يأتي توجيه الرئيس مهدي المشاط بصرف نصف راتب لموظفي الدولة ومنح الموظفين في أعمالهم ما أمكن من مستحقات مالية، إيذاناً ببدء مرحلة التعافي الاقتصادي لعام 2020م والتي أعلن عنها في كلمته التي ألقاها نيابة عنه عضو المجلس السياسي الأعلى محمد صالح النعيمي يوم أمس خلال تدشين البرامج الوطنية التنفيذية للإنعاش والتعافي الاقتصادي المرحلة الأولى 2020م بالبنك المركزي اليمني من قبل حكومة الإنقاذ واللجنة الاقتصادية العليا في إطار الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة.
لقد عكس هذا التوجيه حرص القيادة السياسية وسعيها الدؤوب لتحسين الظروف المعيشية للموظفين التي بلغت معاناتهم أقصى مدى لها خلال السنوات الماضية جراء توقف المرتبات التي تسببت بآثار كارثية على مواطني الدولة بفقدان مصدر دخلهم الأساسي لمواجهة متطلبات الحياة ونفقاتها اليومية وما أسفر عن ذلك من همً يومي للموظف الذي ترك بعد قطع مرتبه فريسة للحاجة والقوت الضروري اليومي.
ولم يعد خافيا أن دول العدوان قد دأبت منذ اليوم الأول للحرب على شن حرب اقتصادية موازية للحرب العسكرية، ومن منطلق العقل والحكمة، فإن الحرب الاقتصادية هي أشد وأقسى من المعارك العسكرية وبواسطتها، وفي العصر الحديث تحديدا تم إسقاط منظومات عملاقة الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية بفعل الحرب الاقتصادية التي شنتها الدول الغربية عليها، إذ لا جدال حول الخطورة الشديدة للحرب الاقتصادية فيها يتم إسقاط دول وتغيير أنظمة سياسية وخلق تحالفات إقليمية ودولية.
يرى المراقبون السياسيون أن الخطوة الجديدة التي اتخذتها القيادة السياسية اليمنية بتحسين أوضاع وظروف الموظفين المالية، تشكل انتصارا جديدا في المعركة الاقتصادية التي فرضتها دول العدوان على بلادنا من خلال حصار جائر ونقل وظائف البنك المركزي إلى عدن وإيقاف مرتبات ما يزيد عن مليون موظف منذ أكثر من ثلاث سنوات وما نتج عن ذلك من معاناة يصعب على الخيال تصورها في مؤامرة دنيئة لتركيع الشعب اليمني وتركه أسيراً للحاجة من خلال سياسية تجويع ممنهجة ومدروسة ينفذها تحالف العدوان بعناية بعد أن فشل في تحقيق أي انتصار يذكر في الجانب العسكري.
لقد جاء هذا التوجيه الرئاسي، ليعكس جدية التوجه في معالجة آثار العدوان والحصار الاقتصادي وليؤكد مصداقية القيادة السياسية واهتمامها بقضايا المواطن والوطن واحتياجاتهم الأساسية وليؤكد أيضا أنها تأتي كثمرة للاستقرار السياسي والمؤسسي وإيذاناً في الشروع والدخول بمرحلة الإصلاح الاقتصادي وتنفيذ الرؤية الوطنية التي يتطلب تنفيذها التفاف الشعب حولها والتفاعل الايجابي معها حتى يتم كسر الحصار والتغلب عليه.
لقد ترك هذا التوجيه أثراً ايجابياً كبيراً في نفوس الموظفين بسب ما سيخلفه من تحسن في وضعه المعيشي وباعتباره خطوة أولى في إطار المسار العام لعملية البناء والتنمية ولثقتهم الأساسية أنه سيعقب ذلك خطوات أكثر ايجابية على مختلف الصعد ولأنه أيضا جاء بعد صمود طويل ومعاناة مريرة طيلة خمس سنوات.