن العمل لنصر الدين وإعلاء كلمته إلى الإشتراء به ثمناً قليلاً.. كلها ذكر أنها كانت هي الأسباب لتلك العقوبات العظيمة التي عاقبهم الله بها، وأنها سنة إلهية، أنها سنة إلهية، ما عمله ببني إسرائيل يمكن أن يعمله حتى بآل محمد أنفسهم إذا ما سلكوا طريقة بني إسرائيل، سيعمله بالعرب أنفسهم إذا ما سلكوا طريقة بني إسرائيل.
وللأسف الشديد أن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قال ذلك اليوم أن الأمة ستسير سيرة بني إسرائيل ((لتحذن حذو بني إسرائيل حذو القُذَّة بالقُذَّة، والنعل بالنعل حتى لو دخلوا جحر ضَبٍّ لدخلتموه)).
وفعلاً شهد الواقع، شهد هذا الزمان أننا أصبحنا نتنكر لكتاب الله، نتنكر لهدي رسل الله، نتنكر حتى لقيمنا العربية وننطلق وراء بني إسرائيل، ننطلق وراءهم باعتزاز، ونحن نقول: هذه هي الحضارة، هذا هو التقدم، هذا هو التطور، وهذا هو التمدّن! ولم نشعر بأنه الانحطاط، وأنه الذلة، وأنه الدناءة، وأنه الضلال والضياع.
فيما يتعلق ببيع الدين بالدنيا ذكر الله عن بني إسرائيل في أكثر من آية من كتابه الكريم أنهم كانوا يبيعون الدين مقابل الدنيا، يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً، والإشتراء بمعنى: يبيعون هم الدين دون أن يُلْجَئُوا إلى أن يبيعوه، هم من يبحث عن بيعه، الإشتراء يعني: أنهم هم يطلبون الآخرين أن يبيعوا الدين مقابل مواقف معينة، مقابل ثمن معين من حطام الدنيا!. وماذا تدل عليه هذه الحالة؟ تدل على أن الدين لا قيمة له في نفوسهم، لا قيمة له عندهم.
ومن العجيب أن يكون الدين هكذا في أنفسهم لا قيمة له بعد أن منّ الله عليهم, بعد أن أنقذهم، وبماذا منّ عليهم؟ وبماذا أنقذهم؟ ألم يَمُنّ عليهم بموسى الذي أنقذهم من عذاب فرعون وآل فرعون؟ وموسى نبي من أنبياء الله.
إن الدين هو الذي أنقذهم من العذاب، والظلم والاستضعاف، إن الدين هو الذي أعزهم يوم أورثهم الله مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيْهَا}(الأعراف: من الآية137) ثم في لحظة يتنكرون لهذا الدين الذي إنما اعتزوا على يديه، إنما استقرت أوضاعهم وسعدت حياتهم على أيدي أنبيائه، يصبح هكذا سلعة تباع, ويبحثون عن من يشتريها! وبالطبع الطرف الآخر لا يشتري الدين منهم، إنما معنى المسألة أنهم هم ينبذون الدين، يرمون بالدين عرض الحائط مقابل ثمن من الدنيا.
ولاحظنا أنه في القرآن الكريم يتحدث عن كل ما ذكر في كل موضع يذكر فيه هذه الحالة يسمي ذلك الثمن (ثمناً قليلاً ثمناً قليلاً), (ثمناً قليلاً ثمناً قليلاً) حتى ولو كانت الدنيا بأكملها، إنها ثمن قليل، الدنيا بأكملها مقابل شيء من دينك تبيعه إنه ثمن قليل، إنك بعت نفسك، بعت إلهك، بعت أنبياءك، بعت كرامتك، بعت جنتك، بعت عزتك، وبعت إنسانيتك.
ألم يقل الله عن أولئك الذين يتنكرون للدين، ولا يهتدون بهدي الدين: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}(الفرقان: من الآية44)؟. إن الإنسان يبيع إنسانيته، إن تكريم الله له أعظم تكريم, يتمثل في الهدي الذي منّ به عليه ليسير عليه فيحظى بتلك الكرامة، ويكون جديراً بتلك الكرامة، أما إذا تنكر للدين فإنه يصبح في واقعه وهو إنسان يصبح أضل من تلك الأنعام {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}.
يقول عنهم سبحانه وتعالى: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ}(البقرة: من الآية41)لا ينبغي لمثلكم إذا كنتم تتذكرون نعمة الله عليكم أنها كانت كلها بواسطة الدين، وعلى يد الدين، وعلى يد الرسل الذين جاءوا بهذا الدين فلا ينبغي أن تكونوا أول كافر بمحمد، وأول كافر بالقرآن الكريم.
ألم يقل هنا ثمنا قليلاً، ثمناً قليلاً؟ إن كل ما بأيدي اليهود الآن، وهو تلك الممتلكات الهائلة في مختلف أقطار الدنيا إنها عند الله ثمن قليل مقابل ذلك الدين الذي نبذوه وراء ظهورهم، مقابل هدي رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وهذا القرآن الكريم الذي أمرهم الله أن يؤمنوا به كما أمر بقية عباده، إنه ثمن قليل ويجب أن نفهم نحن، وما أكثر ما أكثر الناس من المسلمين أنفسهم الذين يبيعون الدين بثمن قليل.
الدين لا يعني أنك كفرت به بلسانك وصرحت بنبذه.. أليس بنو إسرائيل الآن لا يزالون يطبعون التوراة والإنجيل ويوزعونها؟ أليسوا إلى الآن لديهم إذاعات تدعوا إلى النصرانية, وتتحدث عن المسيح، وتتحدث عن أعلام الديانة اليهودية أو النصرانية؟ أليس ذلك قائماً؟ ماذا يعني الإشتراء؟ إنه عندما يعرض الباطل بشكل مال، بشكل مصالح، بشكل مكانة, أو مقام معنوي ينطلقون فيه ويتركون الدين.
أوليست هذه حالة لدينا على نطاق واسع في أوساط المسلمين؟ بكل بساطة، وبدون اكتراث يدخل أحدنا في موقف باطل، يعمل على أن يحصل على مصلحة ولو من طريق باطلة غير مشروعة ولا يبالي أن دينة يحرم عليه هذا، ولا يبالي أن دينه يهدده إذا ما دخل في هذا.. هذا هو البيع للدين ولو في موقف واحد، ولو في قضية واحدة.
ألسنا في الانتخابات ينطلق أعضاء [مجلس النواب] فيقولون: [سنعمل لكم, وسنعمل, وسنعمل،] يعدون هذا بوظيفة، وهذا يعدونه برتبة عسكرية، وهؤلاء يعدونهم بمدرسة، وأولئك يعدونهم بخط، وأولئك يعدونهم بمستوصف، وفلان يعدونه بأنه إذا ما وصل إلى مجلس النواب سيقف معه، وسيعمل على حل مشكلته، وسيحاول أن يكون موقفه هـو الأعلى ضد خصمه.. فننطلق للتصويت لمـن يترشح دون أن نلحظ هـل أننا – من وجهة نظر ديننا – وقفنا موقفاً ينسجم مع الدين أم أنه متخالف ومخالف له؟.لا نبالي.
ألم يبع الناس في كثير من المناطق أصواتهم لأعضاء قد يكون بعضهم ليس من الدين في شيء، ولا تهمه مصلحة الدين، ولا تهمه مصلحة الأمة، ولن يفي بوعوده، يبيعون أصواتهم بقليل من السكر، أو من الرز، أو بتُّنور غاز، أو بأي شيء من الوعود.
ما الذي يدل على أن هناك سوقاً كبيرة قائمة؟ هو أننا نرى كل من يترشح هل تسمع من أحد كلمة يقول فيها: [أنه سيعمل على إعلاء كلمة الله، أو أنه سيعمل على نصر الدين، أو انه سيعمل على محاربة المفسدين في أرض الله، أو الظالمين لعباد الله]؟ هل نسمع عبارات من هذه؟ لأن هذه بضاعة غير نافقة، لن يحصل على صوت واحد! البضاعة النافقة هي أن نقول: سنعمل لكم، ونعمل ونعمل، أشياء من حطام الدنيا، مصالح، ماديات، فننطلق نصوت ولا نلحظ أي جانب من الجوانب التي هو عليها في واقعه مخالف للدين.
قد يقول: [حقيقة هو ما بين يصلي، وإنسان فعلاًً عدو الله لكن وعد أنه سيعطي لنا, ويعطي لنا.. إلى آخره] أليس هذا حاصل؟ حتى نعرف أنه حاصل – وأكرر – أنها هي السلعة التي ينزلها المرشحون في كل انتخابات، ومتى رأينا دعاية، متى رأينا وعوداً من أحد من المترشحين – سواء كان لرئاسة الجمهورية، أو لمجلس النواب – يتحدث عن جانب الدين، يتحدث عن جانب المحاربين للدين، أو يتحدث عن الأشياء المهمة بالنسبة للأمة، الجانب الزراعي مثلاً، أنه سيعمل على تحقيق اكتفاء ذاتي للوطن، نسمع عبارات من هذه؟ لاشيء.
من أين جاءنا هذا؟ أننا فعلاً كما قال الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله): ((لتحذن حذو بني إسرائيل)). ألم يقل الله لهم: {أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ}(البقرة: من الآية174) هؤلاء الذين اشتروا بدين الله، بعهد الله، بأيمانهم ثمناً قليلاً {أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(البقرة: من الآية174) تعبير عن إعراضه، عن أي شيء فيه رحمة لهم يوم القيامة، إعراض عنهم, أولئك ليس لهم جزاء إلا النار، سوء الحساب، وجهنم، {وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(البقرة: من الآية174). ويقول في الآية الأخرى: {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}(آل عمران: من الآية187) أن يبيعوا الدين مقابل ثمن.
هنا هو لا يقول: بأنهم لم يبيعوا الدين بالثمن الذي يساويه، إنما قال ثمناً قليلاً في كل المواضع يقول ثمناً قليلاً ليس اعتراضه على أساس أنهم باعوه بـ(250) لو باعوه بـ(1000) كان أفضل ولو باعوه بـ(1000) لما قال. لكن المشكلة أنهم باعوه بثمن قليل هو (250). إن كل شيء في مقابل الدين هو ثمن قليل وإن كانت الدنيا بملئها ذهباً هي ثمنه فهي قليل؛ لأنك تبيع نفسك، لأنك توبق نفسك, توقعها في جهنم.
