أمريكا.. ملمسُها ناعمٌ وسُمُّـها ناقع!!
حسن حمود شرف الدين
لم يعُد خافياً على الباحث عن الحقيقة دورُ الولاياتِ المتحدة الأمريكية في العُـدْوَان الذي تشُنُّـه قواتُ تحالف العُـدْوَان بقيادة المملكة السعودية منذ عشرة أشهر.. ابتداءً من الدعم اللوجستي في تقديم الأسلحة المحرَّمة وغير المحرّمة، وتقديم المعلومات والرصد عبر الأقمار الاصطناعية.
هذا الدورُ الظاهرُ للعيان والذي اعترفت به أمريكا منذ أول يوم من العُـدْوَان على اليَـمَـن في الـ 26 من مارس 2015م.. الدور الذي انتهج الدعمَ عن بعد قامت بالترويج له إعلامياً لتضليل الشعب اليَـمَـني والشعوب الأخرى بأنها بعيدةٌ عن ما يواجه الشعب اليَـمَـني من مجازر وانتهاكات لحقوق الإنسان، حتى تكون بعيدةً عن المساءلة القانونية في المجازر والانتهاكات التي ترتكبُها قواتُ تحالف العُـدْوَان على اليَـمَـن، خصوصاً تلك الانتهاكات والتي ترتكبُ في حق المدنيين والنساء والأطفال، والطرُق الممنهجة في تدمير البنية التحتية للشعب اليَـمَـني من خلال استهداف الطرق والجسور والمدارس والمستشفيات والمصانع والمراكز التجارية، ناهيك عن الحصار الخانق الذي يستهدف أكثر من 25 مليون نسمة.
فحسب التقارير الدولية فإن 82% من الشعب اليَـمَـني يعانون من نقص في المواد الغذائية ومهددون بانتشار الأمراض الناتجة عن سوء التغذية وعدم توفُّر المواد الطبية والدوائية.. كُلّ هذا وأكثر يتعرض له الشعب اليَـمَـني جراء العُـدْوَان المباشر الذي يستهدف الإنسانَ اليَـمَـني ومقومات الحياة.
كلُّ الجرائم التي تُرتكب في حق الشعب اليَـمَـني، يد الولايات المتحدة الأمريكية ضليعٌ فيها، وكلها تدخل مباشر سواء أكان بشخصها أو عن طريق عملائها في المنطقة كالسعودية وغيرها من دول الخليج.. فالأسلحة التي يُضرَبُ بها الشعب اليَـمَـني ومن ضمنها الأسلحة المحرّمة دولياً صناعة أمريكية، والطائرات صناعة أمريكية، والبوارج صناعة أمريكية، ومركَز إعلان العُـدْوَان الذي أعلنه “الجبير” وزير الخارجية السعودي كان من الولايات لمتحدة الأمريكية.. كُلُّ هذا دليلٌ قاطعٌ بأن الولايات المتحدة هي رأس الأفعى التي تلدغ الشعب اليَـمَـني.. وما السعودية والدول المشاركة في العُـدْوَان إلا جسدُ الأفعى.
دلائلُ أخرى تعمِّدُ مشارَكة الولايات المتحدة في عُـدْوَانها على الشعب اليَـمَـني، هذه الدلائلُ لمن ألقى السمع وهو بصير، مشاركة قوات القوات البرية لـ”بلاك ووتر”، وهي شركة أمريكية استعانت بها الولايات المتحدة الأمريكية في حربها على أفغانستان، ومشاركتها لا تتم إلا بموافقة من الإدارة الأمريكية التي تنفذ من خلالها خطط ومؤامرات الكونجرس الأمريكي.
هذا التدخل، لم يكن برغبة سعودية فقط، وإنما كان مدروساً ويتم الإعدادُ له من قبل عدة أشهر من بدء العُـدْوَان الأمريكي السعودي على اليَـمَـن، فتصريحاتُ السياسيين الأمريكيين تؤكدُ أن التدخلَ السعودي وبإشارة أمريكية، جاء قبل انتهاء الترتيبات واكتمال الخطط التي كانت تعد داخلَ أروقة الكونجرس الأمريكي، وكانوا في الترتيبات الأخيرة مع حلفائهم السعوديين.
