صمود وانتصار

مسلسل تراجع قيمة الريال(4)

الصمود / 5 / مارس

أقلام حرة /

بقلم / د. هشام الجنيد

بسم الله الرحمن الرحيم

مسلسل تراجع قيمة الريال بدأ بعد فترة الشهيد الزعيم الحمدي ضمن مخططات أعداء الإسلام وعبر أذنابهم المنافقين في السلطة الهادفة إلى الصد عن سبيل الله وتصفية العناصر الدينية والوطنية (4)

 

لقد ترتبت على سوء التدبير الاقتصادي والمالي في عهد النظام السياسي الظالم (السابق) ، ترتب مستويات رديئة ومتدنية طيلة فترة النظام في الأوضاع التالية : تدني مستوى الناتج المحلي الإجمالي ، إذ تراوح سنويا خلال الفترة على سبيل المثال من 2007م إلى 2011م بمعدل (2557898) اثنان تريليون وخمسمائة وسبعة وخمسين مليار وثمانمائة وثمانية وتسعين مليون ريال تقريبا ، أي ما يعادل (12357) اثنى عشر مليار وثلاثمائة وسبعة وخمسين مليون دولار تقريبا . ومعدل نموه سنويا ضعيف . على سبيل المثال كان بحدود معدل (3,7%) خلال الفترة من 2007م إلى 2010م وفقا للنشرة الإحصائية لوزارة المالية للعام 2014م ، وحجم النفقات العامة للعام المالي 2010م بلغ في حدود (9,6) تسعة مليار وستمائة مليون دولار ، وهو حجم زهيد جدا ، حجم زهيد لدولة سكانها قرابة (30) ثلاثين مليون نسمه وربما أو أكثر ، ومواردها الطبيعية غنية . وإذا قورن مثل هذا الحجم الإنفاقي العام للدولة الهزيل مع حجم نفقات شركة ما – ليست مصنفة من كبار الشركات – في أية دولة صناعية ، سوف نلاحظ أن حجم الإنفاق العام للدولة ضعيف . ومثل هذا الحجم الإنفاقي الزهيد ، هو رقم واضح يدل على محاربة قيادة الدولة التنمية الوطنية والاقتصادية ، إذ أن هذه الأخيرة بلغ حجمها في المتوسط السنوي من إجمالي الإنفاق نهاية المطاف يتسلسل من حضارة عريقة يشهد لها التاريخ .

لقد مثلت الأوضاع الاقتصادية والمالية الرديئة الموروثة من النظام السياسي الظالم (السابق) ، مثلت أحد الأسباب الرئيسية لقيام الثورة السبتمبرية العظمى في 21 / 9 / 2014م بإعلان اليمن الاستقلال في القرار السياسي . والغاية في الأساس هي لبناء دولة عادلة وقوية وعلى أساس مفهوم ولاية الأمر وفق مضمون النصوص القرآنية المتعلقة بها ، دولة تتبع سبيل الرشد في تأدية مسئولياتها الإسلامية والوطنية في مختلف المجالات ، وعلى أساس تطبيق فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتحقيق الخير ، وخلاصة هذا التوجه الوطني أنه يصنع في نهاية المطاف اقتصاد وطني قوي ، وهو ما يعني تحسين مستوى المعيشة وارتفاع القدرة الشرائية لعامة المواطنين وتقوية قيمة العملة الوطنية . ومن العوامل اللازمة أيضا لبناء القوة الشاملة للدولة للتصدي لمخططات أنظمة الدول الرأسمالية العدوانية أن تكون قوة الدولة الشاملة قائمة على أساس التعاون والتكامل الاقتصادي والعلمي والعسكري وغيره مع أنظمة الشعوب الإسلامية في إطار وحدة الأمة الإسلامية .