ألم يقل الله: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} (الزمر:47) لو أن لك الأرض بكلها، ومثلها معها، وملؤها ذهباً، يوم القيامة عندما ترى جهنم، عندما تُبَرَّز جهنم للغاوين فتسمع شهيقها وزفيرها، وتسمع صراخها المرعب توَد لو أن الدنيا بأضعاف ما فيها لك لسلمتها فدية مقابل أن تنجى.. أليست الدنيا إذاً ثمناً قليلاً؟ أليست ثمناً قليلاً؛ ولهذا تجدون في كل موضع يقول:(ثمنا قليلا، ثمنا قليلا).
كلنا سواء من ينطلقون مقابل مصالح مادية، أو من ينطلقون باسم الدين نفسه فيتكيف مع هذا، وينسجم مع هذا، ويكتم جزءاً من الدين من أجل أن يرضى عنه هذا، أومن أجل أن يحصل على مساعدة منه، يقف معه موقفا باطلاً من أجل أن يدفع له أكثر حتى يتمكن من إقامة مراكز أكثر، ويقول باسم الدين، من أجل نصر المذهب [وسهل هذه ليست مشكلة, وسهل ذي الموقف يدخل معهم فيه وإن كان باطل] هذا نفسه من بيع الدين، هذا نفسه من بيع الدين بثمن قليل، بل هذا أسوء من الآخرين.
الذين باعوا الدين وهم حملة الدين، أو يكونوا في مواقفهم وإن كان من باب مراعاة المصلحة للدين، إنهم أسوء وأكثر أثراًَ وضرراً على الأمة؛ لأنه إذا باع أهل الدين الدينَ فمن أين ستلقى الدين نظيفاً ونقياً؟ بنو إسرائيل عندما باعوا الدين باعوه وهم حملته فكان بيع الدين هو إضلال للأمة؛ لأنهم من ينظر إليهم الناس في مختلف مراحل التاريخ أنهم الجهة التي يتلقون منها إرشادهم وتعليمهم، ويتلقون منها الكتب التي أورثهم الله إياها.
نحن كذلك إذا ما انطلقنا وقلنا: لدينا مشاريع دينية، ثقافية دينية، ولكن لا بأس ندخل مع هذا الحزب أو مع هذا، ونحاول أن نحصل على مساعدات من هنا أو من هنا، [وسهل نسكت عن هذه, ونسكت عن هذه، ونسكت عن هذا المبدأ، ونلغي هذا المبدأ، ونقف في هذا الموقف] إنه من بيع الدين، إنه من بيع الدين في العصر الذي الأمة أحوج ما تكون إليه كاملاً ونقياً.
أولسنا نرى الدين الآن على رقعة واسعة من الدنيا هذه؟ أليست البلاد العربية كلها تحمل اسم بلاد إسلامية؟. أليست هناك شعوب أخرى تمتد إلى أوساط آسيا، وإلى أوربا، وإلى بلدان أفريقيا، أليست رقعة البلاد الإسلامية واسعة؟ أليست إذاً مساحة الدين منتشرة بشكل واسع؟ لكن ما بال هذا الدين لم يعمل شيئاً لهذه الأمة؟ ما باله؟ إنه قدم ناقصاً.
حينئذ سيكون عملك وأنت مرشد، وأنت تملك مشروعاً ثقافياً دينياً لن يعمل شيئا للأمة، ولست تختلف عن الكثير من أمثالك، وعن من يملكون أكثر مما تملك من مشاريع دينية على طول وعرض هذه الرقعة الإسلامية الكبيرة، ممن لم يقدموا للأمة الحلول التي تضمنها ديننا، الحلول التي تضمنها كتابنا، الحلول التي وجهنا إليها نبينا (صلوات الله عليه وعلى آله).
ثم يقول: [حفاظاً على المذهب، حفاظاً على الدين، مراعاة للمصلحة العامة!] وكأن الدين أمامه هو أن يرى أن مدرسة كهذه أصبح في قاعتها ألف طالب.. هذا هو الدين! إن هناك ألف مليون, هناك ألف مليون مسلم.. أليس كذلك؟ فأنت تقول: ألف طالب أصبح لدينا (15) ألف طالب، لدينا (20) ألف طالب، لدينا كم معاهد، لدينا كم مراكز, عبارات من هذه.
انظر إذا كنت ممن لا يعمل على أن يقدم الدين كاملاً بنقائه وإن كنت تشعر بخطورة بالغة عليك فإن تلك الأرقام لا تشكل أي شيء في إضافتها إلى هذه الأمة التي هي أوسع مما لديك، والكثيرون داخلها يمتلكون أكثر مما تمتلك.
إن بيع الدين – سواء من قِبَل من يحملون اسمه, ومن يتحركون باسمه, أو من قبل بقية الناس – مقابل مصالح مادية لا يبررها إطلاقاً، لا تجد مبرراً لها إطلاقاً، لا أن تقول: حفاظاً على المصلحة العامة، ولا أن تقول: حفاظاً على المذهب.. ماذا يضرنا إذا سكتنا عن هذه مقابل أن يبقوا لنا [حي على خير العمل]، ويبقوا لنا أشياء من هذه الأخرى؟ فهذا هو المذهب نحافظ عليه!.
هذا ليس مبرراً، أنت تريد أن تحافظ على الدين، أنت تريد أن تعمل للدين؟ إن الدين للأمة، فانظر ما الأمة بحاجة إليه، انظر وضعيتها، وحلل وضعيتها، وانظر ما هو الذي ضاع من الدين في أوساطها فانطلق لتحييه إنه الدين، والحفاظ على الدين، والحفاظ على المصلحة العامة للأمة.. أنت تريد أن تحافظ على المصلحة العامة للأمة، أو لبلد، أو لشعب فحافظ على الدين بأكمله أن يُقدم لتلك الأمة، أوليس الدين لمصلحة الأمة؟ إن الدين لمصلحة الأمة فمن يهمه مصلحتها فليقدم الدين لها كاملاً، وليوجهها بتوجيه الدين كاملاً.
أما إذا قدمت الدين منقوصاً فأنت من تضرب الأمة وإن قلت من أجل مصلحة الأمة، وأنت من تضرب الدين وإن قلت حفاظاً على المذهب وعلى الدين.. الله لم يفرق، هو الذي تكفل بالمصلحة العامة لعباده, متى؟. متى ما ساروا على دينه على نحو كامل وصحيح، أما إذا آمنوا ببعض وكفروا ببعض، ألم تضرب المصلحة العامة في الدنيا والآخرة؟. {لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(المائدة: من الآية33) ألم يقل هكذا؟. الخزي في الدنيا هو حفاظ على المصلحة العامة؟! العذاب العظيم في الآخرة هو حفاظ على المصلحة العامة؟! من أين جاء الخزي في الدنيا؟ ومن أين جاء العذاب العظيم في الآخرة؟ إنه من الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض.
فأنت يا من تُعلِّم، يا من ترشد، يا من لديك مشاريع, معاهد علمية، أو مراكز، أن تكون حركتك على هذا النحو هي في واقعها: إيمان ببعض وكفر ببعض، فإنك من تعمل على أن توقع الأمة في الخزي في الدنيا، وأن تسير بالأمة إلى العذاب العظيم في الآخرة.
في هذه النقطة؛ لأن الزعماء يعرفون أن السوق ينفق فيها بيع الدين بالدنيا، أننا أصبحنا جميعاً كمسلمين في مختلف الأقطار الإسلامية لا يهمنا الدين، يهمنا أن نرى مشاريع وإن كانت مشاريع بسيطة، وإن كانت مشاريع هي من قوتنا، هي قروض، هي من قوتنا، أو هي فضلة, فضلة ما انتهبه الآخرون من ثرواتنا.. متى ما أحد وعدنا بشيء من هذه انطلقنا وراءه، ولا نسأل عن دين.
بل ولا نسأل عن واقع الدنيا أنه ما قيمة ما يريد أن يقدمه لنا، أو ما قد قدمه لنا بالنسبة لما أكله علينا! أنه من أين جاء ما قدمه لنا، وما لمع شخصيته أمامنا به؟ هل هو من ثرواتنا الطبيعية؟ أم أنه من عرق جبيننا ومن قوتنا؟ أم أنه قروض تثقل كاهلنا، وتصنع لنا الأزمات، وتخنقنا سياسياً، واقتصادياً، وثقافياً، وتجعل زمام أمورنا بأيدي أعدائنا؟ حتى عن جانب الدنيا لا نستوضح، أما الدين فهو ذاك الذي لا نلتفت إليه.
لمّا كانوا قد عرفوا أن الأمة أصبحت على هذا النحو؛ انطلقوا كلهم كما انطلق فرعون يوم قال لأولئك في مواجهة ما كان يدعوهم نبي الله موسى إليه: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ} (الزخرف:51) ألم يعرض مشاريع وخدمات مقابل هدي الله؟ ألم يقل هو لقومه: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}(غافر: من الآية29) اتركوا هذا الفقير، اتركوا هذا الصعلوك، اتركوا هذا المهين، هكذا يقول لموسى.
فانشدوا نحو فرعون، ليقل الله لفرعون ولهم في الأخير يوم غرقوا في قعر البحر: {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} (طـه:79) أضل فرعون قومه وما هدى يوم قال: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} إنه المنطق الذي يتكرر على مسامعنا دائماً من وسائل إعلامنا، إنه كل ما يعرض في المناسبات الوطنية.
تأملوا التليفزيون في اليمن، في السعودية، في أي دولة عربية تعرض ما تسمى منجزات ومع أنشودة حماسية، وصور لمشروع هنا ومشروع هناك، ومصفاة للبترول هنا ومصنع هناك وأشياء من هذه.. هي نتاج عشرين عاماً أو ثلاثين عاماً، والعشرون عاماً والثلاثون عاماً هي لأمة كفيلة بأن توصلها إلى دولة صناعية إذا كان هناك من يقومون على أمور الناس ممن هم مخلصون، ممن هم يعرفون كيف يبنون شعوبهم.
أولم تصل إيران الآن إلى دولة صناعية، ودولة منتجة، ودولة مصدرة لمختلف المنتجات؟ دولة استطاعت الآن أن تهدد أمريكا فعلاً، ألم تسمعوا أنتم في هذا الأسبوع أنهم هددوا أمريكا؟ وأولئك الذين ينتجون ما بين خمسة ملايين برميل بترول، وتلك الثروات التي يمتلكها هؤلاء العرب – لأنهم لم يبنوا نفوسهم ولم يبنوا شعوبهم؛ لأن كل ما يلمعون به أنفسهم إنما هو من فضلات ما ينتهبه الآخرون من ثرواتهم – هاهم يخضعون، ويركعون، ولا يستطيعون أن يقولوا كلمة.
