فضيحة سرقة المساعدات الغذائية .. السلطة المحلية بصنعاء تغطي أكبر جريمة فساد
طريقة عشوائية اختار أحد موظفي برنامج الغذاء العالمي في اليمن رقم أحد الأسماء التي تحصل على معونات غذائية شهرياً خلال العام 2018م، اتصل على جوال أحد موظفي مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر ليطرح عليه سؤالاً عن المعونات الشهرية التي يتلقاها كل شهر، غير أنه تفاجأ بكون الموظف لا يعرف عنها شيئاً، وازداد الأمر سوءاً عندما أكد برنامج الغذاء العالمي لموظف الثورة بأن اسمه مدرج في الكشف وأن بصمته موجودة طيلة 12 شهراً منذ يناير وحتى ديسمبر 2018 م.
أجرى برنامج الغذاء عدة اتصالات أخرى بعدد من منتسبي مؤسسة الثورة للصحافة ليتفاجأ بأن أكثر من 1200 موظف لم يتسلموا أي معونات غذائية أو نقدية طيلة العام.
بدأ الخبر ينتشر بين موظفي الثورة لتعم الصدمة كل منتسبيها فبادر العشرات منهم بنشر توضيحات ورسائل في مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنون “إلى برنامج الغذاء العالمي” نفوا فيها استلامهم أي سلال غذائية ، لتتحول القضية إلى فضيحة كبيرة بحق برنامج الغذاء العالمي ، لم تتركها المواقع الإخبارية لتمر مرور الكرام.
قيادة مؤسسة الثورة للصحافة قامت بتكليف أحد صحفييها لإجراء تحقيق صحفي في القضية بهدف نشره في صحيفة الثورة اليومية، غير أن التحقيق الذي وعدت به الموظفين واجه عقبات كثيرة ولم ير النور في الوقت المحدد.
بدوره حاول ولازال مدير الوحدة الادارية في صحيفة الثورة تحذير الموظفين من نشر أي معلومات عن القضية في أي من وسائل التواصل الاجتماعي، بحجة إتاحة فرصة للصحفي المكلف من رئيس مجلس الادارة بإجراء تحقيق صحفي، غير أن الموظفين لم يلتفتوا لرغباته وتجاهلوا تحذيراته التي أثارت استغرابهم وتساؤلاتهم عن أهدافه من إيقاف القضية ومصلحته في التستر عليها واستمروا في عمليات النشر.
إدارية الثورة تحذر موظفيها من إثارة الموضوع..
ليسوا موظفي الثورة منفردين تعرضوا لعملية سرقة المعونات فقط، بل هناك عدة جهات في صنعاء تعرضت لنفس السرقة في الوقت نفسه، لكن وجود أكثر من طرف ضحايا في نفس القائمة لم يطمئن منتسبي الثورة الذين ظلوا ينشرون كل ما استجد من معلومات حول القضية، ليضطر مدير إدارية صحيفة الثورة خالد عبدالرب الى تعميم رسالة عليهم قال فيها:”ما تقلقوا، فرئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير مهتم اهتمام كبير بهذا الموضوع، وكلف الزميل أحمد المالكي بعمل تحقيق من جميع الجوانب، وبيتابعه شخصياً، وفعلا بدأ المالكي عمله وسوف يستكمله يوم غد، رجاءً دعو الرجّال يشتغل ولا تعرقلوا عمله، ما في داعي للنشر لا في الفيسبوك ولا في غيره ولا تثيروا الموضوع خارج المؤسسة لما فيه مصلحة الجميع”.
رجاءً قفلوا الموضوع..
وأضاف في رسالة أخرى:”أتمنى من أي زميل عمل منشور في الفيسبوك يحذفه، إذا انتشر الموضوع ما بانوصل لنتيجة، ورئيس التحرير أكد لي أن مدير مكتب رئاسة الجمهورية كلّفه بالتحقيق، وبلّغه الاستاذ عبدالرحمن أن معانا تحقيق في الصحيفة سينشر ويفيدهم في التحقيقات”.
رجاءً غاية الرجاء قفلوا الموضوع نهائياً من أجل نوصل لنتيجة”.
أيمن الظاهري أحد موظفي الصحيفة استغرب من إكتفاء القيادة بإجراء تحقيق صحفي، مؤكداً بأنه من الضروري تشكيل لجنة من الشئون القانونية والمالية والرقابة والتفتيش والموارد البشرية والبدء بفتح ملف في النيابة العامة باعتبار الجريمة تضمنت عملية تزوير وسرقة هويات أكثر من 1000 موظف.
أبوحسام طالب بفضح المتورطين في سرقة المساعدات الغذائية للموظفين ، خاصة وقد امتدت أيديهم للمساعدات الخارجية الزهيدة، مؤكداً بأن أولئك الفاسدين يجب أن تخلس جلودهم كما أمر قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي وأن ينالوا عقابهم في أسرع وقت.