 

إذن استقلال اليمن كان واجبا دينيا ووطنيا ، وكان مسألة حتمية لابد منها ، لحماية اليمن وأهله من غزو الأنظمة الرأسمالية العدوانية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ونظام بني سعود ، ولقطع تدخلها في الشأن العام اليمني . وأمر طبيعي في ظل العدوان والحصار والحرب الاقتصادية أن ترتفع حدة الأزمة الاقتصادية والمالية لطالما تزامن مع وضع اقتصادي ومالي رديئ للغاية وموروث من النظام السابق . وهذا الوضع الاقتصادي الضعيف هو الأساس وإلى حدود كبيرة في ارتفاع حدة الأزمة الاقتصادية والمالية إلى هذه المستويات . ولذلك فالحرب الدفاعية التي تخوضها قيادة الدولة وبسالة إخواننا المجاهدين الجيش واللجان الشعبية بقيادة العلم المجاهد قائد الثورة السيد / عبدالملك بدر الدين الحوثي سلام الله عليه ، إنما تهدف إلى سلامة الدين وإلى التوجه نحو بناء مشروع الدولة الوطني . ولن يكون إلا بقطع تدخلات تلك الأنظمة الرأسمالية السافرة في الشأن العام اليمني الاقتصادي والمالي وغيره . وهذا التوجه هو الذي سيفضي إلى جعل الشعب اليمني يعيش حرا ، قويا ، عزيزا ، كريما . ما يتوجب التوجه للنفير العام للجهاد في سبيل الله ، ويتوجب تحمل معاناة الحرب والحصار بالعزيمة والصبر ، فمتى يكون الصبر ؟ . ولماذا أورد الله تعالى الصبر في القرآن الكريم ؟ . هل يمكن تحقيق النصر بمعزل عن الصبر ؟ . هل يمكن عزل الجهاد في سبيل الله عن الصبر ؟ . هل يمكن تحقيق النصر دون تضحيات ومعاناة وأذى ؟ .

 

ومن هذا المنطلق ، لا يجوز المقارنة بين الأوضاع الاقتصادية والمالية قبل العدوان وفي ظل ظروف العدوان والحصار والحرب الاقتصادية ، فذلك ليس أمرا عادلا . والمواطن الحليم يدرك أن شن العدوان السعودي الأمريكي وحلفائه الحرب على بلادنا ، هو لبقاء اليمن بلدا تابعا ، ولبقاء الشعب اليمني فقيرا ، ولخوف هذا العدوان السافر من سير قيادة اليمن الحكيمة على منهجية ولاية الأمر وفق مضمون النصوص القرآنية ، وما سيترتب على ذلك من دولة إسلامية يمنية مستقلة ، عادلة ، وذات اقتصاد قوي وعملة قوية ، شعب حر ، عزيز ، أبي ، شعب ينعم بثرواته بناء على أسس وضوابط عادلة . شعب يطيع قائد حكيم ، قائد يتبع منهجية الصراط المستقيم لسلامة الدين ونصرته محليا وإقليميا ودوليا .

 

ويستنتج من ذلك ، كلما كان النظام السياسي مستقلا ومخلصا ، كلما كان الاقتصاد الوطني قويا قياسا بحجم ثروات البلاد المستغلة ، وقياسا بعزيمة وجدية التوجه التنموي ومجالاته ، وقياسابمستوى الأداء ، ويترافق مع مخرجات التوجه التنموي والاقتصادي ارتقاء مستوى المعيشة وتحسين القدرة الشرائية لعامة الشعب وكذا مستوى قيمة العملة ، فقيمة العملةهي مرآة لمدى قوة الاقتصاد الوطني من ضعفه . إذن قوة الاقتصاد الوطني أمر مرهون بإخلاص عناصر قيادة النظام السياسي في تأدية واجباتها ومسئولياتها الوطنية ، وهو من أهم شروط نظام الولاية . فغيابه في فترة النظام الظالم ، هو الذي أدى إلى الذل والضعف والفقر ووصول قيمة الريال إلى مستويات ضعيفه وفق مسلسل مخطط له . وبالتالي فإن تراجع قيمة الريال بعد هذا المستوى : (214.89) ريال لكل دولار في ظل فترة العدوان والحصار والحرب الاقتصادية ، لا يكون على أساس تراجع بمقدار ريال ثم بعد فترة ريال وكم فلس أو ريالين ، بل يكون التراجع بمقدار من خمسة إلى عشرة إلى عشرين ريال إلى خمسين إلى مائة إلى مائتين إلى ثلاثمائة ريال . وهذا ما حدث خلال فترة الحرب . بمعنى أن تناقص قيمة العملة يكون بشكل مطرد ومرتفع ، لأن قيمة الريال اليمني قد أصبحت بفعل ضعف الاقتصاد المزمن ضعيفة . وضعف الاقتصاد الوطني والعملة كانا نتاجا لمخططات العدوان وتحت سقف النظام السياسي ، ليتزامن مع ما يسمى بالربيع العربي بإشعال الحرب والفتنة في المنطقة ، وإشعال الفتنة الطائفية والمذهبية والمناطقية في بلادنا ، ليسهل في هذه المرحلة وفق حسابات العدوان تحويل اليمن من دولة ضعيفة إلى دويلات – تحت مسمى الأقاليم السته – منهاره تصبح بداية من أمانة العاصمة صنعاء تحت سيطرة الجماعات الإرهابية والتنظيمات المسلحة . وقد أطفأ الله تعالى هذا المخطط الشيطاني رحمة منه ، ثم بفضل قيادة اليمن الحكيمة .