الإيرانيون خرجوا في هذا الأسبوع وملئوا الساحات، وخرج الإمام الخامنئي, وكلهم هددوا أمريكا، وكلهم لعنوا أمريكا، وهم من كنا نسمع عنهم مباشرة أنهم كانوا يتمنون أن يدخلوا في حرب مباشرة مع أمريكا، قالوا: أمريكا هي كانت وراء العراق, يوم دخل العراق معهم في حرب شديدة وطويلة، أمريكا هي التي دفعته، أمريكا هي التي دفعت البلدان العربية الأخرى لترسل جيوشها، ولترسل مساعداتها الكبيرة للعراق، ويقاتلون جميعاً صفاً واحداً ضد الإمام الخميني، وضد الشعب الإيراني، وضد الثورة الإسلامية، على الرغم من ذلك كله ألم يهدد هؤلاء الأمريكيين، هددوهم وفعلاً بدأ منطق أمريكا ضعيفاً.
لأنهم وعلى مدى عشرين عاماً فقط, عشرين عاماً التي هي قد تكون عمر رئاسة شخص، أو ملك من ملوك العرب، وبعضهم يبقى في حكمه خمسة وعشرين عاماً أو ثلاثين عاماً، وترى شعبه ما يزال فقيراً، ترى شعبه ما يزال ذليلاً، ترى شعبه متى ما سمع تهديداً ونظر ورجع إلى نفسه رأى أنه لا يمتلك قوته فيخاف أن يقول كلمة جريئة أمام أعدائه.
أولئك هم من استطاعوا أن يخفضوا إنتاج البترول عما كان عليه أيام ملك إيران السابق، خفضوه بنحو مليونين برميل في اليوم، واستطاعوا بعد التخفيض أن يبنوا إيران في مختلف مجالات الحياة، وهاهم لما انطلقوا وعلى مدى عشرين عاماً فقط لما سمعوا تهديد أمريكا استطاعوا أن يصرخوا في وجه أمريكا وأن يتحدوها، ورأينا فعلاً كيف بدا زعماء آخرون من الغرب وكيف بدا [الكونجرس] الأمريكي نفسه يهاجم [بوش] على سياسته القاسية، ستضرب مصالح أمريكا هوِّن.
هذا ما كنا نقوله للناس: أولئك جبناء، أولئك يرون أن مصالحهم تحت أقدامنا لو نعرف واقعنا إنهم أحوج إلينا من أي أمة أخرى، إنهم من يجب أن يكونوا تحت رحمتنا لو كنا نفهم، إن مجاميعنا هذه هي سوقهم الاقتصادية، إن خيرات أوطاننا هي المواد الأولية التي تحرك مصانعهم، إن البترول هو من أرضنا أكثر من 85% من احتياطي العالم من البترول هو في البلاد الإسلامية أكثر من 85%, هم من هم تحت رحمتنا لو كنا نفهم.
هل تحرك [الكونجرس] الأمريكي وهاجم [بوش]؟ متى تحرك؟ بعدما تحرك الإيرانيون وتهددوا وقالوا: لو تضرب أمريكا، أو تفكر أن تضرب فسيتلقون ضربة مباشرة وشديدة. هم يعرفون إيران، ويعرفون شعب إيران، ويعرفون أن إيران استطاعت أن تبني نفسها عسكرياً واقتصادياً وثقافياً.
لكن الآخرين مازالوا هكذا، همهم أن يبقوا في مناصبهم، ونحن همنا أن ننظر إلى ما يمكن أن يقدموه لنا من مشاريع بسيطة لا تعمل شيئاً، ليست في قائمة (البُنَى التحتية الاقتصادية) – كما يقولون – ولا تشكل في واقعها تنمية حقيقية؛ لأنهم عرفوا أن هذا هو همنا، أن هذا هو ما نريد، أننا نفوس حقيرة، أننا نفوس ضعيفة، ليس لدينا طموحات، ليس لدينا أهداف، ليس لدينا شعور بكرامة، ولا بعزة، يُسْلِينا أي شيء، يرضينا أي شيء، وليكن هذا الشيء البسيط هو ثمن ديننا لا نفكر ولا نعبأ به.
تراهم في كل مناسبة وطنية يعرضون علينا المنجزات! نحن نقول: أين المنجزات الحقيقة التي تحافظ على كرامتنا؟ أين البناء الاقتصادي، والتنمية الحقيقية التي تجعلنا أمة تستطيع أن تقف على قدميها؟ إذا كنتم تبنون مستشفى هنا، ومستوصف هناك من أجل متى ما أحسسنا بألم ما صداع في الرأس، أو جرح، أو ضيق في الشرايين، أو في التنفس، يكون هناك أمامنا مستشفى.. إننا نعيش الألم النفسي، نعيش ألماً شديداً ليس من نقص في الفيتامينات إنما من نقص في الكرامة وفي العزة، نقص في الحياة الكريمة التي أراد ديننا أن تتوفر لنا، نعيش الألم فأين هو العلاج؟ نعيش الجوع الذي سيجعلنا مستسلمين أمام أعدائنا فأين هو الغذاء من أوطاننا؟ هذا هو العلاج الحقيقي، هذا هو العلاج الحقيقي.. هل هناك عمل على توفيره؟ لا يوجد. لماذا؟ لأن الشعوب نفسها لا تتحدث مع أولئك.
نحن قلنا في الجلسة السابقة أنه يجب في كل انتخابات أن نقول: نحن لسنا مستعدين أن نصوت لأحد إذا لم نراه يهتم باقتصادنا، ببناء اقتصادي تقوم عليه أقدامنا، اقتصاد صحيح، تنمية حقيقية، زراعة.
النساء عندما كن يصوتن في حجة, وفي مناطق أخرى مقابل [تنانير]، تنور من الغاز، بعض الأعضاء وزعوا كميات كبيرة من التنانير، تنانير الغاز للنساء ليصوتن، وزوجها مرتاح أن صوت زوجته وفَّر له تنور، لكن التنور هذه, الخبز الذي تريد أن تصنعه فيها من أين يأتيك؟ حاول – على أقل تقدير – أن تصوت للخبز أولاً، صوت ولا تعط صوتك إلا لمن يوفر لك خبزك وطعامك من داخل وطنك، أما التنور فهي تلك التي لا تنفعك فيما بعد عندما ترى لا دقيق ولا قمح موجود.
عند ما يقال أن هناك إرهابيين في اليمن إذاً فليحاصر اليمن، إذاً فليضرب اليمن، التنانير ستبقى حينئذ باردة لا تشتغل، وسنرى الأراضي الواسعة الشاسعة في بلادنا بيضاء, بيضاء لا تزرع، ويتعاقب الزعماء زعيما بعد زعيم، وأعضاء مجلس النواب عضواً بعد عضو، وأعضاء الحكومة عضواً بعد عضو أيضاً، وما تزال أراضي بيضاء.
لكن إذا ما كانت الزراعة لصالحهم فسيزرعون (المانجو) ليبيعوه بالملايين، ويصلحون تلك الأراضي الواسعة ومن مال من يصلحونها؟ الله يعلم من مال من يصلحونها؟ وتلك العائدات التي تدرُّ عليهم هذه المزارع الكبيرة, مزارع (المانجو) الله أعلم في أي بنوك تودع؟ الله أعلم من هو الذي يستثمرها فيجني من ورائها أكثر مما يجنونه هم من تلك المزارع؟ ألم تصبح حينئذ الأراضي قابلة للزراعة؟!. لكن للحبوب غير قابلة للزراعة، لمختلف المنتجات الزراعية التي المواطنون بحاجة إليها غير قابلة للزراعة!.
القروض الكثيرة جداً تتوارد على البلاد أيضاً لا تصرَّف إلى المجال الزراعي. لماذا مشى كل هذا؟ لأننا لا نتفوه بكلمة، نحن لا نعرف مصالحنا، ما قالوا هم بأنه مصلحة لنا نُسلِّم! حتى عندما يقولون: نحن سنكافح الإرهاب، وأمريكا تريد منا أن نتصدى للإرهاب, لأي كتاب إرهابي، لأي مدرسة إرهابية، لأي مدرسة تحفيظ قرآن إرهابية تُصَنَّف عند أمريكا إرهابية، لأي شخص يقال أنه إرهابي سنضربه حفاظاً على مصلحة الوطن لأن لا تضربه أمريكا، أو نواجه بحصار من جانب أمريكا!. أليسوا هم من يرسمون لنا المصالح، ونسلِّم؟ مع أنها ليست مصالح حقيقية.
الأمر الذي يكف عنكم الضغط الأمريكي، الذي اضطركم إلى أن تجندوا أنفسكم وتستعدوا لمكافحة كل ما قالت أمريكا أنه إرهابي، وأنتم من رأيتموهم يسألونكم عن مدارس تحفيظ القرآن، ويسألونكم عن (مركز بدر)، وسيسألونكم عن مراكز [الشباب المؤمن]، وسيسألونكم عن المساجد الفلانية، وعن العلماء الفلانيين، وعن، وعن… قائمة طويلة عريضة.
دعوا الشعب يصرخ في وجه الأمريكيين، وسترون أمريكا كيف ستتلطف لكم.. هي الحكمة. ألسنا نقول: أن الإيمان يماني، والحكمة يمانية؟ أين هي الحكمة؟ إن من يعرف اليهود والنصارى، إن من يعرف أن كل مصالحهم في بلادنا، لو وقف اليمن ليصرخ صرخة في أسبوع واحد لحولت أمريكا كل منطقها، ولعدّلت كل منطقها، ولأعفت اليمن عن أن يكون فيه إرهابيين.
هكذا عمل الإيرانيون، هل انطلق رئيسهم، هل انطلق قائدهم الأعلى ليقول: اسكتوا أمريكا تهددنا؟ والمواطنون يعلمون فعلاً أنهم مستهدفون، وقد عانوا من حصار اقتصادي طويل، لكن الإمام الخميني كان يقول لهم: إنه في مصلحتكم، إنكم حينئذ ستتجهون لبناء أنفسكم, والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات داخل وطنكم.
هؤلاء هل انطلقوا ليقولوا للناس اسكتوا؟ أم أنهم خرجوا إلى الميادين زعماء، وإمام، وشعب ليتحدوا أمريكا؟. ويأتي التهديد من كل المسئولين بما فيهم وزير الدفاع نفسه يتهدد بضربة مباشرة. ألم تغير أمريكا منطقها؟ تأملوا أنتم، لأن الكثير منا يخافون أيضاً [قد يضربنا الأمريكيون، قد يحصل.. قد يحصل]..
إذا كنت تريد أن تسلم أولئك فامش على قاعدتهم هم، هم الذين يقولون: [إذا أردت السلام فاحمل السلاح] هذا مثل أمريكي [إذا أردت السلام فاحمل السلاح].