جاء تسريعُ موعد العُـدْوَان على اليَـمَـن نابعاً من متابعة حثيثة ودقيقة للمشهد اليَـمَـني، الذي كان يشهَدُ مخاضَ دولة يمنية مدَنية، تخلّصت من الارتهان الخارجي وامتلك القرار السيادي.. فكان لهذين الإنجازين لثوار 21 سبتمبر أثرٌ كبيرٌ على مخططات الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية في المنطقة، فما كان منها إلا التعجيلُ بالدفع بعمليتها السعودية لشن عُـدْوَان غاشم وظالم على الشعب اليَـمَـني تحت مظلة الدعم اللوجستي والاستخباري للولايات المتحدة الأمريكية، وحُجج وذرائعَ كشفت الأيامُ زيفَها وبُطلانها، فلا شرعية أعادوا ولا أمن واستقرار استعادوه.. بل العكس فقد تمكنوا بعد مرور عشرة أشهر من العُـدْوَان من توسيعِ نطاق “الفوضى الخلاقة” وتوسعت أدواتهم الإرهابية “داعش والقاعدة” في المناطق الجنوبية.
فعلاً الحملة الشعبية التي يتبناها الشعب اليَـمَـني #امريكا_تقتل_الشعب_اليَـمَـني لم تأتِ من فراغ، فقد وصل الوعيُ المجتمعيُّ في اليَـمَـن بأن أمريكا هي القاتل الحقيقي للشعب اليَـمَـني، وما هي إلا غطاء دولي يتستر على جرائم وانتهاكات قوات تحالف العُـدْوَان الذي تقوده المملكة السعودية في حل الشعب اليَـمَـني.. كما أن هذه الحملةَ الشعبيةَ التي تفاعل معها أبناء الشعب اليَـمَـني بمختلف توجهاتهم العقائدية والسياسية تحقّقُ أهدافها المرجوة أكثر مما كانوا يتوقعون، فقد خرجت من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي، وغيّرت كثيراً من المفاهيم لدى الشعوب الأخرى خصوصاً الشعوب الأوروبية والأمريكية، وبدأت أصواتٌ حقوقيةٌ وإنسانيةٌ كانت لا تعلمُ عن جرائم ثلاثي الشعر أمريكا والصهيونية اليهودية والسعودية الوهابية التي يرتكبونها في حق الشعب اليَـمَـني، ترتفع وتفضح الانتهاكات التي يتعرض لها أطفال ونساء اليَـمَـن.
ولعل أبرز نتائج هذه الحملة رسائل الولايات المتحدة الأمريكية عبر وسطاء لها إلى رئيس اللجنة الثورية محمد الحوثي بإيقاف هذه الحملة التي بدأت تؤثر عليهم فعلاً في أوساط الشعب الأمريكي.. ويكاد انسحابُ قوات شركة “بلاك وتر” من اليَـمَـن كما أعلنته بعضُ وسائل الإعلام الدولية، يكون إحدى نتائج هذه الحملة أيضاً.. وبالتالي فإن هذه الحملة ستواصل نجاحاتها إذا ما تفاعل معها الجميعُ أكثر وأكثر لتصلَ إلى المرتبة الأولى في وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك وتويتر”، فقد لقيت رواجاً وانتشاراً يستحقُّ الاهتمامَ به وجعله جبهةً من جبهات مواجهة العُـدْوَان العسكرية والثقافية حتى توقفَ الولايات المتحدة الأمريكية عُـدْوَانها على الشعب اليَـمَـني وتصدر توجيهاتِها لأدواتها في قوات تحالف العُـدْوَان بوقف العمليات العسكرية ضد اليَـمَـن.