اعدام ثلاثة من الدعاة السعوديين البارزين بعد انتهاء شهر رمضان المبارك
الصمود |وكالات
تعتزم السلطات السعودية، بحسب معلومات مسربة، اعدام ثلاثة من الدعاة السعوديين البارزين بعد انتهاء شهر رمضان المبارك. يبدو أن الحكومة السعودية ماضية في طريق الاعدامات لضعف ردة الفعل الدولية تجاه الاعدامات المنفذة الشهر الماضي بحق 37 مواطنا شيعيا في المملكة.
قال موقع “ميدل إيست آي” الإخباري التحليلي، أمس الثلاثاء، إنه حصل على معلومات تُفيد بأن السلطات السعودية تعتزم إعدام ثلاثة دعاة بارزين وصفهم بالـ”معتدلين” بعد انتهاء شهر رمضان المبارك بفترة وجيزة.
وذكر الموقع أنه حصل على معلومات من مصدرين مقربين من الحكومة، أفادا أن السلطات تعتزم إعدام الثلاثة بزعم ارتباطهم بنشاطات “إرهابية”.
وأبرز هؤلاء هو الشيخ سلمان العودة، المعروف بوجهات نظره التقدمية نسبيا، والذي اعتُقل سبتمبر 2017، بعد أن دعا على “تويتر” إلى “مصالحة” بين السعودية وقطر بعد مرور ثلاثة أشهر على فرض الأولى الحصار على قطر.
أما الاثنان الآخران، هما الأكاديمي والكاتب الشيخ عوض القرني، والمذيع الشهير الشيخ علي العمري، اللذان اعتقلتهما السلطات في الفترة ذاتها أيضا.
ويقول الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، إن مصدرين حكوميين سعوديين أبلغاه أن الأحكام “ستصدر عليهم بتهم متعددة تتعلق بالإرهاب وسيتم إعدامهم بعد وقت قصير من شهر رمضان”.
وأضاف أن المصدرين الحكوميين أكدا التوجه لإصدار أحكام الإعدام على الدعاة الثلاثة الذين كان من المفترض أن يمثلوا في جلسة محاكمة في الأول من أيار/مايو الجاري قبل أن يتم تأجيلها لإشعار آخر.
ويقول أحد المصدرين إن السلطات لن تنتظر كثيرا، مضيفا “بمجرد صدور الحكم سيتم إعدام هؤلاء الرجال”، فيما قال المصدر الآخر إن السلطات ستستغل ضعف ردة الفعل على إعدام الـ37 معتقلا مؤخرا، لتنفيذ الإعدامات الجديدة.
وتابع المصدر: “يجري تشجيع السعوديين على القيام بذلك، خاصة في ظل التوتر في الخليج الفارسي، فواشنطن تريد إرضاء السعوديين في الوقت الحالي”.
وينقل المصدر عن أحد أفراد عائلة واحد من الدعاة -دون تسميته- القول إن “عمليات الإعدام إذا استمرت، فستكون خطيرة للغاية ويمكن أن تمثل نقطة تحول خطيرة”.
وكانت السلطات السعودية اعتقلت الثلاثة ضمن حملة على العلماء والدعاة وقادة الرأي في أيلول، سبتمبر 2017، وشرعت في محاكمتهم في جلسات سرية، حيث طالبت النيابة العامة بـ”قتل الدعاة الثلاثة تعزيرا على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب”.
واعرب المُحامون الفرنسيون للداعية السعودي المُعارض، سلمان العودة، مارك بونان، وفرنسوا زيمراي، وجيسيكا فينيل، في فبراير عربوا عن خشيتهم من الحُكم على موكّلهم، العودة، خلال جلسة جديدة، بالإعدام.
ولم يخفِ المُحامون تخوّفهم من الحكم بالإعدام على العودة، “بسبب تغريدة” كتبها عن الأزمة الخليجيّة، إذ قال زيمراي إن موكله “يمكن أن يُحكم عليه بالموت” لأنّه نشر، في سبتمبر 2017، تغريدة على حسابه في “تويتر” يشيد فيها باحتمال إنهاء الأزمة الخليجية.