عرفات ألم يبحث عن السلام؟ هل وجد سلاماً؟ متى فقد السلام؟ ومتى فقد الفلسطينيون السلام؟ يوم القوا بأسلحتهم وانطلقوا على طاولات المفاوضات، مفاوضة بعد مفاوضة، مفاوضات طويلة عريضة ثم بعد فترة تتلاشى كلها وتتبخر. هل حصلوا على سلام؟ إن هذا هو منطق الأمريكيين أنفسهم: [إذا كنت تريد السلام فاحمل السلاح].
إذا كان اليمنيون يريدون أن يسلموا شر أمريكا فليصرخوا جميعاً في وجهها، وليتحدوها، وليقولوا: ليس هناك إرهاب داخل بلادنا. لكن ما الذي يحصل؟ أمر بالسكوت من الكبير والصغير، وكله يُقدم تحت عنوان [حفاظاً على مصلحة الشعب].
نحن نقول: إن القرآن الكريم هو الذي علمنا مصالحنا، إن الله سبحانه وتعالى هو الذي قال لنا أن من يسارع إلى اليهود والنصارى لا يمكن أن يبرر مسارعته بأنه من منطلق الحفاظ على المصلحة, وأنه فيما لو قال ذلك وكان في واقع نفسه معتقداً لذلك فإنه مخطئ، فإنه مخطئ؛ لأنها ليست مصلحة، أنت تريد أن تحافظ على مصلحة شعبك دع شعبك أن يصرخ كله، وأن يخرج في مسيرات كبيرة.. إذا ما قال الأمريكيون: أن هناك إرهابيين في اليمن، وهم من سيكفون أيديهم، وسينسلون، ويكممون أفواههم حينئذ ستحافظ على مصلحة شعبك.
ولا تتوقع أنهم سيحاصرونك اقتصادياً، هم جربوا عندما حاصروا إيران اقتصادياً أنهم هم من خسروا، أن الشركات الأمريكية هي من صرخت في وجه الحكومة الأمريكية جرّاء الخسارات الكبيرة التي فقدتها، بينما شركات أخرى فرنسية، وألمانية، وصينية، وغيرها هي التي كانت هي المستفيدة، من الذي خسر في الحصار ضد إيران؟ إنهم الأمريكيون أنفسهم، من الذي خسر من الخروج من إيران؟ إنهم اليهود, إسرائيل هي التي خسرت.
وما الذي يحصل أيضاً مع الأمر بالسكوت؟ من يتأمل – وحاولوا أن تتأملوا وتسمعوا كثيراً – هناك منطق يتكرر كثيراً، منطق يقوم على أساس أن يرسخ في نفوسنا أنه لا شرعية لأحد أن يتحرك ضد أمريكا اللهم إلا إذا كان قد أصبح يُعاني ويُضرَب كما هو الحال في فلسطين، حينئذ يمكن أن يقال: أن المقاومة مشروعة، ولكن بمنطق بارد، وقليلٌ من يؤيد هذا.
ألسنا نسمع الآن بأنه نحن نمنع أن تكون حماس إرهابية؟ أو أن يصنف الفلسطينيون بأنهم إرهابيون؟ أو أن يصنف حزب الله بأنه إرهابي؟ لأنهم ماذا؟ لأنهم يقاومون احتلالاً.. لكن آخرون ينطلق منهم مواقف ضد أمريكا في أي بلد عربي إسلامي سيقول الجميع: أنتم إرهابيون! لماذا؟ لأنه لا مبرر لكم أن تتحركوا، أليس هذا هو ما يحصل؟ يفهموننا نحن أنه لاشرعية لأحد أن يتحرك ضد أمريكا اللهم إلا متى ما أصبحت وضعيته كوضعية الفلسطينيين.
أي لا شرعية لك أن تقاوم وأن تتحرك وأن تواجه إلا بعد أن يصل بك اليهود والنصارى إلى وضعية لا يكون لتحركك أي جدوى، فحينئذ سيتفضل عليك هؤلاء الزعماء ويقولون: لا بأس أنت لن نسمح بأن تصنف إرهابي. لكن لن يقدموا لك شيئاً، ولن يدفعوا عنك شيئاً، أليس هذا هو ما يحصل مع الفلسطينيين أنفسهم؟.
يتمنن زعيم من هنا أو هناك أن يقول: لا، الفلسطينيون ليسوا إرهابيين، هم يقاومون الاحتلال.. ويرى هذه كلمة كبيرة، ويراها منّة على شعبه، ويراها منّة على الفلسطينيين، لكن هل عمل هؤلاء للفلسطينيين شيئاً؟ ألسنا نرى الفلسطينيين يذبحون كل يوم، وتدمر مساكنهم، ومزارعهم تقلع وتدمر؟ ما الذي عمل هؤلاء للفلسطينيين؟ ماذا عمل هؤلاء لحزب الله؟ ماذا عمل هؤلاء لحماس؟.
لماذا أما الغربيون: دول، وشعوب، وأفراد وهو ما حصل بعد حادث [الحادي عشر من سبتمبر] بشكل صريح.. ألم ينطلق المواطنون في فرنسا، وفي بريطانيا، وفي أمريكا، وفي استراليا، وفي ألمانيا، وفي مختلف المناطق ضد المسلمين في تلك البلدان؟ ألم تنطلق الصحف؟ ألم تنطلق وسائل الإعلام كلها لتهاجم الإسلام والمسلمين؟ هم انتظروا أحداً يمنحهم شرعية؟ أم أنهم يرون أن لهم شرعية؟ لأنهم يعتبرون الإسلام والمسلمين أعداء ولك حق في أن تقف في مواجهة عدوك.
لكننا نحن المسلمين نُثقف هكذا: ليس لليمنيين حق أن يقفوا في مواجهة أمريكا وإسرائيل، وليس للسعوديين حق، وليس للإيرانيين حق، وليس لأي مواطن في أي بلد عربي حق أن يقف ضد أمريكا، سيقولون ماذا تعني؟ ماذا تريد؟ ماذا تريد عندما تقول هكذا؟ أنت الآن إرهابي، هل ضربتك أمريكا الآن أو عملوا بك شيئاً؟.
نقول: أنت تريد أن أنتظر حتى يدوسوني بأقدامهم، ثم فقط يكون كل ما أريده وأنا منتظر منك، كل ما أريده منك أن تقول لي في الأخير: أنني لست إرهابياً, وأنت في الأخير لا يمكن أن تعمل لي شيئاً!.
الزعماء أنفسهم هم من سيقعون فيما وقع فيه عرفات.. وهل أحد من زعماء العرب عمل لعرفات شيئاً؟ بل يقول بعض الكتاب في الصحف: أنه فعلاً حتى الاتصالات، الاتصال من زعماء العرب أنفسهم بعرفات كلهم أقفلوا الاتصالات معه, ولا كلمة يسمعها، ويسجن داخل بيته ولا أحد يقدم له شيئاً، ولا أحد يتصل حتى يواسيه بكلمة!. هذه ما يجب أن نقاومها.. هذا ما يجب أن نرفضه.
إن اليهود والنصارى يقاتلوننا كافة، والله يأمرنا أن نقاتلهم كافة كما يقاتلوننا كافة، إنهم يتحركون في كل شعب، وهل هناك دولة إسلامية تضرب بريطانيا، أو دولة إسلامية تضرب فرنسا حتى ينتظر الفرنسيون أن يوجد لهم المبرر أن يتحركوا ضد المسلمين؟ أم أن كثيراً من المسلمين الآن ما يزالون سجناء بما فيهم يمنيون؟ سجناء في أمريكا، وسجناء من مختلف المناطق، وأشخاص قتلوا.
حتى نشرت بعض الصحف أن أربعة يمنيين من مدينة [القاعدة] قتلوا واستجوب كثير منهم؛ لأن في وثائقهم اسم [القاعدة] – والقاعدة هي مدينة في اليمن – ظنوا أنه من تنظيم القاعدة تنظيم [أسامة بن لادن] وهو من مدينة القاعدة مدينة هنا اعتقد في محافظة [إب]. محل الميلاد [القاعدة], قالوا: إذاً أنت من القاعدة .. قتل أربعة أشخاص لاشتباههم في الاسم.
لكننا نحن لا يجوز لنا أن نصرخ في اليمن، ولا في أي بلد عربي آخر، ونحن نُضرب في كل مجالات حياتنا، ونحن نرى ديننا يهدد، أولسنا كلنا نعرف أن الإسلام والمسلمين يواجهون بهجمة شرسة جداً من دول الغرب كلها؟. أليس هذا هو ما نلمسه؟. فلماذا يريد هؤلاء أن لا نتكلم لا في اليمن ولا في أي منطقة أخرى؟. لأنه لاشرعية لك أن تقول إلا بعد أن يصل أولئك إلى عندك فيدوسونك بأقدامهم.
تأملوا ستسمعون هذه العبارات تتكرر، ودائماً وسائل إعلامنا تخدم إسرائيل من حيث تشعر أو لا تشعر، وترسخ في أذهاننا شرعية بقاء إسرائيل كدولة، وشرعية تحرك أمريكا ودول الاستكبار ودول الكفر دول اليهود والنصارى ضد المسلمين شعوباً وحكومات ولا تمنح الشرعية إلا لفئات معينة!. ماذا يعني هذا المنطق عندما نسمع [أنه لا أما حماس وحزب الله وحركة الجهاد والفلسطينيين لا نسمع أن يصنفوا أنهم إرهابيين] ماذا يعني هذا؟، أما الباقون فإذا ما صرخ أحد ضدكم فهو إرهابي، أما الباقون في مختلف الشعوب الإسلامية فإذا ما تحركوا لمواجهتهم فهم إرهابيون وسنكون معكم ضدهم.
أليس هذا هو ما يعني حصر؟ حصر ماذا؟ حصر من نعزلهم عن قائمة اسم إرهاب في منظمات معينة بحجة أنها تقاوم احتلالاً مباشراً أولسنا محتلين في اقتصادنا، في سياستنا، في كل شئون حياتنا؟.أوليس العرب مستعمرين الآن؟ هم مستعمرون، أي زعيم يمكن أن يقول كلمة جريئة إلا ويسحبها بعد ساعة أو ساعتين؟ أليس هذا يعني استعمار؟.
استعمار في كل مجالات شؤوننا، وحرب لديننا نراها ونشهدها، وإفساد في أرضنا، وإفساد لشبابنا، وإفساد لنسائنا، وإفساد لكبارنا وصغارنا.. أليس هذا هو ما يحصل في البلاد العربية كلها؟.
إن الله هو الذي منح المسلمين الشرعية أن يقاتلوا أعداءهم كافة كما يقاتلونهم كافه، هو يقول: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}(البقرة: من الآية217) هو يقول: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة:29) هو من أمر المسلمين جميعاً أن يقفوا صفاً واحداً وبكل ما يمتلكون من وسائل في مواجهة أعدائهم، سواء كثر أعداؤهم أم قلوا.