 

لقد استطاعوا أعداء الإسلام أن يصلوا بمستويات الأوضاع الاقتصادية والمالية إلى مستويات متباينة وغير قويه لكثير من الشعوب الإسلامية . وقد كانت بوصلة أعداء الإسلام مركزة أكثر تجاه اليمن ، لما لها من أهمية تاريخية ودور تاريخي في إنهاء العلو الأول لبني آسرائيل ، ولما لها من دور قادم دور جهادي في سبيل الله لنصرة الإسلام وإنهاء العلو الثاني والأخير لبني إسرائيل ، وبإذن الله نستمر في الإخلاص والإحسان بالجهاد في سبيل الله بقيادة قائد الثورة . وبناء على ذلك ، فقد كانت مخططات الأعداء على اليمن شاملة ، لإضعافه في كل عوامل القوة ، وكان التركيز أكثر على الشأن الديني والاقتصادي . وسبيل الأعداء للسيطره على الشأن العام اليمني كان من خلال البوابة السياسية ، من خلال المنافقين في السلطة ، فجعلوا الاقتصاد الوطني في وتيرة مغلقة ، ومعه كانت قيمة الريال تضعف تدريجيا من بعد نهاية فترة الشهيد الرئيس الحمدي عندما كان سعر الصرف (4,56) ريال لكل دولار أمريكي إلى أن وصل إلى (214.89) ريال لكل دولار في عامي 2013م و 2014م . والوصول إلى هذه المستويات والأوضاع هي نتيجة طبيعية . لأننا لم نتحرك بحركة القرآن الكريم في مواجهة أعداء الإسلام ، لم نتعامل مع الأعداء كما يجب معاملتهم بما وصفهم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم . فعدم معرفة كيفية التعامل مع اليهود الأعداء ، يجعلهم أقوياء ، ويجعلنا أمامهم ضعفاء ، بينما معرفة مخططات اليهود من منطلق الإيمان بالله، ذلك الإيمان العملي وعلى أساس هدى الله ، يجعلنا أقوياء أمامهم ، ويجعلنا نعرف بما يخططون .

 

إذن علينا أن نلتزم بنفس المسار والتوجه الذي رسمه رمز الإسلام الشجاع ومؤسس المسيرة القرآنية الشهيد القائد / حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه ، علينا أن نتحصن بثقافة القرآن الكريم كمنهج شامل ، وكمنهج يهدينا إلى كيفية التعامل مع الأعداء . فالابتعاد عن السير وفق الدستور الإلهي ، هو الذي جعلهم يصلون بنا إلى هذه الأوضاع التي نعيشها . فكلما رجعنا إلى القرآن الكريم ، كلما كان العدو ضعيفا أمامنا . ويترتب على ذلك الحرية والاستقلال والعزة ورفع مستوى المعيشه والقوة الشرائية وارتفاع مستوى قيمة العملة من خلال قوة الاقتصاد الوطني ، والعكس صحيح . والله ولي النصر والتوفيق. نسأل الله أن ينصر مجاهدينا الجيش واللجان الشعبية على أعداء الإسلام والوطن والإنسانية ، إنه سميع الدعاء .