استمرار مسلسل الاعدامات في السعودية
وقال محامو العودة في شباط/فبراير الماضي، إنهم يخشون صدور الحكم بإعدامه، وأكدوا – في بيان صدر في باريس- أن محاكمة الشيخ “تندرج في إطار سياسة اضطهاد قضائي تقوم بها السلطات في السعودية ضد مثقفين يمارسون حقهم في حرية التعبير والرأي”.
وبحسب المحللين، السلطات السعودية تشجعت لإعدام هؤلاء، خاصة مع التوتر في منطقة الخليج الفارسي في الوقت الحالي. فتريد واشنطن إرضاء السعوديين في الوقت الحالي. والسعوديون يحسبون أن ذلك سيمكّنهم من الإفلات” من الإدانة الدولية بعد إعدامهم.
بدورها، قالت الجمعية الفرانكفونية لحقوق الإنسان منتصف الشهر الجاري إنها علمت من مصادر وصفتها بالموثوقة أن السلطات السعودية تنوي تنفيذ الإعدام بحق نشطاء حقوقيين وعلماء شرعيين معتقلين بسجونها منذ فترات متفاوتة.
وأضافت الجمعية في بيان أن السلطات السعودية تعتزم تنفيذ الإعدامات بعد انقضاء شهر رمضان وعيد الفطر، بعد إدانة المعتقلين بتهم الإرهاب وتهديد الأمن القومي للمملكة.
وكانت السلطات السعودية، قد شنّت منذ مطلع سبتمبر 2017، حملة اعتقالات واسعة ضد “تيار الصحوة”، وهو أكبر التيارات الدينية في البلاد، شملت نحو 20 شخصا.
واستهلّت السلطات حملتها حين ذاك، باعتقال الداعية سلمان العودة، وعوض القرني، بالإضافة إلى العشرات من الدعاة والإعلاميين والكتّاب الصحافيين.
وكان الصحافي السعودي جمال خاشقجي، قد قال قبل يومين من اغتياله الوحشي في قنصلية بلاده في إسطنبول، العام الماضي، لأصدقائه في لندن، إن اتهام عودة بهذه التهم الزائفة، يُثبت أن ولي العهد محمد بن سلمان، سوف “يسحق المعارضة بأي ثمن… سيُعدم عودة لأنه ليس متطرفًا. بل لأنه معتدل. لهذا السبب يعتبرونه تهديدًا”.
وتعليقا على الموضوع، قالت مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش سارة ليا ويتسون إن “أي إعدامات أخرى لمعارضين سياسيين هي نتيجة مباشرة للأجواء التي هيأتها إدارة ترامب، ورسالتها المتكررة: مهما ارتكبت من انتهاكات بشعة بحق شعبك، فإننا نحميك”.
من جهة أخرى، قال حساب “معتقلي الرأي” السعودي على تويتر قبل ساعات من نشر تقرير “ميدل إيست آي” إنه “في ظل المماطلات في المحاكمات وفي الإفراج عن كل من الشيخ سلمان العودة والدكتور علي العمري والشيخ عوض القرني، تزداد المخاوف من أن السلطات تدبر أمرا قد يصل لحد تنفيذ الإعدام ضدهم بذريعة تلك التهم الزائفة الباطلة بأنهم إرهابيون”.
وبحسب الخبراء، إعدام السعودية لـ37 سعوديًا الشهر الماضي، ينتمي معظمهم لأقلية الشيعة المضطهدة في البلاد، بزعم ارتباطهم بـ”الإرهاب”، كان بمثابة محاولة لرصد مدى قوة الإدانة الدولية. وعندما اكتشفوا أن رد الفعل الدولي كان محدودا للغاية، لا سيما على مستوى الحكومات ورؤساء الدول، فقد قرروا المضي قدماً في خطتهم لإعدام شخصيات بارزة.
يذكر بأن السعودية تُعتبر من أكثر الدول التي تُنفذ عقوبة الإعدام في العالم، وقد أعدمت على مدار الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، 43 شخصا بتهم مختلفة.