التوزيع للشرعية إنما جاء بعد ما وزعت البلاد الإسلامية إلى قطع صغيرة، ثم بعد وزعت المواقف: فهذا مشروع, وهذا ليس مشروعاً.
إن كل ذلك هو يخالف منطق القرآن الكريم، وسيقولون ماذا؟ حفاظاً على مصالح، سيقولون ماذا؟ مقابل قروض نُعفى عنها، أو مساعدات، أو تنمية موعود بها.. كل ذلك يصنف في قائمة ماذا؟. في قائمة (بيع الدين بالدنيا)، فهل يجوز أن نرضى؟ سنقول: نحن مسلمون, وإذا كنا نرى دول الغرب كلها حكومات وشعوباً ينطلقون لمحاربة الإسلام والمسلمين كافة فإن كل مسلم يجب أن يكون جندياً يعاملهم بمثل ما يعاملون به المسلمين، ويقف في وجههم كما يقفون بكل إمكانياتهم في وجه المسلمين.
ويقول الله سبحانه وتعالى أيضاً عن بني إسرائيل أنهم يشترون الضلالة بالهدى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} (النساء:44) أُوتوا نصيباً وافراً من الكتاب، أُورثوا الكتاب، لكن أصبح الكتاب لا قيمة له لديهم، وأصبحوا هم يشترون الضلالة، يبحثون عن الضلالة.. الضلالة في أنفسهم، والضلالة ليصدروها للآخرين {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} يريدون أن تضلوا السبيل، والذي يريد أن أضل أليس أنه عندما يتمكن, ويحصل على الإمكانيات التي يستطيع بها أن يضلني ألن يعمل على إضلالي؟. لأنه يريد أن يضلني، أليس كذلك؟ هم يريدون أن نضل، وقد أصبحوا يمتلكون إمكانيات هائلة جداً من الآليات والماديات، ألن يسعوا بجد؟ أليس هناك ما يدفعهم إلى أن يتحركوا لتصدير الضلالة إلينا وإلى أن يضلونا؟.
فعلاً هم يمتلكون مليارات، ويمتلكون شركات السينما، ويمتلكون القنوات الفضائية الكثيرة، يمتلكون الآليات بمختلف أنواعها.. ألسنا نرى أنها كلها تُجَنَّد لإضلال الآخرين؟ لإضلال الشعوب؟ ألسنا نعاني من إضلال كبير يأتي من مختلف وسائل الإعلام؟ ومن مختلف وسائل النشر؟ ومن الأقلام الكثيرة التي تكتب؟ وفي كل بلد, وبكل وسيلة؟.
أولسنا نرى أنه هنا في اليمن كل سنة ينتشر فيها الفساد والضلال أكثر من السنة السابقة؟ لأن الله قال عنهم أن أولئك من أهل الكتاب، من اليهود والنصارى اشتروا الضلالة، نبذوا الكتاب وراء ظهورهم ليستبدلوا به الضلالة، وأنهم في نفس الوقت يريدون من الآخرين أن يضلوا {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
فلنرجع لنتلمس آثار إضلالهم في واقع حياتنا، تلك نقطة عرفنا أنها.. قضية بيع الدين بالدنيا أليست هي السائدة داخل أوساط المسلمين؟.
هناك فيما يتعلق أيضاً بجوانب كثيرة لأن عبارة {الضَّلالَةَ} تعني أنهم عندما يكونون يريدون أن نضل السبيل كل وسيلة سيسلكونها؛ لأنهم لن يتحرجوا إذا، وما الذي سيدفعهم إلى أن يتحرجوا من أن يستخدموا كل وسيلة فيها إضلال لنا؟ هل دينهم سيمنعهم؟ لقد نبذوا الدين وراء ظهورهم، لقد نبذوا الكتاب وراء ظهورهم، فما الذي سيجعلهم يتحرجون من أن يستخدموا أي وسيلة للإضلال؟ إنهم يستخدمون حتى بناتهم ونسائهم لإضلال الآخرين، إنهم يستخدمون اليهوديات المصابات بمرض (الإيدز) لينتشرن داخل مصر من أجل أن ينتشر ذلك المرض الفتاك، ومن أجل أن يفسدوا شباب المصريين زيادة على ما قد حصل.
هم من يعملون على نشر الفساد الأخلاقي في مختلف البلاد العربية، هم من دفعوا المرأة المسلمة، المرأة المحتشمة، المرأة التي يلزمها دينها وقيمها العربية أن تكون متأدبة ومحتشمة، هي من أصبحت الآن تتبرج، هي من أصبحت الآن تكشف شعرها وبدنها، هي من أصبحت الآن تزاحم الرجل في جميع مناحي الحياة بحجة مشاركتها في المجال السياسي.
الآن في اليمن يطعِّمون المكاتب بالنساء! هنا مدير وهنا سكرتيرة لتكون أجواء المكتب لطيفة، لتكون أجواء المكتب كلها أجواء حب .. ومتى سينصح هؤلاء لشعبهم وأجواء مكاتبهم كلها حب؟!. يسرح الموظف من بيته وهو يحاول كيف يكون شكله مقبولاً أمام الموظفة، أمام السكرتيرة، أو أمام امرأة أخرى تشاركه في مكتبه، الآن يعملون على أن تشارك المرأة الرجل في المكاتب، في الدوائر الحكومية، ويعتبرون أن هذه هي المشاركة الحقيقية للمرأة في الحياة.
تلك المشاركة التي تقوم بها المرأة في الريف, هي من تربي الأبقار، وتربي الأغنام، هي من توفر على أسرتها كثيراً من الأشياء التي يحتاج رب الأسرة إلى دفع فلوس كثيرة في توفيرها، هي تربي الأبقار، وتربي الأغنام، هي توفر الحطب، هي توفر الماء، هي تعمل جاهدةً في المجال الزراعي .. أليست هذه هي مشاركة حقيقية في التنمية؟. مشاركة تجعل الأسرة كلها تتحمل جميعاً أعباء الحياة، تلك الأعباء التي فرضها علينا هؤلاء، هذه الحياة التي أصبحت صعبة.. هذه لم يعترفوا بأنها مشاركة بل يصنفونها بأنها ظلم، وأنها امتهان للمرأة!. من أين جاء هذا التقييم؟ من أين جاء؟.
يقال أن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) قضى على فاطمة الزهراء بأعمال منزلية، وأعمال ترتبط بالمنزل، وعلى الإمام علي بأعمال خارج المنزل.. وهكذا المرأة في اليمن تشارك الرجل في جميع مناحي الحياة. لكن هذه التي هي مشاركة حقيقية، ويلمس الجميع أن زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم يساعدنهم مساعدة كبيرة على تحمل أعباء الحياة، هذه تصنف عند أعدائنا بأنها امتهان للمرأة!. لا، المشاركة الحقيقة هي أن تكشف نفسها ووجهها، وتزاحم الرجل هذه هي التنمية أن تزاحم الرجل في المكاتب، أن تزاحم الرجل في محطات التلفزيون، أن تزاحم الرجل في كل مناحي الأعمال الأخرى.. لا حاجة إلى هذه؛ لأن هذه ليست مشاركة حقيقية.
إن الذي يجب عليكم هو أن تشجعوا المرأة، هو أن تعملوا على تشجيعها، وأن تساعدوها وهي التي تعمل في مجال الزراعة، وتعمل في مجال تنمية المواشي، وهي التي تساعد رب أسرتها، تساعد زوجها، وتساعد قريبها مساعدة كبيرة، إنها تخدم الشعب أكثر منكم .. أين هي مشاريع المياه؟ هل هناك مشاريع مياه؟ من الذي يوفر المياه لنا؟. أليست هي النساء توفر المياه؟ إن النساء ينفعننا أكثر من ما تنفعنا الحكومة، إن النساء يقدمن خدمات للمجتمع أكثر مما تقدمه الحكومة.
أنتم تريدون أن تقولوا لهذه النساء: أن هذا امتهان، وأنه يجب أن تترك كل هذه الأعمال وتنطلق لتزاحم الرجل في المكتب فتخرج زوجتك، وتخرج بنتك لتعمل ساعات داخل مكتب مع شخص آخر، أيّ أجواء ستسود هذا المكتب؟ اقرؤوا إحصائيات عما يحصل في أجواء كهذه في بلدان أوربا.. إحصائيات عن النساء كم من النساء – كما يقال بعبارتهم – يُغتصبن ممن يشاركن الرجل في أعماله في المكتب، من قِبَل مدراء المكاتب، من قبل مشاركين في هذه المكاتب، يجلسون سوياً هم وتلك النساء في مكتب واحد! كم يحصل من جرائم؟.
إحصائيات نشرتها بعض الصحف تذكر كم يحصل من جرائم بسبب مشاركة المرأة للرجل في الأعمال داخل المكاتب، في الدوائر الحكومية، وفي مختلف منشآت القطاع الخاص.. ونحن أيضاً نسلم بهذا، ألسنا تنطلي علينا هذه المسألة، وعلى نسائنا؟ أن يقال: هذا امتهان للمرأة, أن تحمل المرأة الماء، أو تحمل الحطب.
نقول: الامتهان هو عملكم أنتم وأنتم تحملوننا القروض المنهكة هذا هو الامتهان، الامتهان من قبلكم أنتم وانتم تضعوننا تحت أقدام أعدائنا، الامتهان من قِبَلكم أنتم وأنتم لا تعملون على أن نحصل على قوتنا, وأن نحصل على مختلف الأشياء التي نحتاجها من داخل بلدنا، أليس هذا هو الامتهان؟. أليس كل عربي أصبح الآن لا يفخر بأنه عربي؟ من هو العربي الذي أصبح الآن يفخر بأنه عربي؟ هل هناك أحد؟ كل الناس يشعرون بالخزي حتى زعماؤهم يشعرون بالخزي.
وكل الناس لمسوا أن موقف الزعماء كان موقفاً يشهد الجميع بأنه مخزٍ عند ما يكون أحد زعماء العرب وزعيم شعب مظلوم على مدى خمسين عاما مسجوناً داخل بيته، وتحاصره الدبابات الإسرائيلية ثم يقطعون حتى الاتصال عنه، ثم لا يصرخون في وجه أولئك الذين حاصروه، ثم لا يعملون أي عمل .. أليس هذا هو الخزي؟. كلنا يشهد بأنه خزي، هذا هو الامتهان لكم أيها الكبار، والامتهان لنا نحن الرجال، أما المرأة التي تنطلق لتشارك الرجل أعباء وضعية فرضتموها أنتم وأعداؤنا عليها وعليه فإن هذا هو العيش الكريم، هو العيش الكريم.. لا بد أن أعمل، ولا بد أن تعمل زوجتي، ولابد أن تعمل بناتي لنعيش حياتنا بجهدنا، وبعرق جبيننا؛ لنحصل على حياة كريمة ولو بنسبة محدودة.
