300 يوم من الصمود العظيم
كلمة صحيفة الثورة “الإفتتاحية”
300 يوم من الصمود العظيم
يصادف اليوم مرور 300 يوم من الصمود العظيم للشعب اليمني الأبي في وجه العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني الغاشم، دون أن يحقق هذا العدوان أياً من أهدافه وما حققه هو الخزي والإذلال والإنكسار، رغم عدته وعتاده وحشوده ومرتزقته المجلوبين من أصقاع الأرض، ورغم كم الأموال الطائلة التي أنفقها ولا يزال على شراء الأسلحة وابتياع المواقف الدولية وتحييد الرأي عالمي.
نعم 300 يوم كاملة ازداد فيها أبطال اليمن، جيشا ولجانا شعبية، نساء ورجالا، إلا ثباتا على الحق وإصرارا على مواجهة هذا العدوان الهمجي الذي أثبت في هذه المدة أنه يستهدف اليمن أرضا وإنسانا وتاريخا وحضارة وقيما وبنية تحتية لا لشيء، فقط رغبة دميمة في تركيع هذا الشعب وجعله تابعا مطيعا وخانعا ضعيفا يستمد تعليماته ومواقفه من دوائر الصهيونية العالمية التي ينوب عنها ويمثلها النظام السعودي في عموم المنطقة العربية.
لقد ضرب هذا الشعب الصابر منذ بدء هذا العدوان أروع آيات الصمود وقدم نماذج لا تتكرر في الاستبسال والتضحية والتصدي لمخططات العدوان الإجرامية ومرتزقته وأشياعه في الداخل والخارج، ما يجعله بكل تأكيد شعبا معزا بكل ما تعنيه الكلمة، شعبا لم تهد عزيمته أكثر من خمسين ألف غارة جوية ولم تفت في عضده الجيوش المجيشة من الغزاة والمرتزقة وقتلة المنظمات الإرهابية الدولية أو تكسر من إرادته أحدث الدبابات والمدرعات وآلة الحرب المتطورة.
بلا أدنى شك كانت الحضيات كبيرة وعظيمة لكنها لم تكن غالية على الإطلاق في سبيل الغاية التي ارتضاها شعب اليمن والمتملة في تحرره من الهيمنة الخارجية وانعتاقه من ذل الوصاية السعودية الأمريكية الصهيونية والخنوع لها، واستعادته قراره وسيادته الوطنية، وكذا التخلص من أدوات هذه الهيمنة والوصاية، وإبقائه “حديثة خلفية” يسرح فيها ويمرح عَبَدَة المال السعودي المدنس.
وكما صمد أبناء اليمن 300 يوم في ظل القصف الوحشي والغارات الهستيرية والحصار اللاإنساني والتجويع الممنهج وما صاحب ذلك من تدمير لكل ما هو جميل واستهداف للمنازل والمدارس والمصانع والجسور والطرقات والمستشفيات، فإنه قادر على الصمود والثبات والتصدي للعدوان وأدواته إلى أن ينكسر ويولي الأدبار مهما كانت الكلفة ومهما بلغ حجم التضحيات، لأن هذه المعركة بالنسبة لكل يمني حر هي معركة وجود وبقاء وعزة وكرامة وانعتاق، وإنه ليس ذلك الشعب الذي يقبل أن يضام أو يقسم أو يجزأ أو تحتل أرضه أو تمتهن كرامته ما دام في عروقه دم يتدفق!.
سيصمد اليمنيون ويقاتلون هذا البغي السعودي بكل ما أوتوا من قوة وهمة وبكل ما يملكونه من إمكانيات، حتى تحقيق النصر وليس سواه، وما صموده خلال 300 يوم من العدوان إلا دليل لا يقبل الشك أنهم أصلب مما كان يخله عدوهم، فلا أسرب الطائرات ترعبهم ولا تردعهم دبابات الـ”إميرامز” الأمريكية ولا المدرعات الفرنسية، ولا كل الأسلحة الفتاكة والقنابل الإنشاطرية التي داسها اليمنيون تحت أقدامهم في ملحمة الإباء والكبرياء، وصولا إلى عمق العدو المستتر بمرتزقته وحشوده وآلته وأمواله التي هي شاهد آخر على قوتهم.
دون ريب هي معركة غير متكافئة بالنظر إلى طرفيها، فها هنا يقف اليمن وحيدا إلا من إيمانه وشموخه وهنا المتكالبون عليه من حشود البغي المأجور التي اشتراها النظام السعودي وحلفاؤه الخليجيون، لكن المهمة ليست بالمستحيلة ولن تكون كذلك أمام بسالة ونخوة الإنسان اليمني وصيره وشكيمته وعنفوانه في اجتراح ملاحم البطولة والفداء.
لقد حشد العدو خليه ورجله ومرتزقته طيلة 300 يوم، مستدعياً غطاء هو أوهن من بيت العنكبوت للدفاع في ما يزعم عن شرعية لا مشروعية لها وعن رئيس فار خان شعبه واستعدى عليه العالم، وبالتزامن مع ذلك تجنيده الآلة الإعلامية العالمية بهدف التبرير لجرائمه الوحشية بحق المدنيين والبنى التحتية، لكنه بفضل الله لم يجن من كل ذلك سوى العار والشذار والنكوص المبين عن الحق وعلى كل المستويات السياسية والميدانية، والقادم أعظم وأنكى لو كان يعلم أو يعقل “ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز”.
المجد لليمن وشعبه والنصر لأبطاله والرحمة لشهدائه واللعنة والخزي للخونة والمرتزقة والعملاء والهزيمة والخسران للعدوان الغاشم وأذنابه وأعوانه.