بعد فشلها في اليمن.. السعودية تراهن على برلمان مزيف
الصمود
محاولات السعودية في إخضاع اليمن لهيمنتها لم تتوقف. فبعد ان فشلت الرياض في تحقيق اهدافها في اليمن من خلال العدوان الذي بدأ في مارس 2015 ومحاولتها إعادة الشخصيات الموالية لها الى حكم اليمن من خلال الحرب الكونية التي فرضتها على البلاد، واحداث اكثر من 50 جبهة عسكرية في العديد من مناطق اليمن ها هي اليوم تتخذ سياسة جديدة من خلال تزييف الواقع وسرقة ارادة اليمنيين في تنصيب مجلس نواب مزور وصوري يعمل لمرة واحدة.
الرهان على ما يسمى بالبرلمان وبعض اعضائه في تحقيق الاهداف السعودية في اليمن ليس بالامر الجديد وقد عمدت السعودية خلال سنوات العدوان على سرقة اسم المجلس وتنصيب هيئة تنشط باسمه وتصدر البيانات والادانات وتشارك في جميع المحافل الدولية باسم اليمن ولكن تحت اهداف ومصالح السعودية. لكن بعد انغلاق الافق العسكري للسعودية، خاصة بعد أربع سنوات من الحرب وعدم تحقق اهدافها في صنعاء وصعدة وكذلك احتياجها للحضور العسكري المباشر خاصة في محافظتي حضرموت والمهرة عمدت الرياض الى تطميع بعض النواب واغداق الاموال عليهم لشق البرلمان الذي ظل متماسكا في صنعاء ويعمل في اطار دستور وقوانين اليمن.
وفي هذا الاطار عملت السعودية خلال السنوات الماضية على مشروع نقل البرلمان من صنعاء الى الرياض او عدن ولكن المحاولات السعودية إصطدمت سابقا بالعديد من الازمات والمشاكل حيث فشلت في استمالة أغلب الاعضاء وعارض العديد من النواب وابرزهم رئيس المجلس الشيخ يحيى الراعي المساعي السعودية واصر مع عدد من النواب البقاء في صنعاء وممارسة مهامهم من هناك. فشل السعودية في نقل البرلمان بكافة اعضائه أدى الى ان تختار الرياض سياسة جديدة وهو تشكيل برلمان مزيف من الاعضاء الذين فروا الى الرياض منذ بداية العدوان لكن هذه المساعي واجهت العديد من العقبات خلال الاعوام الماضية حيث فشلت السعودية في عقد جلسة للبرلمان في عدن بسبب الخلافات مع الامارات التي تهيمن على المشهد العسكري والسياسي في هذه المحافظة. وتعارض الامارات إعادة المجلس للواجهة كون اكثر الاعضاء فيه يمثلون المصالح السعودية ونبتت لحومهم على الاموال السعودية التي يتقاضونها منذ اكثر من اربعين الى خمسين عاما لذلك ابدت ابوظبي بعض التخوف من هولاء باعتبارها ان تقوية المجلس قد يهدد حضورها في الجنوب ويضعفه على الاقل في المستقبل وعمدت الى تحريك ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي وحثه على رفض نقل المجلس او تشكيل جلساته في عدن او المكلا بحجة ان هذا المجلس هو برلمان اليمن وانهم دولة مستقلة او يريدون الاستقلال كما يقولون.
وبعد نقاشات ومداولات عديدة، ظهرت على الساحة تحركات اميركية كبيرة لدعم السعودية في خطة تقسيم البرلمان وتزييف حضوره من خلال اعادة تفعيل البرلمان وبذل السفير الامريكي لدى اليمن جهودا كبيرة لترتيب الاوراق والضغط على بعض النواب الذي استقر بهم الحال في القاهرة لحضور جلسة الافتتاح وتنصيب سلطان البركاني كرئيس لهذا البرلمان الذي عقدت جلسته في مدينة سئيون القريبة من الحدود السعودية اليمنية.