أنتم تريدون أن ترحمونا، وأن ترحموا تلك النساء، وأن تفكوا عن تلك النساء ذلك الذي تسمونه امتهاناً، اعملوا على توفير المشاريع، وفروا لها الكهرباء، وفروا لها مشاريع المياه، وفروا لها المراكز التي ترعى الأمومة والطفولة، وفروا لها كل شيء. لا تقولوا لها: بأن التقدم، بأن الحرية، بأن المشاركة الحقيقية هي أن تنطلق لتزاحم الرجال داخل مكاتبكم، داخل مكاتب الدوائر الحكومية.
من أين جاء هذا؟. ألم يأتي من عند أولئك الذين قال الله عنهم: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} يريدون أن نضل فيعملون جاهدين على أن يخرجوا بناتنا ونساءنا ليزاحمن الآخرين في مكاتب الدوائر الحكومية، وفي مكاتب الشركات، ومكاتب ومنشآت القطاع الخاص، {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
المرأة التي أصبحت متبرجة .. من أين جاء هذا؟ هل القرآن هو الذي قال لها؟ أم القرآن هو الذي أمر رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يأمر نساءه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن، وأن يضربن بخُمُرهن على جيوبهن، وأمرهن بأن يحفظن فروجهن، وأن يغضضن النظر عن الرجال الأجانب، أليس هذا هو منطق القرآن؟. من أين جاء التبرج؟. من أين جاء السفور؟. ألم يأت من عند من يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل؟. أولم نضل؟.
هنا في اليمن كل سنة هي أسوء من السنة التي قبلها؛ لأن هناك من يعمل جاهداً من أولئك الذين يريدون أن تضلوا السبيل، يعملون على أن تخرج المرأة اليمنية متبرجة مكشوفة، وهي الآن من تحاول على أن ترفع ثوبها قليلاً قليلاً، لتبدو أقدامها، ثم ليبدو ساقها، وتعمل على أن تكشف جزءاً من شعرها قليلاً قليلاً، وتكشف يديها قليلا قليلا،.. وكل سنة نلحظ من المشهد العام في صنعاء أنها أسوء في هذا المجال من السنة الماضية، هناك عمل هناك عمل ممن يريدون أن نضل السبيل، يريدون أن تصبح نساؤنا كالنساء التي نراهن في التلفزيون في مختلف بقاع العالم.
سافر إلى القاهرة، أو إلى عمَّان، أو إلى دمشق، أو إلى بغداد، أو إلى أي بلد عربي إسلامي تجد المرأة العربية المسلمة لا تفرق بين مظهرها وشكلها وبين المرأة الأوربية المسيحية أو اليهودية، حتى النساء في فلسطين وفي (البوسنة) ترى المرأة التي تصرخ وتبكي على ابنها وهو قتيل، أو جريح، أو تبكي على بيتها وهو مهدم على أيدي اليهود هي في شكلها لا تختلف عن أم ذلك اليهودي، عن زوجة ذلك اليهودي الذي هدّم بيتها وقتل ابنها.
لنقول أيضاً: أنه حتى عندما نسير وراء الآخرين فيما نعتبره حضارة وتقدماً، نقول للمرأة عندما تخرجين متبرجة، عندما تخرجين سافرة لوجهك وبدنك مكشوف هل رحموكِ؟. هل رحموها؟ هل كفوا عن تدمير منزلها؟. لأنها أصبحت قد لحقت بركابهم؟ إنهم يرْكُلُون كل من لحق بركابهم من عندنا. هل كفوا عن ابنها؟. هل كفوا عن زوجها؟ ثم هل تريدين أنت أن يكف الله عنك وأنت من تسيرين وراء ضلالة هؤلاء أكثر مما تسيرين وراء هدي الله؟ الله لن يكف عنك، الله لن ينقذك وأنت من تسيرين وراء من يريدون أن تضلي، ويريدون أن تهاني، ويريدون أن تظلمي، وأنت تقلدينهم في كل مظاهر الحياة. أليس هذا هو ما يحصل؟ إن الله لن يكف عن تلك النساء.
حتى أصبح البعض منا فعلاً يوم كنا نشاهد ما يحصل في البوسنة على شاشات التلفزيون، ألم تكن ترى المرأة المسلمة كالمرأة الصربية؟ شكل واحد، وزي واحد، ترى الفلسطينيات وهن يهربن أمام الإسرائيليين كالإسرائيليات سواء. حاول أن تشاهد فيما لو تمكنت أن تشاهد شاشة التلفزيون الإسرائيلي ستجد أنه لا يختلف لا يختلف أبداً عما تشاهده في شاشة أي تلفزيون آخر في البلاد العربية.
لقد ضلينا السبيل، سبيل ديننا، سبيل عزتنا، سبيل كرامتنا.. السبيل كل ما تعنيه كلمة {السَّبِيلَ} الذي يهدي إلى التي هي أقوم، الذي يهدي إلى العزة والكرامة {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
وهم عندما يريدون أن نضل السبيل، هم كالشيطان يعرفون سبيل عزتنا ليصرفونا عنه، هم لا يغلطون، يعرفون سبيل الحق فيصرفونا عنه، يعرفون سبيل تنميتنا الحقيقية فيصرفونا عنها، يعرفون سبيل زكاء نفوسنا، وسمو أرواحنا فيصرفونا عنه، يعرفون سبيل قوتنا في توحدنا فيصرفوننا عنها {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
وهم يعلمون أن التركيز على الجانب الأخلاقي الذي وسيلته المرأة، المرأة هي وسيلة سهلة، سهل إفسادها، وعظيم جداً إفسادها أيضاً، إنها تفسد بسهولة، وهي من تفسد الرجل بسهولة أيضاً.. يركزون على المرأة لتفسد في نفسها من خلال ما تشاهد.
وهم من حتى يقدمون في المسلسلات العربية – التي يسمونها عربية – يقدمون المرأة التي زيها مازال زياً عربياً هي الشغالة، وهي الخادمة، ألسنا نشاهد هذا في المسلسلات المصرية؟ المرأة التي دورها شغالة، أو خادمة، أو بوابة عملها عمل ممتهن، أليست هي تبدو بالشكل العربي وبزيها العربي؟ لكن المرأة ذات الدور المهم داخل المسلسل، بطلة تلك القصة هي من تبدو مشبهة تماماً للمرأة الأوربية؛ لنقول: هكذا هو التحضر. لا يليق بها حتى ولا أن تمثل دوراً لائقاً إلا وهي بزي المرأة الأوربية، الزي المفضوح، الزي الذي يفسد كل من يشاهده, ويرسخ في أذهان نسائنا أن تلك النساء اللاتي ما يزلن محافظات على زيهن العربي، على حجابهن الإسلامي ها هن منحطات, إنما هن فرَّاشات ويقمن بدور الفرَّاشة، بدور الخادمة، بدور الطباخة في هذا المسلسل الذي يسمونه أيضاً [المسلسل العربي]، والذي يقول مخرجوه: أنه من أجل معالجة مشكلات اجتماعية. أليس هذا هو من يصنع مشكلات اجتماعية؟. أليس هذا هو من يخدم أعداء الله؟. أليس هذا هو من يساعد المرأة، من يدفع بالمرأة التي تشاهد إلى أن تتبرج؟.
هل نحن نرى النساء يقلدن من يشاهدنه من النساء داخل تلك المسلسلات ممن لا يزلن يحملن الزي العربي؟. أم أنهن ينطلقن لتقليد تلك النساء التي يتبرجن؟. من يقلدن؟. هي لا تنشد لتقليد تلك المرأة؛ لأن دورها في المسلسل قُدم دور ممتهن إذاً فهذا اقترن الزي بالدور، اقترن الزي العربي الزي الإسلامي بالدور الممتهن للمرأة داخل المسلسل، من أجل المرأة العربية التي تشاهد المسلسل لا تنشد لتقليد هذه المرأة وإنما تنشد لتقليد تلك المتبرجة السافرة؛ لأن دورها في المسلسل هو دور البطلة، هو دور الممثلة الكبيرة، أليس هذا إضلال؟ {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
بل أصبحنا نضل وبأموالنا نحن المسلمين نضل بعضنا بعضا، تموّل كل تلك الأعمال التي فيها إضلال لنساء المسلمين، التي تدفع المرأة إلى السفور والتبرج تمول من الأموال العامة للشعب، تمول, أو تشجع من الأموال العامة للشعب إذا ما كان هناك قطاع خاص هو من يقوم بتلك الأعمال، والمعاهد التي يتلقى التدريب والتعليم فيها من يتخرجون فيما بعد مخرجين أو ممثلين هي أيضاً من المشاريع التي تمول من قبل المال العام للشعب في أي بلد إسلامي.
نشتري الضلالة كما اشتراها بنو إسرائيل، هم يريدون أن نضل السبيل, بل أن نصل إلى ما وصلوا إليه أن نشتري الضلالة، أوليست وسائل إعلامنا تشتري الضلالة بمبالغ كبيرة؟ تشتري الأفلام من المصريين، ومن السوريين، ومن غيرهم لتعرضها أمام نسائنا في بيوتنا، أليس هذا اشتراء للضلالة؟ أليست هذه هي النفس التي حكى الله بأن اليهود يحملونها؟ {يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} إذا هذه واحدة أخرى.
في نفس الوقت هل هناك أحد يقدم هدى؟ يقدم هدى يصرخ في وجه هؤلاء؟. لا.. لأننا حتى وإن كنت تحمل اسم مؤمن أنت في نفسك قابل لأن تروض حتى يصبح كل شيء أمامك طبيعي وغير مثير، يصبح كل شيء أمامك طبيعي.
لدرجة – كما يقول لنا البعض – أنه فعلاً في البلدان التي أصبح سفور المرأة شيئاً طبيعياً تجد هناك عالم دين، وخطيب وإمام جامع زوجته وبنته متبرجة وسافرة! وهو من يأمر الناس بالتقوى في المسجد، وهو من ينطلق على شاشة التلفزيون ليعمل في برامج دينية تقدم للناس، وزوجته وبناته متبرجات!.. هكذا يتروض الناس أنفسهم حتى تصبح الضلالة لديهم مقبولة.
لكن الله سبحانه وتعالى لا يتعامل معنا ونحن نضل، كما نتعامل نحن مع الضلالة، كل شيء مرصود، وعقوبات الأعمال كلها تحصل حتى وإن كنت تراها شيئاً عادياً وغير مثير.
