شواهد دامغة على التدخل العسكري الأمريكي في اليمن
كتب/ عبدالله عبد الكريم
في 26 مارس 2015 أعلن مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة آنذاك ووزير خارجيتها الحالي عادل الجبير ومن داخل واشنطن بدء ما يسمى بعاصفة الحزم. وعلى الفور باشر تحالف العدوان هجماته على اليمن تحت غطاء ما يسمى شرعية هادي.
ولاحقاً أكد هادي في مقابلة تلفزيونية مع قناة ابو ظبي الاماراتية الرسمية أن لا علم له بعاصفة الحزم، وان الرياض قامت بالتنسيق مع أمريكا، كونها بدأت وهو لا يزال في المهرة، وبعد وصوله الى عمان أبلغته السعودية بالحضور فورا إلى الرياض لتعطي شرعية أمام العالم عن عمليتها العسكرية.
بعد أيام من العدوان أكدت الناطقة باسم الخارجية الامريكية “جينيفر بساكي” ان الولايات المتحدة تدعم وبقوة التحالف العسكري على اليمن من اجل استعادة الشرعية، ومواجهة الميليشيات المسلحة .حسب تعبيرها.
ويستمر العدوان على اليمن منذ احدى عشرشهرا ، بالتوازي مع ضغوطات على الرياض لإيقاف الحرب ورفع الحصار إلا أن امريكا تدخلت مجددا عبر وزير خارجيتها “كيري” ليعلن بصراحة ان امريكا والسعودية شركاء في الحرب على اليمن، وان أمريكا لن تتخلى عن حليفتها ، ولا عن تحقيق اهدافها، وليرسل رسالة للعالم اجمع، ان امريكا هي صاحبة القرار الاول والأخير في الحرب على اليمن.
بارجات أمريكا تحاصر اليمنيين
انتهت الولايات الامريكية المتحدة من توسيع تواجدها البحري في الخليج والبحر العربي في 2012م، ليصبح مقر الاسطول الخامس في البحرين اكبر قاعدة بحرية في المنطقة شملت مقر قيادة واجهزة اتصالات متطورة جــدا.
وعززت الولايات المتحدة تواجدها في البحر العربي والبحر الاحمر بسفن حربية جديدة حيث اكدت وزارة الدفاع الامريكية ان المدمرات “يو اس اس ويليام لورنس” و”ستوكديل” و”شوب” وصلت المنطقة، في حشد عسكري وصفه أحدهم بأنه تحرك “حصيف” للقوات لاستجابة عسكرية سريعة وعززته بـ السفينة “نيميتز”، التي تعد من اكبر السفن الحربية في العالم.
وأعلنت واشنطن في 8 ابريل 2015م، عبر نائب وزير خارجيتها توني بلينكن ان امريكا سرعت من ارسال اسلحة متطورة ومتنوعة الى السعودية بهدف استخدامها في الحرب على من اسماهم “الحوثيين” في اليمن، وكدعم من امريكا لـ “عاصفة الحزم”، بشكل عاجل.
من جهتها أكدت وزارة الحرب الامريكية دعمها للحرب على اليمن ،في بيان للوزارة صدر في شهر يونيو، أكدت فيه ان التحالف على اليمن، ضرورة هامة من اجل الحفاظ على امن الشرق الاوسط، وأمن حلفائها في الخليج، من الميليشيات التي انقلبت على الشرعية حسب زعمها.
ومن هنا التجأ محمد بن سلمان الى هذه القوات من اجل احكام الحصار البحري على اليمن الذي يملك سواحل بحرية كبيرة جدا لا تستطيع السعودية او دولة عربية السيطرة عليها.
فقامت امريكا بتوجيه قطعها الحربية المتواجدة في باب المندب وخليج عدن، بحصار اليمن، ومشاركة القوات السعودية في الحرب البحرية على اليمن.
ولم تكتف امريكا بذلك بل قامت بتحريك اقوى واحدث ما لديها من اسلحة بحرية، الى البحر العربي، فحركت امريكا حاملة الطائرات الأمريكية ” ثيودور روزفلت ” التي تعد إحدى الحاملات الأمريكية التي تعمل بالطاقة النووية وتحوي على منصات لإطلاق صواريخ موجهة بالليزر ومدمّرات وفرقاطات وسفن إمداد وغواصات، لتبدأ اعمالها العسكرية في اليمن منذ شهر يوليو 2015م. لتبدأ عملياتها العسكرية بزيارة محمد بن سلمان في اوائل شهر يوليو 2015. وكان لهذه القطع البحرية الدور الكبير في احتلال عدن ومناطق الجنوب، بعد شن هجوم عسكري كبيرا استخدمت فيه الصواريخ الموجه (كروز ) والقنابل الفراغية والعنقودية وغيرها من الأسلحة.
امريكا تفاوض بورقة الحصار
- في ظل استمرار العدوان دخلت امريكا في الجانب السياسي بشكل مباشر عبر سلطنة عمان فوجهت امريكا بعض الرسائل الى قيادة الثورة الشعبية، أهمها كانت القبول ببعض الشروط التي كان النظام السابق وحكومة المحاصصة موافقين علها، وعلى رأسها التواجد الامريكي باليمن، كأهم شرط لايقاف الحرب، وهو ما تم رفضه بشكل قاطع من قبل قيادة الثورة الشبابية الشعبية.