وعلى الرغم من اقامة هذه الجلسة واحتفال الاعلام السعودي بها الا ان الضغوطات الامريكية والسعودية حول اجتماع سيئون ادى في البداية الى تعميق الشرخ والخلافات بين قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يمثل اعضاؤه الاغلبية في البرلمان حيث رفض عدد من هولاء الاعضاء المتواجدين في القاهرة وبعض الدول، المشاركة في هذه الجلسة التي اقيمت في مدينة سئيون وشكك العديد منهم في شرعية الجلسة وكذلك اكتمال النصاب للاعضاء من اجل اقامة الجلسة وكذلك انتخاب رئيس له كما ان المؤتمر الشعبي العام المتواجد في صنعاء ادان الجلسة وقال في بيان ان مشاركة بعض أعضاء مجلس النواب المتواجدين خارج اليمن في جلسة مدينة سيئون بدعوة من فاقد الشرعية عبدربه منصور هادي وطلب وترتيب وحماية من قوى تحالف العدوان بقيادة السعودية يعد باطلا بطلانا كاملا كونه يأتي مخالفا لنصوص دستور الجمهورية اليمنية ولائحة مجلس النواب التي تنص على عدم مشروعية أو شرعية انعقاد مجلس النواب خارج إطار عاصمة الجمهورية اليمنية صنعاء مضيفا أن الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام تؤكد ان مجلس النواب الشرعي سيظل هو الموجود في العاصمة وأي اجتماعات تعقد خارج العاصمة صنعاء من قبل أي أعضاء وأي قرارات تصدر عن هذا الاجتماع فإنها باطلة وتمثل ارتكابا لجريمة يعاقب عليها الدستور والقوانين النافذة كما تمثل خيانة للقسم الذي أداه أعضاء مجلس النواب على احترام الدستور والحفاظ على اليمن ووحدته وسيادته واستقلاله، فلا يمكن لاجتماع يعقد بحماية ورعاية وتمويل وتحت رعاية وأعلام دول تعتدي على اليمن واليمنيين أن يكون له علاقة بالوطن أو بالمواطن ولا يمثل سوى مرحلة جديدة من مراحل الارتزاق على حساب دماء اليمنيين.
المجلس السياسي الاعلى في صنعاء ايضا ادان هذا الاجتماع وقال في بيان ان اجتماع عدد من أعضاء مجلس النواب في الخارج المناصرين للعدوان على اليمن بمدينة سيئون بحماية المحتل السعودي خيانة عظمى، مضيفا أن الاجتماع يسعى لاستنساخ غير شرعي لمجلس النواب بهدف تشريع الحرب على اليمن وانتهاك سيادته واحتلال أراضيه مشددا أن مخرجات الاجتماع باطلة وساقطة، وسيتحمل أي نائب مسؤولية حضوره.
ويرى العديد من المختصيين في اليمن ان اعادة تفعيل البرلمان المزيف في سيئون لن يغير في المشهد السياسي والعسكري باليمن كون السعودية حتى قبل ايجاد هذا الانقسام كانت تستخدم اسم المجلس زورا وبهتانا وان هذا العمل مجرد تحصيل حاصل في العملية السعودية لكن هناك من يرى ان هناك بعض التحول في المخططات السعودية حيث تعمل على اعادة رموز حكم صالح والشخصيات السياسة المرتبطة بالنظام القديم لعلها تستطيع ان تفعل شيء لإخراج السعودية من مأزق الحرب التي دخلت عامها الخامس في ظل خسائر بشرية ومالية واخلاقية هائلة للاسرة الحاكمة في الرياض.
وتهدف السعودية من خلال هذه الجلسة الى اعادة الروح لحكومة عبدربه منصور هادي بعد الفشل التام في جميع الجوانب وكذلك التاثير على الجبهة الداخلية للقوى السياسية في صنعاء من خلال زيادة الانقسامات والاختلافات وتشجيع بعض النواب والشخصيات القبلية للفرار للرياض والالتحاق بقوى العدوان، كما ان الهدف الاكبر للرياض حسب العديد من المحللين السياسيين اليمنيين هو العمل على استخراج قوانيين ولوائح دستورية باسم البرلمان اليمني تشرعن للسعودية البقاء العسكري والاقتصادي في حضرموت والمهرة وشبوة وكذلك تبرئة السعودية من جميع الاعمال الاجرامية والمجازر التي ارتكبتها بحق اليمنيين طيلة السنوات الماضية كون حضورها وحربها ومجازرها جاءت بطلب من حكومة هادي ومجلس النواب الذي كان يرفض العدوان والحرب ويدعوا الى الحوار.
ويرى العديد من المحللين السياسيين ان مستقبل اجتماع سئيون سيكون مثل اجتماع مؤتمر الرياض الذي كان اوسع حجما ومشاركة من حيث الاعضاء والشخصيات لكنه في نهاية المطاف فشل ولم يحقق للسعودية أي هدف يذكر.