محاولات سعودية “بائسة” لعرقلة محادثات السلام اليمنية في “جنيف2”
تصريحات غربية وأخرى سعودية تشير إلى أن الأيام الحالية قد تكون آخر أيام العدوان السعودي على اليمن، وذلك بعد فشل قوات التحالف السعودي في تحقيق الأهداف التي أعلنتها بعد ثمانية أشهر من بدء العدوان. وحتى ما عُدّ نصراً سعودياً بعد استعادة الجنوب اليمني، فسرعان ما تلاشى بسبب سيطرة داعش والقاعدة على المشهد وامتلاكهم زمام الأمور على الأرض، إضافة إلى تنامي انتشار العصابات المنظمة وعمليات النهب والقتل اليومي في مدن الجنوب، وخصوصاً عدن، الأمر الذي عرقل عودة حكومة عبدربه منصور هادي ونائبه خالد بحاح إلى عدن، وأفقد السعودية ورقة هامة كانت تسعى إليها.
وقد عكست تصريحات المسؤولين السعوديين، تمهيداً للاعلان عن إنهاء العدوان على اليمن، إذ رحب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بالمحادثات اليمنية المرتقبة، فيما أعرب السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي عن تفاؤل الدولة السعودية بهذه المحادثات.
ومن ناحية أخرى فإن استمرار السعودية في عملياتها العسكرية ضد الشعب اليمني، بدأ يكلف السعودية أعباء اقتصادية كبرى دون جدوى، كما أدى إلى ضياع هيبة السعودية، وتأثر سمعتها بشكل كبير، وقد بدأت الأصوات من داخل العائلة الحاكمة السعودية تتعالى ضمن أجواء مشحونة داخلياً تحمّل الأمير الشاب محمد بن سلمان، مسؤولية الغرق في المستنقع اليمني، والدخول في مغامرات غير محسوبة بهدف ابراز العضلات، والتقرب أكثر من تولي عرش أبيه الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وقد أعلنت الأمم المتحدة أن المحادثات اليمنية ستبدأ منتصف الشهر الجاري، وذلك في ظل الحديث عن أن انهاء الحرب أصبح رغبة أمريكية، بعد فشل التحالف السعودي في تحقيق أي من الأهداف التي أعلن عنها قبل عدوانه على اليمن. وتحدثت مصادر صحفية بأن أمريكا أمهلت السعودية حتى منتصف الشهر الحالي لتحقيق أي انجاز ميداني يمكن استخدامه على طاولة المفاوضات.
وقد شهدت الأيام الماضية تحركات سعودية سريعة على أكثر من جانب، في محاولة لتحقيق مكاسب على الأرض، من شأنها تحسين موقف السعودية التفاوضي في المحادثات اليمنية المقبلة التي ستتم برعاية الأمم المتحدة.
حيث قام التحالف السعودي بإرسال تعزيزات عسكرية جديدة إلى مدينة تعز، تتضمن آليات عسكرية ثقيلة ومدرعات، كما شملت التعزيزات حسب مصادر مقربة من السعودية صواريخ حرارية مضادة للدروع، وأسلحة نوعية، وأضاف المصدر أن قوات التحالف السعودي عازمة على اخراج الجيش اليمني واللجان الشعبية من مدينة تعز، خلال اليومين القادمين، من خلال شن هجمات على عدة جبهات.
وقد كان لافتاً حجم التهويل الاعلامي الذي رافق وصول التعزيزات العسكرية إلى مدينة تعز، والتي تعتبر معقل حزب الاصلاح (الإخوان المسلمين) المعارض للجيش واللجان الشعبية، حيث تريد السعودية أن تحظى معركة تعز بأهمية اعلامية خاصة، للإفادة منها كورقة ضغط هامة أثناء المحادثات اليمنية المقبلة.
كما استقدمت السعودية مزيداً من المرتزقة من كولومبيا والسودان وأخيرا من تشاد، وسط أنباء عن مساعٍ سعودية وإماراتية لتجميع أكبر عدد ممكن من المقاتلين الأجانب والزج بهم في الخطوط الأمامية في معركة تعز، بعد ارتفاع الخسائر في صفوف قوات العدوان على اليمن.
كما تأتي عمليات نقل إرهابيي داعش الفارين من سوريا، وإعادة تجنيدهم وارسالهم إلى اليمن عبر كل من تركيا والأردن، لتضاف إلى جملة المساعي السعودية لإحداث تغيير في الوضع الميداني في اليمن خلال الأيام المقبلة، حيث تحدثت مؤخراً مصادر يمنية نقلا عن مصدر عسكري رفيع المستوى في الجيش اليمني، أن عدد العناصر التكفيرية من داعش والقاعدة الذين جلبتهم السعودية من سوريا إلى عدن قد ارتفع إلى ألف وخمسمائة عنصر.
هذا بالنسبة للمساعي السعودية العسكرية، أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد قام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بجولة خارجية تضمنت بعض الدول المؤثرة في القضية اليمنية، كان آخرها سلطنة عمان، حيث التقى بوزير الشؤون الخارجية في السلطنة يوسف بن علوي، ويرى مراقبون أن الهدف من الزيارة التأثير على الدور الوسيط العماني في المحادثات اليمنية المقبلة، إلا أن مصادر مطلعة أكدت بأن زيارة الجبير لمسقط لم تغير في مواقف عُمان الاقليمية.
السعودية ومن خلال تحركاتها الأخيرة تحاول لملمة ما أمكن من ماء وجهها المراق بعد الفشل المتراكم الذي مُنيت به في اليمن، وهي تحشد اليوم كل قواها لتحقيق تغيير في مسار الأحداث يحقق لها سلماً ما لم تحققه حرباً، لكن السؤال الذي يتراود الجميع هو هل يمكن للسعودية أن تنجح خلال أيام فيما عجزت عنه خلال أشهر طويلة؟!!