صمود وانتصار

إيران والسعودية.. والحاجة لويستفاليا إسلامية

إيران والسعودية.. والحاجة لويستفاليا إسلامية

الصمود / 23 / يونيو

أقلام حرة /

بقلم / عبدالملك العجري

لا أريد الدفاع عن إيران ولا عن طموحاتها، ولا تشغلني عن قضيتي الأساسية (اليمن) قضية أخرى إلا بقدر ما لها من علاقة بقضيتي الأم وما لها من صلة بالحرب العدوانية، و بقدر ما أقصد إلى وضع أسئلة برسم الخفة السياسية التي يتحلى بها سياسيو بعض الدول الخليجية، هل تعتقدون أن مشكلة أمريكا مع إيران الثورة مزاحمتهم لكم النفوذ في المنطقة وأطماعهم التوسعية لإعادة ادأمجاد الإمبراطورية الفارسية حد زعمكم ؟
ولنفترض حصول ما تتمنون من سقوط للنظام الإيراني الحالي هل تعتقدون أنه سيكون في صالحكم قيام نظام موالي للغرب في إيران ؟
لم تكن مشكلة أمريكا ولا بريطانيا أن إيران الشاه لم يكن لها أطماع توسعية فالأخير كانت تلعب دور شرطي المنطقة وحينها كان ملوك وأمراء الخليج لا يمانعون من الرقص أمام الشاه ولا الانحناء لتقبيل يده، وكان ذلك يتم بمباركة ورعاية أمريكا وبريطانيا.
مشكلتهم مع إيران بدأت بعد إغلاق السفارة الإسرائيلية في طهران واستدارة الوجهة الإيرانية من الغرب إلى الشرق والتزامها السياسي بالقضايا العادلة وعلى رأسها قضية فلسطين وعلاقة ذلك بأمن وسلامة إسرائيل.
إيران قادرة على جلبكم مرة أخرى لطهران والرقص أمام مرشدها أو رئيسها. يكفي استدارة عكسية صغيرة منها من الشرق إلى الغرب ولن تكون حتى مضطرة لإعادة فتح السفارة الإسرائيلية يكفي أن تقلص من دعمها لحركات المقاومة الفلسطينية وستكون المنقطة حلال زلال لنظام الملالي على حدكم.
ترامب قالها صراحه إذا قبلت إيران التفاوض معي ستكون إيران دولة عظمى.
ورغم عدوانية ترامب تجاه إيران إلا أن تصريحاته التي يتناول فيها كل من إيران والسعودية لا تخفي النظرة التبجيلية لإيران العظمي ولا تتحرج من إظهار النظرة الاحتقارية للسعودية وبعض إمارات الخليج الذين لا يمكلون أي شيء سوى المال، والخلفية التي تنطلق منها تصريحات ترامب -بوعي أو دون وعي -تتمثل في القناعة المستقرة لدى الأطراف الدولية الفاعلة و المجتمع الدولي بضرورة الاعتراف بإيران دولة فاعلة لا يمكن تجاهل دورها في تحقيق الاستقرار للمنقطة، وفي المقابل الشكوك الكبيرة في مستقبل بعض الممالك الخليجية وعلى رأسها السعودية وفي الاعتماد عليها كحليف أساسي أو وحيد في المنقطة، حتى تغيير النظام في إيران لم يعد هدفا مطروحا، وغاية ما يريدونه التعديل في سلوكها الخارجي، وبإيمائة واحدة من إيران تستطيع أن تهز الوضع الجيوساسي في المنطقة كما حصل في 2015م في اتفاق لوزان وهذا ما سيحدث إن لم يكن مع ترامب (وكل شيء منه متوقع) فسيحصل مع خلفه.
وعلى فرض حصول ما تتمنون من سقوط للنظام الإيراني الحالي هل تعتقدون أنه سيكون في صالحكم قيام نظام موالي للغرب في إيران؟
إذا كنتم تعتقدون ذلك فأنتم لستم أغبياء فقط بل أضل من الحمير فالغرب وأمريكا يتمسكون بكم ليس لأنكم خيار جيد، بل لأنكم البديل المتوفر بعد خسارة إيران وعلى فرض نجح الغرب في استعادة إيران سيستغنون عن خدماتكم مادام حصلوا على خادم أكثر شطارة ولا تنسوا أن إدارة أوباما كانت قد دشنت الاستغناء عن خدماتكم والمفاوضات مع إيران لا زالت جارية وإذا كانت حاجة الغرب للنفط في القرن الماضي جعلت منكم حلفاء من الدرجة الثانية بعد إيران الشاة فإن هذه الأهمية التي كانت للنفط في العلاقات الدولية قد تراجعت على نحو كبير.
الغرب يدرك أهمية إيران ولا زال على قناعته بضرورة إدماج إيران والاعتراف بدروها والتخلي عن السعي لإسقاط نظامها ولم تتأثر هذه القناعة بانسحاب ترامب من الاتفاق وإن أعاق تقدمها مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لا يريد إلا إعادة التفاوض والتعديل على الاتفاق وليس كما يتصور مهرجو الخليج، صحيح أن سلوك ترامب يعرقل من التقارب الإيراني الغربي ولكنه لا يستطيع منع إعادة استئنافه، والأفضل للعرب ودول الخليج سيما السعودية أن يسبقوا الغرب إلى إيران قبل أن يسبقهم الغرب وإلا فإن خسارتهم ستكون فوق ما يقدرون.
بدلا من المضي خلف التهريج السياسي والبحث عن الأمان والاستقرار من البوابة الإسرائيلية والأمريكية بإمكانكم أن تختصروا الطريق و الذهاب مباشرة إلى مصدر القلق لديكم من خلال إبداع ويستفاليا أخرى عربية وإسلامية (معاهدة ويستفاليا 1648م التي أنهت حرب الثلاثين عاما في أوروبا) وخلق معادلة جيوسياسية ونظام إقليمي يقوم على احترام السيادة وتوزان القوى وتجنب سياسة العنف والقوة و فرض الهيمنة والطائفية السياسية في العلاقات بين الدول العربية والإسلامية.
إيران أعلنت الشهر الماضي عبر خارجيتها الاستعداد للدخول في معاهدة عدم اعتداء مع دول الخليج وسيكون لو تقبلت السعودية ذلك سيكون خيرا لهما وللمنطقة عموما تحقق الاستقرار وتساعد في إطفاء الحرائق المشتعلة والحروب المدمرة.