هذا فيما يتعلق بالجانب الأخلاقي، والجانب الأخلاقي, فساد المرأة هو مما استخدمه الإسرائيليون وكانوا يغرون ولا يزالون يغرون به العملاء من فلسطين ولبنان، وهم من يدفعون النساء، الغربيون هم من يخرجون النساء بشكل سائحات إلى اليمن، ويقولون بأنه يعجبهم البيوت القديمة في صنعاء باعتبارها نمط معماري قديم! إنهم يريدون أن يدخلوا إلى داخل الأحياء السكنية.. هناك بيوت في صنعاء، – وبعضها وللأسف الشديد كانت بيوت علم وعلماء – أصبحت فنادق يتجمع فيها السواح الخليعون من كل منطقة، من بلدان أوربا وغيرها، ثم لا ستائر على الطياق، ولاشيء، سفور، وخلاعة، وتبرج.. وصنعاء القديمة بيوتها هكذا كثيفة ومتقاربة جداً.
يقول بعض الناس: بأنه فسد كثير من البيوت المجاورة, فسدوا بواسطة ذلك البيت الذي قد أصبح فندق يأوي إليه السواح؛ لأنه يعجبهم المباني القديمة, ونمط معماري قديم. ليس لهذا، ليس لهذا، إنهم يريدون أن يدخلوا إلى أعماق أحيائنا السكنية, لم يكفهم أن يكونوا في الشوارع العامة، ولا في الأسواق العامة، ولا أن يسير شبابنا وراءهم يتطلعون إلى تلك النساء، بل يريدون أن يدخلوا إلى داخل الأحياء العامة في العاصمة, وفي أي مدينة.
وأولئك الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً لا يهمهم، لا يهمه وقد يكون بعضهم من أسرة علمية يؤجر بيته مقابل مبلغ من الدولارات ليكون فندق، ولا يهمه أن يكون من ينام مكان جده الذي كان عالماً من علماء الدين، أن ينام في تلك الغرفة التي كان يتردد كتاب الله فيها كل حين، أن ينام خليعون من أي بلد من بلدان أوربا.. أليس هذا هو تنكر لقيم ألآباء والأجداد؟ أليس هذا هو إساءة للآباء؟ إساءة للأجداد العظماء من أولياء الله؟.
تتحول بيوت كانت بيوت علم ودين، وبيوت فضيلة تتحول إلى بيوت فاسدة، ثم تفسد الحارة كلها وهو لا يبالي يحسب كم سيستلم في آخر الشهر من دولارات مقابل تأجيره لهذا المنزل.. أليس هذا أيضاً من الضلالة؟ ألم يصبح هذا الذي باع دينه يشتري الضلالة, ولا يبالي أن يضل الآخرون؟.
هكذا يصبح العرب أنفسهم, يصبح المسلمون أنفسهم.. وكل هذا شاهد على أنه لو تمكنت أمريكا من بلادنا ستجد الكثير والكثير من الشباب قابلين لأن يكونوا عملاء يسخرون النساء كما يعملون في فلسطين, وكما يعملون في لبنان.. لو تقرؤوا قصص العملاء أشخاصاً فلسطينيين, وأشخاصاً لبنانيين تحولوا إلى عملاء وكان من أكثر الأشياء إغراءً لهم النساء والمال فيتحول إلى عدو يتنكر لدينه، ويعمل على أن يغتال, ويُغتال على يديه العظماء من الأحرار الذين يحاربون من أجل شرفه, ومن أجل وطنه.. إن النساء خطيرات جداً إذا ما أتجه الإفساد إليهن.
ونحن لا نعمل، حتى أولئك الذين كانوا يتشدقون بأنهم دعاة إسلاميين،لم يهتموا بهذا الجانب وهم من تمكنوا أيضاً في السلطة، وهم من أصبح في معاهدهم ومدارسهم مجاميع كبيرة من النساء، يستطيعون أن يوجهوا فلم يوجهوا بالشكل المطلوب الذي يجعل المرأة اليمنية ترفض هذا الشكل, وهذا التقليد الذي يريد اليهود أن تسير عليه.
هذا في الجانب الأخلاقي، وهذا ما يعمله اليهود، مع أننا نجد أن نبياً من أنبياء الله العظماء وهو من بني إسرائيل جعله الله مثلاً للعفة, مثلاً للنزاهة على الرغم من جماله البارع، على الرغم من شبابه المكتمل، وعلى الرغم من الأجواء المهيأة الكاملة لفساد أخلاقي، لفاحشة يرتكبها.. فإذا به يصبح مثلاً للعفة, نبي الله يوسف، سورة يوسف، قصة يوسف في القرآن الكريم هي مثل للعفة، مثل للطهارة، نبي الله يوسف هو مثل لكل شاب مهما رأى نفسه في المرآة جميلاً، الكثير من الشباب متى ما تصفح وجهه في المرآة فرأى شعره جميلاً، وشكله مقبولاً انطلق هنا وهناك، وراء البنات، انطلق وهو بكل غرائزه مستعد لأن يسقط في مستنقع الرذيلة.
إن نبي الله يوسف الذي قد يكون ربما أجمل إنسان خلقه الله، وكان في وقت مكتمل الشباب، هو من قال عندما اجتمعت [المصريات] عليه وبعد أن بـهرهن جماله، وقطعن أيديهن، وهددنه بالسجن إن لم يقبل ما يردن منه قال: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ}(يوسف:33) هذا هو الشاب التقي الطاهر.
أليس من بني إسرائيل؟ نقول لشبابنا، نقول لشاباتنا، نقول لبنينا وبناتنا في كل مكان: أنتم وراء من تسيرون؟ وبمن تقتدون؟ كلنا – سلمنا – وراء بني إسرائيل .. لكن وراء من؟ إنكم تسيرون وراء أولئك الذين يبيعون بناتهم، ويبيعون أعراضهم من بني إسرائيل.. لماذا لا تسيرون بسيرة يوسف نبي الله؟. لماذا لا تسيرون هذه السيرة لتحصلوا على ما وعد الله به نبيه يوسف عندما قال: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (يوسف:22)؟ كونوا محسنين بعفتكم، كونوا محسنين بطهارتكم وستحصلون على الحكمة، وستحصلون على العلم، العلم الذي تزكو به نفوسكم، والعلم الذي تبنون به أمتكم، العلم الذي تبنون به اقتصادكم وحياتكم.
أما أن تسقطوا في مستنقع الجريمة، وتسيرون وراء أولئك الذين يريدون أن تضلوا السبيل، أولئك الذين هم أعداء لكم، فإنهم يعلمون علم اليقين أنكم عندما تسيرون في هذا الطريق، وتسقطون في هذا المستنقع فإنكم ستكونون وسيلة لضرب نفوسكم، وضرب أمتكم، وضرب شعوبكم، وأنكم ستكونون وسيلة لتدمير أنفسكم، وتدمير أمتكم، وأنكم ستصبحون أجساداً لا قيمة لها يدوسونها بأقدامهم وهي تبتسم، وتقبِّل تلك الأقدام.
وهكذا متى يمكن أن تتوقع لشاب همه أن يجري وراء البنات سواء في ساحات الجامعة، أو في الشوارع، هل تتوقع لشاب نفسيته غارقة في هذا المستنقع أن يحمل همّ أمة؟!.، أن يتألم إذا ما قلت له اليهود يدوسونك بأقدامهم؟!. إنه لا يمانع أن تدوسه يهودية جميلة بأقدامها اللينة مباشرة!!. فكيف تريد منه أن يتحرك؟. سيقبل قدما تدوسه، وهم فعلاً قد يصلون بالشباب إلى هذه.
بعد أن تصالح معهم المصريون، وبعد أن أقامت مصر معهم مصالحة، وتبادلاً دبلوماسياً هل أصبحت مصر تنعم بالسلام مع إسرائيل؟ أم أصبحت تعاني معاناة شديدة من الفساد الذي يريد الإسرائيليون أن يصل إليه شباب مصر أكثر مما قد وصلوا فيه؟ وفساد من ذلك الذي يحمل الدولة عبئاً مادياً كبيراً، فساد بثمن، فساد بأموال كثيرة، نساء ممن هن مصابات بمرض (الإيدز) ينتشرن في أوساط الشباب المصري، الشاب الذي يصاب بمرض (الإيدز) هل سيعود له أثر في بناء الحياة، أم سيصبح عبئا على الدولة والمجتمع؟. ألا تجد الدولة نفسها مرهقة فيما بعد وهي تعمل على مكافحة (الإيدز)؟. وهي تعمل على حجز من يصابون بمرض الإيدز، فتتحمل كامل نفقاتهم، وتتحمل كلما تفرضه وضعيتهم السيئة.
هم يريدون أن نضل السبيل، ثم أن يكون ضلالنا أيضاً مما ينهكنا اقتصادياً، هكذا يعمل اليهود وبخبثهم الشديد، وهكذا نحن نجري وراءهم وليس وراء أنبيائهم، أنبيائهم العظماء.
{وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ}(آل عمران: من الآية69)[ يتمنون وبكل لهف وشوق أن يضلوكم {وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}(آل عمران: من الآية69) وعندما يكونون – كما قال الله تعالى عنهم – يودون، فمن الطبيعي أنهم عندما يمتلكون كل وسائل الإضلال أنهم سينطلقون إلى إضلالنا، فنحن هنا وجدنا فيما يتعلق بنموذج واحد من أنبيائهم أنه النموذج الذي لا يسير وراءه شبابنا، أو الكثير من شبابنا في البلاد العربية.
أوليس اليهود هم من يصنعون للشباب نماذج يتعلقون بهم في مجال الفن، في مختلف مجالات الألعاب الرياضية؟. تجد الشاب هو من يتعلق ببطل في الأرجنتين، أو في البرازيل، أو في أي منطقة أخرى وهو يتنكر لكل أعلام تاريخه، ولكل أعلام دينه، بل يتنكر للعظماء من أنبياء الله فلا يلتفت إليهم، ولا يعمل على أن يتحلى بأخلاقهم، والله هو من أمره، وأمر بقية الشباب المسلمين، أمر الناس جميعاً أن يؤمنوا برسل الله كما في آخر [سورة البقرة]: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}(البقرة: من الآية285).