أمانة العاصمة تتستر على جريمة سرقة المساعدات الغذائية
في 31 ديسمبر نشرت أمانة العاصمة صنعاء بياناً أوضح فيه مصدر مطلع بأن موظفي الدولة ليسوا من ضمن الشرائح المستفيدة من المساعدات الغذائية، متهماً موظفي مؤسسة الثورة بتبني حملة إعلامية مغرضة وأن الأرقام التي تم التواصل معهم منها مشبوهة وأن الحملة تخدم توجهات دول العدوان وتبث الفرقة بمحاولتها التشويش على صمود الإعلاميين، وقال بأن الوسائل الاعلامية وقعت في الفخ، وأنه ونتيجة لتسرع الاعلاميين بالنشر فإن غالبية الأسر قد تحرم من المساعدات.
موظفو مؤسسة الثورة ردوا على البيان الصادر من أمانة العاصمة في نفس اليوم مؤكدين تعرضهم للسرقة خلال عام كامل، وسخروا من البيان الذي قالوا أنه محاولة للتغطية على جهات ضالعة في الفساد، مؤكدين أن أمانة العاصمة ببيانها جسدت مقولة “يكاد المذنب أن يقول خذوني”.
وطالب موظفو الثورة أمانة العاصمة بالكف عن محاولة التغطية على ما قالوا أنها أكبر عملية فساد في العام 2018م.
رئيس اللجنة الثورية يرد على برنامج الغذاء العالمي..
وفي خضم هذه المعركة التي يخوضها موظفو مؤسسة الثورة مع عدة جهات للبحث عن المساعدات التي لم يعلموا مصيرها عنونت عدد من المواقع والقنوات ووكالات الأنباء المحلية والدولية أخبارها بقضية سرقة المساعدات، بعضها اتهمت السلطات في صنعاء صراحة وحملتها المسؤولية، وبعضها اتهمت على لسان المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي من تسميه ب “الشريك المحلي” في إشارة منها للمنظمات المحلية التي تعمل كوسيط بين الغذاء العالمي وبين المستفيدين في اليمن.
رئيس اللجنة الثورية العليا في اليمن /محمد علي الحوثي ، علق على تصريحات مدير برنامج الغذاء العالمي بالقول أنها غير مسؤولة وأنها لا تتفق مع إلتزام البرنامج ، وأنها خطوة للتنصل من مكافحة المجاعة، ولم يستبعد أن يكون للمستشارين الجدد في مكتب المبعوث الدولي يد في القضية.
وطالب المنظمة الأممية بسرعة تنفيذ اتفاق تبديل المساعدات العينية بالنقد “الكاش” المتفق عليه كونه سيحل مشكلة عدم وصول المساعدات إلى مستحقيها، وأكد على حق اليمنيين في مقاضاة البرنامج أمام المحاكم اليمنية وفقا للقانون اليمني.
وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ / هشام شرف خلال لقائه القائم بإعمال الممثل المقيم لبرنامج الغذاء العالمي ليلي الهادي ، أمس الثلاثاء ، عبّر عن استيائه من التصريحات الأخيرة لعدد من مسئولي برنامج الغذاء العالمي ذات الصلة بالحديث عن سوء استغلال المساعدات الإنسانية، أوضح أنه ومع رفض وزارة الخارجية لمثل هذه التصريحات ودون توفير المعلومات فإن الوزارة تؤكد مطالباتها لبرنامج الغذاء بتقديم هذه المعلومات بصورة رسمية.
وقال الوزير أنه ولضمان أداء المهام الموكلة لبرنامج الغذاء العالمي وغيره من المنظمات الدولية لا بد أن يكون هناك نوع من التعاون والشفافية لمعالجة أي اختلالات قد تظهر عبر القنوات الدبلوماسية المتعارف عليها في علاقات الدول بالمنظمات الدولية الحكومية، وليس عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والتي تحاول الاصطياد في الماء العكر.
وعادت صحيفة الثورة لتؤكد واقعة تعرض موظفيها ومئات المواطنين للسرقة بتحقيقين صحفيين نشرتهما في عددها الصادر يوم أمس الثلاثاء أحدهما بعنوان “منظمات إنسانية برداء الشيطان وجرم العدوان.. سماسرة يستلمون سلالاً غذائية شهريا بأسماء مستفيدين”.. والآخر بعنوان “لجنة تحقيق لمحاسبة المتورطين في نهب المساعدات الخارجية وإحالتهم إلى الأجهزة المختصة” خلصا إلى أن الجهة المتورطة في القضية هي مشروع التغذية المدرسية والهيئة العليا للنازحين.
واعتبرت صحيفة الثورة ما نشرته من معلومات بلاغاً للجهات المعنية وللناس وللنائب العام ولهيئة مكافحة الفساد وللجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ولرئاسة الجمهورية وإلى مكتب قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي ولكل من يهمه الأمر.
وتأتي هذه التطورات في ظل هدوء مريع من قبل سلطات العاصمة صنعاء تجاه هذه الواقعة ، وحضور تساؤلات كثيرة لم تلق إجابات شافية عن آلية تعامل برنامج الغذاء العالمي في توزيع المساعدات ، ولماذا لا تقدم مباشرة لمستحقيها بدلاً عن صرفها عبر منظمات وسيطة تقوم بسرقتها ونهبها.