فتح قريب
فتح قريب
الصمود – أقلام حرة
بقلم: زينب عبدالوهاب الشهاري
تسمرت أمامها العيون واقشعرت من هيبتها الأبدان واظطربت من عظمتها الأنفس وخفقت من روعتها القلوب وأذهلت من قوتها العقول، مشاهد لا ترى لها مثيلا لا في القديم ولا في الحديث وإن دققت وبحثت في أوراق التاريخ وقلبت وفتشت في صفحات الحروب، فلن تجد جنوداً بأعداد لا تحصى مدججين بأفتك وأحدث الأسلحة ومدعومين بأقوى الآليات ومسنودين جواً بالطائرات، تخر في بضع ساعات وتتهاوى في ليال معدودات، لن تجد قليلا من الرجال يسيطرون على كتائب ويهزمزن ألوية ويستدرجون أعداءهم لتتصيدهم الكمائن وتباغتهم المصائد فتنهار صفوفهم ويتفكك جمعهم فيهيمون في الجبال على وجوههم كالجراد المنتشر في محاولة للفرار من يد أحكمت قبضتها عليهم، مكر حيك لأشهر عديدة أحبط في وقت ضئيل وطموحات علقوا عليها الآمال تلاشت في غمضة عين ولم تظهر أمام أعينهم سوى نكبتهم المريرة وخسارتهم الفظيعة وهزيمتهم المدوية.
شردت آلياتهم الحديثة الثقيلة لتتناثر كأنها علب كرتون فمنها ما أحرق وفجر وأعطب ومنها ما تصادم ببعضه هلعاً ومنها ما انحرف عن الطريق جزعاً فسقط وانقلب رأساً على عقب ومنها ما أخذ كغنائم تقدر بالمئات، تركوا عتادهم وعدتهم مكدساً على آلياتهم أو ألقوها استسلاماً فجمعت في أكوام كبيرة واقتيدوا كقطعان خائبة ذليلة لا تملك من أمرها شيئا إن لا أن تسمع وتطيع وسيروا في صفوف طويلة غشتها المهانة ومن ظن أنه ناجٍ وأفلت من الأسر تلقفته نيران من ظن أنه صديق واسترخص روحه من أجل خدمته لتحرقهم وتقطع أوصالهم وتجزيهم على ذلك خير الجزاء فالمنفعة التي زجوا بهم من أجلها قد انتهت ليجهزوا معها على حياتهم.
عملية عسكرية نوعية تكاملت من حيث التخطيط والحجم والكثافة النيرانية والمساحة الجغرافية وكذلك من حيث الهدف ومستوى ومسارات التنفيذ وفي ٧٢ ساعة فقط لتستحق الوصف “نصر من الله”، اغتنمت مئات الأسلحة والآليات، وقتل وأصيب المئات من قوات العدو معظمهم من المخدوعين والمغرر بهم، وأسر الآلاف بينهم قيادات من ضباط جيش العدو حيث تؤكد المعلومات الأولية أن إجمالي خسائر العدو البشرية أكثر من 500 ما بين قتيل ومصاب، بالإضافة إلى سقوط أكثر من 200 قتيل بغارات طيران العدوان الحربي الذي قصف مرتزقته بعشرات الغارات منهم من قتلوا أثناء الفرار وآخرين أثناء عملية الاستسلام.
وفي تعامل إنساني راق جسدت قوات جيشنا الأخلاق والقيم والمباديء العظيمة التي يتحلون بها وطفقوا يقدمون الإسعافات الأولية لمصابي العدو جراء الغارات، ونرى التضاد والتباين في من يمتلك الثقافة القرآنية ومن لا يمتلكها فقوات العدوان تعزر وتعذب وتقتل الأسرى دائماً في تعامل وحشي ولاأخلاقي.
لم يكن أمام دول العدوان التي صعقت إلا أن تزور الواقع و تكذب الحقيقة التي وثقتها مشاهد الڤيديو وتبدأ في النعيق بأسطواناتها المشروخة كالعادة في فضيحة عالمية تكشف هزيمتها مع كذبها لدول العالم، تميزت العملية بالرصد الدقيق والاستطلاع والمتابعة لمدة ثلاثة أشهر حتى الانقضاض على قوات العدو، وتميزت بإشراف قيادة وزارة الدفاع وتوجيهها ومتابعتها لخطوات العملية خطوة خطوة، وبقوة وبسالة وشجاعة أفرادها الذين تم تدريبهم على أعلى مستوى و بالخطط الاستيراتيجية والاحترافية والذكاء في التنفيذ، قوات برية طوقت مجاميعهم وتم استدراجهم إلى الكمائن وتمت محاصرتهم من الجهات الأربع لتبدأ وحدات من المشاة والدروع والهندسة والمدفعية من قلب الجبهة بشن عملية هجومية واسعة انتهت بانتصار كبير خلف الوجع الكبير في إسرائيل وأمريكا وأنظمة العمالة السعودية والإماراتية، أما أولياء الله فقد بادروا من فورهم بإطعام ومعالجة الأسرى من المخدوعين والمغرر بهم وتقديم هذا الانتصار للشعب اليمني الذين ابتهج وأثلجت صدورهم بهذا الإنجاز النوعي.
ابتلع محمد بن سلمان لسانه غيضاً وقهراً ورسائل العملية صفعته على وجهه وأبلغته وهو الذي أعماه كبره وسخر ثروات بلده لرفد الخزينة الأمريكية عن فهم حقيقة أن لا قوة تقهر من استعصم بالله واستمد القوة منه، وأن اليمن هي بداية ونهاية حكمه وأن لا مجال أمامه إلا أن يرفع راية الاستسلام ويعلن عن هزيمته ويقبل بإيقاف عدوانه ورفع حصاره وإلا فإنه معرض لمزيد من الخسائر والذل والفضائح وعليه أن يخرج من الورطة التي أدخلته أمريكا فيها، وليعلم أن تماديه لن يجلب له إلا ضربات أكبر واعظم من ضربة مصفاتي بقيق وخريص التي أذهبت نصف انتاجه من النفط، وهي رسالة لكل من تسول له نفسه أن ينخرط في صفوف العدوان أن انظر الى قيمة المرتزق وكيف يتم استخدامهم لتنفيذ أطماع أسيادهم ثم يبادون كالحشرات في حال استسلموا أو فشلوا.
الله سبحانه وتعالى يريد أن يرى من الإنسان صدق التوجه للجهاد ثم يؤيد وينصر ويفيض بعطائه، فلا تقاس المعارك بكثرة العدد والعدة فثلة قليلة مؤمنة تكفي لتهزم جيوشاً برمتها وإن يكونوا مئة يغلبوا ألفاً، ومن ينصر الله ينصره والنصر من عندالله يعقبه الفتح القريب.