لأن كل نبي من أنبياء الله هو عَلَم من أعلامه، ويحتاج الناس إلى أن يقتبسوا من هديه، أن يتأسوا به في مواقفه المشرفة، في مواقفه العظيمة، وكثير من أنبياء الله عُرضت لهم مواقف عظيمة جداً وهم مازالوا في مرحلة شبابهم، في فترة ريعان شبابهم كنبي الله موسى، نبي الله موسى الذي تكررت قصته في القرآن الكريم كثيراً، كما تكرر الحديث عن فرعون أيضاً كثيراً، كما تكرر الحديث عن بني إسرائيل؛ لأن فيه أسوة، وليقال لنا: هذا هو نبي اليهود، الذي يؤمنون به, وهو نبي من أنبياء الله لكنهم أصبحوا بعيدين عنه.. فهل أنتم يا من آمنتم بموسى كما آمنتم بمحمد هل ستتركون محمداً، وتتركون موسى وعيسى وتسيرون وراء أولئك؟.
نبي الله موسى لاهتمامه العظيم بأمر الدين، والفارق الكبير فيما بينه وبين أولئك الذين أصبحوا من بني إسرائيل يشترون الدنيا بالدين، يبيعون الدين بثمن قليل من الدنيا، كان للدين مكانته العظيمة في نفسه. أليس هو من استشاط غضباً عندما عاد ووجد قومه قد أصبحوا يعبدون العجل؟. ألقى الألواح وهي تلك الألواح التي ظل بكل شوق ينتظر الموعد مع الله ليتلقى منه الهداية، لكنه عندما عاد عاد غضباناً أسفاً، وألقى الألواح، وأخذ برأس أخيه يجره إليه..
أخوه نبي الله هارون، انفعل انفعالاً شديداً، غضب غضباً عارماً حتى جر رأس أخيه هارون بانفعاله الشديد فقال له هارون: {يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي}(طـه: من الآية94) هز بلحيته، وهز برأسه، وأخوه هارون هو الذي لم يقصر.. هذه النفس التي يستـثيرها أن ترى ذلك الهدى، أن ترى تلك الأمة التي هو حريص على هدايتها، ويعرف قيمة الهدى بالنسبة لها، أهمية الدين والهدى بالنسبة لها يراها تتحول إلى عجل، تتنكر لنعمة الله عليها يوم أنقذها من آل فرعون، يوم أن شق لهم البحر طريقاً يبساً ليخرجوا ثم ينطبق البحر على أعدائهم، ثم يتجهون لعبادة عجل!.. غضب غضباً شديداً، انفعل انفعالاً شديداً.
هو نفسه من هدد قارون ذلك الذي كان لديه الأموال الكثيرة الطائلة، الذي قال الله عنه: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}(القصص: من الآية76) هل قال موسى: حاول أن تدي لنا سلفة، حاول تعطينا من هذا ونحن سنعمل كذا، ونحن سنتمشى معك؟. هدده، وفي الأخير دعا الله عليه أن يخسف به وبداره الأرض، ولم يلتفت إلى ماله، ولم يصبح لقارون ولا لماله وزن عنده.
من هو ذاك منا الذي يغضب والعجول تعبد؟ عجول من البشر! عجول من اليهود والنصارى تعبد من دون الله! عجول من الطاغوت يسير الناس وراءها فيعبدونها من دون الله!. من هم أولئك الذين يغضبون لهذا؟. هل أحد يغضب؟. اللهم لا ندري من هو الذي يغضب.
ما الذي أو صلنا إلى هذه الحالة؟ هي أننا حملنا النفسية اليهودية بين أكتافنا، تلك النفسية التي لا قيمة للدين عندها، والذي لا قيمة للدين عنده لن يغضب إذا ما رأى الأمة تعبد عجلاً سواء عجلاً من الفضة، أو عجلاً من البشر، لا يغضب.. ألسنا نرى أن الشيء الذي هو غائب عن أوساط المسلمين هو الغضب لله؟ بل يصبح الاستسلام هو الحكمة, أن تهدأ، أن تسكت، أن تمسك أعصابك لا تغضب هذه هي الحكمة، ودع الأمة كلها تعبد تلك العجول، وتعبد ذلك العجل الكبير في البيت الأبيض .. أليس هذا هو منطق الحكمة داخل البلاد العربية؟. أما من ينفعل، أما من يغضب، فإنه أحمق، وإنه لا يقدر مصلحة الأمة، وإنه لا يبالي بوضعية الأمة.
وهكذا تصبح النفسية اليهودية هي الحكمة، وهي الرزانة، وهي الحفاظ على المصلحة العامة، على الرغم من آلاف المسلمين يعبدون العشرات من العجول من البشر، ممن يصدون عن دين الله، ممن يسعون في الأرض فساداً.
ذلك الغضب الذي استثار في نفسية موسى حتى كادت الألواح أن تتحطم عندما ألقاها من يده وهو من يحرص عليها جداً لكنه انفعل حتى كاد أن يفقد شعوره، وهم يعبدون عجلاً من الفضة، عجلاً هو في نفسه لا يتحدث فيصد عن سبيل الله، العجول من البشر هي أسوء من ذلك العجل الذي عبده بنو إسرائيل، ولكننا لا نغضب كما غضب نبي الله موسى.
فهل نغضب كنبي الله موسى؟ أم أنّ الواحد منا لا يغضب إلا إذا مُسَّت مصلحة شخصية له، أما أن يرى الأمة تعبد أعجالاً لا يغضب، أما أن يرى تلك الأعجال كلها تصد عن دين الله فلا يغضب، أما أن يرى الدين يضيع والفساد ينتشر فلا يغضب .. أو إذا غضب كان موقفاً غريباً، ونرى جميعاً أنه لا داعي لغضبه، ونتساءل ماذا يريد هذا؟. أو ما هي الأهداف له من وراء هذا؟ فأي نفسية نحن نحمل؟. وأي نفس يحملها العرب وزعماؤهم؟. هل نفس موسى؟ أم نفس شارون وقارون؟ أم نفس اليهود الذين يسعون في الأرض فساداً؟ كلنا نعرف أنهم يحملون نفسية غير نفسية موسى، ونحن والكثيرون منا, والكثيرون جداً منا نحمل نفس النفسية التي يحملونها..لا غضب.
أليس هذا يعني أننا فعلاً نحذو حذو بني إسرائيل؟ نبي الله موسى الذي كان يؤلمه جداً أن يرى بني إسرائيل تذبح أبناؤهم، وتستحيى نساؤهم يسومونهم سوء العذاب، وهو الذي عاش في قصر فرعون في نعمة منذ الطفولة، تربى في قصر فرعون.. ماذا عمل؟. وهو شاب ليس نبياً بعد، هو بعد لم يبعث نبي لازال شاباً.. ماذا عمل نبي الله موسى؟. وكيف كانت نفسيته؟. وكيف كان توَثُّـبُه في العمل على إنقاذ المستضعفين؟. أليس هو الذي ذهب ليضرب ذلك القبطي {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ}(القصص: من الآية15) عندما وجد ذلك القبطي يحاول أن يسخِّر واحداً من بني إسرائيل – كما يقال – ليحمل الحطب عنه، ودخل معه في خصومة.. ماذا عمل موسى؟. لشدة تألمه، لشدة اهتمامه نزل هو في الميدان بدلا عن ذلك المستضعف، وقاوم هو وضرب ذلك القبطي بدلاً عنه وبضربة قاضية تعبر عن شدة ألمه، عن سخطه الشديد، عن غضبه الشديد، عن اهتمامه الكبير بأمر المستضعفين.
ونحن من نحمل القرآن ونقول: أننا مؤمنون بموسى، ومؤمنون بمحمد (صلوات الله عليه وعلى آله) أين هي الروح, روح موسى وروح محمد في نفوسنا؟ لا نتألم عندما نرى الأمة مستضعفة، لا نتألم عندما نرى الأمة ذليلة مهانة، لا نتألم عندما نراها مقهورة بل نعمل على أن تبقى هذه الوضعية قائمة.. نسكت، ونصمت، ولا نتكلم، ولا نحرك ساكناً.. نفسية من هذه؟ نفسية موسى؟ أم نفسية بني إسرائيل الآخرين؟.
لأنها هي النفس التي يريدون أن نحملها، أن نصمت كما كانوا يصمتون هم.. ألم يصل بهم الحال إلى أن سخروا الدين للطواغيت؟ إلى أن قال الله تعالى عنهم أنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه؟ إلى أن قال عنهم أنهم كانوا يتولون الذين كفروا؟ إلى من انطلقوا ليرموا بأنفسهم في أحضان الطواغيت ليكونوا أيضاً وسيلة للطاغوت ضد المستضعفين.. هل نسوا أن الله أنقذهم بموسى يوم كانوا مستضعفين في مصر؟ وأنه إنما كان إنقاذهم على يد شخص يحمل تلك الروحية، روحية الاهتمام بأمر المستضعفين، هو الذي طالب فرعون صريحاً وبكل قوة: {أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ} (الشعراء:17) {فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ}(طـه: من الآية47) عمل جاهداً قبل النبوة وبعدها على تحرير بني إسرائيل كمستضعفين من مصر.
موسى تكررت قصته في القرآن الكريم؛ لأن فيها دروساً كثيرة جداً، فيها عبرة للشباب، الشباب الذين هم يتوقدون حماساً، الشباب الذين يستشيطون غضباً عندما يرى شيئاً من أموال والده أو ممتلكاته يحاول أحد أن يسطو عليها، ألا تغضب وأنت في مكتمل غرائزك الإنسانية ألا تغضب عندما ترى الأمة مظلومة ومقهورة؟!. عندما ترى الأمة مستضعفة؟!. إن الأمة هذه يسومها بنو إسرائيل سوء العذاب، ويسومها أولياء بني إسرائيل سوء العذاب، هذا شيء لاشك فيه.
فنحن نحمل نفسية من؟. نفسية موسى؟. أم نفسية يريد بنو إسرائيل أن نحملها؟.
الكلام طويل جداً حول هذه المواضيع، وبعون الله، إن شاء الله سنعمل على استكمالها، وإنشاء الله بعد أن نعود من الحج سنواصل جلساتنا هذه مع القرآن الكريم، ومع مجموعة كبيرة من الأنبياء والعظماء، سواء كانوا أنبياء أو عظماء سطر الله أقوالهم داخل القرآن الكريم كما سطر أقوال ومواقف أنبيائه؛ لنتعرف على كتاب الله بشكل كاف فنشعر بعظم النعمة التي وهبنا الله إياها ومنحناها لنشكر الله عليها، ولنتعرف من خلالها على واقعنا، ولنتعرف من خلالها على ما يمكننا أن نعمله في مجال نصر دينه، ولنعرف في حياتنا وراء من نسير، وبمن نتأسى، وأي روحية نحمل، وعلى أي طريق نسير.
اسأل الله سبحانه وتعالى أن يسير بنا على طريق رضوانه وجنته، على الصراط المستقيم، صراط
الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
([1]) الآيات من سورة آل عمران من الآية (69) إلى الآية (75).