الا ان التحرك السياسي الامريكي لم يتوقف عند هذه النقطة، فتحرك عبر سلطنة عمان من اجل التفاوض السياسي مع قيادة الثورة الشعبية بخصوص الاسرى الامريكيين الذين كانوا يعملون كعناصر مخابرات في اليمن، وبعض الأسرى الذين تم إلقاء القبض عليهم في بعض المواجهات.
وخلال المفاوضات الغير مباشرة في عمان تسربت العديد من الاشاعات، التي اثارت الشكوك لفترة زمنية امتدت من الشهر الثاني من الحرب وحتى نهاية عام2015م، لتتضح حقيقة هذه المفاوضات عبر تسريبات قدمتها سلطنة عمان لبعض وسائل الاعلام، والتي كانت تتركز على الاسرى الامريكيين.
وتوسطت عمان حينها، على ان تفرج اليمن عن بعض الاسرى الامريكيين مقابل السماح بدخول المشتقات النفطية والمواد الغذائية والأساسية التي كانت قد انعدمت بنهاية الشهر الثاني من العدوان على اليمن. وهذا ما حدث بالفعل.
أميركا تعرقل الحل السياسي
بعيد ثورة 21 سبتمبر وبعد تشكيل حكومة كفاءات وطنية وفقا لاتفاقية السلم والشراكة، دفعت أمريكا بهادي وبحاح إلى الاستقالة وخلق فراغ سياسي ودبلوماسي تزعمته واشنطن.
ورغم أن قوى الثورة قدمت العديد من التنازلات الا ان هادي وحزب الاصلاح ماطلا وأفشلا المفاوضات، بل وافشلا الاتفاق قبل اعلانه بساعات قليلة جــداً، بسبب اوامر امريكية سعودية اضطلع بتنفيذها القيادي في الإصلاح محمد قحطان.
وفي ظل العدوان قدمت العديد من المبادرات لايقاف الحرب سواء من مكونات داخلية، او من شخصيات كـ مبادرة صالح وغيرها، الا ان جميعها فشلت بأوامر من السفير الامريكي في اليمن، الذي افشل كذلك مفاوضات جنيف2 ، بينما كان فريق الرياض والفريق الوطني قد اتفقا على مواصلة المفاوضات، إلا أن السفير الأمريكي تدخل ووجه فريق الرياض بالانسحاب، بزعم أن المؤتمر وأنصار الله لم يقدموا أية تنازلات.
أمريكا تستثمر الحرب وتحمي اسرائيل
في الخضم قالت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” إن وزارة الخارجية وافقت على صفقة بقيمة 1.75 مليار دولار لبيع السعودية نظام “باتريوت” للدفاع الجوي وصواريخ “باك-3” وستكون شركتا “لوكهيد مارتن”، و”ريثيون” المتعاقدين الرئيسيين، من اجل تقوية المملكة خصوصا في حربها في اليمن.
وفي تقريرٍ نشرته منظمة أيدكس عن حجم صفقات الأسلحة التي أبرمتها دول الخليج مع الولايات المتحدة، يوضح التقرير الحجم المهول لتلك الصفقات التي بلغت قيمتها الشرائية إلى أرقام فلكيةٍ، حيث بلغ إجمالي ما تم استيراده من2002 إلي2012 حوالي 500 مليار دولار أي بمتوسط 70 مليار دولار سنوياً. ناهيك عن تكاليف الصيانة وقطع الغيار والبرامج التدريبية العسكرية التي تصل فاتورتها إلى ما يزيد عن 12 مليار دولار.
وإضافة إلى كل ما سبق، يأتي الدافع الأمريكي في حماية وضمان أمن اسرائيل، ليؤكد ضلوع أمريكا في العدوان على اليمن بعد إعلان تل أبيب مخاوفها من التطورات في المنطقة بعد ثورة 21 سبتمبر.
وأعلن رئيس وزار الكيان الصهيوني “نتنياهو” أكثر من مرة أن أمن الكيان الصهيوني بات في خطر بسبب نجاح ثورة 21 سبتمبر في اليمن، والتي قضت على تحكم حلفاء الكيان الاقليميين، بباب المندب والبحر الاحمر والعربي.
ونقل موقع “توداي” الامريكي أن نتنياهو حذر الكونجرس في خطابه الذي ألقاه في 4 مارس 2015م، من أنه يجب الانتباه إلى خطورة الموقف في اليمن، مشيرا إلى أن تخوفات إسرائيل تكمن في أن وجود حكومة موحدة في تلك الدولة يمكن أن تمنع الغواصات الإسرائيلية من عبور باب المندب في أي وقت للمشاركة في ضرب إيران. وإذا كانت اسرائيل في خطر فهذا يستوجب التحرك الأمريكي على النحو الذي نشهده منذ أكثر من عشرة شهور.
وهذه كلها شواهد دامغة تؤكد أن أمريكا كانت وما زالت تقتل الشعب اليمني.